أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - خالد خالص - عبد السلام البقيوي كما عرفته















المزيد.....

عبد السلام البقيوي كما عرفته


خالد خالص

الحوار المتمدن-العدد: 5596 - 2017 / 7 / 30 - 15:59
المحور: حقوق الانسان
    


عبد السلام البقيوي كما عرفته
الأستاذ خالد خالص
من الصعب جدا الكتابة عن الكبار الذين بصموا التاريخ بأفكارهم وبتضحياتهم ونضالاتهم ومواقفهم. ويعتبر النقيب عبد السلام البقيوي أحد هؤلاء الذين مهما كتبت عنه فإنني لن أوفيه حقه لإبراز المناقب التي كان يتميز بها رحمه الله بواسع رحمته.
فعبد السلام الذي ازداد يوم 31 مايو 1956 عرف اليتم وهو طفل لم يتجاوز عمره العشر سنوات حيث سهرت أمه الريفية، كما كان يفتخر بتسميتها، على تربيته وتعليمه وتوجيهه. وبعد إنهاء دراسته الابتدائية بمدرسة موسى بن نصير والثانوية بمدرسة مولاي سليمان بطنجة وحصوله على شهادة البكالوريا سنة 1975 التحق بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالرباط حيث انخرط للتو مناضلا في حزب الاتحاد الاشتراكي ومناضلا في الاتحاد الوطني لطلبة المغرب إبان الحضر القانوني.
وبمجرد حصوله على الإجازة في العلوم القانونية سنة 1979 انخرط في هيكلة العمل الجمعوي والحقوقي أثناء سنوات الجمر والرصاص حيث كان من الأعضاء المؤسسين للجمعية المغربية لحقوق الإنسان سنة 1979 وتولى بها مسؤوليات عدة طوال حياته كما كان من الأعضاء المؤسسين لفرع المنتدى المغربي للحقيقة والإنصاف بطنجة وكذا من الأعضاء المؤسسين لحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي حيث تم اعتقاله سنة 1997 وهو كاتبا إقليميا للحزب حين كان يوزع مناشير تدعو إلى مقاطعة الانتخابات ناهيك عن مشاركته في تأسيس العديد من جمعيات المجتمع المدني كجمعية ضحايا الغازات السامة بالريف وغيرها.
كما يسجل التاريخ على الفقيد حضوره الدائم في العديد من المحطات النضالية الحقوقية التي تهتم بالشأن الوطني أو الإقليمي أو الدولي حيث كان يتواجد في الصفوف الأمامية لجل الوقفات والمسيرات والمظاهرات لمساندة المستضعفين والمقهورين والمضطهدين والمستعمرين.
أما في ما يخص الجانب المهني فقد التحق الفقيد بمهنة المحاماة سنة 1982 ومنذ التحاقه بها لم ينقطع حضوره عن جل الأنشطة المهنية من مناظرات وندوات وموائد مستديرة ومؤتمرات حيث تدرج رحمه الله من كاتب لجمعية المحامين الشباب بطنجة إلى عضو مجلس هيئة المحامين لنفس المدينة ثم نقيبا لها إلى رئيس لجمعية هيئات المحامين بالمغرب التي تضم سبعة عشر هيئة للمحامين.
وقد عرفت جمعية هيئات المحامين في عهده إشعاعا قل نظيره حيث لم تهتم الجمعية بالجانب المهني الصرف أو الثقافي بل امتد اهتمامها إلى الجانب الحقوقي والسياسي والشأن الوطني وعلى رأسه الدستور حيث ساهمت الجمعية كتابة وبمرافعة قيمة للفقيد أمام اللجنة الملكية بمقر أكاديمية المملكة بالرباط ركز فيها رحمه الله على الجانب الحقوقي وعلى الباب المتعلق بالسلطة القضائية حيث تمت الاستجابة لجميع مقترحات الجمعية.
وباعتبار أنني اشتغلت بجانبه يوميا لمدة ثلاث سنوات كعضو منتخب بمكتب جمعية هيئات المحامين بالمغرب مكلف بالشؤون الثقافية فإنه لن يكفيني مؤلف بأكمله لتفصيل ما قام به النقيب والرئيس عبد السلام البقيوي لفائدة الوطن بصفة عامة ولفائدة المجال المهني والحقوقي بصفة خاصة سواء تعلق الأمر بالحضور والمواكبة في جميع المحطات واللقاءات وفي جميع المناسبات أو بتنظيم الندوات المحلية والوطنية والدولية والمؤتمرات وتقديم المقترحات وإصدار المجلات حيث صدرت في ولايته أربعة أعداد من مجلة "المحاماة" وهي سابقة في تاريخ الجمعية.
ولن أمر على هذه الفترة دون ذكر ترأسه للجنة إصلاح مهنة المحاماة المشتركة بين وزارة العدل والحريات وجمعية هيئات المحامين بالمغرب سواء حينما كان رئيسا للجمعية أو في الفترة الموالية لرئاسته بتفويض من الرئيس الموالي كما كان ممثلا للجمعية في لجنة مواكبة التشريع المشتركة أيضا بين الوزارة والجمعية وممثلا للجمعية في لجنة الحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة بتفويض من رئيس الجمعية دون الحديث عن تمثيله للجمعية في العديد من اللجان المشتركة بين الجمعية والكثير من الإطارات الحقوقية أو المهنية الوطنية والدولية.
وكان رحمه الله أنيق المظهر دائم الابتسامة والتواضع يحافظ على علاقاته مع الآخرين، يحترم الكبير والصغير، لا يقاطع لك كلاما، قنوعا زاهدا، لا يجري وراء متاع الدنيا بقدر ما كان يسكنه هم الوطن والمغاربة أجمعين.
وتميز رحمه الله بالمهنية العالية حتى النخاع حيث كان يتقيد في سلوكه المهني بمبادئ الاستقلال والتجرد والنزاهة والكرامة والشرف وما تقتضيه الأخلاق الكريمة. وكان سخيا دائم العطاء يتنقل على حسابه ويصرف من ماله الخاص كلما نودي عليه للدفاع عن المظلومين والمقهورين.
كما كان وقورا مهابا مؤسساتي يبحث دائما على التوافق حينما تكون الأطراف متعددة والآراء مختلفة بدون تملق لهذا أو لذاك. وكان يتميز رحمه الله أيضا بالثقة في النفس وبالشجاعة وبجرأة لا مثيل لها ولم يكن يخشى الجهر بالحق حيث فضح الفساد المستشري في المغرب مرارا وتكرارا وواجه المسؤولين في العديد من المناسبات وكان آخر ما قام به هو دعمه للحراك الاجتماعي والاقتصادي والثقافي لأبناء الحسيمة وقبله فضحه للفساد المستشري في القضاء سواء على الصعيد الوطني أو بمدينته فكان له أن تم استدعاؤه شهورا قبل وفاته من قبل الوكيل العام للملك بطنجة ثم من قبل وزير العدل والحريات حيث مورست عليه ضغوطات من قبل أحدهم لتقديم اعتذار علني لطي الملف فرفض وفضح ذلك جهرا وعلى مواقع التواصل الاجتماعي.
ولن أمر على خصاله دون الوقوف على حضور البديهة وسرعة الفهم لديه مرورا بأخلاقه العالية ولباقته المتناهية وحسن تعبيره حيث لن تنتظر منه التفوه بالكلام الساقط أو الجارح ولو في مواجهة عديمي الأخلاق. فقد عرف الفقيد باحترامه لنفسه ولمسؤولياته المتعددة وبقدرته الكبيرة على الإقناع كما عرف بصدق حدسه وبصواب قراراته.
كما أشهد له بالقدرة على ضبط النفس وبحكمة الصبر وكظم الغيظ وتجاهل الشتائم والترفع عنها طيلة حياته. وقد عاينت ذلك مباشرة في فترة توليه رئاسة جمعية هيئات المحامين بالمغرب حيث حاول البعض تبخيس أعماله و التنقيص من مواقفه ولم يفلحوا لان الرجل وصدق الرجل ونزاهة الرجل كانوا فوق مكائدهم. وكان رحمه الله يقابل ذلك بالابتسامة والعفو والحلم والسماحة.
كما كان خير مثال في حب الوطن والإخلاص والتفاني في الدفاع عنه بالكلمة وبالمواقف المسؤولة والسيرة الطيبة والقدوة الحسنة والسلوك الراقي المترفع الذي ترك له بصمات في جميع المحافل. فالراحل كان علما من أعلام النضال مسكونا بالمغرب وبشعب المغرب وبأرض المغرب أدى رسالته العادلة على أحسن وجه وفق قناعاته الراسخة حيث دافع عن المبادئ قبل دفاعه عن مطالب الناس والعمل على التخفيف من معاناتهم وتسهيل حياتهم ودعمهم في جميع المجالات إلى درجة الانخراط في همومهم ومحنهم إلى حد اتخاذه قرارا قبل موته بأيام بعدم الاحتفال بعيد الأضحى قائلا "كيف لي أن أذبح وأخوتي يذبحون في الحسيمة".
ولابد من الوقوف ولو بكلمة عند دوره الأبوي حيث كان أبا رائعا ووالدا طيبا حنونا اختار تخصيص متبقي حياته لأبنائه بعد فقدان زوجته وهو في عز قوته وشبابه. فكان مقدرا للمسؤولية دائم الحضور والاستماع إلى أبنائه مانحا إياهم الآمان أولا والقدوة الحسنة من خلال أخلاقه وأفكاره ومواقفه ثانيا. وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على نبل الرجل ونكرانه لذاته وحبه لأبنائه.
وقد أصابني من الحزن ما أصاب جميع من عرف المرحوم وكل من كان على صلة به عند سماع نبأ وفاته، مما يجعلني أعزي نفسي وأعزيكم جميعا في فداحة المصاب. فنحن جميعا فقدنا سيدي عبد السلام البقيوي. فقدنا فيه الأب وفقدنا فيه الأخ وفقدنا فيه الصديق وفقدنا فيه النقيب وفقدنا فيه الرئيس وفقدنا فيه الزميل وفقدنا فيه الإنسان الاجتماعي الطيب البسيط. بل يمكن لي أن أقول وعن قناعة بأن المغرب برمته فقد فيه الرجل الصادق والمناضل الفذ المكافح.
فرحم الله سيدي عبد السلام بواسع رحمته واسكنه فسيح جنانه والهم أبناؤه وكافة أفراد أسرته ومحبيه الصبر والسلوان وإنا لله وإنا إليه راجعون.



#خالد_خالص (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المرأة العدل
- تطوع ام تطفل ام استمالة
- هلوسة دستورية
- منتدى المحامية المغربية
- الزعامة
- علاقة المحامي بزملائه
- قراءة أولية في مشروع القانون المتعلق بمهنة التوثيق بالمغرب
- الرشوة
- المحامي الآلي
- تاريخ النظام القضائي المغربي قبل الحماية
- الحجاج في الجاهلية
- المحاماة والمغاربة اليهود إبان الحماية
- مدى مشروعية الاقتطاع من ودائع الموكلين ومن أتعاب المحامين
- تعليق على قرار الغرفة الاستئنافية بمحكمة تطوان
- بين حصانة الدفاع وجرائم الجلسات ومسؤولية القاضي
- التطور التاريخي لاستقلال المحاماة
- التطور التاريخي للمحاماة
- المحامي والقاضي أية علاقة ؟
- واجبات الانخراط والاشتراك في هيئات المحامين بالمغرب
- مملكة المحامين


المزيد.....




- مسؤولون إسرائيليون: نعتقد أن الجنائية الدولية تجهز مذكرات اع ...
- فلسطين في الأمم المتحدة.. من مراقب غير عضو إلى المطالبة بعضو ...
- اعتقال اثنين من أعضاء المعارضة الفنزويلية
- تل أبيب تدرس احتمال إصدار المحكمة الجنائية مذكرات اعتقال بحق ...
- الآلاف يتظاهرون في جورجيا من أجل -أوروبا- وضد مشروع قانون -ا ...
- مسؤولون إسرائيليون: نعتقد أن الجنائية الدولية تجهز مذكرات اع ...
- نتنياهو قلق من صدور مذكرة اعتقال بحقه
- إيطاليا .. العشرات يؤدون التحية الفاشية في ذكرى إعدام موسولي ...
- بريطانيا - هل بدأ تفعيل مبادرة ترحيل طالبي اللجوء إلى رواندا ...
- أونروا تستهجن حصول الفرد من النازحين الفلسطينيين بغزة على لت ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - خالد خالص - عبد السلام البقيوي كما عرفته