أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حيدر زكي - منحنيات الأحلام في -انتظار السمرمر-














المزيد.....

منحنيات الأحلام في -انتظار السمرمر-


حيدر زكي

الحوار المتمدن-العدد: 5554 - 2017 / 6 / 17 - 17:20
المحور: الادب والفن
    


منحنيات الأحلام
في (انتظار السمرمر) -1

تمتلك شخصيات (انتظار السمرمر) المروى عنهم لفيحاء السمرائي، أحلاماً تنتظر تحقيقها يوماً مثل أي فرد منا ولكنها في (واقع لا تفقس فيه الأحلام) كما هو مذكور في الغلاف الأخير للكتاب.
تحلم (أم شاهين) في المحكية (1) بالعودة الى دراها البعيدة في الأراضي المحتلة وتعلّق مفتاح بابها في صدرها قرب القلب، لكن زمنها لا يتيح لها فعل ذك ما لم يتحقق تحرير الأرض المنسية، ومثل أم شاهين جيل كهول وكذلك جيل آخر يحلم بالعودة بشكل آخر فيمثّل لهم الانتظار فعلاً متفاوتاً في الشكل والأهمية.
وينتظر الكثير من شخوص المحكية (2) إنجاز أحلامهم في فترة تكتظ فيها الآمال، فترة الستينات وبداية السبعينات، فيحلم صلاح بيسار سياسي نظيف لكنه يُصفّى ولا يستكمل حلمه، ويحلم ألبير الرومانسي ببيت يضمه بحبيبته، غير أن الأقدار تسير على عكس ما يبتغيه فينتحر خاتماً عصر الرومانسية، ويحلم عبد الهادي وينتظر عودة الماضي المزهر، وتحلم أم هشام بتحسين وضعها فتغيّر بيتها ومكانها ظناً منها انها تسعى الى حلمها، وتحلم فردوس بزوج ينسجم مع أفكارها وتطلعاتها بحياة أفضل للمرأة، ويحلّق هشام في الحلم مع فتاة أحلامه ومع حياة زوجية متفهمة عصرية وبوقت يكرّسه للثقافة وللكتب، ويحقق حسّان جزءاً من حلمه في احتراف الفن بيد انه ينفر منه لاحقاً لرداءة الوضع الفني وسوء الأعمال الدرامية، أما فارس فيدير ظهره لأحلامه ويلجأ الى تبسيط الحياة لكي يعيشها بدون آلام.
وفي المحكية (3) حلِم الاستاذ فرغلي، الموفد كمدرّس الى بلد عربي، باستيفاء شروط العيش الرخي وتطمين حاجات عائلته ثمناً لغربته وذلته، حتى مات وحيداً دون رؤية نهاية حلمه. وحلِمت صليحة بحياة سعيدة في الغرب مع حبيب لها وفي بلد استعمر بلدها لسنين، وظل حلمها غامضاً بمقتلها أو ربما اختفائها.
ويضيع حلم فلاح عناد في التقرب من نيدابا ومبادلته الحب القديم في المحكية (4)، مثلما يضيع حلم أم حيدر المهجّرة التبعية في العثور على أولادها المعتقلين، ويتبدد حلم مدينة الياسمين وناسها بالأمان والعدالة الاجتماعية والرفاه.
كما ويضيع حلم النائب السياسي صالح عوض في إطالة عمر الحزب وتحقيق الاشتراكية في بلده بعد الانقلابات والتغيرات السياسية، في المحكية (5)، وتتبخر أحلام البسطاء من الشعب في الحرية والسلام.
وتكتب فردوس لأختها في المحكية (6) عن مسيرة دروب الكثيرين من أفراد الأسرة والأقارب والجيران، وتبيّن في رسالتها مدى نضوب أحلام الجميع بسبب الحصار والوضع السياسي والحروب، فلم تجد أية أحلام لها أرضاً خصبة لتنمو.
أما المحكية الأخيرة (7) فيتبلور فيها تدهور الأحلام وانسحاقها تحت أقدام الوضع الراهن في العراق، فترحل أم هشام دون أن تسكن بيتاً يرضيها أو ربما وطناً يضم بناتها وأبناءها. ويأتي أحمد ليجسّد لنا الأحلام المعطوبة لجيل الشباب الذي تأخذ أحلامهم منحى آخر غير الحب والزواج والهوايات لتنصّب على الأمان والاطمئنان على وجودهم الانساني والفعلي في وضع سياسي وأمني مرتبك ومضطرم بالتفجيرات والقتل والاستهانة بالانسان. وتتحول الأحلام من كبيرة وجوهرية وذات قيمة تلامس الشخص ذاته الى أمور كان من المفروض ان تكون حاجة أساسية وحقاً من حقوق أي انسان في حياة كريمة طبيعية كتوفير الكهرباء والماء.
أما نيدابا كبيرة الحالمات و( قصب الحكايات وناي الحكايات) كما ورد في الغلاف الأخير، فجاء حلمها ناقصاً في نهايته عندما القتت بـمخلّد حبيبها وحلمها لتجده بوضع مزرٍ من البعثرة والتشوش، وحاله كما حال الوطن الذي حلمت بالرجوع اليه طويلاً . وهكذا، فاذا حدث وأنجب حلم في بلداننا في يوم ما، فإنّ الوليد يطلع مشوهاً مريضاً، يذبل بعد حين على عكس التوقعات وآلام الانتظارات، فتتغير منحنيات الأحلام نحو الهبوط من حيث النوعية والشكل وزمن التحقق. ويبقى الناس في انتظار طائر السمرمر لكنه لا يماثل غودو الذي يبقى في محط الانتظار وقد يأتي بعد حين بالأمل والمطلوب، غير ان طائرنا قد يمرّ ولا يحقق ما كان المفروض عليه أن يحققه ليترك الناس في حالة لا تشبه الانتظار ولا تصل الى حالة الحصول على المبتغى، أي في وضع يمكن وصفه بالمنقوص والباهت في زمن تفقد الاشياء فيه خصائصها ومعانيها وملامحها وأصالتها.

وبالرغم من كل الإحباطات، يأتي الأمل ليحدثنا في النهاية قائلاً: (أرقب طائري الغائب، أشتعل، أخبو، ثم أتحول الى قطعة فحم..تلتقطني يد صغيرة من على الأرض، تخط بي وجوهاً مبتسمة على شرفات ظمآنة في الأفق ). ويلوح لنا حينما ترى السيدة ما هو مخطوط على إحدى المصطبات في المتنزه: (لذكرى امرأة كانت تجلس هنا وتنتظر..الأمل لا يفنى). ولم تخبرنا المؤلفة عن سببية تنبؤها بمجيء وتحقيق هذا الأمل، والى متى يبقى معلّقاً وهل بمجيئه سيفقد الصراع الأبدي عنصره الثاني ويبقى لنا الخير فينتفي الحلم؟. لعلها تقصد ان السعي نحو الأمل أو تحقيق الحلم، وما يوازيهما من خذلان وانتظار، عمليتان أزليتان قد يتفوق العنصر المشرق منهما في النهاية ليخفف من حدّية الاخفاقات والنكوص وعلى يد الأجيال القادمة.






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- إسرائيل تحتفي بـ-إنجازات- الدفاع الجوي في وجه إيران.. وتقاري ...
- رحيل المفكر السوداني جعفر شيخ إدريس الذي بنى جسرًا بين الأصا ...
- المقاطعة، من ردّة الفعل إلى ثقافة التعوّد، سلاحنا الشعبي في ...
- لوحة فنية قابلة للأكل...زائر يتناول -الموزة المليونية- للفنا ...
- إيشيتا تشاكرابورتي: من قيود الطفولة في الهند إلى الريادة الف ...
- فرقة موسيقية بريطانية تؤسس شبكة تضامن للفنانين الداعمين لغزة ...
- رحيل المفكر السوداني جعفر شيخ إدريس الذي بنى جسرًا بين الأصا ...
- -ميتا- تعتذر عن ترجمة آلية خاطئة أعلنت وفاة مسؤول هندي
- في قرار مفاجئ.. وزارة الزراعة الأمريكية تفصل 70 باحثًا أجنبي ...
- -بعد 28 عاما-.. عودة سينمائية مختلفة إلى عالم الزومبي


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حيدر زكي - منحنيات الأحلام في -انتظار السمرمر-