أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سوسن السباعي الجابي - ملامح شرقية














المزيد.....

ملامح شرقية


سوسن السباعي الجابي

الحوار المتمدن-العدد: 1425 - 2006 / 1 / 9 - 09:48
المحور: الادب والفن
    


قصة قصيرة
الوقت كانون وشتاء...
حين توقفت الحافلة البيضاء الصغيرة ليصعد الراكب الجديد هبّ قلبي، إذ تنبهتُ إلى أنه رجلٌ خارج للتوّ من روايات " عبير " رجل إغريقيّ الملامح صارم الجمال. اختار مقعده أمامي وكانت جلسته مواربة، فرحتُ أراقبه بشغفِ أنثى شاهدت للمرة الأولى النموذج المثالي لقوة وفتوة الرجولة. سمعت الموسيقى التي سمعها وهو يحلق ذقنه. شممت رائحة أثاثه وتخيلت شقته الجميلة الدافئة وستائره الداكنة المحايدة، وضوء شموع كان يسهر عندها في المساء. ركض قلبي وأنا المح بياض أصابعه وهي تضم كتاباً مغفل العنوان. لم أعد أسمع السائق وهو يخبر عن المواقف. لم أعد أنتبه إلى الركاب وهم يصعدون وينزلون. كل خلية من جسدي كانت تنزّ شوقاً وكآبةً... يا الله ما هذه الملامح المتناسقة؟ لم أعد أرى حبات المطر وكانت مؤنس كلّ صباح تغبش الزجاج. ما مسحته كالعادة حين أتابع مشهد حمام المدينة الصباحي. ركض قلبي. كان العسل يفيض من عينيه والجمر يزهر في شفتيه... سمعتُ خطواته والواثقة الرشيقة على درج شقته وبابه البنيّ المحروق المذهب الجوانب، لمحت سكون المكان الذي تركه وحزن آلة الموسيقى بعد أن تركها وغادر.توقفت الحافلة الصغيرة، استعدّ للنزول، هبّ قلبي من جديد... قامة الجمال انحنت. نزل وقف مستعدا لعبور، شدّت أصابعه على كتاب ما استطعت قراءة عنوانه حتى الآن. قامة الجمال الفارة خطت أولى خطواتها. كانت دقات قلبي تصمني وعيوني أغرقها الدمع. سندت أنفاسي بيدي، مسحت عيوني. أردت أن أقول للسائق قف قف... ما استطعت. ومن حسن حظي أن الإشارة أصبحت حمراء. مسحت غبش الزجاج بسرعة، شاهدته يقطع الشارع ويدخل دائرة السياحة والسفر.
فتحت باب الحافلة وهبطت مثيرةً دهشة الجميع ولحقت بالكائن الخرافي الذي عثرت للتو عليه وحين اقتربت منه سرت ببطءٍ غير مثيرة لانتباهه... شد على كتابه أكثر، قلبه. قرأت كتاب عن حضارة سوريا (آثار تدمر) باليونانية والإنكليزية. شدّتني الأرض إذ اكتشفت لتوّي أنه سائح يوناني جاء يرى آثار تدمر... حين التقى بجمعٍ من السياح راح يصافحهم بحرارة. استدرت وكان رأسي يدور وقلبي يدور. وكانت حرارة فظيعة تلفني. تركت الجمال الرجولي ورائي ومشيت بخطوات وئيدة نحو عملي. أكملت طريقي مشياً ووصلت متأخرةً وسجل مراقب الدوام قرب توقيعي (تأخير). فتحت باب مكتبي البارد، وضعت رأسي على طاولتي. بكيت كثيراً كثيراً... لجبني. لملامحي الشرقية، لتركيبتي الشرقية. بكيتُ لأني لم أقل له أني مبهورة. لم أقل له إنه جميل وإني رأيت في لحظة واحدة جمال حياته واهتمامه بالآثار والجمال...
كانت زميلتي تنقر الباب بقوة وكنت أبكي بقوة. أبكي بسعادة كشفٍ صوفيّ وبحرقة الفقد اللذيذ



#سوسن_السباعي_الجابي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- فيلم جديد يرصد رحلة شنيد أوكونور واحتجاجاتها الجريئة
- وثائقي -لن نصمت-.. مقاومة تجارة السلاح البريطانية مع إسرائيل ...
- رحلة الأدب الفلسطيني: تحولات الخطاب والهوية بين الذاكرة والم ...
- ملتقى عالمي للغة العربية في معرض إسطنبول للكتاب على ضفاف الب ...
- لأول مرة في الشرق الأوسط: مهرجان -موسكو سيزونز- يصل إلى الكو ...
- شاهين تتسلم أوراق اعتماد رئيسة الممثلية الألمانية الجديدة لد ...
- الموسيقى.. ذراع المقاومة الإريترية وحنجرة الثورة
- فنانون يتضامنون مع حياة الفهد في أزمتها الصحية برسائل مؤثرة ...
- طبول الـ-ستيل بان-.. موسيقى برميل الزيت التي أدهشت البريطاني ...
- بين الذاكرة وما لم يروَ عن الثورة والانقسامات المجتمعية.. أي ...


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سوسن السباعي الجابي - ملامح شرقية