أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الميالي - ظِلّي .. وأنا














المزيد.....

ظِلّي .. وأنا


محمد الميالي

الحوار المتمدن-العدد: 5464 - 2017 / 3 / 18 - 15:28
المحور: الادب والفن
    


راودني عن نفسي ذاتَ يومْ .. وغلَّقَ الأبوابْ .. حيثُ هَمَسَ بأذنِ الفؤادْ .. وتَلا بَسملةَ عشقهِ ـ جنونيةٌ من أولِ وهْلةٍ .. ّ أكْملَ آياتِ الهيامِ فتلبّسَتْ في جوارحي لهْفاً كالشراعِ على جسدي المرهفِ الحسّاسْ .. امتلكتْ هَواجِسي .. شَعرتُ بطوفانِ بَحرهِ الهائجِ يعصفُ بي .. فهمَّ وهَمَمَتُ .. حينها جَنحْتُ به الى شواطىء تأملي وضِفافِ سَريرَتي .. في جَزيرةِ وحدَتي .. ابْتَلّتْ مِنهُ سكناتُ مهجتي .. راحَ يلثِمني بلِا هَوادةٍ فَأيْنـَعَتْ واخْضَرّتْ أوراقُ خَريفي ..
وهُنا بَدأتْ رحْلَتي مَع ظِلّي الذي لَمْ أشْعُر بوجودِهِ من قَبلُ .. لَمْ ألتفِتْ لولادتهِ معي .. تَوَسّدَ طولُهُ طولي ..
وأغْرَقَني كأسُ تلذذِهِ .. فَيْضاً نَرْجِسياً مُفعَماً بِعِطْرِ البَنَفسَج ..
ّ اسْتَطالَ معَ شَمسه في سماءِ تبرجِهِ .. ليسْبِقَ طولهُ طولي .. لمْ أعرف حِينها أسْرارَ جسده الشَفيف .. ابتَعَدَ كثيراً حتى ارهقَني القَلَق ..ّ عادَ يَقْتَربُ .. يَتَمايَلُ كراقصةِ السّيرك على حَبْلِ توددهِ وأرجوحَةِ دلالهِ .. قَصُرَ طولُهُ من جَديد شَيئاً فَشيئاً كالساحِر .. كلما ارتفعَتْ شَمسُ توهجِهِ ..
أحسّ بِتَوتّري .. خَشي نَباهَتي ..فَسَجَدَ تَحْتَ قَدَمي عِنْدَ الزَوالْ .. تركتُهُ هنيهةً ليُصَلّي الغُفرانَ على سجادِ البَراءةِ .. كأنّهُ يَتَغابى فَتَغابَيْنا مَعاً ..
نَهضَ بهدوءٍ واسْتَطالَ طولهُ معَ طولي .. مُسترخياً ..
لكنّما هاجسٌ بَـدأ يَنتابُني ويتلبّسُ جَوانِحي .. أدْركَ ذَكاؤهُ فِطْنَتي .. غَشيَني كُلّـهُ .. وكُلّي حَولَهُ .. تلبّسني الشيطانُ .. فَهَزّ كُلَّ مَفاصلي .. وارْتَعَشَتْ لهُ اسطورة كِياني .. كَيوْمِ صائِمْ .. ابتلتِ العروق ولَمْ يَثْبت الأجر ..
تلا آيةً أخرى .. فَصَدَّقْتُ .. وكُلما يَتلو أصَدِّقُ لهُ ..
فبتُّ أنشدُهُ شِعْرَ العِشقْ .. دِفْقٌ يَتلو دفقاً .. وهُوَ يَتَلوّى بِجَسدي .. يَخترقُ كُلَّ مفصلٍ منّي .. يَسيرُ في دَمي .. فَتحترقُ الخلايا وتولدُ أخرى .. ويَنْحتُ ذاتَه في كُلِّ خَليّة ولِدَتْ للتَوْ .. حروفُهُ لمْ تَكُنْ كالحُروف .. لا أدري هلْ كِرسْتاليةٌ أم نورانيّة ..
أحسستُ حينها بولادةٍ جديدةٍ .. وربيعُ عُمري بَدأت تُزهرُ أشجارُهُ .. وفاضَ رحيقُ أورادِهِ .. وسَكنتْهُ الفراشات وهيَ تُنشد لغدٍ آت .. عَزفَتْ أوتاري قصيدةَ الأملِ .. وهو يرقصُ أمامي على استحياءْ ..
قَطفَ وردةً حمراء وقدّمها لي بأناملِ الخُيَلاء .. فقطفْتُ لهُ وردةً بيضاء من نبتةِ الصفاءْ .. وقدّمتْها لهُ أناملُ لهفي كوثيقةِ سلامْ .. كُتِبَ عليها سيمفونيةُ عِشقٍ سرمدي ..
ساعاتٌ عُدَّتْ بِلحظات ..
صَنعَ من أظلعي ناياً قدَّمهُ لي.. وبدأَ يَستطيلُ من جديدٍ .. نَبضَ قلبي خوفاً .. وارتعشَتْ شَفتاي ..
طالَ طولهُ .. غارَ عُمْقهُ .. يلتفتُ بينَ حينٍ وحينْ .. يشاكسني محاولاً تهدئةَ روعي .. حتى غَرِقَ في الأفقِ البعيد ..
فجنحتْ معهُ الروح الى المغيبْ .. عانقَ الأفقَ .. وانسلّ كلُّ شيءٍ منهُ عنّي .. ابتلعهُ الأفقُ ولمْ يبقَ معي منهُ سِوى ماتركهُ من سحرٍ وتعويذاتِ جنونهِ وجُنَّتهِ في جَسدي .. سَكنَ كُل شيء .. وجلستُ بَعدَ أن جَمَعْتُ حطبَ مَوقدي .. وأشعلتُ نارَ الدِفىء .. بَردٌ خارقٌ يفترسني ..
حينها ادركتُ سِرَّ الناي .. فَعزفَتْ أوتارُ اليأسْ أغنيةَ الفراقْ ونفختُ أنفاسي في أمعائهِ .. وأدركتُ حقيقةَ ظلّي .. كانَ جِن تلبسَ بي وأغواني .. استغلَّ جَسدي ليختبىءَ به هرباً من شبحٍ يلاحقُهُ ذاتَ نهار .. ثمَّ هربَ معَ الغروب ..
فبقيتُ جسداً شفافاً .. لا ظِلَّ ..



#محمد_الميالي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- “القط بيجري ورا الفأر”.. استقبل Now تردد قناة توم وجيري الجد ...
- الان Hd متابعة مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 23 مترجمة عبر ...
- تابع حلقات Sponge BoB تردد قناة سبونج الجديد 2024 لمتابعة أق ...
- من هو الشاعر والأمير السعودي بدر بن عبد المحسن؟
- وفاة الشاعر الأمير بدر بن عبد المحسن
- بتهمة -الغناء-.. الحوثيون يعتقلون 3 فنانين شعبيين
- دراسة تحدد طبيعة استجابة أدمغة كبار السن للموسيقى
- “أنا سبونج بوب سفنجة وده لوني“ تردد قناة سبونج بوب للاستمتاع ...
- علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي ...
- استقبل الآن بجودة عالية HD.. تردد روتانا سينما 2024 على الأق ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الميالي - ظِلّي .. وأنا