مصطفى نزيه
الحوار المتمدن-العدد: 1469 - 2006 / 2 / 22 - 08:21
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
..... العدل والحرية والمساوة , قيم لطالما تشدق بها العالم " الحر " , إنها فى الحقيقة مطالب سامية لكل الشعوب , وإن اختلفت آليات تفعيلها , إلا أن هناك عدل مطلق ممكن على المستوى البشرى إطلاقا بشريا , وحرية مطلقة على المستوى البشرى إطلاقا بشريا , ومساوة ينعم بها الكل , تحت مظلة العدل .. هذا الكلام وإن بدا طوبويا مثاليا , يراه البعض غارقا فى المثالية , إلا أن حركات الإشتراكية العلمية , والقانون المدنى الحقوقى , ومنظمات المجتمع المدنى تمكنت بعد نضال طويل من تحقيق أجزاء كبيرة من هذه القيم فى فترات ثورية من الزمن.
الثورة الفرنسية تعد من أوائل هذه الإنجازات البشرية , تطورت هذه المبادئ وأخذت صورا متعددة للنضالات , كل حسب الخلل , فرأينا نضالات دموية وعنيفة فى البلدان التى سطى عليها القهر والإقطاع لفترات طويلة , كالثورة الروسية , وكانت عنيفة جدا فى مسارات المجتمع لمنع اى استغلال يضر بذاته بالحرية والعدل والمساوة , فأتت بعنفها على الأخضر واليابس , وادت من فرط حرصها إلى ضياع العدل والحرية والمساوة , بحجة الأهداف الأممية , ومصلحة الوطن!!.
إلا أن هذا الأمر لا يشغل بالنا كثيرا هذه الأيام , فلاأحد ينوى ان يقوم بثورة , فضلا عن ان يعرف كيف ولماذا تكون الثورة , فالكل راض بالاستغلال والظلم والقمع والطبقات الاجتماعية الطاحنة ..., ولكن أشد ما فى الأمر ان تجد دعاة الحرية والمساوة والعدل ويضيفون كنوع من التربيع الواجب إضافة " حقوق الإنسان " بصفتها مضمونا مفصلا شيئا ما لما سبق , أشد ما فى الأمر ان تجدهم يمارسون كل القمع , وكل الظلم , وكل الرأسمالية والجشع , ويكرسون العولمة وضياع الهوية فى ظل قانون البشر الجديد , البقاء للأغنى الذى هو يملك ما لا يفعل , فضلا عن أن يفعل شيئا آخرا فيملك غيره...
تطل علينا حرية التعبير كأساس للمجتمع الحر , وهى اكبر شيئا ما من حرية الفكر وحرية الدين والعقيدة , لأنها تعبير عن الفكر , دونما خوف من مطرقة أو جلاد!!... وأضحت اوروبا مثالا واضحا للعالم فى فترة من الفترات لحرية التعبير , فقل ما شئت وقتما تشاء , واكتب ماشئت وقتما تشاء , اعبد ماشئت , وادع لعبادة ما شئت ودع الناس يحكومون على كلامك , هذه هى المجتمعات الحرة الواعية التى لا تمارس وصاية فكرية على الناس , ويكأنهم رعايا السلطان لا مواطنون.
الغريب والعجيب فى الأمر ان تجد رجلا يسجن لفكره!! فى بلد كالنمسا وبلد آخر كألمانيا , والفكرة الكافرة الفاجرة التى تستحق السجن من سنة لعشر سنوات وكأنها تهمة تهريب مخدرات أو اغتصاب!!!, هذه التهمة الفاجرة هى التقليل من الجرائم النازية , ليست ككل , بل بالتحديد جرائم مدعاة اسموها الهولوكوست , حرق فيها البشر أحياء , وكان الجل الأكبر من ضحاياها من اليهود !! , ويعد مجرد التشكيك فى اعداد هذه الضحايا جريمة لا تغتفر فى هاتين الدولتين , وتنضم إليهما فرنسا على استحياء بشئ من الظاهر , وإن كان ما قلتله ضد هذه المجموعة بعينها يمس شيئا من قواعدها الفكرية , فستتهم بتهمة أخرى لا أدرى هل لها قانون أو لا , وهى معاداة السامية!!!.
لا أدرى كيف يكون هذا فى مجتمع يتكلم عن حرية التعبير , وكيف يكون فى مجتمع يتعامل مع الماضى على كونه ماضى فقط , لن يحاسب أحد احدا عليه , كما يتعامل مع قضية الدين , كأنها قضية فى الماضى , بالإضافة لكونها قضية فردية!!.
يبدو أننا اصبحنا بدلا من الدعوة لفصل الدين أو المذهب عن السلطة التشريعية بل والتنفيذية هنا , اصبحنا فى حاجة إلى فصل "التاريخ" عن السلطة!!.
لماذا يزداد جنون اليهود فى هذا الموضوع تحديدا , ليس اليهود كديانة , ولكن الاسرائيلين تحديدا , ليس الاسرائيلين ككل , ولكن الصهاينة تحديدا , الحقيقة أن هناك صهاينة من غير اليهود كديانة!!...؟؟ لماذا هذا الجنون من " معاداة السامية " وكأن العرب أولاد عفاريت وليس اولاد سام أو حام الذين ماتا وشبعا موتا فى قضية اكل عليها الدهروشرب!!!!هذا التكريس الطائفى الرجعى المظلم , التوراتى الملئى بالحقد على الخلائق من غير بنى إسرائيل !! الذين ايضا ماتوا وشبعوا موتا حتى مل الموت منهم!!!.
حقيقة لقد استطاع هؤلاء الناس المسمون بالصهاينة , الذين يصرون على العيش فى الماضى التوراتى كصورة معلنة , وإن تخفى فى ثناياه مؤامرة كبيرة للسيطرة على اموال الدنيا , استطاعوا أن يجبون من الدول النازية " ألمانيا والنمسا " ملايين مملينة من الدولارات سنويا كتعويضا عن المحرقة المزعومة!!!!. إن ألمانيا والنمسا تشعر بالذنب التاريخى الكبير الذى يجعلها مضطر لهكذا قوانين , فقط لأن رجلا مخبولا كان ينتسب إليها اسمه أدولف هتلر.
ياترى هل نحن مضطرون لتحمل المزيد من الإهانات على ديننا وهويتنا والمزيد من السرقات لأرضنا والمزيد من الاحتقار والتخلف والقمع والقهر والتطاحن , هل نحن مضطرون لكل هذا لأن رجالا مخبولين كبن لادن والظواهرى , وقديما كحكام الجزية والإقطاع الذين حزوا رقاب الناس باسم الدين , وهذا الظواهرى الذى كفر تراب الأرض إن لم يدس عليه , للاسف كلهم ينتمون إلينا , الظواهرى وبن لادن وقتلة آلالف نفس.
هل الحرية إذن والعدل والمساواة تشدق غربى أمريكى !! فاقد الشئ لا يعطيه , ومن ظن أنهم اتوا للعراق من أجل سواد عيونه مغفل جاهل , وليس خائن , لأن الخائن هو من أتى بهم , وساعدهم , وأحل قومه دار البوار...
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟