فرحان الخليل
الحوار المتمدن-العدد: 1445 - 2006 / 1 / 29 - 12:18
المحور:
الادب والفن
من البديهي والطبيعي أن نقول: أن المسرح حالة حضارية وثقافية بامتياز , ولكي نصل إلى المغزى الحقيقي لهذه المقولة كان لا بد من خلق حالة مسرحية منذ الطفولة لكي يعتاد المشاهد لهذا النوع من أنواع الفنون الراقية , وقد سعت وزارة الثقافة مشكورة لتكريس ظاهرة مسرح الطفل ودفعت مقابل ذلك أموالا ً كبيرةً لكي يرتقي المسرحيون إلى مستوى تفكير الطفل خاصة ونحن دخلنا الألفية الثالثة .
لكن الحاصل عبر المشهد المسرحي في سورية بالعموم وفي اللاذقية بالخصوص يجري عكس المقولة التي ذكرتها في بداية المقال . وهنا أريد أن أتناول الواقع المسرحي الطفلي في اللاذقية على وجه التحديد .
أ - مسرح الطفل في المسرح القومي :
قام المسرح القومي في تقديم عدد قليل جدا من المسرحيات التي تخص مسرح الطفل , ولكن من المؤسف أن سوية هذه الأعمال دون المستوى المطلوب على الصعيد الفني والتربوي والقيمّي , حيث أن بعض هذه الأعمال قد أهمل الحالة الأساسية التي ينشدها هذا المسرح وهو المشاهد( الطفل ) ونستثني من ذلك عملين فقط وهما ( ليلى والذئب ) للمخرج كمال قرحالي و ( سندريلا ) للمخرجتين سوسن عطاف و صفاء محمود .
ب- مسرح الطفل في المنظمات الشعبية :
1 : طلائع البعث في اللاذقية : هذه المنظمة والتي تعنى في تربية الطفل على الصعيد الوطني والثقافي والفني , ومن الطبيعي أن المسرح يحقق كل ما ذكرت , ولكن لوحظ أن كل ما تقدمه وما يهمها أن تقدم أعمالا مسرحية مهرجانية , وأن تسجل نشاطا يبرئ القائمين على المسرح من الإهمال , ويحفظ لهم في السجل مشاركة فقط , ولكن ما هي هذه المشاركة , وما هي السوية الفنية والفكرية والتربوية فهذا كله لا يهم !!! مع علمي أن هناك كوادر وطاقات فنية مسرحية من المعلمين الموجدين في مديرية التربية لهم باع طويل وخبرة لا يستهان بها لو أرادوا استغلالها , وعلى سبيل المثال وليس الحصر ( صفاء محمود – نجاة محمد – سوسن عطاف – شاكر شاكر – تغريد الشعار الخ ... )
2 : إتحاد شبيبة الثورة :
وهي منظمة نعنى بالمسرح للمرحلة الأكثر خطورة وهي مرحلة المراهقة , فهي تقدم أعمالا مسرحية طفلية ذات سوية غاية في الرداءة , همّها الربح بأي شكل ولو كان على حساب الطفل إذ تتعاقد مع أشخاص لا يمتون للمسرح بصلة إطلاقا – كانوا البارحة ممثلين كومبارس واستيقظوا بعون الله مخرجين – كيف لا ندري ؟؟؟؟ منهم مثلا احمد عاشور ومصطفى نور الله ونضال عديرة وغبرهم من جهابذة المسرح .
ج – مسرح الطفل في المركز الثقافي في اللاذقية :
وهذا المسرح التابع لوزارة الثقافة والذي من جملة واجباته الثقافية العناية بالطفل فكرا وفنا , والذي استهل باكورة أعماله للمخرج المتخصص بمسرح الطفل باللاذقية – كما ادعى - هاني محمد والذي قدم أعمالا ذات غاية في الرداءة على كافة الأصعدة الفنية والتربوية , وكان هدفه الأساسي هو جمع المال بأي طريقة , وقد ساعده على ذلك المسرح القومي في اللاذقية , حيث قدم له كل التسهيلات من الصالة وحتى الديكور حتى صدق نفسه بأنه مخرجا مسرحيا وعلاوة على ذلك متخصصا في مسرح الطفل حتى صار يصول ويجول وكما يقول المثل العامي ( جحا كذب كذبة وصدقها ) وبعد أن كشفت أوراقه في مديرية الثقافة واستبعد فضاقت به الدنيا إلى أن حط رحله في منظمة شبيبة الثورة متنقلا من رابطة شبيبية إلى أخرى مقدما تحفه الفنية للطفل الذي لا يراه هاني محمد إلا خمسة وعشرون ليرة ولا يراه طفلا إطلاقا إذ يقدم له هذه الأعمال والتى تسيء لذوقه وروحه , وآخر ما قدمه من درر مسرحية ( الجاجة البياضة ) مقدما من خلالها نموذجا رائعا في الإخراج وتقنية بيع عرضه المسرحي من خلال تقنيته في بيع البطاقات واستغلال الطفل وعندما شعر مخرجنا المختص أنه أفلس على الصعيد الفني وخاف أن يفلس على الصعيد المادي فكر بمخرج آخر فكانت جمعية أسرة الطفل فهي البديل الأمثل والأفضل للتجارة بالطفل والطفولة تحت غطاء مؤسسة إجتماعية ذات طابع رسمي , وهنا أطرح سؤالا على مؤسسة الشؤون الاجتماعية والعمل , كيف تعطي ترخيصا دون العودة إلى مرجعية معرفية للشخص الذي تمنحه هذا الترخيص وخاصة لجمعية مختصة بشؤون الطفل مؤسسوها لا يمتون إلى المعرفة العلمية لعلم نفس الطفل والأكاديمية المتخصصة فنيا بالمسرح عموما وبمسرح الطفل خاصة , علما أن بداية أعماله كانت تبشر خيرا , وبعد اطلاعي علمت أن الفنان شاكر شاكر كان وراء بعض النجاحات خاصة في مرحلتي الإعداد و الإخراج , وهذا من دواعي استغرابي وعتبي على الفنان شاكر كيف يعمل مع هكذا شخص يدّعي معرفة المسرح ؟؟؟؟؟؟ .
تعقيب أخير :
هناك على صعيد المسرح الخاص والتجمعات الفنية والتي قدمت مسرحا للأطفال كانت أعمالا ذات أهمية واضحة ويجب علينا عدم إغفالها مثل ( الساحرة وبنت الطحان ) للمخرج الأستاذ حسين دروبي و (حكايا الأجداد ) من إخراج الفنان الأستاذ سعيد وكيل هذا المخرج الذي يعرف كيف يختار نصا جيدا يخص الطفل , كما يجب أن لا ننسى التجربة اليتيمة والوحيدة التي قدمها الفنان المخرج المتألق حسن عكلا في مسرحية ( الشاطر حسن ) والتي حوربت من بعض المسرحيين في هذه المحافظة .
وأرجوا من المعنيين بمسرح الطفل أن لا يغيب عن أذهانهم أن الطفل هو الغاية والهدف وأستشهد بقول الأب الخالد حافظ الأسد ( هؤلاء الأطفال أمانة في أعناقكم فحافظوا على هذه الأمانة ) ( فرحان الخليل )
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟