أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - رسلان خالد محاجنة - يا بُنيّ هؤلاء شيوعيون!!














المزيد.....

يا بُنيّ هؤلاء شيوعيون!!


رسلان خالد محاجنة

الحوار المتمدن-العدد: 1442 - 2006 / 1 / 26 - 10:06
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


رحم الله والدي، مر ما يقارب السنتين على وفاته، لقد كان ابي رحمه لله بالنسبة لي المرجعية، كنت كلما اواجه مشكلة او معضلة كان بمثابة الناصح والموجه لي.
كان ابي رحمه الله من القلائل من ابناء جيله في بلدنا، الذي كان يملك الجرأة والحكمة والشجاعة في طرح الامور ووضعها في نصابها الصحيح، الجميع كان يشهد له بعلميته في تحليل وطرح الامور السياسية والاجتماعية، عندما كنت تسأله عن موضوع معين او عن حدث معين، كان يجيب باسهاب ويدعمه بمثال او بقصة من تراثنا الشعبي، فقد كان ملما جدا بالقصص وبالامثال من تراثنا الشعبي.
في صغري، ربما لانني كنت الابن البكر، كنت مرافقا لابي في زياراته ومشاويره.
كانت تربط ابي علاقة مميزة وحميمة جدا بالرفاق الشيوعيين الاوائل من ابناء بلدتي ام الفحم، مع احمد نصر الله (ابو نشأت)، محمود الحصري (ابو العفو)، محمد يوسف شريدي (ابو سامي) رحمهم الله، وكذلك مع توفيق الحصري (ابو همام)، مصطفى اسعد عسلية ( ابو اكرم)، اطال الله في عمرهما ومع آخرين، كان اللقاء بينهم بالاحضان والمعانقة، كنت صغيرا في حينه ولم اكن افهم ما يقال من حديثهم، ولكن ما زالت تتكرر في مخيلتي تلك الضحكات وحالة المرح في جلساتهم تلك.
في اواخر السبعينيات وقد اصبحت شابا يافعا، انضممت لحركة ابناء البلد في حينه، في احدى جلساتي مع ابي طرحت عليه السؤال الذي شغلني كثيرا وحملته كثيرا من السنوات، ما سر هذه العلاقة الحميمة والخاصة التي تربطك بالرفاق الشيوعيين بالرغم من انك لم تنضم وتنتسب للحزب الشيوعي ولم تكن عضوا فيه؟
رأيت علامات الاستغراب على وجهه، ربما لم يتوقع ان يسأل هذا السؤال، وبصوت جهوري وبنبرة فيها نوع من الاعتزاز اجابني، يا بني هؤلاء شيوعيون!!
بالنسبة لابي، فهمه للانسان الشيوعي في بلادنا ليس بالمفهوم الكلاسيكي شيوعي معناه: ماركسي لينيني، فقط انما الانسان الشيوعي في منظور ابي ومنظور الآخرين من ابناء جيله هو الانسان المدافع عن الارض، الذي يقف في الصف الاول في مواجهة الحكم العسكري واعوانه، وكان يستشهد كثيرا في مواجهة الحاكم العسكري في احداث ايار 1958 في ام الفحم، الشيوعي بمنظور ابي هو الانسان القريب من الناس ومن همومهم، ألمهم يؤلمه وهو المدافع عن حقوقهم، الشيوعي هو ذاك الشخص الذي حفرت على اخاديده علامات الفقر والجوع، الشيوعي الذي تميز بعلاقته الانسانية مع الآخرين، الذي كان يفضل العام على الخاص، ويدفع ثمنا باهظا في حينه نتيجة لمواقفه. عندما سألته، وكان السؤال محرجا له بعض الشيء، لماذا لم ينضم للحزب الشيوعي ليكون في خندق واحد مع اصدقائه؟ اجابني وبصراحته المعهودة والمشهود لها، وبعض الاحراج ظاهر على ملامحه، ربما لانني لم اكن املك الجرأة والشجاعة الكافية في حينه لانضم واكون مع هؤلاء اصدقائي، فالثمن كان باهظا جدا، ان تكون شيوعي ومنضمًا للحزب الشيوعي معناه ان تسجن او تطرد او تنعى من بلدك لبلد آخر وهذا معناه ان تترك بلدك واهلك ،زوجتك واولادك، وان تكون شيوعيا معناه حرمانك من التصاريح لتستطيع التنقل والذهاب للعمل من اجل توفير لقمة العيش لاطفالك. هذا الثمن باهظ جدا وليس كل واحد منا على استعداد لدفعه، هؤلاء الاشخاص الذين تتحدث عنهم، قد دفعوه، وذلك من اجل ان يحظى الآخرون بمأمن واستقرار وسلام، لاجل ذلك، العلاقة والصداقة مع هؤلاء هي مفخرة ومعزة لي ولكل انسان شريف في هذه البلدة، واضاف باستهزاء معين، ربما ليهزأ قليلا مني، اليوم جميعكم تستطيعون العمل بالسياسة بحرية، ولستم بحاجة لدفع الثمن كما دفعه من سبقكم، اليوم انقلبت الامور رأسا على عقب، فالخاص طغى على العام وليس كما كان. عند انضمامي للجبهة، كان ابي رحمه الله سعيدا جدا بخطوتي هذه، وشاركني اللقاءات مع قيادة الحزب والجبهة في حينه، وقال لي ها قد وجدت ضالتك وطريقك، شارك في العمل على تجنيد الاصوات في المعارك الانتخابية الاخيرة للجبهة بالرغم من مرضه وسأفتقده كثيرا في هذه المعركة.
في هذه الظروف التي نمر بها، افتقد ابي كثيرا، وانا بحاجة ماسة له ليسمعني ويوجه النصيحة لي، ربما يراقبنا من السماء، وانا متاكد انه يستشيط غضبا على ما يحصل، ويسأل نفسه وهو في الاعالي، أيعقل ان الاشخاص او الشخص الذي آمن بهذا الفكر وبهذا الماضي المشرف، واراد ان يحافظ عليه وان يستثمره للحاضر وان يكون لنا جميعا منارة للمستقبل، تمسك به واحتضنه للحفاظ عليه، لعلمية هذا الفكر وهذا التوجه وانسانيته يُذم ويدحر ومن اقرب المقربين له.
للتخفيف من غضب والدي رحمه الله على ما يحصل وهو في لحده، وتلبية لارادته فانني اصبحت على استعداد تام للانضمام والانتساب للحزب الشيوعي، هذه هي قناعتي، وربما في هذه الخطوة ما يُعطي بعض الراحة لوالدي رحمه الله في لحده.




#رسلان_خالد_محاجنة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- أحدها ملطخ بدماء.. خيول عسكرية تعدو طليقة بدون فرسان في وسط ...
- -أمل جديد- لعلاج آثار التعرض للصدمات النفسية في الصغر
- شويغو يزور قاعدة فضائية ويعلن عزم موسكو إجراء 3 عمليات إطلاق ...
- الولايات المتحدة تدعو العراق إلى حماية القوات الأمريكية بعد ...
- ملك مصر السابق يعود لقصره في الإسكندرية!
- إعلام عبري: استقالة هاليفا قد تؤدي إلى استقالة رئيس الأركان ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: الولايات المتحدة تبارك السرقة وتدو ...
- دعم عسكري أمريكي لأوكرانيا وإسرائيل.. تأجيج للحروب في العالم ...
- لم شمل 33 طفلا مع عائلاتهم في روسيا وأوكرانيا بوساطة قطرية
- الجيش الإسرائيلي ينشر مقطع فيديو يوثق غارات عنيفة على جنوب ل ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - رسلان خالد محاجنة - يا بُنيّ هؤلاء شيوعيون!!