أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - بدرخان علي - الحاجة إلى القانون: رؤية سياسية للوضع القانوني في سورية















المزيد.....

الحاجة إلى القانون: رؤية سياسية للوضع القانوني في سورية


بدرخان علي

الحوار المتمدن-العدد: 395 - 2003 / 2 / 12 - 05:23
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


أخبار الشرق - 11 شباط 2003

(إذا فقد القانون هيبته، لن تستطيع شرطة العالم كله أن توقف الرغبة في الاعتداء والظلم والأنانية أو تحول دونها)

برهان غليون - اغتيال العقل

إذا كانت الدولة الحديثة الديمقراطية تتأسس على الحق والقانون (دولة حق وقانون)، فإن الحالة المعاكسة، أي الدولة التسلطية، تتأسس على "قانون" واحد فقط هو (غياب الحق والقانون معاً)!

نقصد بغياب "القانون" عدم وجود شرعية وطنية شعبية ومؤسساتية لـ "القانون" الذي قد يوجد أحياناً ولكن بشكل "لا قانوني"، ونذكر من الأمثلة قانون الطوارئ وقانون إحداث محكمة أمن الدولة العليا و.. إلخ.

"الدولة" التسلطية تحتكم إلى "قانون" واحد فقط هو (الاحتكار الفعال للسلطة والثروة والقوة في المجتمع) بحسب خلدون حسن النقيب.

لنبدأ من أب القانون، أي الدستور، فالدستور المعمول به حالياً هو "دستور" وُضع عام 1973 بموجب استفتاء شعبي في ظل قانون الطوارئ والأحكام العرفية التي لا تسمح للمواطن المسكين إلا بقول كلمة "نعم" بغض النظر عن موضوع "الاستفتاء".

الدستور الحالي دستور (إيديولوجي) بدءاً من مقدمته المنسوخة عن منطلقات حزب البعث وبرامجه ومقرراته، كما أن الكثير من مواده مستوحاة من تلك المنطلقات، فضلاً عن لغته الحطبية والمتخشبة ولكنته القومية البلاغية التقليدية.

الدولة لكل المواطنين، والحزب - أياً كان - لأعضائه وحسب، ولا يصح أن يصبح دستور الحزب ولو كان "القائد للدولة والمجتمع" دستوراً للدولة إلا من منظور السلطة التي تعلن جهاراً أن الدولة هي (دولة البعث)، ولنلاحظ معاً صفة الملكية في العبارة الأخيرة.

على أية حال فإن الدستور الحالي وُضع على هوى أمزجة السلطة دون أن يكون للمواطن المسكين أي رأي في أية مادة منه، حتى المادة الثامنة منه والتي هي بمثابة "روح الدستور" والتي تنص على أن: (حزب البعث العربي الاشتراكي هو الحزب القائد في المجتمع والدولة ويقود جبهة وطنية تقدمية تعمل على توحيد طاقات جماهير الشعب ووضعها في خدمة أهداف الأمة العربية)، لا تطبق عملياً بحرفيتها!

فحزب البعث - عملياً - ليس إلا الغطاء الإيديولوجي بكل ما تتضمنه أهدافه من شعارات براقة (وحدة - حرية - اشتراكية) للعناصر والجهات التي تقود بالفعل "الدولة والمجتمع"، ولكن إلى الجحيم.

ليس هذا الكلام تأسفاً على حزب البعث ودوره في قيادة الدولة والمجتمع، ولكن واقع الحال يعلمنا بذلك (مؤتمرات الحزب - انتخابات الحزب - المناصب الحزبية ..). وقد تهمش دور حزب البعث في قيادة الدولة والمجتمع مع شخصنة السلطة واختزال الحزب إلى القائد الملهم أو الأب القائد، كل هذا جرى بفعل مركزة القرار السياسي وتهميش دور الحزب من خلال الاعتماد على الأجهزة الأمنية التي يفوق عددها أصابع اليدين وكذلك الجهات التي لا اسم لها ولا شكل ولا وجه ولا عنوان، وشلل الحياة السياسية داخل حزب البعث نفسه لأن أعضاء الحزب هم في النهاية من "رعايا" المجتمع السوري نفسه، هذا من جهة؛ ومن جهة أخرى فإن جميع أعضاء حزب البعث انتسبوا إليه إما لغايات نفعية (علامات شبيبة في مرحلة البكالوريا، تأمين وظيفة، ..) أو درءاً للأخطار المحتملة الكثيرة جداً (فصل من وظيفة - الخوف من العقوبات ..). وهذا مؤشر بليغ على انعدام الحياة السياسية في سورية حتى بين صفوف الحزب "القائد للدولة والمجتمع". وقد تقلص دور حزب البعث في الدولة بتناسب طردي مع تهميش السياسة في المجتمع وخصوصاً بعد حوادث الثمانينات التي تحولت بعدها سورية إلى صحراء سياسية مقفرة، إذ قضت السلطة بموجبها على جميع أطراف المعارضة الديمقراطية السلمية وبذلك قتلت السلطة عصفورين (الإخوان والمعارضة الديمقراطية السلمية) بحجر واحد.

إذاً الشق الأول من المادة الثامنة لا يطبق على أرض الواقع، أما الشق الثاني فيطبق بحرفيته!، فحزب البعث يقود - فعلاً - جبهة "تقدمية" ليس لها - أي الجبهة - أي دور في المشاركة في القرار السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو الثقافي للسلطة. الجبهة التقدمية تقوم بكامل وظيفتها المنوطة بها: إعطاء الشرعية للنظام وتمثيل "التعددية السياسية" في البلاد على اعتبار أنه (حتى في أمريكا نفسها يوجد حزبان سياسيان رئيسيان أما في سورية فهناك عدة أحزاب تحكم البلاد) كما يقول لسان حال السلطة.

والجبهة "التقدمية" هذه أنشئت بالأصل للالتفاف على إصدار قانون للأحزاب وتبرير عدم إصداره.

المادة الثامنة (من الدستور) مع ميثاق الجبهة يشكلان أكبر معاداة لفكرة القانون وفق التحليل السابق.

في الدستور الحالي نفسه مواد مجمدة عملياً بفعل "قانون" معيق لـ "الدستور" هو قانون الطوارئ سيئ الصيت، كالمادة (25): (1 - الحرية حق مقدس وتكفل الدولة للمواطنين حريتهم الشخصية وتحافظ على كرامتهم وامنهم)، (2 - سيادة القانون مبدأ أساسي في المجتمع والدولة)، أو المادة (26): (لكل مواطن حق الاسهام في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وينظم القانون ذلك). أو المادة (27) .. إلخ.

 ومن المعلوم حقوقياً أن أي قانون يصدر يجب أن يتوافق مع مواد الدستور أو ألا يتناقض معها على الأقل! وهكذا فالدستور يعاني من تناقضات صارخة في بنيته: القانونية والسياسية والنظرية واللغوية ..

ورغم كل نقاط ضعفه، لم يكن الدستور السوري مرجعاً في محكمة سياسية واحدة في العقود الثلاثة الأخيرة. وحدها القوانين الاستثنائية كانت تنفخ البارد والساخن في حياة المواطنين منذ 1963، وحتى هذه القوانين يجري تجاوزها والتعدي عليها، كما يقول الدكتور هيثم مناع (راجع: ماذا عن المستقبل؟ ملاحظات على تقرير الحكومة السورية إلى لجنة حقوق الإنسان في نيويورك، أعد التقرير: الدكتور هيثم مناع نهاية آذار 2000)

قدسية الدستور أو قميص عثمان
هناك تهمة تنتظر كل ذي رأي وصاحب فكر هي تهمة (تغيير الدستور بطرق غير مشروعة). والطرق غير المشروعة هذه هي كتابة مقالة أو إلقاء محاضرة أو مقابلة صحفية ..! في حين أن تغيير الدستور خلال دقائق معدودة من قبل الأوصياء عليه و"أصحابه" يعتبر تغييراً مشروعاً. إذاً الدعوة إلى احترام الدستور تعتبر تهمة لأنها عبارة عن "تغيير الدستور بطرق غير مشروعة"، ولا يمكننا أن نفهم معنى هذه التهمة إلا إذا انطلقنا من أن الدستور هو عبارة عن ملك خاص بالأوصياء عليه، ولكن لماذا تطلق هذه التهمة على من يدعو أولياء الدستور إلى احترام مواده جميعاً! هل نطلب شيئاً مستحيلاً وغير واقعي وطوباوياً إذا طالبنا السلطة باحترام الدستور؟! هل في هذا المطلب المتواضع (أوهام لنسف السلطة والدولة)؟! هل نطلب باستيراد "نماذج غربية غير ملائمة لخصوصيتنا" المزعومة وفق خطاب السلطة عندما ندعو إلى تطبيق الدستور بحرفيته؟! ألستم أنتم من وضعتم الدستور؟!

إن عدم المساس بالدستور منذ بداية إصداره وحتى الآن باستثناء التعديل بموجب القانون رقم 6 لعام 2000، لا يدل على قدسيته، إنما يدل على أن الدستور معطل ومجمد ومهمش لدرجة تثير البكاء والضحك معاً، إذ ماذا تعني المادة الأولى منه (الجمهورية العربية السورية (..) وهي عضو في اتحاد الجمهوريات العربية)، فهل هناك شيء اسمه اتحاد الجمهوريات العربية الآن؟!

ومن المفيد قوله هنا إن اللجنة السورية لحقوق الإنسان (لندن) أعدت دراسة قيمة بعنوان (القوانين القمعية في سورية) وكان من حظ الدستور أن يكون أولى هذه القوانين القمعية!

ولم لا؟ فالدستور هو أبو القوانين! مع ملاحظة ذات دلالة بالغة أن الدستور كوثيقة مكتوبة لا تتداول بين أيدي الناس إلا بشكل ضيق ومحدود جداً وبين قلةٍ قليلة من المهتمين بالشأن الوطني العام، وليس بالسهولة يتمكن المرء من قراءة دستور بلاده، ولو أجرينا إحصاءً لعدد الذين قرأوا الدستور لأصبنا بصدمة كبيرة، هل لأن الدستور وضع على الرف منذ أمد بعيد أم تحاشياً لشبهة (محاولة تغيير الدستور بطريقة غير مشروعة)؟!

إن استعراض الوضع اللاقانوني للدستور يحتاج إلى دراسة مستفيضة في هذا المجال، ولكن هذا المقال يتناول الموضوع من زاويته السياسية وليس الحقوقية والقانونية. فإذا كان هذا هو حال أب القانون، فما بالكم بالقوانين الأخرى؟!

(إذا كان رب البيت بالدف ضارباً، فشيمة أهل البيت كلهم الرقص)، قول شعبي قديم!

__________

* كاتب كردي سوري - القامشلي، والمقالة جزء من دراسة بالعنوان نفسه تتناول الموضوعات التالية: القانون - الدستور - قانون الطوارئ والأحكام العرفية - قانون الأحزاب المنتظر - قانون المطبوعات - قانون الإحصاء الاستثنائي لعام 1962 الخاص بمحافظة الحسكة - معنى غياب القانون - الحاجة إلى القانون.

 



#بدرخان_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- السعودية.. تداول فيديو -إعصار قمعي- يضرب مدينة أبها ومسؤول ي ...
- أبرز تصريحات وزير الخارجية الأمريكي حول غزة وهجمات إيران وال ...
- مصرع 42 شخصا بانهيار سد في كينيا (فيديو)
- رئيس الوزراء الإسباني يقرر البقاء في منصبه -رغم التشهير بزوج ...
- -القاهرة الإخبارية-: مباحثات موسعة لـ-حماس- مع وفد أمني مصري ...
- مستشار سابق في البنتاغون: بوتين يحظى بنفوذ أكبر بكثير في الش ...
- الآلاف يحتجون في جورجيا ضد -القانون الروسي- المثير للجدل
- كاميرون يستأجر طائرة بأكثر من 50 مليون دولار للقيام بجولة في ...
- الشجرة التي لم يستطع الإنسان -تدجينها-!
- ساندرز يعبر عن دعمه للاحتجاجات المؤيدة لفلسطين ويدين جميع أش ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - بدرخان علي - الحاجة إلى القانون: رؤية سياسية للوضع القانوني في سورية