أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ياسر أبو المعالي - عش الحمام














المزيد.....

عش الحمام


ياسر أبو المعالي

الحوار المتمدن-العدد: 1447 - 2006 / 1 / 31 - 09:02
المحور: الادب والفن
    


اعتدت الجلوس في ركن منها لأستريح كلما شعرت بيأس من تعب وهموم الحياة بعيدا عن قسوة الوضع الدامي الذي قهرني وأحزنني كما أحزن الملايين من شعبنا المقهور، أستريح في ذات المقهى كلما أدركت بأن التيار الجارف الذي يدفع بالوطن الى الهاوية اقوى مني, جلست وحدي أتأمل تفاصيل وملامح الجالسين حولي هنا وهناك وأفكر مليا بما آل إليه الوطن من تردي وعجز، أراقب بحذر حركة الشارع غير المستقرة، تلك المقهى تشعرني، بدون أن أدري، بالسعادة والفرح ولو للحظات وتعيد لي شريط الذكريات الجميلة التي مضت، وتخرجني من هموم المدينة المتعبة التي فكرت أكثر من مرة هجرانها ومغادرتها بعيدا خلاصا وانعتاقا من ازماتها المستمرة، تلك هي بغداد عاصمة الوطن الجريح، بغداد التاريخ و الأحلام، وفي مقهاي استطيع ان أمسك بالقلم وأكتب ما يجول بخاطري من أفكار وأترجم أحيانا ما يكون عصيا على البال، وأحلق في افق سماء لا أجد سوى بعض الطيور الجميلة وهي ترتفع في الأعالي ولا تعرف طريقا للخوف والقلق، أحقق معها حالما أجمل تطلعاتي التي هي أقرب الى الخيال وأنشد طموحاتي البعيدة المنال، يسحرني مشهد الطيور وهي تصفق باجنحتها عائدة الى عشها الساحر الكائن فوق خزان الماء الذي يحتل مكانه في أعلى احد السطوح السكنية المقابلة للمقهى، تلك هي سعادتي عندما أتأمل بيت الطيور وقد سكنته أجيال عديدة ومتوارثة من أزمنة مختلفة، طيور من نوع خاص أبت إلا أن تتمسك بهذا العش صرحها الصغير بالرغم من قسوة ليالي الشتاء الطويلة والباردة، وشدة مناخها القارس والمظلم لكنها تعي جيدا بأن النهارات والليالي الدافئة ستولد لا محالة من رحم هذه الليالي المظلمة والقاسية بعد كل شتاء قارس، وستشرق شمس الربيع بخضرته الزاهية، وسيبزغ فجر جديد يحمل معه نسائم الحرية عندها تحلق الطيور عاليا وهي تنعم بالحرية وبالحب وبالأمان، وتستحضر باسمة قاسيات الليالي الصعاب كتجارب وعبر تحكيها إلى صغارها وهي نشوى.
وبينما كنت طائرا بأجنحة أفكاري وحالما بالنيابة عن الطيور قاطعني دوي الانفجارات وهو يشعل سماء بغداد بالدخان وصوت القنابل والرصاص من كل صوب وحدب، يوازي ذلك أصوات سيارات الحرس الوطني وهي تشق مسامع الآذان في كل مكان ، أطلق الناس عنان أقدامهم للريح فمنهم من هرب خوفا خلاف مصدر الانفجارات ومنهم من سارع باتجاهها من أجل أن يتفقد الضحايا، هكذا يتكرر المشهد كل يوم ويزور الموت بيوت الاحبة الواحد تلو الاخر، يعانق بصري من بعيد دماء الأبرياء وهي تراق على الارض بلا ذنب ولا خطيئة سوى انهم يرومون العيش بسلام وحرية وأمان، تماما كالطيور الجميلة التي لم تعد تستوعب تصرف الانسان تجاه أخيه الأنسان بهذه الوحشية ولسان حالها يردد ما أنشده الشاعر أبو القاسم الشابي :
تتغنى والصقر قد ملك الجو والصائدون السبيلا ... تتغنى وعمرها بعض عام أفتبكي وقد تعيش طويلا
عجبت لصمود تلك المخلوقات الصغيرة وهي تتمسك بأعشاشها الصغيرة، تنشد وتغني فرحا بالرغم من كل المخاطر التي تحيط بها، أدركت لحظتها سر سعادتي مع تلك المقهى المقابلة لعش الحمام، فتمسكت حبا بالوطن



#ياسر_أبو_المعالي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ياسر أبو المعالي - عش الحمام