أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - عبد العزيز بومسهولي - نهاية الأخلاق وولادة الإنسان الجديد















المزيد.....



نهاية الأخلاق وولادة الإنسان الجديد


عبد العزيز بومسهولي

الحوار المتمدن-العدد: 1443 - 2006 / 1 / 27 - 10:04
المحور: مقابلات و حوارات
    


أجرى الحوار : عبد الصمد الكباص

بصدور كتابه "أخلاق الغير : نحو فلسفة غيرية " يواصل المفكر المغربي عبد العزيز بومسهولي مشواره الفلسفي المتتبع للمؤديات الأنطولوجية والايطيقية لهيمنة التقنية والتحولات التي كرستها في صميم النظام الأخلاقي . وهو المسار الذي رسم كتابه " الأسس الفلسفية لنهاية الأخلاق" عتبته الأولى.
لا يتردد الأستاذ عبد العزيز بومسهولي في اعتبار أن تأسيس مجتمع إنساني منفتح رهين بكونية تؤسس الغيرية مبدأها الإيطيقي و الفرد قاعدتها الوجودية . ومثلما اقترح في كتابه "الأسس الفلسفية لنهاية الأخلاق" مفهوم ""المبدأ الايطيقي المحايث" الذي وجد فيه بديلا لأخلاق الإكراه اقترح في كتاب " أخلاق الغير" مفهوما للذات كغيرية مضاعفة .
في هذا اللقاء يناقش المفكر عبد العزيز بومسهولي رئيس مركز الأبحاث الفلسفية بالمغرب إشكاليات نهاية الزمن الإنساني وهيمنة الزمن التقني وولادة الإنسان الجديد ومكر التقنية وتحقق الغاية والإشباع الكوني واستعادة الجسد ..
أصدر عدة أعمال فكرية في مقدمتها "الشعر والتأويل" سنة 1998 والأسس الفلسفية لنهاية الأخلاق سنة 2001 والشعر والزمان والوجود سنة 2001 و "الفكر والزمان " بالاشتراك سنة 2002 و أفول الحقيقة بالاشتراك سنة 2004 و "أخلاق الغير نحو فلسفة غيرية سنة .2005











س : في نهاية الأخلاق " قلت أن الإنسان قد غدا كائنا انتهى زمانه " هل معنى هذا أن هذه النهاية تؤسس لبداية إنسان جديد بلا زمان ؟ وهل عصرنا هذا هو التتويج الحضاري لهذه النهاية ؟
ج : في الكتاب الذي أشرتم إليه وقد ثم إصداره قبل سنتين , خلصنا إلى أن الإنسان قد غدا كائنا انتهى زمانه , ولم نكن نعني سوى اقتراب الكائن الإنساني من تحقيق غاياته الايطيقية , المتمثلة في الاعتراف الكوني الشامل بحقوقه, ذلك الاعتراف المؤسس لأخلاق المسؤولية التي يشعر بها الفرد تجاه الآخر , كما تحس بها الدولة تجاه مواطنيها , وكما يشعر بها المجتمع الدولي تجاه الكائنات الإنسانية التي نالت اعترافها بحقوقها , وغدت معنية بحماية هذه الحقوق من أية نزعة استبدادية للدولة التي لا تحترم مبدأ كونية حقوق الإنسان بدعوى الخصوصية والحفاظ على الهوية , وحمايتها من أية نزعة ارتكاسية تستعيد القيم الموروثة من أجل إعاقة القيم الكونية , أو من أية نزعة جمعانية تقوم على مبدأ نفي الخاصية الفردية للإنسان , باعتبارها ذات أولوية ايطيقية مؤسسة لحق الفرد في أن يكون ذاته متمايزا عن غيريته الجماعية , فالعالم في خضم الكونية يعيش حاليا مرحلة الاقتراب من تحقيق رغبة الأفراد في الاعتراف المؤسس لأخلاقية التعايش في إطار المسؤولية المتبادلة, ورغم ما يبدو من نزعات عرقية ودينية وظهور الموجة الأصولية العالمية التي تدعو إلى أخلاقية ارتدادية تستعيد مفهوم الهوية الصافية والنقية القائمة على المحافظة على القيم الموروثة والتقاليد والعادات القديمة , فإن العالم ما فتئ يغدو يتقارب فيكاد يتأسس على أرضية جديدة تتلاشى عبرها سيادة الدول لصالح السيادة الكونية, وبالتالي فإن رغبة الأفراد الكونية لم تعد تتمثل في حيازة رغبتها الخاصة في الاعتراف بذواتها وتحقيق إرادتها الخاصة , وإنما غدت الرغبة متجهة نحو الإنسان الآخر , المقهور أو المستعبد في ظل أنظمة مازالت لم تتخلص بعد من بعدها الشمولي الإكراهي الذي يجعلها ممعنة في التضييق على الحريات, وإعاقة التحرر الإنساني , وممارسة العنف الجسدي على الأفراد الذين يحرمون من حريتهم الخاصة في التعبير والعقيدة, ومن هنا تبدو المسؤولية الأخلاقية متجلية كونيا في انخراط الأفراد في إطار منظمات مدنية لا تجمعها وحدة الوطن الواحد أو اللغة الواحدة أو العرق الواحد أو الدين الوحيد أو غير ذلك من الروابط سوى رابطة وحيدة هي رابطة الإنسانية , ( منظمة العفو الدولية كنموذج).
إن نهاية الأخلاق بهذا المعنى هي الاقتراب من تحقيق رغبة الأفراد في استحقاق إنسانيتهم واستعادة جوهرهم الإنساني الحر , فالنهاية لا تعني سوى تحقيق الرغبات أو على الأقل تقليصها لتغدو رغبة في حماية الآخر, بمعنى أنها تتحول إلى مسؤولية كونية هدفها ترسيخ القيم الكونية , ولاشك أن هذا التحول السريع باتجاه استنفاذ الرغبة الأخلاقية , أسهمت فيه التقنية التي بقدر ما تحقق إشباع رغبات الكائن البيلوجية والقيمية, بقدر ما تقوم نفسها كتعويض لإدارة الإنسان بإرادة التقنية , ومن هنا فزمان الإنسان يؤول إلى التلاشي , في حين ينبثق زمان التقنية , فبعد تمجيد إرادة الكائن الإنساني الحر باعتباره مركز الكون , وباعتبار ذاتيته الفاعلة , ستعلي التقنية من قيمها المهيمنة, فيغدو الإنسان مشمولا بالتقنية , بمعنى أنه يقع ضحية مكر التقنية, وتدبير التقنية , فالإنسان هنا لم يعد غاية في حد ذاته . كما هو الشأن عند كانط الذي يمجد الكائن الإنساني باعتباره غاية في حد ذاته وباعتباره متحررا من مكر الطبيعة.
إن وقوع الإنسان ضحية مكر التقنية, يعيد طرح مسألة الإرادة الإنسانية المستقلة على المحك , ولا شك أن ولادته الجديدة في العصر القادم لن تقوم إلا على أساس تدبير صراع جديد, لا مع الطبيعة, ولا مع نفسه , مادام مقتربا من المصالحة مع إنسانيته , ولكن مع التقنية .
فنهاية الأخلاق تعني إشباع الرغبة على الأساس الايطيقي للعلاقة بالآخر, لكنها من جهة ثانية تبشر بولادة الإنسان الجديد الذي لن يكون همه النضال من أجل الخير الأخلاقي, وإنما إثبات انفلاته عن الخضوع لتدبير التقنية .
إن هذا الانفلات هو الذي سيعيد من خلاله انكشافه الجديد , باعتباره القوة المضاعفة الفعالة التي ستحول مسار التقنية في تكريس غاياتها المهيمنة , إلى تاريخ جديد أو زمانية مغايرة لإنسان جديد متصالح مع إنسانيته .

* سؤال: إذن فما هي غاية الإنسان الجديد ؟
ج: إن ولادة الإنسان الجديد رهينة بالسيطرة على مكر التقنية, هذه الإرادة التي حولت الإنسان إلى مفعول لها نازعة عنه فاعليته وإرادته في تدبير العالم, وجعله فضاء تنكشف عبره ذاته وتتجلى كقيمة أخيرة للإنسانية.
ففي هذه اللحظة التي يستعيد فيها الإنسان إرادة تدبير الغاية الإنسانية متخلصا من فخ التقنية فإنه سيستعيد وجوده في قلب الحضور , فقد غدا في هذه اللحظة ممتلكا لزمانية مضاعفة, محققا تجليه التاريخي الشامل, عندها لن يغدو الفعل الإنساني مجديا لاسترداد القيم الإنسانية , مادامت متجلية كونيا , بحيث أن النضال والصراع من أجل تلك الغاية غدا منتفيا , فالمستقبل بوصفه رغبة الإنسان في تحقيق إنسانيته أضحى في قلب الحاضر متحصلا فيه, أما الماضي بوصفه المسار الذي يؤرخ لحركة الإنسان من أجل أن يتطابق مع غايته / مستقبله, فقد استحال إلى رأسمال رمزي قيمته ليست في جدواه , وإنما في احتفاظه بسيرة الإنسان وتاريخه الطويل من أجل التحقق كغاية في حد ذاته , كقيمة نهائية جديرة بالوجود في قلب الحضور, معنى ذلك أن انكشاف الإنسان الجديد يقترن بهذه اللحظة التي تصالح فيها الإنسان مع ذاته, متحدا بقيمته بوصفه غاية من أجل ذاتها , مادام قد أشبع رغبته الكونية في الاعتراف وفي الكرامة , وما دام أنه انكشف كغاية غائية لا تندر وجودها من أجل غاية مؤجلة في ما وراء العالم . وإنما وجودها من أجل تحققها العيني في صميم الوجود الحي, ومن هذا المنظور فغاية الإنسان الجديد لن تغدو مفارقة مرتبطة بعالم منفصل , ولن تغدو مؤجلة , ما دام أن لحظة ولادة الإنسان الجديد استحالت فيها الغاية إلى حضور , وإنما ستضحي شهادة تؤكد تجلي الإنسانية في لحظة التحام الإنسان بذاته وتفرغه للاستمتاع بالحياة , وحقه المشروع في الاهتمام بجسده باعتباره قيمة احتفالية ملتحمة بالحياة , لا غاية أخلاقية له سوى أن يكون وفق ما هو عليه , وها هو جدير باستحقاقه متخلصا من تاريخ نسيان الجسد واحتقاره في خضم الصراع الطويل .
إن استحقاق الجسد في الكينونة هو مؤشر ولادة الإنسان الجديد , إنسان المستقبل الذي لا يتطلع إلى مستقبل آخر سوى انشغاله بذاته وانهمامه بجسده وتطويره بعيدا عن تبكيت الضمير, وتحقير الذات .
سؤال : هل معنى ذلك أن الإنسان الجديد لا يعني شيئا آخر , غير تحقق الغاية التي كانت تبدو في العصور السالفة شيئا متلفا أو بصيغة أخرى هل يشكل الإنسان الجديد وعد الأزمة السحيقة ؟
ج : ليس معنى الإنسان الجديد, أو المفترض أن يكون جديدا و لكن المقصود هو تشكيل تصور عن الإنسان المستقبلي الذي سيكون بمثابة التعبير الايطيقي لتحقق الغاية التي كانت تبدو في الماضي متلفة باستمرار .
-بمعنى أن ولادة الإنسان الجديد هي لحظة التحقق المضاعف للغاية الإيطيقية , فهي لم تعد رغبة مستقبلة مؤجلة باستمرار كما هو حال الإنسان القديم, إن الفرق قائم على مستوى التطابق بين الرغبة والغاية , ففي حالة الإنسان القديم تنهض الأخلاق على ما يجب أن يكون, أي بين ما هي عليه طبيعة الإنسان وما يجب أن يكون عليه هذا الإنسان من طبائع مضافة تشكل مجموع أو جملة القواعد الأخلاقية التي تحدد معايير السلوك الأخلاقي للإنسان, وهذه المعايير رهينة بغاية أخلاقية تتصور البعد الإنساني في اكتماله أو اقترابه من الكمال الأخلاقي, لكن غالبا ما تقترن تلك القواعد الأخلاقية المشروطة بجملة من الأوامر والنواهي بما يحول دون اقتراب الإنسان من غايته , فيتحول الشرط الأخلاقي لا إلى عامل محفز نحو تحقيق الغاية المستقبلية للإنسان وإنما إلى عامل نكوصي يربط الإنسان بماضيه أكثر مما يحفزه على التطلع نحو مستقبله , وهكذا تغدو هذه الأخلاق قاعدة ترهن وجود الإنسان بقدر محافظته على التقاليد والعادات الأخلاقية الماضية, وبالتالي تتحول إلى معايير للسلوك قائمة على أساس ميتافزيقا "الخطأ الصواب, الحسن / القبيح , الخير/ الشر" الخ وغالبا ما تكون هذه المعايير منبنية على المنظور المطلق للتصور الأحادي للإنسان الأخلاقي , فالتصور الأحادي حين يتصور مفهوم الخير, فهو يتصوره مطلقا باعتبار موقع القوة الذي ينطلق منه دون اعتبار للآخر الذي يمكن أن يكون له تصور مغاير لما يمكن أن يحدد الخير أو الشر, وما زلنا نرى في عالمنا اليوم نفس المعيار يمارس في السياسة الدولية, ففي المنظور الأخلاقي لتوجهات ونزوعات هذه السياسة نجد أن أمريكا زعيمة العالم تقود جملة من حملاتها السياسية وحروبها ضد ما تسميه محور الشر, بينما في الضفة الأخرى نجد شعوبا خاصة المستضعفة تعتبر أمريكا هي الشر المحض .
إذن فهذه المعايير المتواضع عليها أخلاقيا تقدم نفسها على أساس قاعدة مطلقة, بينما هي في جوهرها لا يمكن أن تكون إلا نسبية وبالتالي فهي لا يمكن أن تكون قاعدة كونية لأخلاق الإنسان الجديد .
إن الإنسان الجديد بما هو وعد الأزمنة السحقية لا يرهن تصوره للخير, إلا بقدر ما يكون تلك الغاية المتحققة المشبعة, التي غدت محايثة للوجود الإنساني عوض أن تظل مفارقة ومؤجلة دون أن تتحقق , ومن هنا فإن إيطيقا الإنسان الجديد ليست معايير للسلوك أو قواعد محددة لما هو خير أو شر , ولكنها فن ممارسة الحياة, ومن ثم فهي تغدو في صميم الوجود الإنساني , وليست ممارسة إكراهية تخضع الإنسان على الانقياد والانصياع أو الطاعة لأي شكل من أشكال النمط الأخلاقي القديم .
إن إيطيقا الإنسان الجديد هي انكشاف للإنسان في لحظة التحامه بنعمة الوجود, ذلك الحق الذي يستحقه باعتبار إنسانيته وظل رغم ذلك مؤجلا خاضعا لإكراهات التاريخ التقليدي للإنسان , وحينما يتصالح الإنسان مع الحياة , هذه التي ظل يتنكر لها باعتبارها فانية أو زائلة ومتناهية , فإنه يستعيد حقه في المتعة المضاعفة تلك التي يعبر عنها وجوده الخاص ووجود الوجود .
سؤال : يمكننا أن نفهم من تصوركم هذا أن الإنسان الجديد أو الإنسان المستقبلي , هو الكائن السعيد, أي الكائن الذي انتزع أخيرا ما عز على سلفه أي السعادة , فلم تعد معه هذه الأخيرة فكرة مجردة وإنما حياة , ما هو إذن نصيب هذا الكائن "السعيد" من الشقاء ؟
و هل يمكن أن نفهم من تصوركم هذا أن الإنسان الجديد أو المستقبلي هو الكائن السعيد, أي الكائن الذي انتزع أخيرا ما عز عن سلفه أي السعادة , فلم تعد هذه الأخيرة فكرة وإنما حياة , فما هو نصيب هذا الكائن السعيد من الشقاء .
ج : إن مشكلة السعادة نجدها مطروحة منذ القدم , وكما يلاحظ كانط فاليونانيون لم يستطيعوا حلها, ومن ثم نجدهم يربطون بين الفضيلة والسعادة , وهذا قاد إلى المطابقة بين السعادة والفضيلة, فالابيقورية تؤكد أن السعادة هي الخير الأعظم كله , وأن الفضيلة ليست سوى صورة القاعدة الذاتية من أجل بلوغه , والرواقية تؤكد أن الخير الأعظم هو الفضيلة , وإنما يلزم على الفرد أن يمتلك وعيه بفضيلته لإدراك السعادة, ففي الحالة الأولى فالرغبة في السعادة هي حافز مبدأ الفضيلة , وفي الحالة الثانية فمبدأ الفضيلة هو العلة الكافية للسعادة وكانط نفسه الذي يرفض الحلين السابقين يقترح فكرة الخير الأعظم لتحقيق التوافق بين الفضيلة والسعادة , بمعنى أنه يتصور عالما أفضل تستمتع فيه الكائنات الفاضلة بالسعادة بما هي تستحق هذه السعادة التي يحتمها القانون الأخلاقي المؤسس على استقلالية الارادة الحرة , وإمكانية تحقيق ذلك تغدو واجبا كونيا , ومع أن تحقيق الخير الأعظم مشروط بالتعالي , وليس بالزمان والمكان على خلاف هيجل الذي يمضي في نهاية تحليله إلى إمكانية جعل الخير المطلق متحققا عينيا بل إن تحققه مشروط بالزمان , فإن كانط في كتابات سابقة على نقد العقل العلمي يعتبر أن السعادة الكونية هي لحظة اكتمال الأخلاق بما هي أثر لمبدإ داخلي للعالم , أي للحرة , ومن هنا فإن قدر الإنسان يكمن في عمله وفق مبدإ الحرية للحصول على أكبر وأعظم كمال أخلاقي , لكن ذلك رهين بربط السلوك بالغاية الغائية للكونية , ومن ثم يخلص إلى ملائمة السلوك الإنساني بهذه الغاية.
وفي نظري فإن الحل الذي تبناه كانط قبل مرحلته النقدية يعد الأكثر ملائمة والأكثر واقعية , والأقرب إلى التصور المعاصر للايطيقا , ومن هنا فنقد هيجل لكانط مشروع, وإن كان التصور الهيجلي أيضا خلص في النهاية إلى تبني حضور المطلق في الزمان , وتناهي الزمان لحظة تجسيد موت الإنسان القديم, باعتباره انتهى إلى غايته المطلقة التي أشبع فيها كل رغباته , ومعنى ذلك أنه يشعر بلحظة السعادة الأبدية التي تعد تتويجا لمسيرة الإنسان ولتاريخيته الديالكتيكية, وأفقا نهائيا يكتمل فيه الإشباع بحيازة الإرادة الإنسانية على رغبتها. ولكن نقد هذا المفهوم بالنسبة لنا يرتكز إلى الغاية التي انتهى إليها هيجل وهي تصور الإنسان والمطابقة بينه وبين المعرفة , وفق هذا المنظور فإن الإنسان ينتمي إلى نظام المعرفة التي تغدو مطلقة , ومن هنا فالسعادة المتصورة هيجليا هي سعادة معرفية وليست سعادة ايطيقية, لأنه حين يغدو المطلق متحقق عينيا تغدو السعادة لا معنى لها إطلاقا , ويغدو مجرد التفكير فيها لا قيمة له .
وبناء عليه فإن الربط بين إمكانية ظهور كائن إنساني جديد مغاير يجعل الحياة نامية في حد ذاتها , بمعنى أن تحقق سعادته رهين باستمتاعه بالحياة . إن ذلك يعني استرجاع الحقوق التي أهدرها الإنسان بنفسه وهو يفكر في سعادة أبدية غير السعادة الزمانية , مقوضا بذلك سبل اتقانه لفن الحياة , مفوتا الفرصة على ذاته من أجل أن تتحقق ذاته في العالم على النحو الذي يريد , فانتهى بذلك إلى تجدير ثقافة الحرمان التي حالت لأزمنة طويلة دون تحقيق رغبة التمتع بالحياة كما هي , لا كما ثم تبنيها في نظم الأخلاق التقليدية, إن سعادة الإنسان الجديد لا ترتبط بشرط آخر غير مبدإ الحرية المحايث لوجوده الخاص, ذلك الذي يجعل من حياة الإنسان غاية في حد ذاتها . إن هذه السعادة تفترض إمكانية الوجود الذي يستفيد من فرص المتعة التي تعرض للموجود, وهذه الإمكانية تجاه متعة الحياة التي لم تعد مطلبا وإنما حقا جوهريا يمتلكه الكائن الإنساني دون تدخل أو إكراهات يفرضها الآخر هي المدخل لأية سعادة ممكنة .
إن الإنسان الجديد ليس جديدا بقدر ما حققته الإنسانية من إرضاء وإشباع, ولكنه جديد بقدر امتلاكه لهذه الإمكانية التي تخول له حق استمتاعه بحياته في أية لحظة وفي أي مكان .
سؤال : شكلتم تصورا حول ما سميتموه بأخلاق الغير . كيف تحددون هذا النمط من الأخلاق ؟ وأي موقع للحرية والجسد فيها ؟
جواب : ليس مفهوم أخلاق الغير إلا تصورا ايجابيا لأخلاق اثباتية تقضي بتأكيد نمط الوجود الخاص الملتحم بالحياة, وقيمها الايجابية المتمثلة في القدرة والحرية , وتحرير الجسد من عوائق الأخلاق العدمية التي تفصله عما يستطيعه , أي عن قدراته وقواه الاثباتية بالمعنى النيتشوي .
إن أخلاق الغير تروم انتشال الكائن الإنساني من أي تصور ارتكاسي يعطي الأولوية لما هو متخارج عن الإنسان والحياة , والزمن , ويضعه في سياق لا تاريخي, ويعزله عن أساس كينونته, إن التصور الارتكاسي يروم وضع تصور عن "الإنسان المعلق" أو الإنسان المرفوع " أي تعليق ورفع أية قوة ايجابية عن الإنسان تهدف إلى أن يعيش وفق ما يقتضيه أسُّه الإنساني , وما تقرره حريته الخاصة, وما يرغبه جسده في أن يحقق التحامه بالحياة , وأن يعيش اختلافه الذي يميزه عن الآخر, ويضعه في صميم الوجود الحر الإبداعي , وما فكرة نهاية الأخلاق إلا إعادة للتفكير في التحقق العيني للأخلاق الإيجابية تلك التي تتأسس في المحايثة, أي انطلاقا من الوجود المحايث للإنسان , باعتباره كائنا يؤسس أخلاقه انطلاقا من ذاته الحرة ومن استقلاليته كفرد , وكتاريخ خاص, وليس انطلاقا من أخلاق متعالية إن لم نقل مفارقا, لأن أخلاق المحايثة تقتضي في الآن ذاته نوعا من التعالي الذي نقصد به الوجود القيمي للإنسان باعتباره مصدر وأساس أخلاقه , ومنبع حريته , وعلى هذا الأساس فالتعالي هو تجل للمحايثة وليس العكس, بمعنى أن أي تعال أخلاق لا ينطلق من الوضعية الاثباتية للكائن الإنساني يغدو انكشافا لإرادة التعديم والسلب , وفصل الإنسان عن قواه الحية, بمعنى فصل الإنسان عن الحياة, وهذا مظهر للعبودية, تلك التي ما تفتأ تحتقر قدرات الإنسان وإرادته في الحياة, وفي صنع مستقبله الخاص , وترده إلى أصول أخرى مفارقة, فيغدو الكائن الإنساني ليس مشروطا بالحياة وإنما مشروطا با لما وراء الميتافزيقي, فيفقد استقلاليته ورغبته, وجسده الخاص , واختلافيته , وليست القيم الارتكاسية سوى استعادة لوضعية الاستعباد والتي تتمثل أحيانا في مظاهر وتجليات عدة فهي تتمظهر في تمجيد الأخلاق الاكراهية التي لا تنطلق من الواجب الأخلاقي كما هو الشـأن عند كانط, وإنما من واجبات متخارجة عن ذات الإنسان , أي سن إكراهات تقوم على استهداف حرية الإنسان وتقويض مسؤوليته الخاصة, وتروم بالمقابل تكريس خضوع الكائن الإنساني إلى نمطية أخلاقية غائبة , إنها غائبة باعتبارها منفصلة عن الحضور والحياة وتستهدف انتشال الإنسان عن الحضور وعن تاريخية وجوده الحي , ورده إلى آخر منفصل عنه , آخر ليس حيا, ولا حاضرا , ولا زمنيا, إنه الآخر اللاتاريخي , أن أخطر ما تواجه به هذه النمطية الأخلاقية , الإنسان هو انكشافها كعنف رمزي , أو جسدي أو عدمي , فالعنف الرمزي للأخلاق الاكراهية يتمثل في إعاقة الفرد عن تبني منظور إيجابي للحياة , ويدفعه نحو تبني المواقف المعادية لأي تجديد أو تحرير للفكر من سلطة التنميط, أما العنف الجسدي فيتمثل في أولى مستوياته في فصل الجسد عن الرغبة ومن ثم عن الإرادة , وجعل الجسد رهين تمثلات موروثة تحقر قواه وتؤثم رغباته في أن يمارس وجوده الحر المنكشف كإحساس حي بالحياة, ومن ثم فالعنف الجسدي هو تحجيب وحجز للقوى الجسدية , إن العنف الجسدي يظل متحفزا للانقضاض علي أية مبادرة للجسد يروم خلالها التحرر من الاسترقاق , ومن النظرة الاسترقاقية للجسد, تلك التي تعتبره عورة وأساسا للخطيئة كما هي نظرة الأخلاق الارتكاسية الاسلاموية التي ترفع شعار الحجاب , باعتباره شعارا لا يستهدف في نهاية التحليل سوى إرجاع المرأة إلى عبودية أخلاقية تجعل من انكشاف وجهها أو شعرها أمرا يستحق التأثيم. والعنف الجسدي دائما ما يستند إلى عنف رمزي يتمثل في النصوص الدينية أو العادات والتقاليد والأعراف , وهو بذلك يعيق إقبال الفرد الحي على الحياة , ويعمل على تغدية الشعور بالعداء والكراهية نحو الآخر بمجرد اختلافه عنه أو انفلاته عن الأخلاق النمطية الإكراهية. إن تعديم الحياة هو الغاية القصوى للنزعة النكوصية , ومن ثم فإن أهم تجليات هذه العدمية – الارتكاسية تتجلى خاصة في الإمعان في اضطهاد الجسد , وليس تاريخ النزعة الارتكاسية سوى تاريخ اضطهاد الجسد , وفصله عن قواه الحيوية, والحيلولة دون تماسه بالرغبة والإرادة الفعالة, ووأد نثوءاته وبرانيته, وإعاقة تحرره , والنزعة الارتكاسية لا تكتفي بتبخيس الجسد وتأثيمه , بل إنها تمضي بعيدا إلى حد سلب حقه الطبيعي في الوجود, لأن فعاليتها النكوصية تنبني على الضعينة والحقد, وكراهية كل ما من شأنه أن يعيد التحام الجسد بالحياة ويمنحه قواه الفاعلة الاثباتية , ويجعله علامة على الحياة ذاتها , فالجسد من خلال هذا المنظور هو الوجود الحي , وموته هو انفتاح على تجربة العدم , وبالتالي فليس من سبيل للتحقق العيني للحياة سوى بالجسد الحر المستقل الملتحم برغبته وبالإرادة , والذي تحرر تماما من لحظة استبعاده , وليست الحرية سوى الجسد ذاته , إن الحرية والجسد متماهيان, وهذا التماهي هو ما يشكل هوية الوجود الحر للكائن الإنساني , فالكينونة الإنسانية لا تتحدد هويتها بغير حرية واستقلالية الجسد وظهوره ككيان جسدي حر, أي كفردية جسدانية, فالأنا كجسد هو برهان الوجود الإثباتي, كوجيطو الجسد لا يفصل بين الحرية والجسد , ولا بين الجسد والفكر , بل إن الجسد علامة وجوده الخاص , فمن يفكر ليس إلا الجسد وقد ظهر على نحو مستقل قادر على قول أنا, إن الكينونة هي كينونة الجسد , فما ليس جسدا لا يوجد , وكل جسد يوجد على نحو متناه, وبذلك يمتلك إمكانية وجود خاص , الحر والمستقل , وهي نفس الإمكانية التي تجعل من الجسد آخر, إن الإنسان الآخر إذن هو الجسد الإنساني , والآخرية من خلال هذا التصور هي الجسدية التي تتموضع في العالم على نحو مخصوص, وهذا النحو هو ما يجعل منها انفتاحا وتجددا وغيرية , وهو ما يصيرها صيرورة الفكر ويمنحها التسمية . إن الوجود لا يصير دون جسد , فالجسد هو أساس إمكانية التحقق العيني للموجود , وهو الأصل المستعاد لاختبار الظهور , فعبر الجسد ينكشف الفكر كتماس بالعالم , فمن فتحة الفرج ينبثق الفكر, بمعنى يتولد ويتكرر كجسد ما يفتأ يظهر كتعدد جسداني للآخرية, وبالتالي فليس الفكر سوى تلك التعددية المنبثقة عن فتحة الفرج , وما الفرج إلا استدعاء للآخر فيمنحه الوجود ويسمح له بالظهور , فهو ليس علامة على الآخر بل هو أساس كل آخرية , فانبثاق الآخر هو انفصال وتشكل وحياة , انفصال عن الواحد القابل للعطاء, وتشكل لجسد الغير, وجود حي ينبثق كإقبال على الحياة , بمعنى أن الجسد هو موجودية ما تفتأ تظهر كخارج وكنتوء للوجه وكاختلاف يميز موجوديته .
س : إذن فالوجه هو الاختلاف !
ج : إن الاختلاف يتجسد على مظهر الوجه, وعلى انكشافه البراني , والاختلاف فضلا عن هذا يكشف عن ذاته انطلاقا من الوجه الذي يقول ها أنذا , أي أنني أوجد على نحو غيري . إن ما تعبر عنه جسدانية الوجه هو اختلاف الأنا عن أية أنا أخرى , والآخرية بدورها تنكشف على أساس الوجه, وما لم يشر إليه لفناس هو كيف يتجسد الوجه كاختلاف , وكيف يعبر الوجه عن اختلاف الذات واستقلالها عن أي وجود آخر أي عن أي وجود إنساني يكون شرطا لأن ينكشف كوجه .
إن انكشاف الوجه, هو انبثاق للجسد الذي يعبر من خلاله الوجه عن موقعه داخل العالم, وهذا ما يمكن أن نسميه استراتيجية الجسد , التي تنخرط في تدبير التفاعلات مع كل الأشياء والذوات أو الوجوه الأخرى التي تشارك الجسد نفس الفضاء والزمان , كما تنخرط أيضا في توجيه الأفعال وتصريف رغبات الجسد , بما في ذلك الرغبة في الاعتراف (التيموس) والرغبة في الامتلاك المادي للأشياء , والرغبة في المعرفة أو في إرضاء إرادة الحقيقة, والرغبة في الجمال والخير الأخلاقي وأخيرا الرغبة في الملذات الحسية تلك التي تجعل تجربة الجسد أكثر عينية , وتجعله في تماس تجريبي بالآخر , عبر إمكانية المنح المتبادل الذي يستدعي أقصى حالات الانتشاء بالوجود الحي, حيث تتشبع الرغبات على نحو فعال .
إن استراتيجية الجسد في سبيل تدبير تفاعلات الجسد وتصريف رغباته والتعبير عن موقعه في العالم أي غيريته الفاعلة الاثباتية , تتخذ من اللغة أداة جوهرية لكشف وجود الجسد وإظهاره كقوة فاعلة في خضم وجود قابل لأن يرى ويعبر عنه بواسطة اللسان, أي كقوة تمتلك الرغبة في تسمية العالم والظواهر والأشياء, وإضفاء الحقيقة باعتبارها قيمة مضافة على كل ما ينكشف للجسد , إن استراتيجية الجسد تجعل من امتلاك لعبة الكلام أساسا لاختبار إرادة القوة تلك التي تعلي من إمكانية الجسد باعتباره انكشافا للاختلاف , وليس الاختلاف هنا سوى غيرية الجسد الذي يتكلم لغته الخاصة التي تقوم على مبدإ التخارج , الذي يسمح بإخراج ما بالجسد من قوى كامنة أو محايثة , وما يفكر فيه هذا الجسد ويرغبه ويريده .
إن إرادة الجسد لا تغدو ممكنة إلا باللغة أساسا أي بما يسمح بإعلاء ما يرغبه الجسد ويفكر فيه أي إمكانية انبثاق المحايث في الإنسان , إن المحايث إذن هو نفسه المتعالي حينما يعبر عنه و ينكشف كمثال, بيد أن مكر اللغة ذاتها هو من يجعل من المتعالي مفارقا مقصيا عن دائرة المحايثة ومبدئها المؤسس في ذات الإنسان , وبالذات في جسد الإنسان, وهو أيضا من يستعيد هذا المتعالي من المفارقة ليصيره محايثا , فلا يملك إمكانية اختباره إلا عبر جسد الإنسان أي بواسطة اللغة التي تستوطن الجسد , وإذا كان الإنسان مفعولا للغة كما يحلو لهيدغر أن يقول , فلأن اللغة , هي من خلال هذا التصور الذي طرحناه , مفعول للجسد , فاللغة تنقال عبر الجسد , إنها نتيجة استراتيجية الجسد , تلك التي أساسها الرغبة في أن يحتل الجسد موقعه داخل العالم , معلنا عن ظهوره كقوة فاعلة تكشف كما تخفي نزوعاتها وتوجهاتها , فهي تكشف عن الجسد كأنا رغبة في الاعتراف بوجوده كقوة مضافة وكغيرية وكتخارج وكنثوء ظاهر , ولكنها تخفي أساس استراتيجيتها , ففي هذا الأساس يملك الجسد وسائل وتقنية ظهوره المباغث والمختلف. إن إرادة قوة الجسد تنبعث من أساس استراتيجية الجسد , وهي إرادة تستطيع أن تقول العالم وتعبر عن حضورها الحيوي في خضم تفاعلات الوجود , وبقولها للعالم تستدعي مستقبلها , أي أن أساس تاريخية الكائن الإنساني إنما يقوم انطلاقا من استراتيجية الجسد الذي ظهر في العالم تاريخيا, حينما حاز على اعترافه بذاته كغير وكذات مستقلة , وكأنا متناه , يتجاوز تناهيه الخاص بقدرته على التعبير عن إمكانيات وقوى جسده , أي حينما اختار اللغة كوسيلة استراتيجية لتدبير علاقته بالعالم وبالآخر.
إن الكائن الإنساني وعيا منه باستراتيجية الجسد , هو الوحيد الذي حول وجوده بالضرورة , أي انوجاده اللاختياري في العالم, إلى وجود بالحرية , أنه استعاد القوة التي جعلته يستقل بذاته ككائن حر, ومن ثم يغدو وجوده اللاختياري في العالم عطاء ممنوحا من قبل الوجود , وعلى أساس هذا العطاء يتشكل وجوده الجسدي كتناه ينضاف إلى عالم متعدد الأجساد , لكن تناهيه لم يصر خلاقا إلا حين استعادته لزمنيته الخاصة, وبزوغه كذات تاريخية تؤسس لإرادتها المستقلة في أن تكون على نحوها الخاص , وتلك هي إمكانية الحرية أو القوة المحايثة دوما للجسد. إن الوجود الإضطراري للبدن يغدو و جودا غيريا, أو وجودا للجسد كحرية.
أي أن إمكانية الحرية هي التي تجعل وجود الجسد في العالم حيا وإثباتيا وتاريخيا .
إن إمكانية الحرية بهذا المعنى شرط لإمكانية الجسد, فالجسد ليس ممكنا إلا بشرط انبثاق الحرية داخله , ومن ثم فهو يحيا تجربته الزمانية والمكانية حين يستقل بذاته ويصير حرا , إنه بمعنى من المعاني ينفصل عن الكتلة والامتداد والشيئية ويغدو طبيعة خاصة متناهية لكنها منفتحة , فهي متناهية باعتبارها مستقلة عن الطبيعة باعتبارها امتدادا لا متناهيا , ومنفتحة لأن شرط وعيها بطبيعتها الخاصة يجعلها في علاقة تفاعل مع الأشياء والأجساد المماثلة أو المغايرة وعلى هذا المستوى يمكن أن نميز بين الجسد من جهة وبين البدن أو الجسم , فالجسد وجود تاريخي صريعي تناهيه وفرديته وينكشف لذاته كفعالية , بينما البدن أو الجسم فلا يشكل إلا الامتداد بالطبيعة والتماهي بها, إنه ملتحم بالشيئية تلك التي تجعله غير مستقل ولا واع بذاته , كما هو شأن كل أجسام الطبيعة غير العاقلة أو أبدان الكائنات الحية غير الإنسانية, تلك الكائنات التي لا تملك لارغباتها ولا تحوز إرادتها وطبيعتها الخاصة , بل تبقى ملازمة لحالة الشهوة على حد تعبير سبينوزا , إذ الكائنات الحية غير الإنسانية لا تعي رغبتها في الاشتهاء , ولكنها تشتهي بقوة الدوافع الغريزية البيولوجية .
إنها إذن تنقاذ لفعل الطبيعة , فهي لا تختار وإنما تتحرك وفق الغريزة الطبيعية , وهي لا تتخيل مستويات تصريف الرغبة, ولا تملك القدرات الكافية لتدبير وتوجيه رغباتها, بحيث تخلق منه استثناء للجسد , وإنما هي مدفوعة نحو الفعل الذي ينصرف بمقتضى الطبيعة , إن البدن من هذا المنظور مفعول للطبيعة , مادامت كل دوافعه خاضعة وغير منبثقة من رغبته الخاصة التي لا يمتلكها , بينما الجسد الإنساني يشكل الاستثناء التاريخي الذي أحدث شرخا داخل الطبيعة , إن الجسد الإنساني انتشل رغبته الخاصة واستقل بها وغدا جسده الخاص باعتبارها كائنا غيريا بامتياز, فالجسد الإنساني يحول دوافعه الارادية إلى قصدية , وحتى إن كانت الدوافع اللاإرادية الكامنة في اللاوعي توجه قوى الجسد وتجعلها منفلتة عن وعيه بذاته , فإن للجسد الإنساني قدرة خاصة في اكتشاف مجهول اللاوعي , وفي تحويل ذلك المجهول إلى خلق وإبداع , ذلك لأن إشكالية اللاوعي ليست مستقلة عن تلك المتعلقة بالوعي, إنها مرتبطة بالجسد باللغة وبالعالم . إن الواقعة النفسية التي تتمثل ماهيتها في عدم مطابقتها كليا للوعي هي نتاج العلاقة التي تربط الجسد كذات بالعالم .
سؤال : معنى هذا أن أخلاق الغير تدخل الجسد من حيث هو اتحاد الرغبة والإرادة كقاعدة أخلاقية ؟ ف هل يمكن أن نقول إن هناك حقا أوليا هو"الحق في الجسد " كأساس للغيرية والإقرار به والاعتراف بشرعيته هو عين الاعتراف بالغيرية ؟
جواب : يمكن القول بأن استراتيجية الجسد تنبني على أساس التحام الرغبة بالإرادة واتحادهما, ذلك أن المنظور الاستراتيجي للجسد يتخذ من فن تدبير حاجيات الجسد هدفا أساسيا يتوخى تحقيق واقعة الجسد عينيا , فالجسد موجود لكنه ليس واقعة إلا حين يغدو كائنا في العالم يحوز رغبته الخاصة واستقلاله الخاص الذي يتحصل بالإرادة , بهذا المعنى فالجسد هو من يبدع العالم , فهو في مرحلة الموجودية ليس إلا هبة للوجود , وبالتالي فهو امتداد وتطابق في الوجود وبالوجود , إنه كأي جسد آخر ليس إلا حصيلة مقدرة وليس واقعة عينية, فالجسد في مرحلة الموجودية شيء, والشيء هو ما لا يمتلك وجوده العيني, إن قدره واقع تحت تأثير صيرورة الوجود, لكن خاصية الجسد الإنساني تكمن في قدرته على التخلص من شيئيته المباشرة من خلال اكتشاف ذاته كرغبة تريد أن تتحقق , وهذا التحقق يتجلى كعالم قائم بذاته , ومن ثم فالجسد / الرغبة ينزع نحو تحرير قواه الذاتية في أن يختار ما يرغبه ويؤسس له , وهذا النزوع بقدر ما يتحرر عن القوى الخارجية بقدر ما يبرز كتخارج عن الطبيعة أو كبرانية غيرية , وهذا التخارج هو نتوء وانتشار لكنه انتشار لايتم عبر الامتداد أو التماثل وإنما يتم على أساس مبدإ المحايثة , فهذه التخارجية تتأسس على تداخلية الجسد أي على ذاتيته , فالجسد وقد غدا ذاتا أضحى متخارجا عن شيئيته الطبيعية , وبالتالي فتخارجية الجسد ليست سوى نمط الغيرية الذي احتارته أنوية الجسد بما هي ذاتية, فالذاتية هي أساس غيرية الجسد. فهي التي تخلصه من مجرد كونه كتلة أو جسما فحسب, فاختيار الجسد أن يكون آخرا , هو انكشاف لرغبة الذات في أن تحوز نمط غيريتها , تلك التي تجعلها منخرطة في الوجود لا على أساس التطابق وإنما على أساس الاختلاف والتمايز , ومن ثم فالذاتية تقود الجسد نحو الفردانية ونحو كونه أساس فعله الحر ذلك الذي لا يتأتى إلا بذاتية تلتحم فيها الرغبة بالإرادة , بمعنى أن الفعل الحر هو نتيجة انبعاث رغبة الجسد التي تنقاذ من خلال توسط الإرادة نحو إشباع الرغبة , إذن فالإرادة هي من تقود الجسد نحو ما يرغبه , وبذلك تتشكل استراتيجية الجسد في تأسيسه للعالم , وهذا يعني أن العالم خاص بالجسد الإنساني فهو يتمايز عن الوجود الكلي ذلك أن العالم الإنساني , نتيجة لتدبير استراتيجية الجسد , وبالتالي فهذا العالم تاريخي بخلاف الوجود الكلي الذي ليس له تاريخ .
إن التاريخ تحركه الرغبة وليس شيئا أخر , والجسد هو منبع تلك الرغبة التي تستحيل إلى قوة بتدخل الإرادة , فالتاريخ من خلال هذا المنظور هو إثبات للجسد كذاتية تؤسس لتاريخيها على نحو مغاير للوجود الكلي.
إن التحام الرغبة والإرادة تأسيس للوجود التاريخي, وذلك هو رهان استراتيجية الجسد الذي ينطلق بهدف تدبير العالم وإعادة خلقه ذلك أن رغبة الجسد تتمثل في استعادة الذات لاستقلاليتها عن الوجود الكلي , لأن تكون فردا متمايزا لا متماثلا, لأن تكون عين ذاتها , لا أن تظل مغتربة عن وعيها , معنى أن رغبة الذات تمارس السلب الذي من خلاله تنفصل عن نمط الوجود الطبيعي , فالسلب إعمال للرغبة في عدم الرضى بما هو كائن عليه وضع الجسم / البدن, إن السلب توق إلى التحرر من الجسمانية / البدنية التي تتطابق بالطبيعة , واستعادة للجسدانية بما هي نمط الوجود المستقل الحر الذي يعي رغبته في أن يكون مغايرا غير ملحق بالطبيعة , أي يمتلك القدرة على تدبير ذاته على نحو خاص, يقود إلى تحقيق وجوده التاريخي , وبناء عالمه الخاص , ومن ثم فالسلب هو خطوة أساسية واستراتيجية للجسد ينفلت فيها من حالة تدبير الطبيعة , حيث يوجد الإنسان كبدنية جسمانية وليس كجسدانية, ومعنى ذلك أن انتقال الكائن الإنساني من البدنية إلى الجسدانية حيث غدا جسدا بكل ما يحمله هذا الإسم من معنى , هو أساس تجلي هذا الكائن في العالم على نحو تاريخي فعال .
إن الرغبة تتجلى كإبطال وكتوق للتخلص من حالة لا يتميز فيها البدن الإنساني عن أي بدن آخر, ولا يحوز فيها أي وعي خاص بكونه جسدا مغايرا له قدراته التي تعلي من شأن تفاوته عن الكائنات الأخرى , ومن هنا فإننا نفهم الأساس الذي من أجله يفسر هيجل الرغبة بكونها محرك التاريخ .
وإذا كانت الرغبة هي أساس سلب موجودية الكائن الإنساني كبدنية خالصة , فإنها من جهة أخرى إثبات لظهور الجسد ككائن تاريخي , فزمنية هذا الجسد تغدو خاصية إنسانية بقدر استعادتها لوجودها الحر, وانكشافها كإرادة قاردة على الدفع برغبات الجسد نحو إشباعها, ومن ثم فعمل الإرادة هو التغيير الجوهري لنمط الوجود المتماهي نحو نمط وجود مستقل , نمط يغدو فيه الجسد متحررا وفاعلا , معنى أنه صار قادرا على استعادة الحياة كقيمة مضاعفة, وهو ما يعني أن الجسد يتوق إلى أن يعيش فن الحياة , وأن ينخرط في التيه منفصلا عن أية نمطية تبخيسية للجسد , تجعل من هذا الأخير واقعا تحت عبودية الآخر أو القيم النمطية , أو تحت إكراهات يولدها التاريخ الإنساني ذاته, إن تخلص الجسد من مكر الطبيعة لا يعني أن الجسد قد يؤول مصيره إلى انقلاب على رغبته بفعل مكر التاريخ , فيغدو الجسد مفعولا للتاريخ , لا فاعلا ولا مؤثرا , ويغدو متشبتا بالقيم الارتكاسية التي تؤسسس لقاعدة إكراه الذات وجعل أفقها منحصرا في الانقياد لأوامر أخلاقية أو دينية تحول بشكل فعال إلى اغتراب الجسد عن ذاته , ومن ثم فإن فعالية النزعة الارتكاسية لا تتمثل في قمع رغبة الجسد , وإنما في إحداث انقلاب الرغبة على ذات الجسد , وتحويل توق الرغبة نحو الحرية إلى رغبة في تمجيد قيم العبودية والاستسلام , ومن هنا نفهم سر تشبت الكثير من نساء العالم العربي الاسلامي بالحجاب بكل أنواعه ( الجزئي , غطاء الرأس والكلي : التشادور الخليجي).
إن مكر التاريخ في اللحظة الراهنة يكشف عن كيفية تحول وتبدل القيم , فإذا كانت رغبة الجسد عبر مجرى التاريخ هي أن يستعيد حريته ويلتحم بحقه الجوهري في إظهار ذاته , وهو ما عبرت عنه نزعة تحرير المرأة في الغرب التي تقترب شيئا فشيئا من التخلص من أية وصاية بطركية , وإذا كان تأثير خطاب نزعة تحرير المرأة قد أخذ موقعه في البلاد العربية منذ قاسم أمين إلى الآن , فإن النزعة المضادة الجديدة لتحرير المرأة سواء داخل العالم العربي – الإسلامي أو وسط أوروبا , سوف تجعل من خطاب الحرية والديمقراطية وسيلة من أجل الانتصار لقيم ارتكاسية , تغدو داخلها المرأة نفسها وبمحض رغبتها منقلبة على ذاتها أداة فعالة لمناهضة تحرير جسدها الخاص, بكل ما يعنيه جسد المرأة الخاص من استقلالية تامة, وحيازة للإرادة والحرية , ورفض للتبعية, فهذه المرأة المسلمة خاصة في أوروبا هي التي تستعمل الحقوق التي كفلتها لها القوانين المدنية , من أجل أن ترتد على جسدها , وعلى رغباتها الخاصة, وأن تتخلى بطريقة العبودية الطوعية , عن تقدير جسدها واحترام حقه في الوجود , لتتشبت برؤية ارتكاسية يُعتبر فيها شعر المرأة أو وجهها أو يداها المنكشفتان عورة تثير الغرائز الشيطانية.
إن أخطر ما في الخطاب حول الحجاب ليس كونه تعبيرا عن الحق في الزي أو في الدفاع عن نمط من اللباس , وإنما في كونه علامة تحمل حكما خطابا تأثيميا واحتقاريا لجسدية المرأة , وأخطر ما في الخطاب حول الحجاب هو كونه أيضا وسيلة لتهديد الآخر وترهيبه, ومن ثم فالنزعة الارتكاسية تتبنى الدعوة إلى الحجاب باعتباره شكلا إكراهيا يقوم على واجب ديني, فإذا لم يتحصل للمرأة اقتناع بالواجب, فإنها تعد آنذاك آثمة , وليس هذا فحسب بل تمشي النزعة الارتكاسية في تغدية الشعور الجمعي بمعاداة كل امرأة ضالة لا ترتدي ما يسمى بالحجاب, ومن ثم فالنزعة الارتكاسية في سبيل مناهضة حرية الجنس البشري تقيم تمايزات بين الجنسين أساسها التأثيم واحتقار الجسد , من أجل استعادة نمط استعبادي , يقصى فيه الجسد الإنساني عن أن يكون حرا ممتلكا لذاته وقدراته ومفصولا عن الحياة وعن الإرادة الفعالة, وعن كل قواه الحية .
إن النزعة الارتكاسية ما تفتأ تعاود الظهور ومن أجل استعادتها لفعاليتها فإنها تغير من تاكتيكاتها الاستراتيجية , من أجل الوصول إلى أهدافها المتمثلة في فصل الجسد عن قواه الحية وتعديمه , وإقبار طاقاته التحررية ونزعاته الإبداعية , فهذه النزعة قد تضطر إلى القبول الاضطراري الظرفي بالديمقراطية الحرة, من أجل اجتثات أو استئصال الديمقراطية وإعاقتها كليا , وقد تضطر إلى استدماج المرأة وإعطائها مواقع داخل أجهزتها , لكن من أجل أن تغدو المرأة ذاتها أداة لمناهضة رغبتها في أن تكون على نحوها الخاص , بمعنى أن تكون وسيلة لتمجيد النموذج الارتكاسي – البطريكي الذي ما يفتأ يعيد إنتاج الوصاية والهيمنة , والأخطر من ذلك فهذا النموذج الارتكاسي ذي النزعة التدينية لا يني يستغل الدين كأداة للإكراه الجسدي , وليس كتحرير للجسد وإعلاء لكرامته ومن ثم فهو لا يؤسس لقناعات أو لعقيدة إيمانية مصدرها القلب, وإنما يؤسس لاعتقاد شمولي ليس مصدره القلب (الجسد), وإنما دوغمائية الجماعة وعنفها الذي يحول دون انعتاق الأفراد ويفصلهم عن حقوقهم الأساسية ويجعلهم واقعين ضحية رؤية لا تاريخية للهوية, رؤية تعلي من الخصوصية, ليس من أجل إقرار خاصية الجسد الإنساني في أن يكون على نحوه الخاص, وإنما من أجل فصله عن كونيته الإنسانية وفصله عن أن يكون ذاته متصالحا مع إنسانيته, بمعنى تغريبه عن رغبته الخاصة, وانسلابه عن إرادته , وبذلك يظل امتدادا للجماعة التي تقرر بدلا عنه , وتفكر نيابة عن عقله , حتى يغدو الجسد الإنساني مقالا عن ممارسة وظائفه الأساسية والجوهرية في الحياة .
إن هم النزعة الارتكاسية باعتبارها نزعة عدمية هو تعديم الجسد سواء من خلال فصله عن رغباته وعلى رأسها الرغبة في الحياة, أو من خلال قلب الرغبة على ذاتها , بحيث تغدو رغبة في الموت وما بعد الموت ( الرغبة في الآخرة), أو من خلال إخضاع رغبة الآخر وقمعها , واستهجان ثوقها إلى الحياة , أو من خلال زجر الجسد وتعريضه للعنف البدني بكافة أنواعه : الضرب المبرح, قطع الأيادي أو الأرجل , أو قطع الرقاب , وغيرها من أشكال العنف الذي يشكل انتهاكا لحقوق الإنسان في الحياة, وحق الجسد في أن يستمتع برغباته , وأن يعيش في أمن وطمأنينة .
إن النزعة الارتكاسية وهي تحتمي بالجماعة , فلأنها تستهدفها كوسيلة لاجثتات الجسد كرغبة , أي كفردية تحوز استقلالها, وتلتحم بإنسانيتها, ومن ثم فغالبا ما تكون الجماعة مرتعا لإخصاب كل ايديولوجيا شمولية , مادامت الجماعة في لحظة تأثير الايديولوجيا مجرد قطيع منفصل عن التفكير, منقاذ للرأي الذي يغدو يقينا يغدي أوهام خلاص الإنسان , ويعطيها وعدا بحياة أخرى تتحقق فيها مملكة الله سواء على الأرض , أو هناك في الآخرة , وعلى أساس هذا المنظور فإن أولية حياة الجسد , تلك الرغبة الأصيلة للإنسان في الحياة تضحى معرضة للقلب والإتلاف , لتحل محلها أولوية موت الجسد , أو الرغبة في الآخرة , وهنا يمكن تفسير درجة التعصب العنيف التي وصل إليها الفكر الارتكاسي العدمي, التي تستهدف حياة الآخرين ووجودهم , ونمط عيشهم , وحقهم في الحصول على حياة آمنة لا يطالها أي تهديد .
إن إمكانية الجسد تتمثل في استعادة الرغبة الملتحمة بإرادة الحياة, وهذا ما يقودنا مرة أخرى إلى طرح إمكان الهوية , واستعادة مفهوم للهوية يستند إلى ماهية الإنسان , وليس إلى ماهية متخارجة عن الإنسان الحاضر هي ماهية الأثر , وإنما إلى ماهية الفعل والرغبة والوجود الحي , إن الجسد ليس ممكنا إلا من خلال إثبات قدرته على الوجود , وقدرته على إثبات , العلاقة بالعالم, حيث يعرض ذاته كا نفتاح على الغير في خصم وجدود " عبر جسداني أو بيجسداني" , وبالتالي فإنه في خضم العلاقة البيجسدانية في العالم يتشكل الجسد كهوية , ليست هووية أو تطابقية بذاتها وإنما كهوية غيرية, فانطلاقا من ذات الجسد المماثل تتحدد الغيرية.
إن الأساس الغيري للجسد , يلعب دورا أساسيا في قدرة هذا الأخير على أن يصير , بمعنى أن هويته إنما تتحدد في المستقبل باعتبارها مشروعا , وليس باعتبارها معطى قبليا , فالجسد الذي يصير هو وحده التاريخي , وهو وحده من يؤسس لكينونته باعتبارها مشروع وجود , ومن هنا فإن مفهوم الهوية يتجدر في التاريخ , فهو ليس مفهوما ثابتا بقدر ما هو نتاج الصيرورة, والإنسان الهووي الذي اكتسب هويته ليس هو ذلك الذي يحيا مغتربا عن حاضره, منغرسا في هوية ماضوية مستعيدا قيمها , وإنما هو ذلك الذي يشترع لذاته مكانة في المستقبل , جاعلا من لحظة الحاضر إمكانية حقه لاستعادة الرغبة الملتحمة بالإرادة, بمعنى إن الإنسان الغيري هو من يستعيد قواه الفعالة على أرضية استراتيجية الجسد .

حوار مع المفكر
عبد العزيز بومسهولي رئيس مركز الأبحاث الفلسفية بالمغرب



#عبد_العزيز_بومسهولي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- صدمة في الولايات المتحدة.. رجل يضرم النار في جسده أمام محكمة ...
- صلاح السعدني .. رحيل -عمدة الفن المصري-
- وفاة مراسل حربي في دونيتسك متعاون مع وكالة -سبوتنيك- الروسية ...
- -بلومبيرغ-: ألمانيا تعتزم شراء 4 منظومات باتريوت إضافية مقاب ...
- قناة ABC الأمريكية تتحدث عن استهداف إسرائيل منشأة نووية إيرا ...
- بالفيديو.. مدافع -د-30- الروسية تدمر منظومة حرب إلكترونية في ...
- وزير خارجية إيران: المسيرات الإسرائيلية لم تسبب خسائر مادية ...
- هيئة رقابة بريطانية: بوريس جونسون ينتهك قواعد الحكومة
- غزيون يصفون الهجمات الإسرائيلية الإيرانية المتبادلة بأنها ضر ...
- أسطول الحرية يستعد للإبحار من تركيا إلى غزة


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - عبد العزيز بومسهولي - نهاية الأخلاق وولادة الإنسان الجديد