أحمد سالم أعمر حداد
(Ameur Hadad Ahmed Salem)
الحوار المتمدن-العدد: 1436 - 2006 / 1 / 20 - 07:50
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تصاعدت مؤخرا حدة المنافسة الحيوية المحتدمة بين طهران ، والادارتنين الامريكية والبريطانية بسبب تداعيات الاصرار الايراني ، على المضي قدما نحو المجد الذي
يحققه امتلاك السلاح النووي ، خاصة البلوغ السياسي والانضمام الى تجمعات الدول الراشدة كفاية للتداول الندي للشأن الدولي من ابداء الاراء ، الى التاثير وصنع الاحداث ، بدل استهلاك السياسات العالمية . وهي منافسة قمينة بالمتابعة لما تتسم به من الجدية والمناورات الذكية من طرف طهران.
1- بينما تعبر كل من الادارتين الامريكية والبريطانية عن قلقهما الدائم ، الذي تتسبب فيه ايران بومب فوبيا ، تستمر ايران في خلق خيارات متعددة ، و التصعيد هنا وهناك انطلاقا من الازعاج الحقيقي المكشوف لاسرائيل(تصريحات نجاد الاخيرة حول الهولوكوست)وصولا الى التهديد باستئناف التخصيب . لكن لماذا ؟ بكل بساطة ، أطراف المعادلة يعرفون بعضهم جيدا ، الولايات المتحدة الامريكية و الترويكا الاوربية ( بريطانيا - فرنسا - ألمانيا ) ، يعرفون جيدا أن طهران لن تتوقف عند الاستخدام المدني للتكنولوجيا النووية ، بل هي ماضية قدما وباصرار شديد نحو الاستخدامات العسكرية للوقود النووي. من جهة أخرى ايران تعرف جيدا سقف الازمة ، وهو الوصول الى الردهات المظلمة لمجلس تقويض الامن الدولي ، من هنا يعتبر نجاح ايران في ادخال الطرف الروسي على الخط ، كحليف جيد ، وبدرجة أقل الطرف الصيني ، حركة ذكية ، تقوض السقف الاكثر سلبا للازمة ، وهو ما أدى الى ارباك سرعة الوصول الى مجلس الامن الدولي ، وهو أمر واضح في تردد الادارتين الامريكية والبريطانية في الاحالة العاجلة لمجلس الامن . كما أن ايران لا تبدي خشية من اعلى مخرجات هذه الاحالة والاكثر احتمالية ، وهي الحرب الاقتصادية أو العمل العسكري ، الاولى لن يتضرر منها الملف النووي الايراني كثيرا ، أما الثانية فغير ممكنة حاليا . من جهة أخرى من المحتمل كثيرا فشل الولايات المتحدة وبرطانيا و فرنسا في تمرير اي قرار ضد ايران حاليا ، بسبب العرقلة المحتملة من طرف روسيا والصين .
2- الولايات المتحدة الأمريكية وكافة الاطراف الاوربية ومجموع الوحدات الدولية المناوئة لحصول ايران على السلاح النووي ليس أمامها الان ، عندما تعسر عليهم ثني ايران عن طموحها النووي ، سوى الذهاب الى مجلس الامن ، لكن ما هي حدود ما يمكن طبخه هناك ؟ هذا هو السؤال المطروح الان ؟ كما أن طهران استعدت بالكامل ومنذ مدة ليست بالقصيرة لهذه اللحظة ، بعد سن قانون استئناف التخصيب في حالة وصول الملف الى مجلس الامن ، والمصادقة عليه بتاريخ 20-11-2005 ، من طرف النواب الايرانيون ، بمعنى ان الحكومة الايرانية لن تجد اي مجال يسمح لها ، بالدبلوماسية ، أو التراجع الى الوراء .
3- بالعودة الى أدبيات التفاوض السياسي وفنونه ، ايران لم تدخل بعد حلقة التنازل السياسي ، كما يحدث مثلا لباقي الانظمة السياسية التي تعاني من أزمة سيادة حقيقية وجلها دول تنتمي الى النظام الساسي العربي ، وهي ضمن الحلقة الاضعف ، وعلى سبيل المقارنة العلمية ، قد نذهب الى ضرب المثل من داخل النظام السياسي العربي ، ليبا مثلا ، تنازلت في ملف الاسلحة ، واحرقت عتادها و أذابت أموالا وجهودا شعبية طائلة . وهي الان في موضع تلقي السياسات ، ولن تتفاوض أبدا بعد الان ، اللهم اذا تغير النظام السياسي بأكمله ، وهو أمر محتمل الى درجة كبيرة ، على خط الزمن متوسط المدى . لكن ايران لا تزال تفاوض ومن موقع قوة واضح ، ويبدو انها تعد لكل مرحلة سلاحا وردا مناسبا وليس من المستبعد ، بل من المعلن لدى الادارة الايرانية احتماية استخدام سلاح النفط وذلك بايقاف صادراتها من النفط وهي صادرات بالغة الاهمية ، واذا ما تم ذلك ، سوف تكون خطوة سالبة للغاية على الاقتصاد العالمي .
التوصيف الحالي الممكن لتداعيات وسقف ملف طهران النووي ، وسعيها الحثيث نحو امتلاك القنبلة النووية هو : ان جميع الاطراف المناوئة لطهران انتقلت من حالة الفوبيا ، الى حالة القلق والتوتر بسبب اجادة ايران لتوظيف كافة ألأوراق الناظمة لملفها النووي وبحكمة متناهية ، و بشكل اساسي ، علاقتها بوكالة البرادعي و الخطير في الامر انها ، استطاعت أن توصل جميع الاطراف الى مشاعر التوتر ، بهدف القاء كافة أوراقها المحتملة .
لا أريد أإن ألعب دور المنجم ، لكن هذا لملف بمعطياته الحالية قد ينتهي الى امتلاك طهران القنبلة النووية ، بعد حين ليس بالبعيد ، نظرا لامتزاج السياسي بالشعبي ، وهو امتزاج يتغذى على محددات اقتصادية و أوضاع سياسية مستجدة اقليميا ودوليا ، سوف تؤدي لا محالة الى أن يستفيق العالم يوما ما على صور الايرانيين ، وهو يحتفلون ببلوغهم السياسي ، و يعلنون عن تحليلهم الخاص للاوضاع الشرق الاوسطية والعالمية بجرأة ووضوح أكثر ، كما أعتقد انه من الحكمة تقبل ذلك بروح سياسية واقعية ، من طرف وحدات الجماعة الدولية ، المفهوم الافتراضي الاكثر غرابة الان ، بدل صبغ المزيد من السلبية على الاوضاع بالمنطقة .
#أحمد_سالم_أعمر_حداد (هاشتاغ)
Ameur_Hadad_Ahmed_Salem#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟