أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد البوزيدي المغرب - الرحيل ......الرحيل















المزيد.....

الرحيل ......الرحيل


محمد البوزيدي المغرب

الحوار المتمدن-العدد: 1438 - 2006 / 1 / 22 - 11:55
المحور: الادب والفن
    


حملت ذاتي ،سحبتها من مستنقع ضاق عهرا بالعهارة اليومية ،لقد فاض الكيل ،وتفتقت الحواجز من فرط مارأيت ،هل النهار يفتتح صباحه بليل رمادي ولو كان ضوئه أبيض.
أجل، هربت لأحمي كياني،فلا حياة لمن أنادي ،وإذا كان التاريخ علمنا أن الفرار هو سلاح العجزة والجبناء ،فهنا أصبح كنز الشجعان والأقوياء ،لا حل آخر :إما أن تفر فرارا ،أو تذوب وسط الطحالب تواصل الشرب من الماء العاكر الملوث بقذارة "فكر"يئسنا من كنسه على عجل ،
الفرار لا يعني الهروب بل يحدد معنى جديدا للحياة ،ومن نجى فاز ،ومن انتحى جانبا بعيدا عنهم فقد ارتمى في حضن دافئ غالي ونادر.
ها أنذا في الهواء الفسيح ،أحلق عاليا ،كل شيء أمامي واضح حتى الأكثر غموضا عندما كنت مازلت هناك ،أنظر من كل الزوايا ،لا أعتقد أن أحدا اكتشف انسيابي وإلا لطلب الرفقة في هذا الزمن الذي لا رفيق فيه إلا الذات الحزينة ،لو علم بعضهم لقبض علي متلبسا ،لا محبة أو رفضا للأمر ،لا احتجاجا ،ولا ..ولا...فالقبض علي ولو من عقب حذائي لا يعني سوى اقتراب غريق في البحر من شخص كاد يصل لشاطئ النجاة والإبتعاد كثيرا عن الموج المتلاطم ،يا قوم النجاة النجاة فلا جماعة ولاتضامن ،ولا أعز من الذات ..وبعد الهدوء وفي الشاطئ نعيد السيناريو الخاطف ونحكي لحظات الزمن الهارب على عجل .
ومن الفضاء البعيد ،يبدو نمر أسود يلقبونه بالفراغ ، بسط ذراعيه بكل اطمئنان للقادم من الأيام ،لا عدو له بل الكل يغازله ،هاهو يلتهم متعلمينا ويقرض مثقفينا ،يقض مضاجع الجميع ،وهم يبتسمون كفرح طفل بأرجوحة عيد الميلاد ،يعلمهم أن اللعب في الهاتف النقال مهنة جليلة ،وأن التسكع في المقاهي فضيلة ،وترديد أقوال الصحف الغير مطبوعة هواية شريفة" شرف" الإنسان في هذا الزمن الماكر.
يتحكم النمر ياسادتي في خيوط اللعبة ،وداخل السيرك العجيب الذي نصبه وسط الساحة الفسيحة ،كل شيء مصان وبإتقان ،اللاعبون من كل الأصناف والألوان حتى البنفسجية منها ،الجمهور ضاق بالقاعة التي اقتحمها دون إشعار ،وبدا الاختناق ،البقاء للأقوى ،ولا خروج ،فكل المنافذ مزدحمة ،حتى مالكها فر من الباب الخلفي تحسبا كي لا يكون شاهدا على مالا يتمناه أن يحدث ،لكن شيئا لن يقع ،وحتى لو حدث فكل الوثائق والأمور والعلاقات مضبوطة.لقد ذهب لينام وترك الجميع ينتظر بداية عرض مازال الممثلون أثناء إعداد البرنامج لم يتفقوا على ترتيب الأدوار فيه وكل يصيح مزمجرا:النوبة نوبتي
مازال الجمهور ينتظر بداية العرض الذي كان الإشهار مشوقا له ،لقد أعلن المنظمون حسب ما أخبرني صديقي قبل أيام أن كل الألعاب حاضرة ،من الغميضة التي يتجول صاحبها دون مرشد خاص ،إلى الأسود التي تبدو من بعيد تكشر عن أنيابها رغم أن صفارة آلية قادرة على لجم تحركاتها واستعبادها والتحكم فيها إلى مالا نهاية .
مازال المشهد ممتعا، لكن من الأعلى، ما زالت بدايته تبدو بعيدة، من التزاحم بدأ يسيل العرق وقد نفد كل الورق الشفاف الذي حمله أحد الباعة المتجولين، الكل يتساءل إذن متى سينتهي العرض؟؟
تدخل صوت آخر ناصحا :لا لايهم المهم هو الفرجة، وهذه فرجة أولية. فعلا لقد ساد الهرج والمرج ،لقد بدأ البعض يفكر في صياغة شعارات مناسبة للمرحلة للاحتجاج على تأخر العرض.
ولأنني أنزعج بالضوضاء الذي احتوى المكان آثرت الانسحاب للإستمتاع بهدوء طبيعة جميل.
أواصل المسار ،الطبيعة جميلة ،لو لم أحلق عاليا لم أدري أن بلدي حي بأشجاره ،بجباله ،ثرواته وفيرة ،لكن على غير العادة البحر اليوم صامت غير هائج على خلاف مااعتاد في مثل هذا الشهر ،لكن هل الزمن زمن مد أو زجر.
لا أدري ،لكن أتذكر أن أستاذ الاجتماعيات علمنا أنه أحيانا قد تتدخل الأيادي البشرية لتحاول التحكم في القوانين الطبيعية. فهل لذلك لم يتكلم البحر ،حاولت الحديث له ،لكنه لا يجيب فهو حزين،حتى الأسماك اعتصمت اليوم ولم تخرج كالمعتاد تضامنا معه ،الطيور جالسته بانتظام بالشاطئ تواسي كربته ، وتحاول تضميد جراحاته ،أما البشر فلا يبدو فوق الرمال على غير مااعتدت أي أثر لتجول بشري ،ابتسمت له لأزعزع كيانه لكنه لم يرد سوى ببكاء صامت لمياهه التي ذرفت دموعا حارة انكسرت على أحجار كريمة جانبه .
يابحر متى تضحك إذن كما اعتدت دوما ؟؟
تهت، واصلت المسير كالمسبار الفضائي ،هاهي جماعة من الأطفال الصغار، اقتربت منهم ،لكن بعيدا بدأت مراقبتهم كما يفعل الظل الخاص المشهور في دول العالم الثالث بالمناضلين ،كانوا يلعبون القمار ،انتبهت لساعتي ،واستغربت :كيف ؟ أليس الوقت وقت مدرسة ؟ فلماذا لم يذهبوا إليها ؟
تهت، حاولت أن أسألهم، لكن صمتت، بدأت أفكر:
هل ساعتي مضبوطة فعلا ؟ لكن وفق أي زمن ؟ وأي توقيت ؟
حاولت الإجابة لكن توالت الأسئلة منهمرة كالرصاص الملعلع في سكون رام الله :
ترى من يحدد التوقيت ؟ ومن يتحكم في الوقت ؟ وما علاقتنا به نحن الذين نتكلم عنه مطولا ؟هل من موقع الفعل أو المفعول فيه ؟
لم أستطع الإجابة ،حاولت الإتصال بأحد أصدقائي الذي مازال في السيرك المعلوم ،لكن صراخ فجائيا للأطفال أجل الفكرة :
قال أحدهم أنه لن يؤدي لصاحبه ماعليه من ديون من اللعبة لأنه قدم له أمس علبة سيليسيون مجانا .
رد آخر كان معهم ؟ أنا سأؤدي نصيبه لأن لي أموالا مضافة حصلت عليها من بيع دراجة سرقتها أمس من سطح الجيران .
واصل الآخر: أما أنا فلن أؤدي نقودا بل ستتقاضون ماعلي خمرا لذيذا وعدتني به العاهرة التي تسكن أمامنا نظير إحضار علبة سيجار ممتاز لها والتلصص على زوجها الجديد.
تواصلت البطولات التي لم تتحمل أذناي سماعها ،انزعجت كثيرا ،بكيت في قلبي ،كادت مقلتاي تطيران خارج محجريهما من هول مارأيت وسمعت ،هل انعدمت البراءة من الأطفال ،انسحبت بعيدا لأرجع لصوابي ،غسلت وجهي بماء الشتاء الطاهر ،لأجدد طاقاتي ،لأن الماء الأرضي فيه مادة الكالكير التي لقننا المعلم أنها تضيف قيمة مضافة من البلادة ،.
مازال الحوارمسامرا ، بل تطور لصراخ، وصراع ثم نزاع، تساءلت:هل العنف اقتحم عالم البراءة، لم أرد التدخل لأنني أخشى البقاء هناك، والرجوع من حيث هربت، وأنا في الجو..
حزنت حزنا شديدا ،لذلك عزمت على الرحيل فعلا بشكل نهائي لعالم آخر
عالم لاأحس فيه بالحزنفي كل مكان وفي كل لحظة وحين.
عالم أرى طفلا ترجل قبل الأوان ،وانحرف خطه بفظاعة غريبة الأطوار.
عالم أبتسم فيه تلقائيا وأغوص في الأعماق دون أن تضيق رئتاي عن التنفس .
عالم أحمل فيه هموم زماني بإخلاص ،وأقرأ دون ضجيج في قارئة فنجانه عمق أسراره .
عالم أستمتع فيه بالترانيم العذبة التي تمجد الإنسان، وتفسح في الكون أفقا جديدا أخاذا .
عالم أحتفي فيه بعشق الطيور وزقزقتها وتغاريدها التي تحيل إلى بهاء جميل أخاذ يسافر بنا إلى لانهاية محددة
عالم آخذ فيه الصور التذكارية مع طبيعة خلابة رقيقة، حيث تنفتح الأزهار، تحتضنني، أشم ورودا عبقة، تنبثق منها روائح جميلة أصبحت غائبة في زمننا الحاضر.
عالم أعبر فيه بحرية ،أحس أنني ذات موجودة ،ولست رقما مضافا إلى شئ مضاف إليه بالآلاف ،والكل مجرور مع جار غير محدد ومجهول .
فيا حملة فكر جديد لم يتلطخ بمواقف الغدر الرهيبة الرحيل الرحيل قبل فوات الأوان .



#محمد_البوزيدي_المغرب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد البوزيدي المغرب - الرحيل ......الرحيل