أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - سعاد الجزائري - من غشنا فهو ليس منا















المزيد.....

من غشنا فهو ليس منا


سعاد الجزائري

الحوار المتمدن-العدد: 1426 - 2006 / 1 / 10 - 11:02
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


هناك مثل يقول (من غشنا فهوليس منا) ، تذكرت هذا المثل كثيرا خلال ايام الانتخابات الاخيرة، لكثرة ما سمعت وشاهدت من ممارسات الغش والتلاعب من اجل كسب الاصوات التي لم تعد لها قيمة بالمعنى السياسي للكلمة، فمن يغش من اجل كسب الاصوات في عملية يفترض بها ان تكون الترجمة الفعلية لعملية الصدق والنزاهة لبناء مجتمع ديمقراطي متحضر، فأن هذه الاصوات لا قيمة لها ولن تكون سندا لهذه القوى او تلك، ومن اراد بناء الوطن عن طريق ممارسة الغش والخديعة لا يمكن ان يؤتمن جانبه، ولن يقدم للوطن الا الخراب.

ما افهمه عن الانتخابات هو انها عملية حضارية تؤدي الى الديمقراطية التي نحن العراقيون في امس الحاجة لها، ليس الان فقط، بل منذ قرون طويلة، وبسبب انعدامها خسرنا الكثير سواء على المستوى الشخصي، فلا يوجد عراقي لم يخسر فردا او اكثر من عائلته ، او على المستوى العام، فالعراق الذي تركته منذ اكثر من 27 عاما كان على الاقل اكثر تقدما وحضارة منه الان، بينما اليوم وحتى بعد سقوط النظام الارهابي، مازال البلد تنهشه انياب الذئاب والغربان، سواء تلك التي تعشعش في الداخل، او التي تسللت عبر ابوابه المشرعة على مصاريعها، بلد عمه الخراب والدمار ليس في مظهره الخارجي فقط، وانما حتى التركيبة الاجتماعية والنفسية للفرد العراقي ايضا.

ومن اجل ان نعيد هذا البلد الى مصاف الدول المتحضرة، علينا ان نسلك الاساليب التي لها علاقة بالديمقراطية الحقيقية، وليس عبر الشعارات فقط. واني كعراقية شاركت في الانتخابات السابقة رغم الهفوات التي حصلت فيها، لاساهم مع الاخرين في الخطوة الاولى نحو الديمقراطية، وكنت اتأمل ان تكون الانتخابات الثانية اكثر كفاءة ومصداقية منها في المرة الاولى، خاصة وان الشعب العراقي عموما اثبت انه متعطش لمثل هذا الاسلوب المتقدم في الحياة العصرية، لكن الذي حصل، هو اننا لا نريد ان نتعلم من الاخطاء التي وقعت لنا في السابق، او التي ارتكبناها منذ سقوط النظام الفاشي وحتى لحظة الكتابة عن عميق حزني والمي في هذه السطور.

الذي عرفته من تجربتي في العمل مع الانتخابات هذه المرة، ان غالبية الاحزاب تسعى الى تجميع الارقام والاصوات، وليس الارتقاء بمستوى اعضائها الى مرحلة تطبيق الديمقراطية بأسلوب نزيه وصادق، ومن المؤسف ان القوى الاساسية في الخارطة السياسية العراقية، هي اكثر الجهات التي مارست هذا الاسلوب، حيث انها حصلت في السابق على اصوات تكفيها لتكون فاعلة ومؤثرة في الحكومة السابقة او التي ستكون، فلماذا تقود هذه القوى عملية الاشراف والتخطيط لمسألة كسب الاصوات حتى على حساب مصداقية العملية الانتخابية وتشويه المعنى السامي لكلمة الديمقراطية.

لقد ترك النظام المقبور جيلا لم يعرف من الحياة الحضارية والتقدم العلمي والتكنولوجي سوى الحروب والقتل والدمار، وشهدنا ومازلنا نشهد اثر هذه التركة، حيث ان انتشار ظاهرة الارهاب ماهي الا نتيجة حتمية لعنف مورس بحق هذا الجيل، ولكي نرتقي بشبابنا الان الى مستوى الشعارات التي نطرحها اليوم: (عراق ديمقراطي موحد) أو (عراق خال من الارهاب)، (عراق المحبة والمساواة)....الخ، علينا ان نعلمهم كيف نصل الى هذه المرحلة، وهنا اريد ان اتساءل، اي جيل سنخلقه حينما نرشده الى عملية الديمقراطية والمساواة عن طريق التهديد والغش في تلك العملية الحضارية، وما الذي ستجنيه بعض القيادات السياسية للاحزاب والقوى الفاعلة في الخارطة السياسية العراقية حينما تساهم بشكل غير ظاهر في توجيه مثل هذه العمليات، ويخطئ من يعتقد ان الشعب لا يعرف بمثل هذه الامور، فالعراقي يرضع السياسية مع الجرعة الاولى للحياة.

لقد شاركت في التحضير للعملية الانتخابية في بريطانيا، وقبل ان انضم الى فريق العمل، كنت من الممثلين لمنظمات الجالية العراقية في بريطانيا، والتي اعترضت بحدة على اسلوب اختيار الفريق الاول للعمل، حيث لم يتسم ذلك الاختيار بالشفافية، وقد ساهمت هذه المنظمات في تغيير تركيبة الفريق ليتمثل فيه التنوع العراقي المعروف، ومع ذلك بقيت الاشكالات قائمة حول هذه التركيبة، لكن ما شجعني على الانضمام الى العمل في هذا الفريق، هو ان اثبت مع الاخرين للعالم اننا كعراقيين قادرين على ادارة عملية من هذا النوع، ففي الانتخابات السابقة اشرفت منظمة الهجرة الدولية على مراحل التحضير وانجاز الانتخابات، في حين تمت هذه المرة بفريق عراقي فقط، وبالرغم من ضيق الوقت الذي كان امامنا، وهو ستة اسابيع فقط، الا اننا عملنا جاهدين من اجل انجاز هذه المهمة بالصورة التي نريدها لعراق المستقبل، وخلال فترة عملي هذه بدأت اكتشف ان البعض منا معني بالفريق الذي ينتمي اليه سواء كان سياسيا، او طائفيا، اوقوميا، وغير معني بالامر الاهم والاشمل، وهو عراق ديمقراطي موحد، والحقيقة ان بعض القوى تعمل من اجل عراق ديمقراطي مقسم، اي تريد تلك "الديمقراطية" التي تتلائم مع شعاراتها غير المعلنة، والتي لا تقود الا الى عراق مشتت تتناحر فيه القوميات والطوائف، لتضيف لهذا البلد جراحا جديدة في الوقت الذي لم نستطع حتى الان ان نلحم جراحا تركها النظام السابق.

خلال ايام الانتخابات الثلاثة، توافد العراقيون من مختلف انحاء بريطانيا للمشاركة في عملية رسم مستقبل هذا البلد، وقد حضرت نسبة كبيرة تعاملت بمصداقية مع هذه العملية، لكن في نفس الوقت، هناك نسبة ليست بالقليلة مارست التزوير لترجح كفة جهة سياسية، قومية، طائفية على حساب الجهات الاخرى، دون مراعاة مسألة مصداقية ونزاهة هذه العملية، التي مازالت نتائجها لم تعلن حتى الان بسبب التزوير سواء في داخل العراق، اوخارجه.

الامر الذي يثير استغرابي، هو ان العراقيين في الخارج مروا بتجربة مختلفة تماما عما عاناه العراقيون في الداخل، فقد عشنا الديمقراطية في البلدان التي نسكن فيهامنذ سنين طويلة، وتعلمنا من هذه الحياة الاسلوب الحضاري في التعامل مع عملية الانتخابات، حيث لا تهديد ولا قتل يتعرض له الفرد الذي سيقوم بعملية التصويت، وبالتالي، فالعراقي الذي يعيش في الخارج، لا يتعرض للضغوط التي تعرض لها العراقي في الداخل، اذن لا يوجد اي مبرر لممارسة التزوير مهما كانت النسبة قليلة قياسا بما حصل في الداخل، ولا يمكن تفسير مثل هذا الامر الا بالقصدية في تخريب جيل كامل وتغذيته باساليب ستظهر عوارضها التشويهية في وقت لاحق، وسندفع جميعا ثمن مثل هذه الممارسات، فما سنزرعه في شباب اليوم من قيم لا اخلاقية سنحصد نتائجها في المستقبل القريب، وعند ذاك لا نستطيع ان نعود بعجلة الزمن الى الوراء، لان ما زرعة نظام صدام في الجيل الشاب آنذاك نحصد نتائجه اليوم في العمليات الارهابية التي تحرق الاخضر واليابس معا.

ان تطبيق الديمقراطية يتطلب وجود قيادة متفهمة للمعنى العلمي والدقيق لهذه الكلمة، فلا يمكن ان تمارس اي قيادة كانت اسلوبا ديمقراطيا واعيا، ان لم تطبقه بنزاهة ومصداقية غير قابلة للتأويل، فكلمة المصداقية لا تقبل القسمة على اكثر من معنى، وعلينا جميعا تقع مسؤولية تعليم جيل الشباب في الداخل والخارج، واؤكد على كلمة الخارج، باعتبار ان الجيل الذي عاش خارج العراق لم يعاني من المآسي التي عاشها من هم في الداخل، علينا جميعا ان نعلم هذا الجيل ممارسة الديمقراطية بالاسلوب الحضاري وليس عن طريق استخدام الكلور القاصر او الزيت لكي اعطي صوتي لاكثر من مرة ولجهة لا يهمها النوع بل الرقم الذي ستحصل عليه.
وفي الختام اعود للمثل الذي بدأت به، نريد عراقا ديمقراطيا موحدا، خال من الاساليب الملتوية، ونريد انتخاب نزيهة خاليه من الغش، ومن غشنا فهو ليس منا.



#سعاد_الجزائري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- مصدر عراقي لـCNN: -انفجار ضخم- في قاعدة لـ-الحشد الشعبي-
- الدفاعات الجوية الروسية تسقط 5 مسيّرات أوكرانية في مقاطعة كو ...
- مسؤول أمريكي منتقدا إسرائيل: واشنطن مستاءة وبايدن لا يزال مخ ...
- انفجار ضخم يهز قاعدة عسكرية تستخدمها قوات الحشد الشعبي جنوبي ...
- هنية في تركيا لبحث تطورات الأوضاع في قطاع غزة مع أردوغان
- وسائل إعلام: الولايات المتحدة تنشر سرا صواريخ قادرة على تدمي ...
- عقوبات أمريكية على شركات صينية ومصنع بيلاروسي لدعم برنامج با ...
- وزير خارجية الأردن لـCNN: نتنياهو -أكثر المستفيدين- من التصع ...
- تقدم روسي بمحور دونيتسك.. وإقرار أمريكي بانهيار قوات كييف
- السلطات الأوكرانية: إصابة مواقع في ميناء -الجنوبي- قرب أوديس ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - سعاد الجزائري - من غشنا فهو ليس منا