أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد حرمة - الفانون أسمى تعبير عن إرادة الأمة















المزيد.....

الفانون أسمى تعبير عن إرادة الأمة


أحمد حرمة

الحوار المتمدن-العدد: 1443 - 2006 / 1 / 27 - 10:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عرف الدستور المغربي القانون بكونه أسمى تعبير عن إرادة الأمة ، و هو ما يعني أن المؤسسات التشريعية التي تسن القوانين ببلادنا مقيدة في عملها باحترام تلك الإرادة و تصريفها عبر نصوص قانونية تجسد فعليا مفاهيم المساواة و العدالة و تتوخى المصلحة العامة بما يتلاءم مع فلسفة التشريع و يتماشى مع المنطق القانوني السليم.
و إذا نحن طالعنا النصوص القانونية الصادرة عن البرلمان المغربي بغرفتيه نلاحظ مفارقة غريبة بين الخطاب الرسمي للدولة و نوعية المنتوج التشريعي من خلال العديد من القوانين، و كمثال حي على هذه المفارقة نشير إلى أنه صدر مؤخرا بالجريدة الرسمية عدد:5374 بتاريخ: فاتح دجنبر 2005 تضمن نشر الظهير رقم 1.05.113 الصادر بتنفيذ القانون رقم 25.05 بتعديل و تتميم الفصلين 353 و 355 من قانون المسطرة المدنية ، و نظرا لخطورة و أهمية الإستثناء ( على الاستثناء) الذي جاء به الفصل 353 نورده كالتالي:
" يبت المجلس الأعلى ما لم يصدر نص صريح بخلاف ذلك في :
1ـ الطعن بالنقض ضد الأحكام الانتهائية الصادرة عن جميع محاكم المملكة باسثناء:
الطلبات التي تقل قيمتها عن عشرين ألف (20.000 ) درهم و الطلبات المتعلقة باستيفاء واجبات الكراء و التحملات الناتجة عنه أو مراجعة السومة الكرائية.
الباقي لا تعديل فيه... "

رب قائل يقول بأن " إرادة الأمة" عبر نوابها، قد توجهت هنا إلى محاولة التقليص من عدد الملفات المتراكمة على المجلس الأعلى ، و التي تعيق عمل هذه المؤسسة كأعلى هيئة قضائية بالمملكة ، و ربما تتوفر وزارة العدل على إحصائيات مدققة تفيد بأن عدد الملفات التي لا تتعدى قيمة النزاع فيها 20.000 درهما أو المتعلقة باستيفاء أو مراجعة السومة الكرائية عدد ضخم يثقل كاهلها، و بأنه من أجل ضمان فاعلية أكبر لعمل المجلس يجب ألا ينشغل قضاته بالبت في الملفات "التافهة" حتى يتمكنوا من تكريس وقتهم و جهدهم للنظر في القضايا "المهمة".
لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو مدى احترام النص المعدل لإرادة الأمة و مدى انسجامه مع الخطاب الرسمي؟
سؤال يتعين علينا من أجل محاولة الإجابة عنه تحديد مهام المجلس الأعلى أولا و قبل كل شيء و معرفة الأدوار المنوطة به بهدف تكريس دولة الحق و القانون ، كما يتعين علينا تقييم المعيار القيمي "المالي" الذي انطلق منه هذا القانون و المقاربة الكمية التي تحكمت في وضعه.
فمعلوم أن المجلس الأعلى كأعلى هيئة قضائية بالمملكة معني أساسا بمراقبة مدى تقيد المحاكم الأدنى درجة بتطبيق القانون – و القانون وحده – و لا ينظر في موضوع الدعوى أو يقيم السلطات التقديرية للقضاة مصدري الأحكام و القرارات المطعون فيها بالنقض أمامه.فهو بذلك طريق من طرق الطعن الاستثنائية للطعن في الأحكام التي يدعي طالب النقض كونها خرقت القانون في حقه.
و معلوم أيضا أن الأحكام القابلة للطعن بالنقض في الميدان المدني هي الأحكام الصادرة بصفة انتهائية عن حكام الجماعات و المقاطعات ، أو تلك الصادرة عن المحاكم الابتدائية أو القرارات الصادرة عن محكمة الاستئناف أو عن محكمة الاستئناف التجارية ، و أن القانون لم يحرم المتقاضي من سلوك طريق الطعن بالنقض في جميع الحالات .
إلا أن الجديد الذي جاء به النص المذكور هو بكل بساطة إلغاء رقابة المجلس الأعلى على تلك المحاكم متى كان موضوع النزاع أمامها لا يتجاوز مبلغ 20.000 درهما أو تعلق باستيفاء أو مراجعة السومة الكرائية ، و هو ما يعني بالنتيجة إخراج عدد ضخم من الأحكام الصادرة عن محاكم الجماعات و المقاطعات أو عن المحاكم الابتدائية أو من القرارات الصادرة عن محاكم الاستئناف و محاكم الاستئناف التجارية من دائرة الرقابة في مدى تقيدها بتطبيق القانون استنادا إلى قيمة النزاع.
فكانت المفارقة هي أن أصبح المجلس الأعلى كمحكمة قانون مقيدا في البت بمعيار يتعلق بموضوع الدعوى ، و لم يعد بإمكان المواطن الطعن بالنقض في الحكم الصادر ضده إذا لم يتجاوز مبلغ النزاع 20.000 درهما أو تعلق النزاع باستيفاء أو مراجعة السومة الكرائية لبيته أو محله المهني او متجره، و ذلك حتى لو جاء هذا الحكم خارقا للقانون كأن يقضي بأداء واجب الكراء أو بمراجعة السومة الكرائية بالرغم من انعدام العلاقة الكرائية بين الطرفين، أو أن يصدر خرقا لحقوق الدفاع، أو أن يصدر بدون تعليل أو معللا تعليلا ناقصا، أو أن يأتي خاليا من البيانات الإلزامية كأن لا يصدر باسم جلالة الملك ...
أما إذا تعلق نفس النزاع و بنفس الوقائع بمبالغ مالية تفوق 20.000 درهما فإن للمحكوم ضده الحق في استعمال كل طرق الطعن الممكنة بدون قيد أو شرط.
إن إرادة الأمة لا يمكن أن تنصرف إلى حذف رقابة أعلى هيئة قضائية على أحكام المحاكم و لو تعلق الأمر بالمطالبة بدرهم رمزي ، لأن قدسية القضية بالنسبة للمتقاضي لا تكمن في القيمة المالية للنزاع و إنما في استرجاع الحق من يد غاصبه و تطبيق القانون ما دام القانون هو أسمى تعبير عن إرادة الأمة ، و أن من أوجب واجبات المجلس الأعلى بسط رقابته الكاملة لفرض تلك الإرادة.
و الخلاصة هي أن التعديل المذكور يسير عكس مبدأ سيادة القانون و احترام أسس العدالة و المساواة و استقلال القضاء و نزاهته، و يتعارض مع مفاهيم التنمية البشرية المعلن عنها رسميا، و سيكون من انعكاساته السلبية و الحتمية اختلاف الاجتهادات القضائية بدل توحيدها، و تراكم الشكايات على وزارة العدل ضد الأحكام و القرارات التي لم يعد من حق المواطن تقويمها بالطعن فيها أمام المجلس الأعلى ... و لا نعتقد أن إرادة الأمة تسير في اتجاه استبدال رقابة وزارة العدل برقابة المجلس الأعلى.
إن هذا التعديل الغريب يكرس منحى تشريعي طبقي بدأت تظهر بوادره منذ زمن غير بعيد و تنذر بسيل قادم من التعديلات " القانونية" التي تفتقد للأساس القانوني السليم، و تنطوي على تمييز غير دستوري بين المواطنين.
فالنص الجديد يحرم "قضايا الفقراء" من الحق في مراقبة سلامتها القانونية و جودتها ، و يفرغ عدة قوانين من كل مضمون إيجابي ، فكثيرة هي قضايا حوادث الشغل و نزاعات الشغل ، و كثيرة هي كذلك الدعاوى التي ترفعها المؤسسات التجارية الكبرى ضد زبنائها و التي لا تتجاوز قيمتها 20.000 درهما، بحيث لن يكون أمام العامل البسيط أو الزبون المغلوب على أمره أو المكتري المقهور الطعن في الأحكام و القرارات الصادرة ضده و لو جاءت مخالفة لألف قانون ، فلمصلحة أية أمة يصدر القانون بالمغرب؟



#أحمد_حرمة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- لعلها -المرة الأولى بالتاريخ-.. فيديو رفع أذان المغرب بمنزل ...
- مصدر سوري: غارات إسرائيلية على حلب تسفر عن سقوط ضحايا عسكريي ...
- المرصد: ارتفاع حصيلة -الضربات الإسرائيلية- على سوريا إلى 42 ...
- سقوط قتلى وجرحى جرّاء الغارات الجوية الإسرائيلية بالقرب من م ...
- خبراء ألمان: نشر أحادي لقوات في أوكرانيا لن يجعل الناتو طرفا ...
- خبراء روس ينشرون مشاهد لمكونات صاروخ -ستورم شادو- بريطاني فر ...
- كم تستغرق وتكلف إعادة بناء الجسر المنهار في بالتيمور؟
- -بكرة هموت-.. 30 ثانية تشعل السوشيال ميديا وتنتهي بجثة -رحاب ...
- الهنود الحمر ووحش بحيرة شامبلين الغامض!
- مسلمو روسيا يقيمون الصلاة أمام مجمع -كروكوس- على أرواح ضحايا ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد حرمة - الفانون أسمى تعبير عن إرادة الأمة