عبد الفتاح غانم
الحوار المتمدن-العدد: 1436 - 2006 / 1 / 20 - 01:36
المحور:
القضية الفلسطينية
الانتخابات التشريعية خطوات للوراء بدون أي خطوة للإمام
أكثر من عشر سنوات مضت بعد توقيع اتفاقية اوسلو، وما زالت القيادة الفلسطينية وعموم الفصائل الوطنية والإسلامية، تمارس سياسة التورية والخداع والكذب على جماهير الشعب الفلسطيني وعلى الأمة العربية، ذلك ان السياسة الرسمية في م.ت.ف والتي اعتمدت المفاوضات مع الحكومة الإسرائيلية كانت تعول على صدقية حزب العمل في انتشال قيادة م.ت.ف من أوحال الإفلاس السياسي والمالي التي آلت إليها أوضاعها خاصة بعد حرب الخليج الثانية وما ترتب على هذه الحرب من سياسة عربية معادية لقيادة م.ت.ف لموقفها من الحرب المذكورة، واعتماد سياسة تجفيف موارد منظمة التحرير المالية، بالإضافة إلى ان الساحة التونسية كانت قد أكملت العشر سنوات التي استؤجرت هذه الساحة كمستقر للمنظمة بعد الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982...
أن قيادة م.ت.ف قد ارتكبت الأخطاء والخطايا منذ خروج قوات الثورة من لبنان، فهي بدلا من اختيار الساحات العربية التي تكفل ديمومة الثورة وإمكانية استعادة نقطة ارتكازها في الساحة اللبنانية، اختارت الساحات العربية البعيدة عن ساحة المواجهة، وكانت كل رهاناتها على الحل التفاوضي وقدرة هذه الأنظمة العربية على وصولها لهذا الهدف " مشروع فهد عام 1981 مثلا "، وكانت هذه الخطيئة الأولى...
وترتب على ما تقدم انشقاق حركة فتح، وتداعيات الانشقاق بالتمزق الذي شهدته فصائل م.ت.ف، والمعارك العسكرية الداخلية، والمعارك العسكرية مع النظام في سوريا، كل ذلك جعل م.ت.ف رهينة لدى النظامين المصري والأردني من جهة ورهينة لدى النظام العراقي من جهة أخرى، حتى إذا اندلعت حرب الخليج الثانية واحتلال امارة الكويت من قبل نظام صدام حسين، وإذا قيادة المنظمة مخنوقة بالعلاقة مع النظام العراقي ومؤيدة لاحتلال الكويت، وكانت هذه هي الخطيئة الثانية...
وهي حين وقعت اتفاقية اوسلو كانت تعتبر أن رابين وحزب العمل هما معجزة السماء لإنقاذ المنظمة وقيادتها من الموت المحتم، وكان الرهان غير الواقعي على هذا الاتفاق الانتحاري، حتى أنها قدمت ما قدمته من تنازلات وصمت آذانها عن خطورة عودتها " عودة القيادة " إلى منطقة الحكم الذاتي، تحت وهم الركون والرهان على صدقية حزب العمل الإسرائيلي...
ومنذ اغتيال اسحق رابين " شريك أبو عمار " وحتى اليوم ما زالت قيادة الرهان على المفاوضات باعتبارها طريق الخلاص، تأتي للشعب الفلسطيني وللقضية بكارثة تلو الأخرى، ولم تشفع لهذه القيادة جميع التنازلات التي قدمتها للحكومة الإسرائيلية، ابتداء من التنسيق الأمني، مرورا أيضا بطرح تصفية فصائل فلسطينية بالاتفاق مع الإسرائيليين، وانتهاء بمبادرة جنيف، لم تشفع لها كل هذه التنازلات، وتم قتل ياسر عرفات في مقاطعة رام الله بعد فرض السجن عليه هناك أكثر من عامين، وهنا لن تستفيد القضية والشعب مما تروجه وسائل الأعلام وما تدعيه القيادة الحالية، بأن استشهاد أبو عمار هو دليل على صوابية السياسة بل العكس هو الصحيح...
إما على الجانب الأخر فأن فصائل المقاومة المسلحة، لم تكن أحسن حالا من قيادة المفاوضات، سواء إثناء اجتياح لبنان عام 1982، حيث أن عددا من هذه القيادات وافقت على الخروج من بيروت تحت الأعلام البيضاء وبرعاية الصليب الأحمر الدولي، وقسم أخر اعتبران المقاومة المسلحة قد انتهت كمرحلة، وجميعها اتفق فيما بعد على نهاية قيادة وزعامة عرفات للشعب الفلسطيني، وبعد سنوات كان البعض يلتقي مع قيادة عرفات ويعود إلى م.ت.ف تحت سقف النظام الأردني ثم عاد الجميع إلى داخل م.ت.ف والاعتراف بقرار 242 ووقع اتفاقية عدن – الجزائر، واعتبر الاعتراف بقرار 242 هو انحياز للوحدة الوطنية الفلسطينية، وبعد اتفاقية اوسلو هددت هذه القيادة اياها بالويل والثبور وعظائم الأمور لياسر عرفات وكل من وقع هذه الاتفاقيات، حتى ان البعض ذكر ان هناك مئات الاستشهاد يين المستعدين لتفجير قيادة السلطة وخاصة ياسر عرفات، لكننا بعد بضع سنوات رأينا هؤلاء وممثليهم يصطفون بالدور لنيل مساعدة ياسر عرفات!!!...
أن انتفاضة الأقصى في اشهرها الأولى أعطت ثمارها الطيبة لصالح القضية الوطنية الفلسطينية، ثم عادت القيادات الحربجية لتهدي لإسرائيل اثمن نصر وفي أسهل حرب خاضتها إسرائيل طيلة حروبها مع العرب والفلسطينيين، وذلك من خلال انجرار هذه القيادات الحربجية، إلى المنازلة العسكرية وهم يعرفون سلفا اننا الطرف الخاسر فيها، بالرغم من التضخيم الكاذب في أهمية وتأثير العمليات العسكرية التي نفذها الاستشهاديون ورماة الصواريخ محلية الصنع على إسرائيل،ان تحرير فلسطين لا يمكن ان ينجز عن طريق مثل هذه العمليات مهما كانت شعارات التحرير من النهر إلى البحر...
كانت دعوة الثوريين الحقيقيين منذ بداية الانتفاضة، عدم الانجرار لما تخطط له هيئة الأركان الإسرائيلية، وان تكون الانتفاضة شعبية فعلا وبدون أي مظهر من المظاهر المسلحة والعسكرية، وان يتم وقف التنسيق الأمني، ووقف المفاوضات، وحتى يكون للرأي العام الدولي والضغط الدولي مفاعيله الايجابية على الحكومة الإسرائيلية...
لم تتعلم قيادة السلطة، ولا القيادة في المعارضة خطورة المتغيرات الدولية بعد تفجيرات 11/9/2001 في واشنطن، بل أن بعض القيادات " قيادات الصدفة " ايدوا إسامة بن لادن، وسمحوا لانصارهم بالنزول للشارع وهم يحملون صور بن لادن وهم يهتفون ويهزجون...
هكذا اهدينا انتصارا رخيصا لحكومة إسرائيل، وصارت انتفاضة الأقصى، في القاموس الاميركي هي الشقيقة التوأم لحركة طالبان، وقد دفع الرئيس عرفات حياته على مذبح هذه الخطيئة القاتلة...
الانتخابات التشريعية وغياب العقل والمسؤولية:
أن ازدحام الطريق المؤدية للانتخابات التشريعية محفوفة بالمخاطر، خاصة إذا تفحصنا قوائم المرشحين وبرامج القوى المتنافسة فالجميع يستبعد العقلانية وأصحاب العقول الوازنة في المجتمع الفلسطيني والجميع يسابق الجميع على الشعارات غير الواقعية، وهناك مخاطر جدية تتهدد مشروعنا الوطني في حالة انفجار الوضع والدخول إلى ساحة الاحتراب الفلسطيني – الفلسطيني، أن الانتخابات التشريعية في هذا التوقيت بالذات هي خطوات للخلف ولا يوجد أفق لخطوة للامام ضمن معطيات الواقع الراهن...
- الامين العام لحزب الميثاق الفلسطيني الديمقراطي
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟