أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نوري البالا - تقطيع الحريات العامة















المزيد.....

تقطيع الحريات العامة


نوري البالا

الحوار المتمدن-العدد: 1448 - 2006 / 2 / 1 - 09:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


*نوري البالا وآفلين سير مارين
Nuri ALBALA, Evelyne SIRE-MARIN

"هم ذعرُكم وأنتم خشيتُهم" فكتور هوغو

إنّ إعلان الحكومة الفرنسية حال الطوارئ في 8 تشرين الثاني/نوفمبر 2005، إثر انفجار الضواحي، يمنح وزير الداخلية والمحافظين سلطات استثنائية تتعارض مع القانون العام للحرّيات العامة. ويمكن لهذه السلطات منع تجوّل الأفراد والسيارات في بعض الاماكن وفي ساعات معيّنة، إبعاد "أيّ شخص يحاول، في أيّ طريقة من الطرق، عرقلة عمل السلطات العامة"، فرض الإقامة الجبريّة على كلّ شخص "يشكّل خطراً"، الإقفال المؤقّت لصالات العرض والمحلاّت التي تقدّم شراباً وقاعات الاجتماعات.

إنّ مرسوم الطوارئ، الصادر تطبيقاً لقانون 3 نيسان/أبريل 1955 الذي أُقرّ إبّان ما سُمّي عن طريق الرياء "أحداث الجزائر"، يعطي السلطات الادارية نفسها حقّ القيام بعمليات تفتيش للمنازل ليل نهار . اذا كان يمكن تقبّل هذا الدخول على منازل أشخاص مشتبه في ارتكابهم تجاوزات خطيرة، فلماذا إذن إعطاء المحافظين بدل القضاة وحدهم الحقّ في الشروع بها طالما أنّ الامر يتعلّق بتجاوزات على القانون.

إنّ هذه القيود المفروضة على الحرّيات العامة والتي ما تزال بحاجة الى تبرير، ليست سوى تعبير اضافي عن انحراف بدأ قبل عشرين عاماً، وقد ساهمت اعتداءات 11 ايلول/سبتمبر في التسريع من وتيرتها. ففي سياق "القانون الوطني" الاميركي، جاء القانون الفرنسي حول السلامة اليومية في 15 تشرين الثاني/نوفمبر 2001، وهو من إعداد وزير الداخلية الاشتراكي آنذاك، دانيال فايان، ليكون القانون الأوّل في سلسلة يستعدّ السيد نيكولا ساركوزي لإكمالها .

تتميّز جميع هذه القوانين بأنها تضاعف من صلاحيات الشرطة والحدّ من الرقابة القضائية، لا سيّما من خلال تعميم الاشتباه غير المؤكّد، على غرار تهمة الجريمة "المنظّمة". فمع مرور السنوات، ومن دون حصول نقاش فعلي، باتت الاجراءات التالية مشروعة: طلب الهويات في شتى الظروف، الاستجواب عن بعد من خلال نظام الفيديو، تفتيش السيارات خلال عملية التحقيق الاولية، الاحتفاظ لمدة عام بمعطيات مأخوذة من شبكة الانترنت، امكانية الابقاء على سرّية هوية الشهود، إقفال مراكز احتجاز القاصرين، العقوبات التربوية ابتداءً من سنّ العاشرة، دفع البدلات المالية لمُخبري الشرطة... إضافة الى توسيع الحالات التي يُصار فيها الى تفتيش المنازل والتنصّت على المكالمات الهاتفية. إنّ بعض هذه التدابير تذكّر لا بل تتجاوز قانون "الأمن والحرية" الذي أثار عام 1981 مظاهرات اعتراض واسعة. وتضاف الى هذه التدابير التي تحدّ من الحقوق الاساسية، نصوص تجعل شروط دخول واقامة الأجانب الى فرنسا أكثر صعوبة من خلال الحدّ من لجوئهم الى الحماية القضائية .

باتت الشرطة والقضاء حلقتيْن في سلسلة قمعيّة، أسماها السيد ساركوزي "الحلقة الجزائية" في المذكّرة، بتاريخ 4 شباط/فبراير 2004. مع ذلك، فإنّ المادة 64 من الدستور تعطي صراحة السلطة القضائية دور الحارس للحرّيات الفردية. تحت يافطة "الأمن"، تسعى النصوص والممارسة في الواقع وراء هدفيْن: من جهة، مضاعفة السلطات المعطاة للادارة والشرطة على حساب القضاء عند وقوع المخالفة، ومن جهة أخرى، وخارج حصول أيّ مخالفة، زيادة سلطة الرقابة الممنوحة للسلطة التنفيذية. فالحكومة تملك سلطات شبه استنسابية، تبدأ بالتدقيق المتكرّر في الهويّات، وصولاً الى تعليق حقّ التجوّل بين دول حيّز "شنغن" في خرق لحرّية التظاهر (كما حصل خلال اجتماع الدول الثماني في افيان في حزيران/يونيو 2003).

لم تعد هذه الوسائل القمعية تخضع للقانون الجزائي وتستهدف الحركات الاجتماعية، كما العمل النقابي والمشرّدون والمومسات (مع صدور قانون منع التحرّش السلبي في 18 آذار/مارس 2003)، وتطال الفرنسيين كما الأجانب .

بالرغم من إدّعائها العكس، فإنّ هذه القوانين المتتالية لا تأتي بفائدة كبيرة على أمن المواطنين او على مكافحة الارهاب. وبالفعل فإنّ الوسائل القانونية كانت موجودة سابقاً لهذا الغرض، لكنها كانت موضوعة بين أيدي القضاة او الضابطة العدلية التي تعمل تحت رقابة قضاة التحقيق. إنّ إعلان حال الطوارئ يخفي مرة أخرى ضرورة المعالجة الاجتماعية الطارئة ويندرج في سياق معاقبة الفقر. وإنّ الدعوة الى "التساهل درجة صفر" خدعة تحوّل مشاكل البطالة وتداعي انظمة الحماية الصحية او التربوية الى خوف من الجانحين الصغار، وهم بالضرورة من "اصول" مغاربية او افريقية.

هنالك المزيد، والمفردات المستخدمة خير دليل: منذ بعث قانون 1955 واشارته الى "المصائب العامة" وصولاً الى الخطابات الرنّانة حول أمن الاشخاص والممتلكات، فإنّ الحكومة الفرنسية (المدعومة من برلمان لا يعارضها الرأي) تسعى وتنجح في سعيها لاستمالة قسم من ناخبيها، من خلال تعزيز مشاعر الخوف. ففي ادّعائها العمل من اجل الحفاظ على السلم الاهلي، إنّما هي تساهم في تفكيك النسيج الاجتماعي غير المتماسك أساساً: فكلّ شخص مدعوّ الى اعتبار جاره خطراً محتملاً وإنّ بثّ الشكوك من شأنه تدمير اشكال التضامن القديمة وروابط الجيرة والطبقة والوضع الاجتماعي.

اضافة الى أنّه لا يجب إهمال الوظيفة الاقتصادية لهذه القوانين التي تشجّع صناعة حقيقية للعقاب: ازدهار سوق الأمن البلدي لحساب بعض الشركات الخاصة، مبيع تجهيزات الرقابة المكتملة، اللجوء الى شركات الحراسة وتوفير الفرص امام صناعة البناء لتشييد المزيد من السجون. في كلّ حال، ليس من باب المصادفة أن يعمد قانون برمجة العدالة، في 3 آب/اغسطس 2002، الى تليين قواعد المناقصات العامة.

للأسف إنّ مجمل هذه القوانين الجديدة يقرّب بين فرنسا وغالبية شركائها الاوروبيين او الاميركيين. فإضافة الى المزايدات الانتخابية، هناك سعي قلق لإخضاع الرأي العام، لا بل لانتزاع موافقته على تصاعد سياسة القمع ضدّ المواطنين. ولْنلاحظْ أنّ 11 إقتراحاً، من أصل الـ24 التي تقدّم بها حزب "الجبهة الوطنية" في مجالي العدالة والشرطة، قد وُضعوا موضع التنفيذ من قبل حكومتي جان بيار رافاران ودومينيك دو فيلبان .






--------------------------------------------------------------------------------

* هما على التوالي محامٍ والمسؤول الدولي في جمعية "الحق والتضامن" وعضو في المجلس العلمي لمنظمة "اتّاك"؛ قاضية ورئيسة مشاركة لمؤسّسة كوبرنيك.


--------------------------------------------------------------------------------



#نوري_البالا (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- احتفالا بعيد النصر..السفارة الروسية تغرس أشجار الزيتون في ال ...
- عون استقبل رئيس لجنة مراقبة وقف الأعمال العدائية الذي قدم خل ...
- مسؤول أميركي أمام -العدل الدولية-: حياد -أونروا- يثير مخاوف ...
- الإمارات تعلن إحباط محاولة تمرير أسلحة للجيش السوداني والأخي ...
- إيران تعدم جاسوسا يعمل لمصلحة -الموساد- الإسرائيلي
- مقتل 14 خنقا في حريق فندق بمدينة كولكاتا الهندية
- توقيف قاصر للاشتباه في قتله 3 أشخاص بالسويد
- إجلاء سكان وإغلاق طرق إثر اندلاع حرائق قرب القدس
- الكويت تلغي المادة 182…نحو تشريع لا يغسل الجريمة بالزواج
- ترمب يستثني الأردن من خفض المنح الأميركية الخارجية


المزيد.....

- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نوري البالا - تقطيع الحريات العامة