أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - حركة المجتمع المدني العراقية - بيان حركة المجتمع المدني العراقية ـ السويد بمناسبة ذكرى جريمة 8 شباط















المزيد.....


بيان حركة المجتمع المدني العراقية ـ السويد بمناسبة ذكرى جريمة 8 شباط


حركة المجتمع المدني العراقية

الحوار المتمدن-العدد: 393 - 2003 / 2 / 10 - 05:43
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


 

كي لا تستمر الجريمة

 

عام 1921 شكلت السلطة الوطنية العراقية برضا وتوافق الإدارة البريطانية وبعض من أبناء العراق من المتنفذين والوجهاء ذوي العلاقة بالمستعمر البريطاني .جاء التشكيل أثر أحداث جسام مر بها العراق .فالمقاومة المستمرة ضد المستعمر، الوعي المتنامي لأبناء العراق ،التأثيرات الخارجية والثورة الشعبية الكبرى التي قامت في العراق عام 1920 .كل تلك العوامل وغيرها دفعت بالإدارة البريطانية للنظر في سياقات العمل الواجب اتخاذها لقيادة العراق وتجنب الخسائر الكبيرة التي تتعرض لها. ولذا فقد قررت تشكيل سلطة وطنية يتم عبرها إدارة العراق بوصاية بريطانية.
جهدت السلطة الحديثة في بناء هيكل مؤسسات الدولة وسط تركة مثقلة بالأزمات داخل مجتمع تمتاز مكوناته الأثنية والطائفية بالنزوع الحاد للاحتفاظ بميزاتها الثقافية وإبقاء وجودها حرا دون قيود . وتنجرف عادة نحو التشدد والتزمت لإثبات هويتها اتجاه الآخرين .
لم تستطع السلطة المركزية التخلص من العوائق والاستحكامات التي تنحوا لها تلك التشكيلات رغم أنها وضعت بعض الحلول للسيطرة عليها لغرض موائمة الجميع ودفعهم أولا: للقبول الرضائي بوجودها كسلطة مركزية تدير شؤون البلاد. ووجودهم المشترك في حدود وطنية ثابته ثانيا .
ولكن تلك الحلول كانت قاصرة وتفتقر للواقعية الديناميكية وتتجاهل الأسباب الموضوعية للأزمات . مما جعل السلطة تجد  نفسها في آخر المطاف وبشكل حاسم مشارك رئيسي وفاعل في تصعيد النزاعات وخلق المناخ المحفز لاستشرائها وديمومتها. ويرتبط ذلك بالضرورة  بأسباب عديدة أهمها.
 لأجل توكيد وتوطيد سلطتها والتخلص من الكثير من العوائق لتحقيق أهدافها السياسية فقد استخدمت السلطة العنف المنظم للوصول الى إنجاز مراميها والسيطرة على التناقض الحاد بين المركز والأطراف ، الريف والمدينة، مؤسسات الدولة وتشكيلات المجتمع.وقد سنت السلطة في صراعها ذلك بيئة تشريعية تنظيمية قاصرة عن فهم التوازنات أو معالجة الأختلالات.وأسندت أدوار التنفيذ  لقوى عنفيه يعتبر أغلب محركيها ذوي مصالح متباينة وهم أنفسهم يعانون من نفس أزمات المجتمع مع حداثة عهدهم بالسياسة والإدارة .
 ارتبطت إجراءات السلطة السياسية والاقتصادية ومجمل نهجها بسياسات المستعمر البريطاني الذي كان يصر على عدم التخلي عن المقاليد الرئيسية للسلطة في العراق وأتخذ من تأجيج النزاعات والخلافات بين أبناء المجتمع مرتكزا لبقائه وتنفيذ سياسته في العراق
وتغافل كلا طرفي الإدارة السلطوية عن الأثر المدمر لتركة المستعمر العثماني وكذلك ما أفرزته ثورة العشرين وغيرها من الانتفاضات من أثر في حراك المجتمع .
ورغم كل تلك الأزمات والضائقات فانه لابد من القول أن كتل المجتمع المختلفة كانت تتقدم وتنحو بشكل وآخر باتجاه القبول شبه الرضائي بالتجانس وفق صيرورة الوطن الواحد رغم استمرار إشكالية الهوية الوطنية .وتدني مستوى الأداء اقتصاديا وسياسيا للسلطة والمجتمع .
كان العامل والمحرك السياسي الفاعل في تلك المرحلة مقتصرا على مجموعة الضباط الشريفيين وأبناء العوائل الثرية أو ذات الثقل الاجتماعي والديني وبعض الأفندية .
وبموازاة ظهور ونمو الطبقة الوسطى في المدن وقدرتها على التفاعل وعرض آرائها ،ظهرت أيضا طبقة جديدة من الملاك الإقطاعيين . وكان جل أفراد الطبقتين يرتبط بشكل أو آخر بمصالح شخصية سياسية واقتصادية مع السلطة ومندوبي الحكومة البريطانية . ولم يكن أدائهم السياسي يرتكز لنهج فكري واضح أو يؤشر بالضرورة لنزوع طبقي معين بقدر ما يمثل دفاعا عن مصالح شخصية أو عائلية آنية . وبرزت أول ملامح لمعارضة سياسية عبر النزاعات التي حدثت بين تلك الأوساط على خلفية الصراع من أجل كسب ود المستعمر البريطاني أو الحصول على المراكز الوظيفية والمكاسب الشخصية. واقتصر نشاط تلكم الأفراد والكتل في الحصول على الامتيازات والسيطرة على مفاتيح السلطة .وارتباطا بالنشأة الأولى فقد أطلقت يد العسكر في جميع مفاصل الحياة السياسية للعراق .واشترك جميع الفرقاء ومن مختلف الاتجاهات ليس فقط في عدم الاكتراث للأزمات التي يعيشها المجتمع العراقي وإنما ازدرت  إرادة الشعب واستعملت ضده مختلف صنوف العنف والقسوة ومنعت عنه  سبل التعبير .
كان من البديهي ظهور حركات  و أحزاب معارضة ذات توجه سياسي يتقاطع مع توجهات السلطة والإدارة البريطانية . ورغم تبلور بعض الحركات والتشكيلات الوطنية التي خاضت نضالا صعبا وشرسا ضد المستعمر ،فأنها لم تنضج لتصبح أحزاب سياسية بالمعنى الكامل وتكون ممثلا لطبقة بذاتها. واختفت مع تغير نمط الأهداف والوسائل في المجتمع . وقد ظهرت بعض (التكتلات) الصغيرة المعارضة رافقت نشوء الدولة الحديثة في سنوات العشرينات ونادت تلك المجاميع  ببعض الحقوق السياسية والمدنية . وكانت تلك المطالب رغم بساطتها واقتصارها في العموم على مطالب آنية وعفوية ،فأن السلطة اعتبرتها مصدر خطر وتهديد من المناسب استئصالها . ولا يمكن تجاهل حقيقة أن تلك التشكيلات لم تكن تحمل ما يمكن اعتباره نهج فكري يستند الى أرضية أيدلوجية تروج لأهداف وطنية واضحة رغم كونها تحمل نزعات وطنية بائنة.
وامتدادا للأزمة السياسية السلطوية والأزمات الاقتصادية الاجتماعية العامة برزت ( تشكيلات سياسية ) من خارج السلطة بنت قواعد عملها وفق ردود فعل عاطفية متشنجة، كمظهر من مظاهر التعبير عن الإحباط والمرارة التي أصابت المجتمع. واتخذ العمل المعارض للسلطة وأيضا الناقم على العلاقات الاجتماعية الاقتصادية القائمة. جانب الحدة و التوتر في التعابير والممارسات . ولم يكن مستغربا أن تظهر أول جمعية سرية سنة 1922  بأسم الحزب السري العراقي . مارس أعضاءه العنف والإرهاب المسلح ضد رجال أعمال وأثرياء ( لأنهم لا يقدمون أي عمل مفيد للوطن ويجب أن يدفعوا الفدية للفقراء )* حسب زعم الحزب . أن تبني الحزب ذاك للإرهاب المسلح ولغة الثأر وتهديد الآخرين يعود أساسا وبشكل قاطع ومباشر الى تأثير البيئة التنظيمية والتشريعية المختلة والأساليب المستهجنة والوحشية والأداء الإداري السيئ للسلطة.
وشهدت سنوات العشرينيات والثلاثينيات المزيد من الحدة السياسية ونزوع الكثير من الشباب المتنور  الى كره ومجافاة أكثر الأعراف والتقاليد . وتصاعدت أفكار عدائية مشاكسة أستئصالية.
نتيجة الظرف التاريخي وتطور المجتمع وتأثير الأفكار الواردة من الخارج وأفرازات الحرب العالمية الثانية فقد ظهرت خلال الثلاثينيات والأربعينيات أحزاب سياسية أكتسب تشكيلها ظاهريا البعد الأيدلوجي ولكن الحقيقة القاسية أن الأحزاب تلك وبتأثير العدوى من سياسيي السلطة وأيضا قسوتهم. وتأثيرات التركيبة الاجتماعية فأنها نظرت للفعل السياسي نظرة غير معمقة تشوبها الكثير من الأخطاء. وروجت له بخطاب شعاري . ولم يدر بخلدها بسبب قسوة السلطة وأيضا لحراكها وفق ردود فعل آنية .وتحت سطوة الواقع المتخلف للمجتمع وغياب المؤسسات القانونية والدستورية، والتجربة السياسية الفقيرة ،لم يدر بخلدها أي تفكير عقلاني سليم للأسس الرصينة التي يجب أتباعها في تناول هذا الشأن. وأنجر طرفي المعادلة السلطة وأحزاب المعارضة لصيغة وحيدة تمترسا ورائها وهي ضرورة مواجهة  الأخر بجميع السبل ومنها العنفية . وبسبب العدوى السلطوية وسياسيها أيضا فأن الأحزاب المعارضة استعارت و تبنت نفس طبيعة منظومة الأفكار في العمل السياسي .فحشدت داخلها الجهود وعممت أسس التنافس العشائري ولغة التنابز والثارات والخطب النارية والتهميش والتخوين. والدعوة لاجتثاث الأخر أو كل من يقف عائقا أو يعارض نهجها وأفكارها.ومع تزايد أعداد المهتمين بالشأن السياسي وتوسع الانتساب للأحزاب السياسية تصاعدت المنظومة الشوهاء من الأفكار الديماغوغية المتشنجة المنغلقة والعنفية في مجتمع يخلوا من المؤسسات المدنية ويفتقد للكثير من أعراف وتقاليد العمل السياسي والاجتماعي الرصين .
وبتسيد تلك المناهج والسنن وعند تخوم هذا الصراع المحتدم والمشوه وفي اللحظة التاريخية حين حدوث ثورة 14 تموز1958  .طفت دون رادع ومصدات تلك النوازع الجرمية الديماغوغية الشوهاء وبرز ذاك الإرث اللعين من القسوة ليجد الساحة مهيأة مع (الهوس الجماهيري) المنفلت لممارسة فعلية وتمرين حي لنمط الأفكار  الموروثة. وليظهر التحزب الأعمى متجليا بصورة حقد دفين لن يستكمل صورته سوى بالقتل وتمزيق الأجساد..ومنذ الساعات الأول للحركة أباح بعض العسكر وبعض السياسيون دم خصومهم وردوا على جرائم السلطة بالمثل. وقتلت العائلة المالكة برصاص أختلف العراقيون حول حقيقة مصدره رغم معرفتهم اليقينية بكونه رصاص أعمى درب منذ زمن بعيد على الحقد والثأر وروح الانتقام . ووقف الشعب بين مرعوب وشامت ومهلل وباك.دون أن يتملى بعنف الجريمة ودنائتها أو يعدها جزء متمم لما اقترفته السلطة الملكية ومقدمة لعهد آخر من التصفيات الجسدية وإخلال فادح بالقيم الإنسانية.
ثم توالى حز الرؤوس وتقطيع الأجساد واستعداء البشر على بعضهم البعض ومسخ الضمائر. ودشن عهد جديد لخصومات من نوع آخر بين أحزاب كانت حتى الأمس تشترك بمعارضتها واستنكارها لجرائم السلطة الملكية.وتحولت الصراعات السياسية الحزبية ذات المصالح الأنانية الضيقة المدعومة بالعسكر في العهد الملكي، الى صراعات وخصومات حزبية سياسية ممسوخة ومؤطرة بالأيدلوجيا تتكئ في تنفيذ إرادتها  لقوة وسطوة العسكر أيضا. ولكن في عهد جمهوري.وأختلط الأمر بين الهدف الأيدلوجي والهوس الجماهيري ، بين الرغبات السياسية والقناعات الشعبية،بين الرؤى الحقيقية للموروث والحد منه وبين الاندفاع وراء هوس الناس. كان البعض يغذي الآخر ويملي شروطه بالعلن والخفاء لفرض خياراته .وصار الجميع يرمون القباحة على بعضهم دون أن يتوقفوا لتملي مستوى أو حدود ما وصل إليه الشأن الوطني العراقي.وسلمت وتخلت الكثير من مؤسسات السلطة والمجتمع المدني عن العديد من أوراقها لصالح مجاراة حراك الشارع الصاخب والمنفلت.وشاركت بشكل حاسم في تصعيد هوس الجماهير اعتقادا منها بأن الموضوعة برمتها تقع في الميل لمقاربة وعي الجماهير وكسب ودهم.
وارتفعت عاليا في سماء العراق رايات التحزب المنغلق الملوحة بالتهديد والوعيد للخصوم و حتى لغير المعنيين بالسياسة. وتوج الجهد الوحشي بأحداث  الموصل وكركوك  الرهيبة وجرت تصفيات جسدية طالت الخصوم ومن جميع الاتجاهات . وأختلف أيضا الكثيرون حول مسبباتها ودوافعها. ولكن الجميع كان على يقين بأن أسباب تلك الجرائم وغيرها هي  ذات الأسس والمناهج المتولدة من دعوات  البداوة الحزبية والتشوه الفكري والتخلف الاجتماعي  مع اختفاء سلطة القانون وحدود الشعور الوطني والإنساني. وكانت قطوف تلك المجازر ضخ الحقد في نسغ التطرف المنغلق الاستئصالي الداعي لتخريب الوطن وقتل أبناءه.
ثم قتل قائد ثورة 14 تموز الزعيم عبد الكريم قاسم بكل خسة ودناءة دون محاكمة أو عرف قانوني .ليلتهب الحقد المبيت لمديات أبعد في مجزرة فريدة من نوعها (14 رمضان/8شباط 1963 ) ترجمت فيها دناءة وحقد  الحزبين على بعضهم وعلى أوطانهم. وأبتلعَ حزب البعث بالكامل من قبل العسكر ليتحول الى ثكنة مدججة بالسلاح والمحرمات والإنذار والخوف الدائم من الشعب العراقي. فكان البعثي الديماغوغي وحلفائه من القتلة ومن شتى الاتجاهات في شباط الأسود. يتلذذون برؤية دم أبناء جلدتهم ووطنهم وسماع صوت عظامهم المهروسة. وتمتلأ صدورهم فخرا ورضا وهم يسمعون صراخ وتوسلات خصومهم تحت هول التعذيب. وينفجرون حقدا معربدا وحشيا حين يصمد غريمهم في تلك الممارسة الحزبية الدنيئة للتعذيب.وإرضاء لشهوة الحقد والثارات البربرية رفع الشعار الدائم ( لن أبقى ما بقيت أنت ).وراح الآلاف ضحية لمد مجرم أهوج منفلت ونوازع مرضية سادية.
طالت الجريمة الكثير من الناس على الشبه. ودفن الكثيرين في مقابر جماعية وهم أحياء.الآلاف اختفت آثارهم دون أن يعرف مصيرهم .عتم على الآمر كليا وأرتعب الناس حتى من السؤال عن مواضع جثث أبنائهم.وظهرت في خلفية المشهد البشع ذاك، الأيادي القبيحة والقذرة للمخابرات البريطانية والأمريكية التي كانت تدفع وتغذي الانفلات المجرم وتدعوا عملائها لتقديم المساعدة والعون للخلاص من عدوها اللدود وتصفية كل ما يتعلق بتركته السياسية و الاقتصادية والاجتماعية .
في جانب مهم من ذاك الحراك الحزبي الأهوج لم تتردد المؤسسات الدينية المؤدلجة .بكل تلاوينها من التورط في تلك الصراعات وراحت تغذيها بالأحقاد والنفرة والفصام . وأنحاز جانب منها بكل ثقله المعنوي والمادي ضد سلطة الزعيم عبد الكريم قاسم والأطراف التي تقف بجانبه وتدعم بعض توجهاته . وأشترك آخرون في تعميم لغة الجريمة وإطلاق الفتاوى لقتل البشر وإباحة دمائهم دون واعز من ضمير وأخلاق أو أعراف. وتستر جلهم وراء دعوات دينية كاذبة وهرطقات رعناء لا تمت للأديان السماوية بصلة.مصورين بحقدهم الشخصي أن الرسالات السماوية لا تستقيم ألا بجريان دم الأضاحي من البشر.ولم يدع  القتلة أصحاب 14 رمضان الأسود الفرصة نفوتهم دون الاستفادة القصوى وتوظيف تلك الفتاوى خلال فترة حكم الزعيم عبد الكريم. فجرت عمليات تصفيات جسدية وإرهاب طال كثيرين بحجج تلك الفتاوى.واستخدمت تلك الفتاوى بشكل حاسم لقتل الناس وتعذيبهم وإرهابهم ليس أثناء جريمة 8 شباط وإنما توظف لحد هذا الوقت لخنق أصوات المخالفين ودعاة الديمقراطية والمجتمع المدني  وإرهاب الجماهير وتغذيتهم بالأفكار الكيدية الداعية لإدامة الجريمة وعوامل الخصومة والتشتت بين أبناء الشعب الواحد.
كان انقلاب 8 شباط الأسود وصمة عار في جبين العالم وليس العراق وحده .فليس ما حدث هو تنازع على مراكز قوى أو محاولة للاستيلاء على السلطة بالتفسير الظاهر، وإنما كان مهمة موكلة لقتل البشر المجاني ومقدمة لوضع العراق عند حافة الموت المعلن والدائم، ومقدمة لجرائم كبرى قادمة لا يمكن فصلها بحدود أو فترات تاريخية.والمهمة تلك تستمر الى يومنا هذا فرغم تبدل الوجوه وتعاقبها  فأن ما أستنه البعثيون وحلفائهم صار نهجا وسنة توارثها الكثيرين. تستمر فيه اللغة السياسية السادية، وتمارس كل أشكال العنف بحق أبناء الشعب العراقي ويطحن المزيد من البشر في دوامة العنف ويبقى للعسكر حصة الأسد وللآخرين من ذوي النزعات الحزبية العشائرية والميول الإجرامية القدح المعلى. فيقود أكثر الواجهات السياسية مهوسون وشذاذ أفاق ومتبرعو إيذاء وطائفيون وممن أياديهم ملطخة بدم صحبتهم وأبناء وطنهم . ليسيسوا الأمور على ذات النهج ذو الخبرة الغزيرة بالوحشية والقسوة والعنت والابتذال وتغييب الآخر بأحقر الوسائل وأخسها.
أفتتن جميع الفرقاء من مروجي السياسات العقيمة وورثة الخراب بتطبيق تقنياتهم الوحشية لأقتسام غنائم سياسية وهمية بإجراءات مستهجنة وأصروا على تعقيم اللوحة السياسية من الآخر وفق (فهمهم القاصر) عن الغرض السياسي للمؤسسة الحزبية، (كواحدة من تشكيلات المجتمع المدني).وحشدت الجهود لبناء القلاع الحزبية وفق الخيارات البعيدة عن الهم الوطني والإنساني والقريبة جدا من الأنانية الفردية ونوازع الشر.
اليوم فأن ورثة 8 شباط الأسود بوجوههم الطافحة بالقباحات وبأيديهم الملطخة بدم أبناء الشعب العراقي يفاضلون الأمر بينهم ويدفعون العراقيين لخيار الانتحار المجاني تأسيسا على السياسات التي جلبوها في يومهم المشؤوم ذاك.جريمة جديدة يريدون بها اختتام حياتهم السياسية ليبرهنوا على أن مجيئهم في 8 شباط لم يكن اعتباطا أو عفويا أو غرضا وطنيا، وإنما تطبيق عملي لسياسات التطهير والقتل والحقد والانتقام ضد كل ما هو وطني وإنساني.

أن ذكرى جريمة 8 شباط الأسود يجب أن تدفع الجميع للتملي بواقع المجتمع العراقي كحامل لمثل تلك النوازع . وأيضا النظر ودراسة الأطر الفكرية لحزب البعث ومسيرته. وبما حدث للوطن من تدمير وجرائم طالت كل مكوناته الأثنية والطائفية والتي سببتها دوافع شخصية جرمية مع تراكم خبرة مشوهة حول الغرض من تشكيل الحزب السياسي.كذلك المعاينة والتدقيق لمناهج حزب البعث الداخلية والمعممة على جميع أبناء الشعب العراقي وبالذات منها اللوائح الداخلية التي توجب دائما اعتبار الآخر عدوا محتملا . أو التي تحكم علي العضو بالإعدام أن أنتمى لأي حزب أخر بعد تركه البعث. وأيضا الإعدام لكل من لم يفصح عن انتمائه السابق أو الإعدام لكل من يروج لسياسات تتقاطع مع النهج العام لحزب البعث.والإعدام لكل من يجهر برأيه بالضد من سياسات قادته .فتلك البضاعة البشعة ليست خاصية بعثية وأن كان البعث ينفذها كونه يمتلك السلطة ويزاوج قوانينها بقوانين الحزب. فأن بعض تلك الأفكار يعشش في الكثير من مؤسسات المجتمع العراقي وتمارسه بشكل بائن بعض الفعاليات والأحزاب.فالكثير من تلك الأحزاب تخضع أعضائها لشروط الاستلاب الفكري وتجبره على تقبل الوصاية العمياء، وتعدم داخلها الكثير من الشروط الحضارية التي تجعلها واحدة من مؤسسات المجتمع المدني.وأن كان حزب البعث الفاشي يحكم أعضاءه وأبناء الشعب العراقي بالموت كونهم خرقوا محرماته فأن الكثير من الأحزاب العراقية تمتلك وسيلة الإعدام المعنوي للخارجين عن قواعدها وأسس مكوناتها الفكرية وتلك جريمة تجاري ببشاعتها وخستها ونتائجها  التغييب الجسدي. ومازالت أغلب الأحزاب والفعاليات السياسية العراقية تفتقر بالكامل  للغة السلام والشفافية والوئام والتسامح والحوار العقلاني ليس فقط بتعاملها مع غيرها من الفعاليات الأخرى وإنما تفتقد الكثير من مقومات الفعل السياسي الحقيقي الراسخ المبني على أسس مبادئ الحرية الفكرية والاجتهاد العلني والخيارات العقلانية في داخل تنظيماتها.وتلجم أية أفكار تخرج عن  نصوص الوصايا الكهنوتية التي أنشأ وفقها التنظيم.وإذا ما كانت لغة التخوين والتسقيط السياسي كافية لخنق أصوات الخارجين عن الطاعة .فأن إطلاق التهم وإصدار الفتاوى بالقتل الجسدي للخصوم حاضرة ومبررة .والوشاية والريبة والتقية تبدوا عند بعض الأحزاب مسلمات لا يمكن التخلي عنها في كل الأحوال.وأذ نؤشر لهذا الخلل القاتل فان بعض الأطراف والفعاليات الأخرى ارتضت أيضا الابتعاد عن قرارها الوطني العراقي المستقل لتسلم أوراقها ومهمات الدفاع الوطني عن أبناء شعبها الى جهات أجنبية. وسمحت عبر ارتباطاتها تلك بتمرير الكثير من المؤامرات واللعب السياسية القذرة الموجهة ضد الشعب العراقي وخياراته بالحرية والسلام .لتختزل في النهاية مهمة تلك الفعاليات العراقية على الترويج للطروحات الخارجية التي تغذي نوازع الاستعداء والخصومة بين فعالياته وطوائفه وأثنياته .
من درس 8 شباط الأسود ودروس القدوم الآخر لحزب البعث والجرائم التي طال ضررها جميع تكوينات وشرائح المجتمع العراقي.وكذلك أسباب ومبررات مقتل أكثر من المليون والنصف من العراقيين والآلاف من المعوقين واليتامى والأرامل والعوائل المعذبة والمشردة والمهمشه من جراء نزق سياسي مجرم منفلت دفع العراق لحربين مدمرتين. وأيضا من خلال التمعن بمسيرة العلاقات السياسية بين أطراف تلك المكونات وتشكيلاتها السياسية والاجتماعية .من الواجب على الجميع التدقيق في أسس تلك العلاقات والدفع لإعادة ترتيبها وفق خيارات حضارية ترتقي للمسؤولية الوطنية .وأن الحديث عن الديمقراطية والسلم والعدل والصلح الاجتماعي يوجب إعادة النظر بأسس المنظومة الفكرية التي تسير عليها مناهج تلك الأحزاب والفعاليات العراقية للخروج بفهم يؤشر ويفسر الخراب الذي طال الوطن ومفهوم الوطنية، ويدفع نحو بناء حضاري جديد يعيد للعراق والعراقيين توازنهم ويمنحهم الاطمئنان والآمن على حياتهم ووجودهم الإنساني.



 



#حركة_المجتمع_المدني_العراقية (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- استطلاع للرأي: بايدن سيتفوق على ترامب بنقطة واحدة فقط لو جرت ...
- -داعش- يتبنّى الاعتداء الإرهابي على مسجد غربي أفغانستان
- بي بي سي تعاين الدمار الذي خلفته الغارات الجوية الإسرائيلية ...
- قاض في نيويورك يغرّم ترامب ويهدد بحبسه
- فيديو: تصميم وصناعة صينية.. بكين تكشف عن حاملة الطائرات -فوج ...
- قانون -العملاء الأجانب- يشعل العراك واللجوء إلى القوة البدني ...
- السيسي وعقيلته يوجهان رسالة للمصريين
- استخباراتي أمريكي: شعبية بوتين أعلى من شعبية ماكرون وبايدن و ...
- اشتباكات في جامعة كاليفورنيا بعد ساعات على فض اعتصام -كولومب ...
- بلينكن يريد اتفاق هدنة -الآن- وإسرائيل تنتظر رد حماس قبل إرس ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - حركة المجتمع المدني العراقية - بيان حركة المجتمع المدني العراقية ـ السويد بمناسبة ذكرى جريمة 8 شباط