أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - كمال الهشومي - الحقل الديني بالمغرب/ الكرونولوجيا واعادة الهيكلة















المزيد.....



الحقل الديني بالمغرب/ الكرونولوجيا واعادة الهيكلة


كمال الهشومي

الحوار المتمدن-العدد: 1448 - 2006 / 2 / 1 - 09:09
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


مدخل:
تعتبر المسالة الدينية بالمغرب من المسائل التي كثر فيها النقاش والسجال، فكل يقدمها حسب منظوره ومرجعيته، فهناك من تطرق إلى الخلفية الثقافية التي دأبت على استغلال الجهل والفقر في هذا المجال، وآخرون تطرقوا إلى الاحتكار الاديولوجي للإسلام في الحقل السياسي، والبعض الآخر اهتم بشرعنة العنف والإرهاب وتغلغل المد الشيعي في الحركات الإسلامية المغربية، ثم هناك من تناول قضية الدين من زاوية منظومة إمارة المؤمنين، ثم نجد كذلك من حاول الدفاع على أطروحة التعددية الدينية بين المذهب المالكي والاشعرية والصوفية، ومن جهة أخرى فهناك إجماع عند المحللين السياسيين حول اتفاق الدولة والأحزاب السياسية والحركات الإسلامية في المغرب على توظيف الدين في اللعبة السياسية، وان كان بشكل غير مباشر وغير معلن مع بعض التحفظات لدى كل اتجاه، ومثال ذلك مثلا في المجال التعليمي تأسيس شعبة الدراسات الإسلامية لمواجهة تصاعد المد العلماني والنقابي في المؤسسات الجامعية، كما يذكر الجميع على الخصوص "التحالف الموضوعي مع العربية السعودية"، بتعبير المحلل الفرنسي أنطوان بسبوس، وهو تحالف فرضته أزمة البترول في عام 1973، من جهة، واستحقاقات المواجهة العسكرية مع الجزائر، وفرضه علي الصعيد الداخلي، تصاعد مد الجماعات الإسلامية، تتقدمها جماعة "العدل والإحسان"، وغيرها من الأحداث الشاهدة على ذلك.
ومهما يكن من أمر فان تناول المسالة الدينية بالمغرب يبقى مطبوعا بخاصية ذاتية، تتمثل خاصة في البنيات التقليدية المهيكلة للحقل الديني بالمغرب، والمرتبطة بنيويا بوظائف مؤسسة المخزن، من خلال الرمزية القوية المستمدة من الدين، حيث أن الملكية بالمغرب مرتبطة بالدين مادام هناك تداخل بين السلط الروحية والزمنية، وهو اتجاه أكد عبر التاريخ كون الاسلام والملكية صنعا المغرب.
ولعل تكامل مجموعة من الأحداث والوقائع ولد الشعور إلى الرغية في محاولة خلق حركية جديدة في الحقل الديني وبمنظور جديد، ويمكن أن نستدل على ذلك برفع التحفظات المتعلقة ببعض العادات داخل القصر الملكي(الظهور العلني لزوجة الملك محمد السادس)، ثم التحكيم الملكي في مشروع تعديل مدونة الأحوال الشخصية وقانون الأسرة، إبعاد أكثر الوزراء احتكارا للوزارة الوصية على الشؤون الدينية بالمغرب، زد على ذلك الحدث المأساوي ل16 ماي 2003 بالدار البيضاء والذي طرح وبقوة من جديد مسألة اعتبار الهاجس الأمني كضامن لاستقرار المؤسسات سيما مؤسسة إمارة المؤمنين، والمؤسسات السياسية، ومدى اعتبار هذا الهاجس المحدد الامثل للتصورات والاختيارات والمخططات، في مختلف الميادين الاجتماعية والاقتصادية ومسالة التربية والتعليم، وقضية الدين بالمغرب، هذه الأخيرة التي تدعو الضرورة إلى جعلها أولوية الاولويات من أي وقت مضى، سواء تعلق الأمر بمن يوظف الدين في أغراض سياسية، أو من حيث العلاقة الجدلية بين الدين والدولة، علما أن الدستور المغربي قصد فصل في هذه الأخيرة باعتبار المملكة المغربية دولة إسلامية، وان الملك هو أمير المؤمنين والمؤتمن على حماية الدين. هذه الأسباب وغيرها جعلت مسالة إعادة هيكلة الحقل الديني من بين اولويات وانشغالات العهد الجديد، وفي هذا الصدد جاء في الخطاب الملكي ليوم 08 يوليوز 2005 بمناسبة افتتاح دورة المجلس العلمي الأعلى للمملكة: «...وإذ نؤكد عزمنا على المضي قدما في إصلاح الشأن الديني، الذي قطع خطوات هامة، باعتباره أحد أركان مشروعنا المجتمعي، فإننا ندعوكم وكافة العلماء المستنيرين، رجالا ونساء على حد سواء، إلى النهوض بالمسؤوليات الجسيمة الملقاة على عاتقكم، والانخراط في حركة الإصلاح الشامل الذي نقوده".
وبناء على ذلك سنحاول التطرق إلى توطئة تاريخية موجزة لأهم المحطات والأحداث التي ميزت تطور المؤسسة الدينية بالمغرب،قبل وأثناء وبعد الحماية، ثم فترة ما بعد الاستقلال إلى حين تولي العهد الجديد لمقاليد الحكم، لنتطرق بعد ذلك إلى الخطوط العريضة التي ميزت مشروع إعادة هيكلة الحقل الديني بالمغرب، في عهد محمد السادس.

كرونولوجية تاريخية للمؤسسة الدينية بالمغرب

إن الإشكالية الدينية ليست جديدة بالمغرب، إذ تعود بعض عناصر الصراع بين الإسلام الرسمي للدولة و إسلام العموم إلى فترات متباعدة، فالمتتبع لبعض الدراسات المغربية والأجنبية يستنتج الاهتمام الكبير الذي حظيت به المؤسسات الدينية عبر العصور، ولعل أقربها ما حدث في النصف الأخير من القرن الثامن عشر بعد اشتداد الصراع بين الزوايا والسلطة المركزية حول النفوذ الديني، ومقابل ظهور المنافسة السلطوية للزوايا، معتمدة على السلفية(العودة إلى المنابع الأولى للدين)، لجأت السلطة المركزية إلى الوهابية، وكان أول سلطان مغربي وظف الوهابية كوسيلة للنيل من شعبية الزوايا هو السلطان مولاي سليمان (1822- 1792) الذي عمل على تبني انتقادات علماء الوهابية للممارسات الدينية المنحرفة للمتصوفة والطرقية، وهي الأساس التنظيمي المعتمدة عليه الزوايا، وفي سنة 1811 حرر السلطان مولاي سليمان رسالة تليت في المساجد عبر أنحاء البلاد تحث عنوان "رسالة ضد المواسم والبدع"، إلا أن السلطان مني بهزيمة أمام الزوايا حينما لجأ إلى فرض التوازن السياسي من خلال دعمه المباشر للإيديولوجية الوهابية، وعرفت حرب السلطان ضد القبائل(معقل الزوايا) سنة 1818 هزيمة مشهودة حيث تم أسره مما فرض اللجوء إلى المصالحة الدينية واعتماد توازن سياسي بين الإسلام الشعبي (الزوايا) والإسلام الرسمي. وسيتأجج الصراع كذلك بين السلطة المركزية والزوايا خلال القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين، إذ أن هناك إجماع لدى الباحثين على أن فرنسا قد اهتمت بالزوايا والطرقية منذ منتصف القرن التاسع عشر بهدف التمهيد لتدخلها في المغرب (الزوايا الوزانية والشرقاوية والناصرية والدرقاوية)، وشجعت عدة دراسات عنها بهدف توظيفها في عمليات الغزو والاحتلال، وظلت هذه العناية مستمرة إلى أن أحكمت سيطرتها على كل أنحاء البلاد سنة 1934، وبعد هذا التاريخ تنكرت سلطات الحماية لأغلب المشايخ، ولم يعد يهمها من أمرهم شيء وصارت تراقب سكناتهم وحركاتهم، ومباشرة بعد الحرب العالمية الثانية، وفي ظروف جديدة حاولت الإقامة العامة بالرباط إحياء دور الزوايا والطرقية، فأسندت إليها مهمة جديدة تتمثل في إضعاف دور السلطان محمد بن يوسف وضرب الحركة الوطنية، في الوقت الذي تقوت فيه الحركة الوطنية بتقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال وتأييدها من طرف السلطان(11يناير 1944)، حيث كانت الإقامة العامة تهدف من خلال ذلك إلى تسخير الزوايا والطرقية من اجل إضفاء الشرعية على قرار عزل السلطان محمد بن يوسف عن العرش، في نفس الوقت استفادت الحركة الوطنية من الانقسام الذي وقع في فرنسا وفي مستعمراتها بعد أن أصبحت حكومة فيشي موالية لألمانيا النازية، واضطرت هذه الحكومة إلى خلق مشايخ جدد بهدف استكتاب متطوعين لها من المغرب في صفوف الجيش الفرنسي وتأييد حكمها، وهو ما تم بالفعل خاصة بالبيضاء والرباط حيث أمدتهم بالمال الكافي لتحقيق مخططها، إلا أن موقف السلطان كان حازما إذ أصدر أمره إلى المحكمة الشرعية بالرباط لتنظر في شأن الطريقة الجديدة، فكان قرار المحكمة المذكورة هو إقفال الزاويتين الجديدتين، ثم أصدر السلطان بعد ذلك مرسوما يقضي بمنع تأسيس أية طريقة جديدة بغير أمره، وهو ما أزم العلاقة أكثر بين الإقامة العامة والقصر.
وخلال بداية الاستقلال عرفت السياسة الدينية في المغرب عدة تغيرات مع ارتكازها على ثابت أساسي يتمثل في محاولة التوفيق بين الإسلام الشرعي القائم على العقيدة الأشعرية والمذهب المالكي، وبين الإسلام الشعبي المتجسد في الممارسات الصوفية، فكان طبيعيا أن يعمل المغرب خلال هذه الفترة على مراقبة الحقل الديني عبر تأطيره ومحاصرته بجملة من المؤسسات الدينية، وضبط وتحديد دور العلماء في إطار يهدف أساسا إلى دعم الشرعية الدينية للمؤسسة الملكية.
وحسب د.محمد ظريف فان هذه التحولات التي طرأت على السياسة الدينية كانت تمس أساسا مجال المتغيرات، ففي عهد الحسن الثاني كانت السياسة الدينية توظف في البداية، أي بين سنوات 1961 و1979 لاحتواء تيارات سياسية معينة، هذه التيارات تمثلت في البداية في مواجهة الأيدلوجية الناصرية بين سنوات 1961 و1970، ثم مواجهة الأيدلوجية اليسارية التي سجلت حضورها في المغرب بين سنوات 1968 و1979، أما بعد 1979 فأصبحت السياسة الدينية موجهة لاحتواء المد الإسلامي من جهة، وإيقاف تغلغل الفكر الشيعي من جهة أخرى.
وهنا نلاحظ أن سياسة الدولة منذ 1979 إلى وفاة الحسن الثاني استهدفت أساسا مراقبة الإسلاميين، وفسحت المجال أمام التيار السلفي الوهابي لينوب عن السلطات العمومية في محاولة تحجيم تيار الإسلاميين.
إن من مظاهر التأطير والمحاصرة، الذي اعتمدتهم الدولة خلال هذه الفترة صدور الظهير الشريف 8/4/1981 الذي ينظم جامعة القرويين، فمن خلاله ساءت الأمور كثيرا بالنسبة لرمزية العلماء إذ عمل هذا الظهير على التقزيم بشكل كبير من وزن الجامعة، وبالتالي من وزن ومكانة العلماء، الذين تحولوا إلى مجرد موظفين دينيين ينتظرون رواتب آخر الشهر كباقي الموظفين، بعيدا عن دورهم الحقيقي في تدبير الشأن العام للبلاد، فهو إقرار رسمي بتهميش وظيفة العلماء الرمزية، بجعهلم "رجال دين" لن تخرج مبادرتهم الحركية عن إطار التأطير الديني الذي يروم "صيانة وحدة الأمة علي مستوى المذهب والعقيدة"، رغم أن خطاب الملك الحسن الثاني آنذاك كان شديد اللهجة اتجاه العلماء، باتهامه لهم مثلا ب"غياب تصور إسلامي للمعضلات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والإنسانية"، ضدا على توجهات الحركات الإسلامية التي تشتغل في الشارع، في حين يشتغل علماء السلطة في "كلية الشريعة وكلية اللغة العربية وكلية الآداب وكلية الحقوق"، يضيف نفس الخطاب، أما التحكم الفعلي والمباشر في المجال الديني، فسوف ينتقل نحو وزير الداخلية الأسبق، إدريس البصري.
وبعد اندلاع الثورة الإيرانية، بتداعياتها القطرية في المغرب عبر صدور أصوات مؤيدة أو متعاطفة، ساهم ذلك بشكل أو بآخر في استمرار عملية "استيراد المذهب الوهابي"، بجرعات غير متحكم فيها من قبل الثنائي إدريس البصري وعبد الكبير العلوي المدغري، وزير الأوقاف السابق.
سنة 1984، اندلعت اضطرابات اجتماعية في مجموعة من المدن، قوبلت دينيا من قبل السلطة بإصدار ظهير 2/10/1984، والذي استهدف تدخل السلطة من أجل ضبط فوضى المساجد غير المتحكم فيها آنذاك، عبر منح الترخيص ببناء المنشآت المخصصة للأنشطة التعبدية، وسنة 1987، نظم المغرب الملتقي الأول لخطباء الجمعة، حيث تم التنصيص على أهمية تكوينهم الثقافي والخلقي، وفتح معاهد لتخريج الخطباء والوعاظ والدعاة وإعطائهم الأولوية في تولي مهام الخطابة والاهتمام بتحسين أوضاعهم المادية، ولا جديد في مطلب تخريج علماء نوعيين قادرون على التصدي للانفلاتات الدينية الهامشية، ومنها انفلاتات الحركات الإسلامية، وما بين 1988 و1991، سيتم توقيف مجموعة من خطباء الجمعة لأسباب وصفت ب"الحفاظ علي المذهب المالكي والوقوف في وجه بعض التيارات الواردة من بعض دول المشرق العربي"، ويقصد بها بالدرجة الأولى المد السلفي الوهابي وبدرجة أقل المد الشيعي.
شكل ظهور الحركة الإسلامية بالمغرب في النصف الثاني من عقد السبعينات هاجسا للنظام السياسي قصد تفعيل دور رابطة علماء المغرب، خاصة بعد تنامي المد الأصولي وإقدام بعض عناصر من الشبيبة الإسلامية بقيادة عبد الكريم مطيع على اغتيال المناضل الاتحادي عمر بن جلون في 18 دجنبر 1975، وتسطير مخطط يرمي إلى تصفية مجموعة من الوجوه السياسية البارزة، وقبل هذا الحادث نشر المرشد الحالي لجماعة العدل والإحسان عبد السلام ياسين رسالة مفتوحة إلى الملك الراحل تحت عنوان "الإسلام أو الطوفان"، وهي الرسالة التي توجت باعتقال ياسين وإيداعه بأحد المستشفيات بدعوى إصابته باختلالات عقلية، ولم يقتصر تنامي هذا المد على المغرب، بل ميز العديد من المواقع الممتدة من المحيط إلى الخليج بفعل تأثيرات انتصار الثورة الإسلامية الإيرانية بقيادة الخميني وتراجع الخطاب الماركسي والقومي وتدفق أموال البيترودولار على العديد من الأقطار العربية.
استمرت الأمور كما هي عليه، إلى غاية الإعلان عن إقالة أقدم وزير أوقاف بالمغرب، دون أن يفلت من تلقي اتهامات عديدة في تحمل المسؤولية الدينية وراء التخبط الذي شهده المجال الديني في المغرب خلال العقدين الأخيرين، وهي الفترة حسب الباحث.إدريس ولد القابلة المؤسسة لما يعيشه المغرب حاليا في جانب الحقل الديني، باعتبارها نتاج طبيعي لسياسة وزير الأوقاف والشؤون الدينية السابق الذي سعى لمواجهة تيار الشبيبة الإسلامية بعد أن ساهم بقوة في بروزها لمواجهة الحركة الماركسية اللينينية المغربية، وحسب الباحث.منتصر حمادة فإن تأثير المذهب السلفي الوهابي لم يقتصر فقط على إنتاج وعاظ وخطباء يشتغلون في المساجد التي تقع تحت رقابة الوزارة الوصية أو في مساجد الهامش، وإنما امتد إلى "تفريخ" فاعلين إسلاميين جدد، يجسدون لوحدهم "مجالا دينيا مضادا" للمجال الديني الذي تحتكره الدولة وما أحداث 16 ماي2003 سوى تحصيل حاصل لنتائج هذه السياسة المتبعة بعشوائية متناهية، أما د.محمد ضريف، فيرى أن هناك من جهة تداعيات وجود مجال ديني مضاد ومشاكس، لم يتردد بعض أعضائه في القيام باعتداءات الدار البيضاء، دون الحديث عن "الإسلاميين المشاكسين" في الحقل الديني الشرعي، والذين خفت صوتهم بعد المستجدات الأخيرة، ووصل الأمر بالعديد منهم إلى تقديم أوراق علنية في النقد الذاتي، ثم هناك التورط شبه المسلم به للعديد من الإسلاميين المغاربة في شبكات توصف بالإرهابية في اعتداءات مست مناطق عدة من المعمور، ابتداء من اعتداءات 11 شتنبر 2001 مرورا باعتداءات مدريد والقاهره والمغرب ولندن الأخيرة، وهناك أخيرا، وليس آخرا، تواضع أداء علماء السلطة، بدليل النقد الملكي الصريح الذي لم يتردد في الحديث عن "إخراج رابطة علماء المغرب من سباتها العميق". وقد نترجم إسقاطات السبات في غياب اجتهادات فقهية أنتج اجتهادات مضادة صادرة عن الحركات الإسلامية، لم تتردد في المساس بالشرعية الدينية، وبالتالي السياسية للملك، ونضيف فوق هذه المعطيات تبني بعض المقربين للملك في الشؤون الدينية لخيار الاستئصال ضد الحركات الإسلامية الجهادية، من جهة ثانية، وهذا ما يعتبر مستجدا فعلا، ليس في المغرب وحسب، ولكن في ربوع العالم العربي، حيث بدأ الحديث منذ تصاعد الاعتداءات الإرهابية عبر مختلف أرجاء المعمور وفي أعلى أجهزة الدولة عن توصل السلطة بورقة أمريكية حول الإصلاح تحمل عنوان "الإصلاح الديمقراطي والاقتصادي" تتجاوز خطوطها العريضة "مشروع الشرق الأوسط الكبير"، وترتكز على خمس محاور، منها محور "الإصلاح الديني" الذي يمر حسب الورقة عبر الانطلاق من مذاهب إسلامية معتدلة، ومن بينها المذهب المالكي، بل هناك حديث في الورقة عن "المالكية" (malékisme) المميزة لمنطقة المغرب العربي، لمواجهة السلفية الوهابية الجهادية، وهي ورقة قيد الدراسة والتقييم الآن.

إعادة هيكلة الحقل الديني بالمغرب

أمام مختلف التحولات العالمية والإقليمية، وجد النظام المغربي نفسه مضطرا إلى الاهتمام أكثر بمكونات المجال الديني، باعتباره المجال الذي ضمن إجماع واعتراف واستمرار للنظام عبر أحلك الفترات، وأدركت السلطات أن الحقل الديني تخترقه تناقضات بنيوية، وأن مواجهة التيار السلفي الوهابي في صيغته المتشددة لا يمكن أن يتم عن طريق الأحزاب السياسية أو الجمعيات الديمقراطية والحداثية؛ أي انه لا يمكن – محمد ظريف- مواجهة فاعل ديني بفاعل ينتمي إلى حقل آخر وهو الحقل السياسي، بل لا بد من أن يكون الفاعل الذي يساعد على وضع حد للتطرف منتميا لنفس الحقل.
فعملت على الرفع من مستوى نخبتها المكلفة أساسا بترجمة المفهوم الجديد للسلطة الدينية وتحديث آليات عملها المادية والبشرية والعلمية وتطوير الخطاب الديني بالشكل الذي يؤهل الساهرين على تكريس الأمن الروحي للمملكة، والعمل على تأطير الشأن الديني ومحاربة الفراغ القاتل، ويؤهل المغرب بالتالي للحفاظ على إسلامه المبني على أساس من اختياراته المذهبية والسياسية بعيدا عن تأثيرات الشرق وكل التصورات الصادرة عنه.
ومن جهة أخرى، عمل النظام على نهج سياسة جديدة نحو الجماعات الإسلامية، ولو بشكل غير مباشر، إذ نلاحظ أن الإسلاميين لعبوا دورا أساسيا في دفع السلطة إلى انتهاج سياسة دينية كانت في البداية تسعى إلى إقصائهم، ولكن في الوقت الحاضر خاصة بعد اعتداءات 16 مايو 2003 فهي تسعى إلى الاستفادة من خدماتهم في محاولة لاحتواء التيار السلفي الوهابي، فلا يجب أن ننسى أننا أمام تحكم الاعتبارات السياسية في الحقل الديني وهو شيء يجب التسليم به، باعتبار أننا نتحدث عن سياسة دينية، وما دمنا نتحدث عن سياسة دينية فذلك يعني أننا نتحدث عن محاولات لوضع تصورات وتخطيط لضبط المجال الديني ليخدم أهدافا معينة، وهنا نكون حتما في قلب الممارسة السياسية، وهي نتيجة منطقية لكون السياسة العامة في المغرب قائمة على فكرة المركزية، وهي أن يكون الدين في خدمة الدولة، بمعنى آخر أن يكون الدين في خدمة السياسة. وهذا هو جوهر ما يسمى بالإسلام الرسمي أو الإسلام العلماني، حسب مختلف الدراسات والأبحاث ذات الصلة.
بالنتيجة إلى ذلك، تمت إقالة الوزير المعمر طويلا في الوزارة الوصية، وتعويضه بتعيين أحمد التوفيق، تعيين قرأ على أنه إقرار رسمي بتبني ما يشبه نهجا جديدا في التعاطي مع الحقل الدين.
بإبعاد المدغري والإبقاء على مجموعة الظل بقيادة عباس الجراري وبعد قدوم الوزير الجديد، سوف يتم الاشتغال على إعداد ورقة تنظيم الحقل الديني قبل صدمة اعتداءات الدار البيضاء، هذه الأخيرة التي ساهمت في التعجيل بصدور مشروع أحمد التوفيق للوجود، وكما ساهمت في الوقت ذاته في إضافة تعديلات في بعض الخطوط العريضة للاستراتيجية، ويرى البعض انه بإعفاء الفقيه من تدبير الشأن الديني وتعيين المؤرخ والصوفي على رأس مؤسسة الأوقاف والشأن الديني، وهو المنتمي إلى الطريقة الصوفية المعروفية "البودشيشية"، ثم بعد إلقائه درسا حسنيا يتحدث فيه عن الصوفية ومدى ارتباطها بآل البيت، أدرك الجميع فحوى الرسالة التي تريد السلطة أن تبلغها إلى كثير من الجماعات، أضف إلى ذلك تصريحات الوزير الصوفي الذي ما فتئ يؤكد أن الشخصية المغربية تقوم على ثلاثة أبعاد: العقيدة الأشعرية، والمذهب المالكي، والتصوف على طريقة الإمام الجنيد.

وبذلك يكون المغرب قد انتقل في تدبير الشأن الديني إلى تجربة أخرى من مواصفاتها التدبير الثقافي والفكري الذي يوسع دائرة المباح ويرفع من سقف الحرية واحترام العقل الإنساني دون أن ينقص ذلك من حرارة الإيمان، بدل المنطق الفقهي الذي تنقبض معه دائرة المباح ويتسع التوجس من العقل والحرية، دون أن يزيد ذلك من حرارة الإيمان شيئا،
وينخرط مشروع إعادة هيكلة الحقل الديني بإعادة تفعيل دور العلماء من خلال إعادة النظر في طبيعة تنظيماتهم، باعتبار أن فعالية العالم في الحقل الديني مرتبطة أساسا بمدى ما يتمتع به من حرية واستقلال والقدرة على أخذ المبادرة
ويندرج هذا الإصلاح من خلال استراتيجية ذات أمد قريب وأخرى بعيد، فالاستراتيجية ذات الأمد البعيد تركز على إعادة هيكلة الوزارة بالشكل الذي ينسجم مع انفتاح المجتمع على ذاته وعلى الآخر، ويضمن للأمة الأمن الروحي والثقافي والسياسي، وذلك من خلال البحث عن كفاءات ثقافية وتربوية وسياسية ودعوية لتكليفها بمهام تدبيرية لإدارة الشأن الديني جهويا ومركزيا، ومنفتحة على جميع الفعاليات الثقافية والسياسية والاجتماعية والتقنية والإدارية لخلق منتوج ثقافي وخدماتي يعمل في اتجاه توفير الأمن الروحي والثقافي، وتوحيد قدرات المغاربة الفكرية والعقلية من أجل بناء خطاب إسلامي يستجمع أغلبية الحساسيات الفكرية والدينية، ويتوافق مع الاختيارات التي أجمع عليها المغاربة ودافعوا عنها بكل غال ونفيس دون تفريق بين ما هو ديني وما هو وطني،
هذا وبالإضافة إلى عملية إعادة النظر في التنظيم الداخلي للوزارة فإن إعادة هيكلة الحقل الديني تطلب اعتماد سياسة التأطير كوظيفة أساسية، وهي الوظيفة التي يضمنها المجلس العلمي الأعلى الذي تم تطويره ودعمه بكتابة عامة مهمتها التنسيق والمتابعة، تضلع وتقوم بها كذلك المجالس العلمية المحلية التي أعيد تنظيمها أيضا بظهير شريف تم بموجبه تغيير ظهير 18 أبريل 1981، وقد هم هذا الإصلاح بالخصوص اختصاصات هذه المجالس، وكذا إعادة النظر في تركيبتها بهدف تمكينها من القيام بدور فعال في مجال التأطير ومواكبة متطلبات التطور والحداثة، طبقا للتوجيهات التي جاء بها خطاب الملك بمناسبة مراسيم تنصيب المجالس العلمية في تطوان يوم 15 دجنبر 2000، كما أن اختيار امرأة عضوا في المجلس العلمي الأعلى ونساء أخريات في المجالس العلمية المحلية يدشن لعهد جديد يتمكن فيه العالمات من شغل أماكنهن المستحقة تماشيا مع ما اكتسبنه من معرفة في مجال الفقه والوعض والإرشاد، وبغض النظر عن كفاءة أعضاء المجلس العلمي الأعلى الذي ينظر في القضايا التي يحيلها عليهم جلالة الملك، ويقوم بمهمة التنسيق بين المجالس العلمية المحلية، فإن المجلس يعتبر سلطة عليا في مجال المعرفة والممارسة الدينية، والتي تمكن من السهر على "الأمن الروحي" للمسلمين وفق تعبير الخطاب الملكي، ويعهد إليه لوحده اختصاص تقديم آراء استشارية بخصوص الفتاوى، تحت السلطة العليا للملك باعتباره أميرا للمؤمنين. وهي المهمة التي وضع من خلالها حدا لكل محاولة لسلطة التفسير من طرف علماء آخرين قد تخلق اضطرابا اجتماعيا. أما المجالس الجهوية للعلماء فتعتبر بمثابة امتداد للنفوذ الترابي للمجلس الأعلى في القيام بمهمة التأطير وتدعم المهمة الإدارية للمندوبين الجهويين، وتترجم هذه الوظيفة التأطيرية عن قرب، من خلال التأطير المحلي لحملات محو الأمية في المساجد، والإشراف على الأئمة والخطباء، والوعاظ والسهر على تكوينهم المستمر.
ويشير تقرير للمجلس الأعلى العلمي على انه سواء تعلق الأمر بالإدارة المركزية والمصالح الخارجية للوزارة أو دور المجالس (المجلس الأعلى والمجالس المحلية)، فإنه يتعين النظر لعمل إعادة الهيكلة على أنه مجهود يهدف إلى تكليف المصالح العمومية للعبادة مع متطلبات الحداثة، وعقلنتها من أجل تنقيتها من الشوائب والعمل في اتجاه ممارسة هادئة لحرية العبادة.
أما الاستراتيجية الأخرى ذات الأمد القريب، فتمثلت في العمل على الصعيد الإعلامي من أجل إعطاء إشارات عن حسن النية في بناء إقلاع إعلامي ديني يعيد الاعتبار للوزارة عبر الوسائل السمعية ـ البصرية، من خلال أولا التخلي عن بعض البرامج الدينية وخلق برامج جديدة بتصور متنور من حيث الشكل والمضمون، وخير مثال على ذلك التخلص من برنامج الإفتاء الأسبوعي الذي تعرض للعديد من الانتقادات باعتباره يسوق ضعف الإنتاج الفقهي والفكري للوزارة، والذي كان يعطي الانطباع بشيخوخة المدرسة المالكية في المغرب، وعدم قدرة علمائه على الاجتهاد في غير تلك المواضيع، بحيث لا يبدعون إلا في إنتاج خطاب الموت والطهارة والتركة، أما ثانيا فهو السعي نحو إنتاج برنامجين يوميين طيلة خمسة أيام في الأسبوع: الأول بعنوان "من سنن الرسول صلى الله عليه وسلم"، والثاني بعنوان "بصائر من القرآن" من المفروض ـ في كل منهما ـ أن ينتج خطابا يعكس مواصفات المرحلة.
أما التحدي الأخر فيتمثل في دار الحديث الحسنية ومسألة الإصلاح لتكون أنشطتها العلمية رسالة رامزة إلى حركية في التجديد المنهجي والفكري، والانخراط في مسلسل الإصلاح لترصين البنية التحتية الثقافية للمنظومة الدينية والثقافية بالمغرب، للاعتبارات كونها من المؤسسات العليا في البلاد التي ساهمت بقوة وبإخلاص في تكوين نخبة من العلماء والمفكرين الذين بصموا مدرسة الفقه والفكر الإسلاميين في هذه الربوع المالكية بطابع الوسطية والاعتدال والنزوع نحو توفير شروط الأمن الروحي والاجتماعي.
ويرى بعض الباحثين أن هذا التوجه الجديد لا يمكن أن ينجح إلا بإدماج الفعاليات الإسلامية القادرة فعلا على تأطير الشارع، والتي يحظى خطابها بنوع من المصداقية، فنجاح الإستراتيجية الدينية رهين بحضور القوى الدينية الشعبية في أفق إحداث مصالحة بين الخطاب الديني الرسمي والخطاب الديني الشعبي، وفي هذا السياق يرى د.محمد ضريف أن إشراك بعض الفعاليات المنتمية إلى حركة التوحيد والإصلاح في تركيبة المجلس الأعلى للعلماء والمجالس العلمية المحلية هو بداية تطبيق لهذا التصور، كما اعتبر البعض أن الخطاب الملكي حول إعادة هيكلة الحقل الديني يحمل مضامين سياسية واضحة، وأهم مضمون سياسي هو رغبة الملك كأمير للمؤمنين في احتكار المجال الديني من خلال احتكار الفتوى، باعتبار أن هناك تصورا رسميا سائدا يعتبر أن تصدي بعض العلماء للفتوى والذين لا ينتهجون خط الدولة هو المسؤول عن حدوث بعض الانزلاقات التي ترغب السلطات العمومية في تفاديها، وأهم مظهر من مظاهر التأميم هو محاولة ضبط الحقل الديني انطلاقا من منطق مركزي، أي يركز جميع الصلاحيات الدينية وفق هرمية شديدة، ولعل احتكار مسالة الفتوى من قبل الملك كأمير المؤمنين هو أهم مظهر من مظاهر هذا الاحتكار، إضافة إلى الرغبة الشديدة في مراقبة المساجد ومنح هامش ضيق للخطباء على مستوى أداء مهامهم.
واذا سلمنا بهذا الطرح فان السؤال المشروع هنا هو: هل بالفعل تتوفر السلطة على الآليات والوسائل الكفيلة بتأمين هذا الاحتكار؟ خاصة أن الخطاب الملكي وإن كان يحاول التذكير بهذه الحقيقة إلا أن تشكيلة المجالس العلمية تشير إلى غير ذلك من خلال ما سبقت الإشارة إليه والمتمثل في إشراك فعاليات المنتمية لجمعيات إسلامية كانت تناوئها السلطات العمومية سابقا، وهل سيتم نسج تحالف استراتيجي مع الجماعات الإسلامية لنجاح هذا الإصلاح؟ – كما يؤكد العارفون بذلك- وأخصوا بالذكر جماعة العدل والإحسان، والحال أن التحالف المرجو يمر بالضرورة عبر اعتراف الدولة بخدمات الجماعة التي قدمتها طيلة عقود من الزمن، وكيف يتم ذلك والجماعة غير معترف بها رسميا من أصل؟، هذه الأسئلة وغيرها تظل الهاجس الأساسي من اجل تحقيق هيكلة حقيقية تروم الإصلاح والاعتدال بعيدا عن العاصفة العالمية ذات العصبية الدينية./.



#كمال_الهشومي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حتى لا يتكرر هذا، دور مؤسسة المجتمع المدني في تحصين الشباب م ...


المزيد.....




- نزلها عندك.. نزل تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على الأقما ...
- شاهد: طائفة السامريين اليهودية تقيم شعائر عيد الفصح على جبل ...
- سيدة بريطانية يهودية تفضح محاولات وسائل الإعلام والسياسيين ف ...
- تونس: قرض بقيمة 1.2 مليار دولار من المؤسسة الدولية الإسلامية ...
- تونس تقترض 1.2 مليار دولار من -المؤسسة الدولية الإسلامية-
- مسيحيو السودان.. فصول من انتهاكات الحرب المنسية
- -لم توفر بيئة آمنة للطلاب اليهود-.. دعوى قضائية على جامعة كو ...
- البنك الاسلامي للتنمية وافق على اقتراح ايران حول التمويلات ب ...
- استباحة كاملة دون مكاسب جوهرية.. هكذا مرّ عيد الفصح على المس ...
- قائد الثورة الاسلامية سيستقبل حشدا من المعلمين 


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - كمال الهشومي - الحقل الديني بالمغرب/ الكرونولوجيا واعادة الهيكلة