أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف الذكرى المئوية لانطلاق ثورة أكتوبر الاشتراكية في روسيا - فارس عثمان نوفل - سيميون فرانك*. أوروبا الحية: بدايات الماركسية الروسية و ماهيتها















المزيد.....

سيميون فرانك*. أوروبا الحية: بدايات الماركسية الروسية و ماهيتها


فارس عثمان نوفل

الحوار المتمدن-العدد: 5643 - 2017 / 9 / 18 - 17:07
المحور: ملف الذكرى المئوية لانطلاق ثورة أكتوبر الاشتراكية في روسيا
    


تعريب: فارس عثمان نوفل

* سيميون لودفيغوفيتش فرانك (ت. ١٩٥٠) - فيلسوف روسي مهاجر. سعى إلى جمع النظريات الأفلاطونية المسيحية (و لا سيما الأريوباغية منها) بأهم قواعد الفلسفة الحديثة. تأثر بنهج "وحدة الوجود" وضعه الفيلسوف الروسي الكبير فلاديمير صولوفيوف.
أما النص الوارد أدناه فيقدم للقارئ محاضرة ألقاها فرانك عام ١٩٤٦ على موجات إذاعة بي-بي-سي البريطانية. انظر أصول النشرة الأصلية في: Frank, S. Lebendiges Abendland: Ursprung und Wesen des russischen Marxismus// Вопросы философии. No.6, 2017.

إن تأملنا بدايات الماركسية الروسية و تاريخها و ماهيتها لرأينا أنها نتيجة حتمية لضراوة الصراع العظيم القائم ما بين الفكر الروسي من جهة و مشكلة العلاقات الروسية-الغربية من جهة أخرى. فالماركسية الروسية، كالاشتراكية الروسية تماما، ثمرة ضرورية لجذور غربية محضة. و بالتالي فإن أتباعها سينعتون بـ"الغربيين"، أي بالعقول التي تجد صلاح روسيا في تتبع خطى الحضارة الغربية.
لكن، و بصرف النظر عن بداياتها الغربية، فالاشتراكية الروسية قد زوت زيا قوميا. هذا هو الرأي السائد حتى أوائل التسعينات من القرن التاسع عشر: فقد كانت روسيا، و هي في أولى مراحل تطورها الصناعي، مستغنية عن كيد الرأسمالية في طريقها نحو الهدف الاشتراكي الأساسي بحسب خطة ماركس الكلاسيكية. و هكذا فتح مجال واسع أمام الشعب الروسي لتجنب وعورة سبل التحول البرولتاري و الصراع الطبقي التي وصفها ماركس اعتمادا على تركيبة الجماعة الفلاحية الروسية "المتخلفة" اقتصاديا و "شيوعيتها" البدائية. لذلك كان على القرية الروسية أن تحقق ارتقاء سلميا إلى أعلى درجات التطور الإجتماعي. إلا أن هذه "الشيوعية البدائية"، و كما ترون، لم تكن إلا صورة إجتماعية ثانوية باتت ملحقا لنظريات "محبي السلافية" التي ذكرتها في خطابي السابق؛ و هذه رسالتها: "يتحتم على روسيا أن تحافظ على هيئتها الفريدة في سبل متآلفة نسيها الغرب و هجرها منذ وقت طويل".
إلا أن معارضة ذلك التيار، و في عصر التطور الصناعي المتسارع و الحركات العمالية ، قد أدت إلى قيام الماركسية الروسية في كامل معاني الكلمة. هكذا ساد النظام المعارض الذي آثر تتبع الحضارة الغربية حذو القذة بالقذة على النشوة الرومانسية لأسلافه الأولين، إذ قال: على روسيا مشاركة الغرب روحه الحضاري و دربه التاريخي. و بما أن روسيا مرتقية إلى الرأسمالية لامحالة، يستوجب عليها تصفية الحسابات عن طريق إحداث طبقة مدنية كادحة ترعى مصالحا طبقية. أما في مجال السياسة فعبرت الماركسية عن ضرورة التوصل إلى الاشتراكية الغربية عبر ديمقراطية برجوازية تفرج المشهد أمام الحرية السياسية. و في تلك الأيام قد تم إنشاء حزب روسي-ديمقراطي وفق نماذج ألمانية المنشأ.
أريد، و قبل أن نشرع في شرح تطور الماركسية الروسية، أن ألفت أنظاركم إلى القاعدة الفلسفية العامة للماركسية؛ فالماركسية، مثلها مثل جميع صيغ الاشتراكية، تأصل نظرياتها عبر بدايات اجتماعية بورجوازية-رأسمالية ترتكز على حق التملك و مبادرات الفرد الاقتصادية. و يؤدي هذا النظام إلى حرب فوضوية يقاتل فيها عضو المجتمع عضوا آخر. أما الماركسية، و على العكس من ذلك تماما، فتورد مثلا أعلى للحياة الإنسانية الاشتراكية تقوم دعائمها على أولوية المصالح العامة في قضايا التصنيع و توزيع الأرزاق في إطار التآلف الاجتماعي. و قد يعتبر المرء هذا السعي الدؤوب إلى المصلحة العامة أساسا ماركسيا فلسفيا مناهضا للفلسفة الفردية "الذرية"، إلا أن الاعتبار الآنف باطل من أصله، إذ ترفض الماركسية اجتماعية الفرد الذي تحثه طبيعته على مراعاة مصالحه "الأنانية" أمام وجه "الآخر" المحتال. هكذا رأت الماركسية الإنسان ذرة بوسعها أن تتصادم، و بشكل أعمى، مع ذرات أخرى؛ إذن، على العقل أن يجمع هذه الذرات العشوائية بعضها مع بعض ليخلق منها شيئا عاقلا؛ و هذا الشيء، و بطبيعة الحال، لا يمت بأي صلة إلى تركيبة طبيعية ما. فالنظام الذي تضعه لنا الماركسية نظام ميكانيكي يجبر الناس على التفاعل و كأنهم عجلات أديمة لآلة ذات هدف.
و طغت هذه الفلسفة الميكانيكية على عقيدة الماركسية و حقلها التطبيقي، إذ بقي الفرد فيها مجرد وسيلة لا هدفا. فالنظام له قيمة، و هي قيمة الحرية؛ لذلك تضع الماركسية ديكتاتورية اشتراكية سياسية في زناق الدولة المنتظرة.
يجدر بنا أن نورد ملاحظة مهمة قد تذكر القارئ بأن ماركس كان قد حاول ستر هذه الخصائص "الميكانيكية" لعقيدته الفلسفية مستعملا إيمانه الهيجلي بقوى تاريخية كامنة، بيد أن القوى و العمليات الإقتصادية تحرك، بزعمه، نهر التاريخ في مجراه الرصين. هنا يرى المستمع العزيز أن ماركس أضفى، و إن صرف بصيرته عن التحولات الروحانية المحضة، طابعا تطوريا على مذهبه الفكري، فالاشتراكية لا بد و أن تنبت من أرحام التطور الرأسمالي، في حين أن الثورة الإجتماعية أو ديكتاتورية الكادحين لا تمثل شيئا غير مرحلة عابرة في تاريخ الاجتماع الاشتراكي.
و قد تمكن أحد الماركسيين الروس، و بمزاجه و تعصبه الثوريين، من إكمال هذه النظرية و تطبيقها في الحلبة التاريخية الواقعية مع تجاهل تام للعنصر التطوري المذكور. إذ ابتعد لينين عن الحزب الاشتراكي-الديمقراطي الروسي المحدث بحسب طراز ألماني و أنشأ حزبه البولشفي أو الشيوعي عام ١٩٠٣؛ أما فكرته الأساسية فكمنت في ذلك العنصر الثوري "الميكانيكي" الذي أشاد باستغلال الوضع السياسي و بسحنة الإنقلاب العام في سبيل نيل طور سينين الاشتراكي. و كما تعرفونه حصل لينين على ما أراده بنجاح و على حين غرة؛ إلا أن روسيا التي شحنت بالماركسية لم تنل شيئا إلا المزيد من الابتعاد عن دروب الحضارة الغربية. و هذه الفكرة تعود بنا إلى موضوعنا الرئيس، ألا و هو معضلة العلاقات الروسية-الغربية.
نقض نجاح لينين المذكور المبدأ الماركسي المشهور القائل بظهور الاشتراكية من صلب الرأسمالية الراقية. لذلك نجد الحضارة الغربية، و مع عنايتها البرجوازية الفائقة بالأملاك الخاصة و بالحرية الفردية، قد قامت على الاشتراكية لصالح الديمقراطية الاجتماعية. و على العكس من ذلك، أفلحت الشيوعية في روسيا "المتخلفة قانونيا" و في أوساطها الفلاحية. و هذا يعني أن الشرق بات أجدر بالشيوعية من قدوتهم الغرب، أو أنه، و بعبارة أخرى، يجدر بالشرق أن يرشد الغرب في سبيل طويل نحو جنة اشتراكية. هذا ما قاله لينين و البولشفية: يجب على روح الشرق شن الحرب ضد الغرب التائه. تلك هي مفارقة الماركسية الروسية العجيبة و تقمصها لأفكار "محبي السلافية" القديمة كانت قد خلدت حياة الشرق البدائية التي ستنقذ العالم من متاهات الغرب الكئيبة. إلا أن هذه الحياة الشرقية لا علاقة لها، بزعمهم، مع حياة الجماعة المسيحية المحبة ، بل و هي وثيقة الصلة بنيّة بناء برج بابل الجديد سينظم إنسان الجماعة الجديد.
"نور من الشرق". و لكن ما هذا النور؟ اعتقد أن هذه المعضلة قد حللها بنجاح المفكر و الشاعر الروسي الكبير فلاديمير صولوفيوف (الذي تكلمت عنه في المرة الماضية) في قصيدته المنعوتة بـ"الشرق نار". عارضت هذه القصيدة طموحات الإمبراطورية الروسية، مع أنها لم تزل شاهدة على معان عميقة تخطت عتبات التاريخ القيصري. فيما يلي سأقوم بقراءة هذه القصيدة في ترجمة نثرية نظمتها لها:
فالشرق نار و النار قوة و شاه إيران يطارد العبيد
إلى ثيرموبيلاي ليملك سطوة بروح الظلم المستبد.
و بروميتيوس حق أعمى قد أعطي لآل سلطان؛
فالعبد يعدو فوجا باهتا ملاحقا بابن العمران.
فسم الذي عبر بدربه سبيل الظلم المستعاد:
قد داهم أسكندر هندا و طمست روما نهر الغانغ.
ها هي قوة العقول و ظلم الحق باسم الكل
ذا تاج غربي و سلطانه قد وحدا لأجل الذل.
ما الذي ضاع؟ و لم الدم أمام الوجه المستعار؟
افتقد سراج العالم لكسر الحب لنصل العار!
و صدقت أبواق الحق لينبع نورا من الشرق
و بشر المبارك عنوة برقة عبير البرق؛
فسار نور في خريره و أتى رضى باسم الحق
و صار سلاما و وفاقا قد ربط الغرب بقلب الشرق...
يا روسيا! يا بنت القدر! يا خاطرا أشغلت البال!
أأنت شرق موعود لآل يسوع أم شرق للوبال؟



#فارس_عثمان_نوفل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثورة و الجنس في بعدهما الفلسفي-الثقافي: فاسيلي روزانوف و ت ...
- الثورة الروسية الكبرى و مخاضها التاريخي الأول. -محنة أفّاكوم ...
- الثورات الروسية: خبرات دموية أم ارتقاء حضاري؟


المزيد.....




- بوتين: ليس المتطرفون فقط وراء الهجمات الإرهابية في العالم بل ...
- ما هي القضايا القانونية التي يواجهها ترامب؟
- شاهد: طلاب في تورينو يطالبون بوقف التعاون بين الجامعات الإيط ...
- مصر - قطع التيار الكهربي بين تبرير الحكومة وغضب الشعب
- بينها ليوبارد وبرادلي.. معرض في موسكو لغنائم الجيش الروسي ( ...
- الجيش الإسرائيلي يقصف مواقع وقاذفات صواريخ لـ-حزب الله- في ج ...
- ضابط روسي يؤكد زيادة وتيرة استخدام أوكرانيا للذخائر الكيميائ ...
- خبير عسكري يؤكد استخدام القوات الأوكرانية طائرات ورقية في مق ...
- -إحدى مدن حضارتنا العريقة-.. تغريدة أردوغان تشعل مواقع التوا ...
- صلاح السعدني عُمدة الدراما المصرية.. وترند الجنازات


المزيد.....

- الإنسان يصنع مصيره: الثورة الروسية بعيون جرامشي / أنطونيو جرامشي
- هل ما زَالت الماركسية صالحة بعد انهيار -الاتحاد السُّوفْيَات ... / عبد الرحمان النوضة
- بابلو ميراندا* : ثورة أكتوبر والحزب الثوري للبروليتاريا / مرتضى العبيدي
- الحركة العمالية العالمية في ظل الذكرى المئوية لثورة أكتوبر / عبد السلام أديب
- سلطان غالييف: الوجه الإسلامي للثورة الشيوعية / سفيان البالي
- اشتراكية دون وفرة: سيناريو أناركي للثورة البلشفية / سامح سعيد عبود
- أساليب صراع الإنتلجنسيا البرجوازية ضد العمال- (الجزء الأول) / علاء سند بريك هنيدي
- شروط الأزمة الثّوريّة في روسيا والتّصدّي للتّيّارات الانتهاز ... / ابراهيم العثماني
- نساء روسيا ١٩١٧ في أعين المؤرّخين ال ... / وسام سعادة
- النساء في الثورة الروسية عن العمل والحرية والحب / سنثيا كريشاتي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف الذكرى المئوية لانطلاق ثورة أكتوبر الاشتراكية في روسيا - فارس عثمان نوفل - سيميون فرانك*. أوروبا الحية: بدايات الماركسية الروسية و ماهيتها