أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ايمان عماد كيلاني - تاريخ الجنون















المزيد.....

تاريخ الجنون


ايمان عماد كيلاني

الحوار المتمدن-العدد: 5439 - 2017 / 2 / 21 - 20:45
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


تاريخ الجنون

فيلسوفي في هذه المقالة هو الفيلسوف الفرنسي ميشيل فوكو حيث سأتحدث عن نشأته وفكره والأسباب التي أسهمت في تكوين فكر هذا الفيلسوف، وسأخصص الحديث أكثر عن كتابه تاريخ الجنون.
الولادة والنشأة : ولد ميشيل فوكو في 15 أكتوبر تشرين الأول من عام 1926 في مدينة بواتييه بفرنسا لأسرة تنتمي إلى طبقة النبلاء، وحصل فوكو على شهادة التبريز في الفلسفة سنة 1951 وحصل على الدكتوراة في الفلسفة سنة 1961، وانتمى إلى الحزب الشيوعي الفرنسي بين عامي 1950 و 1953.
يعدّ ميشيل فوكو مفكر وفيلسوف فرنسي ومن أهم المفكرين الغربيين في النصف الثاني من القرن العشرين، كما يعتبر الفيلسوف الأكثر تأثيراً في فلاسفة ما بعد الحداثة .

يمتاز فكر ميشيل فوكو بتخطيه لحدود المعقول والعقلاني والمستقيم والمتزن والرّزين حتّى الإنتشاء بالذات في عالم اللاعقل الذي لا يعترف بأي حدود إضافيّة تزيد من التوتر والارتباك داخل حدود الممنوع والممنوح والمقبول وغير المقبول هذه الأمور التي أنتجت مجتمع "المراقب" بتعبير فوكو .
حيث تطرّق فوكو لهذا الموضوع في كتابه "المجتمع والعقاب"، الذي يشرح فيه آليات عمل السلطة وفخر القرن التاسع عشر بتلك السجون، والقلاع التي كانت تبنيها السلطات عند مشارف المدن كبديل لطيف للمقصلة السابقة من جهة ووسيلة لمعاقبة الروح وليس الجسد من جهة أخرى، تماماً كما هي الوظيفة التي يؤدّيها المجتمع المراقب الذي كاد أن يتجاوز السجن من حيث المهمّة الوظيفية .
إنّ القارئ لفكر فوكو يلمس حقيقة السجن كقاعدة مؤسسة لفساد المجتمعات وجهلها، بدءاً من المشافي الجذامية كوجه آخر للسجون التي تحدّث عنها فوكو في كتابه تاريخ الجنون وصولاً إلى سجون رايكرز آيلند في نيويورك .
فالسجون قامت بعمل إصلاحي لا يرجى منه شيئاً إلّا وضع المشاكل والعقد الدينية والسياسية والجنسية في مكان مسيّج، ولم تَتقدم بالحلول الجذرية لهذه العقد الإجتماعية، وفي الوقت نفسه قامت بتعميق فكرة الرقابة على الغير وكأننا حكّام الإله على الأرض وهذا أمر غير مقبول منطقياً.



وللمتسائل عن سبب طرحي لهذه الأفكار المسلّم بوجودها منذ الأزل أودّ أن أقول:
لطالما عُنيت الفلسفة منذ بداية نشأتها باستجواب معارف العصر المسلّم بها، فقد بدأ عمل الفلاسفة بتطوير مفهوم الفلسفة حتى امتدّ هذا العمل ووصل إلى فوكو الذي اتّخذ النقد طريقاً له في الفلسفة، حتى أننا نجده الفيلسوف الأكثر استفزازاً لمعارفنا وأفكارنا ومسلّماتنا التي تعفّنت في أحشاء عقولنا المغلقة والمنغلقة على الآخر. إنّ فوكو لم يترك مسلّمة إلّا وخاض فيها وهذا ما يعجبني في هذا الفيلسوف العظيم.
إنّه الفيلسوف الوحيد القادرعلى إدهاشك، ومثلما قال الكاتب جوستاين غاردر في روايته العملاقة "عالم صوفي"، "إنّ الميّزة الوحيدة التي تميّزك لتصبح فيلسوفاً هي أن تندهش"، وفوكو هو الفيلسوف المندهش والمدهش في آن معاً باستدراجه لمسلّماتنا الدينية السياسية والجنسية والطبيعية، فقد انتقد العيادة الطبية والسجون السياسية والنقد الكانطي والمجتمعات الغربيّة، ولنكون على بيّنة أكثر بفكره لا بد لي أن أطلعكم على أسئلته التي أعتبرها بداية منطقية لأي وضعية فلسفية قد يخوضها الإنسان مع ذاته وهذه الأسئلة هي:
- ماذا يمكن للإنسان أن يقول حول ذاته حين يفكر فيها لا من منظور العقل وانما من منظور اللاعقل "كتاب تاريخ الجنون"
- كيف يمكن للإنسان أن يبني ذاته كونه كائن حيّ ناطق شغّال "كتاب الكلمات والأشياء"
- كيف تبدو للإنسان محاكمته لذاته من حيث خضوعه للمراقبة والعقاب "المراقب والعقاب"
- كيف ينظر الانسان لرغباته ويهتم بها "تاريخ الجنسانية"
- كيف تفكر بمرضك "تاريخ الجنون"

هذه هي الأسئلة التي كان من المفروض أن نجتهد في الاجابة عنها، فالحياة البشرية كانت وما تزال مليئة بالتساؤلات والتفكير الذي لن يتوقف عند حد حتى إيجاد أجوبة يقبلها العقل، كيف تغيب الشمس وكيف تشرق؟ هل توجد حياة بعد الموت؟ هل هناك إله واحد أم عشرات الآلهة؟ أو لا يوجد إله إطلاقا؟ كيف ينبت الزرع؟ لماذا تتغير الفصول؟ كيف يحدث البرق والرعد؟ هل من إله مسؤول عن هذا البرق والرعد؟ عن البحار؟ عن الأسماك؟ عن الزراعة؟ هل زيوس ما زال إله الشمس؟ هل من إله للحرب وإله للسلم؟ هل من إله للشر وإله للخير؟ هل من إله للحب؟ هل من إله (أو آلهة) للجمال؟ آلاف الأسئلة التي قد تعتبر اليوم بديهية؟ إلّا أنها كانت أسئلة مصيرية في تطوّر الإنسان والعقل البشري.
إنّ تطوّر الفلسفة الإغريقية الطبيعية قاد إلى تخلي الإنسان عن مئات الآلهة.. فلتراجعوا الميثولوجيات الإغريقية والرومانية والتاريخ ليتّضح الأمر أكثر عندكم.
إنها ليست بالصدفة، إنها الفلسفة التي أدهشتنا بمسلّماتنا، وحتى تصبح إنساناً سويّاً يجب أن تندهش من هذا العالم الواسع المليء بالمسلّمات المكدّسة بلا تساؤلات.
والآن إلى جزئي الأخير من هذه المقالة وهو "تاريخ الجنون" نموذجاً.
يعود تاريخ إصدار هذا الكتاب إلى العام 1968، وقام بترجمته إلى العربية سعيد بن كراد "المركز الثقافي العربي" في 2006, في هذا الكتاب جدّد فوكو التناول الفلسفي برمّته من عالم الهوامش "الجنون" و"السجون" ليحاكم مسائل المعرفة والسلطة والذاتية والموضوعية والانسان.
ويصل فوكوإلى هدفه من هذا الكتاب في توجيه انشغاله الفلسفي من عالم الميتافيزيقيا إلى عالم الاختلافات والمتعددات والأغيار.
يتناول فوكو في كتابه تاريخ الجنون العلاقة القائمة ما بين الجنون والعقل على مدار أكثر من 400سنة، من التاريخ الاوروبي أيّ منذ القرن السادس عشر وحتى النصف الثاني من القرن العشرين إلّا أنّه خصّ بالذكر العصر الكلاسيكي الذي عُرف بعصر التنوير وبالتحديد القرنين السابع عشر والثامن عشر، إنّه العصر الذي جاء بعد عصر النهضة مباشرة، ودخلت معه أوروبا في العقلانية الصارمة أو المحضة، ونحو تلك المعرفة وجّه فوكو نقده المعرفي.
انّ المادة الأساسيّة المكوّنة لهذا الكتاب هي الخبرة الانسانية في لحظات الذروة، فالكتاب زاخر بكل تاريخ إنساني مهم نبحث عنه نحن، وهذا يبدو من خلال دقّة الوصف للمشافي والسجون والكنائس وحالات القداسة الالهية التي يعيشها المساكين وربهم. بالإضافة إلى تصوّر فوكو الخاص للبؤس، حيث يرى فوكو أن البؤساء لم يعودوا ذريعة بعثها الله ليستثير فينا الاحساس بالآخر، ولم يعودوا وسيلة للخلاص كذلك مادام الآخر قد عُلِم بالتفصيل لنا.
إنّ هذا الكتاب يحللنا بمعرفة علميّة دقيقة وعميقة تخص الجنون والعقل واللاعقل والاختلالات النفسية التي نعيشها وتكبر يوماً بعد يوم، يحلل السلوكات الغريبة والشاذة، يحلل اندفاعاتنا نحو حدود لا تتوقف عن التوغّل في المجهول، وهذا ما يعنيني في أيّ كتاب أنتقيه، الكتاب الذي يعزّز بداخلي سبر المجهول .
في النهاية أقول إنّه حدث في مثل هذا اليوم أن بدأ عصر الجنون وانتهى عصر العقلانية والمعقول فكل ما يحيط بنا غير معقول، لقد ولّى عصر العقل والمعقول واقتربنا من علامات النهاية وآثار الدمار بتعبير فوكو، فلا داعي للكذب ولا داعي لادّعاء السعادة والعقلانية كلها.



#ايمان_عماد_كيلاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- الرد الإسرائيلي على إيران: غانتس وغالانت... من هم أعضاء مجلس ...
- بعد الأمطار الغزيرة في الإمارات.. وسيم يوسف يرد على -أهل الح ...
- لحظة الهجوم الإسرائيلي داخل إيران.. فيديو يظهر ما حدث قرب قا ...
- ما حجم الأضرار في قاعدة جوية بإيران استهدفها هجوم إسرائيلي م ...
- باحث إسرائيلي: تل أبيب حاولت شن هجوم كبير على إيران لكنها فش ...
- ستولتنبيرغ: دول الناتو وافقت على تزويد أوكرانيا بالمزيد من أ ...
- أوربان يحذر الاتحاد الأوروبي من لعب بالنار قد يقود أوروبا إل ...
- فضيحة صحية في بريطانيا: استخدام أطفال كـ-فئران تجارب- عبر تع ...
- ماذا نعرف عن منشأة نطنز النووية التي أكد مسؤولون إيرانيون سل ...
- المخابرات الأمريكية: أوكرانيا قد تخسر الحرب بحلول نهاية عام ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ايمان عماد كيلاني - تاريخ الجنون