أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاروق عطية - المنافقون ألوان وأشكال















المزيد.....

المنافقون ألوان وأشكال


فاروق عطية

الحوار المتمدن-العدد: 5356 - 2016 / 11 / 29 - 03:37
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الغريب أننا دائما نتشدق واصفين أوطاننا بأنها أفضل الأوطان، وأننا شعب متدين بطبعه وأننا خير أمة أُخرجت للناس، والحقيقة المُرة أنه ينطبق علينا المثل القائل أسمع كلامك أصدقك واشوف أمورك استعجب"، فنحن غالبا مصابين بالاسكيزوفرانيا المتأصلة. علي سبيل المثال لي صديق لا يشتري اللحوم أو الدواجن إلا ما هو مدون عليه (حلال) أي أنه يراعي الله فيما يأكل ولكنه يذهب ليلا للحانات لمغازلة الساقطات، واحتساء كميات مهولة من الخمور، وحين أقول له: يا صديقي لماذا تشرب حين أن الخمر حرام أيضا ولم يكتب علي قواريرها (حلال)، فيقول لي: الخمر مكروهة وليست محرمة والدليل علي ذلك أن من أسلموا زمن الرسول (ص) ظلوا يشربونها ويتاجرون بها ويأخذونها معهم في غزواتهم ومعاركهم، كما ان القرآن في البداية قد مدحها واعتبرها رزقا حسنا "ومن ثمرات النخيل والاعناب تتخذون منه سكراً ورزقاً حسناً ان في ذلك لآية لقوم يعقلون" (النحل الآية 67)، كما أغرى القرآن المؤمنين بشراب خمر الجنة "وانهار من خمر لذة للشاربين" (سورة محمد 47 :15). وعندما سأل الأنصار النبي عن الخمر جاءت الآية "يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما اثم كبير ومنافع للناس، واثمهما أكبر من نفعهما" (البقرة-219)، توضح هذه الآية أن للخمر منافع كما لها من أضرار ولم تتضمّن اي حكما بالتحريم، فشربها من رأى فيها فوائد وتركها من خاف من إثمها. ذات يوم شرب جماعة من الصحابة عند عبد الرحمن بن عوف حتى أدركتهم الصلاة فأمهم أحد الصحابة فقرأ "قل يا ايها الكافرون لا اعبد ما تعبدون" فحذف "لا"، فنهاهم القرآن عن الصلاة في حال السكر "يا ايها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون" (النساء – الآية 43) فاستمر الشاربين على شربهم ولكنهم تجنبوا الصلاة عندما تلعب الخمر برؤوسهم حتى يفيقون. حدث عراك بين الأوس والخزرج بسبب الخمر كما حدث خلاف بين سعد بن أبي وقاص والأنصار أدت إلى قلق النبي، فنزلت الآيتان اللتان تدعوان الى اجتناب شرب الخمر "يا ايها الذين آمنوا انما الخمر والميسر والانصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون". "انما يريد الشيطان ان يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون" (المائدة – الآيتان 90 و91). فقلت له: يا صديقي كان يجب عليك إطاعة الله حيث أمر جل جلاله باجتنابها لأنها رجس من عمل الشيطان. حاول التملص والمداورة قائلا: الآيتان لا تحرمان الخمر بل تدعوان لتجنبه. والمحرّمات في القرآن تكون جازمة إذا اقترنت بإحدى حالين: ان ينطق بلفظ التحريم صراحة كما في تحريم الدم والخنزير والميتة وزواج المحارم او ان يتضمن الفعل المحرّم عقوبة على مرتكبه، كما في عقوبة الزاني والسارق والقاتل، ولذلك دلالة واضحة فهو أمرٌ باجتناب الشرب ولا يرقى لمرتبة التحريم. كما أن النبي لم يقم حدّا على شارب الخمر، وقد شربها الكثيرون في زمانه بعد نزول الآية التي تدعو الى الاجتناب. ثم نزلت آية تقول "ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا" (المائدة-93) ثم آية ثانية: "قل لا أجد فيما اوحي اليّ محرماً على طاعم يطعمه الا ان يكون ميتة او دماً مسفوحاً او لحم خنزير" (الأنعام-145)، وعدم ذكر الخمر يوضح عدم حرمانيتها.
في فترة الطفولة والصبا كنت أعيش في مدينة طهطا إحدي مدن الصعيد، كان في موعد جني القطن صيفا، يندر وجود العملات المعدنية الصغيرة (الفكّة) التي يحتاجها زرّاع القطن لدفع يوميات العاملين في الجمع، حيث كانت يومية العامل 2,5 قرشا ويومية الصبي أو الصبية 1,5 قرشا، فكان المزارعون يأتون للمدينة للحصول علي الفكّة من البقالين، وكان البقالون ينتهزون الفرصة ويبيعون 95 قرشا فكة مقابل الجنيه، وكان بالبلدة بقال سنّي "صاحب بقالة السني"، يقول أن بيع الفكة حرام واستغلال يرفضه الإسلام، وكان حين يُطلب منه فكة الجنيه يرفض إلا إذا اقترنت بشراء، وكان يبيع علبة السجائر الهوليود التي كان ثمنها في ذلك الوقت 3,5 قرشا بـ 10 قروش، يأخذ الجنيه ويعطي المزارع علبة سجاير و90 قرشا معتبرا أن البيع والمكسب حلال أحله الإسلام..!
وفي فترة الدراسة الجامعية كان في سكرتارية كلية العلوم جامعة عين شمس أحد الموظفين شيخ معمم (أزهري) وكنت أتعامل معه بالاحترام وأناديه دائما بفضيلة الشيخ، وكان هو أيضا يتعامل معي كصديق، وعند التخرج ذهبت إليه للحصول علي الشهادة المؤقتة للتخرج، فأسرّ لي قائلا وعلي وجهه ابتسامة عريضة: قل لآصدقائك حين يأتون للحصول علي شهادة التخرج أن يضعوا ما تيسر في درج مكتبي الذي أتركه نصف مفتوح. من يومها سقط احترامي له ولم أحاول الالتقاء به.
وفي بداية حياتي العملية،كنت أعمل رئيس وردية معامل التشغيل بشركة النصر للأسمدة بالسويس، وكان ضمن العاملين معي مساعد معمل (محلل) معروف بالورع، يؤدي الصلاة في مواعيدها إن أمكن ويصوم رمضان ويعامل زملائه بالحسني. تغيب يوما عن العمل وجاء بعدها إلي العمل حليق الشعر علي الزيرو، وقال لي أحد زملاؤه أنه ضُبط في السوق يتحرش بالنساء المتزاحمات علي عربات الخضار، فأمسكت به إحداهن وسلمته للشرطة فبات في الحجز وحلقوا له زيرو كعادة اتخذتها الشرطة مع المتحرشين ذلك الوقت حتي يكون عبرة لغيره.
شاهدت فيديو لداعش يحاكمون سيدة اتهمها زوجها بالزني، هي تعترف بجرمها وتتأسف لزوجها وتطلب منه العفو لكنه يرفض مسامحتها فيوقعون عليها حد الموت رجما، ولا يستنكفون أن يأمروا زوجا بترك إحدي زوجاته الأربع لتمارس جهاد النكاح وهو أقذر أنواع الفجر والدعارة، ويستحلون قتل الأبرياء بدون ذنب وهم يهللون ويكبرون.
نشجب ونصرخ ونتظاهر ونحطم كل ما في طريقنا، مطالبين العالم أن يتصدي لما يحدث للأقليات الإسلامية حين يحدث ما يعكر صفوها في أي من بلدان العالم، ولا نأبه أو نتحرك بل نتغاضي ونتعامي، عندما يتجمع المتأسلمون من كل صوب وحدب ليحرقوا البيوت والمتاجر وحقول الأقليات المسيحية في بلادنا ويحطمون سياراتهم وممتلكاتهم لمجرد صدور شائعة بقيام المسيجيين في أي قرية لا توجد بها كنيسة بالصلاة داخل أحد المنازل أو دار من ديار المناسبات خوفا من تحول هذا البيت أو تلك الدار إلي كنيسة، كأن الكنيسة ليس بيت لذكر الله والصلاة له، وكأنها رجس من عمل الشيطان.
وعندما يعتدي كائن من كان في أي بقعة من العالم علي مسلم حتي لو كان مجرما يستحق العقاب، نثور ونغضب ونتظاهر منددين ومطالبين بالقصاص العادل، ونتغاضي ونتعامي عن قتل البهائيين والشيعة وسحلهم في الشوارع وتهجير أهاليهم من ديارهم وقراهم دون ذنب جنوه غير أنهم مختلفين في العقيدة. فلا يأبه العالم بشكاوانا وشجبنا وتظاهراتنا وضجيجنا الفارغ، ويضحك من ازدواجية المعايير لدينا وجهلنا بأن المبادئ لا تتجزأ، وأن ما نرفض حدوثه لنا كان لا بد أن نرفضه عندما يقع علي الآخر المخالف لنا.
سمعت بما يخطط لحدوثه يوم الجمعة 25 نوفمبر بقرية النغاميش التابعة لمركز دار السلام محافظة سوهاج. فقد وصلني منشور من المحرضين علي الفتنة يدعو للحشد والخروج بعد صلاة الجمعة لمنع قيام النصاري بقرية النغاميش المسلمة من تحويل دار المناسبات المسيحية إلي كنيسة. فبادرت بالتوجه إلي القرية صباح الجمعة لمحاولة تقصي الحقيقة ومحاولة منع الفتنة قبل وقوعها. وراعني ألا أجد مظهر من مظاهر سطوة الدولة المتمثل في شرطتها لحفظ الأمن ومنع الكارثة قبل وقوعها، خاصة وأن الأمن القومي لا تخفي عليه خافية وأنه قطعا قد وصلهم نفس المنشور الذي وصلني.
وعند آذان الظهر دخلت إلي المسجد مع الداخلين، واستمعت إلي خطبة الجمعة من الإمام وكانت كلها تحث المصلين علي الدفاع عن حرمة إسلامهم ومنع الكافرين من تحقيق غاياتهم، والتضحية بكل ما نملك لنصرة الإسلام والمسلمين. صرخت به قائلا ويحك يا شيخ، أتحرض الناس علي الفتنة، والفتنة نائمة لعن الله من يوقظها. نظر إلي بعيون ينطلق منها الشرر وأشار بإصبعه نحولي قائلا: زنديق يستحق العقاب ودمه حلال يا محبي الإسلام. اندفع الجميع نحوي للفتك بي فحاولت الهرب صارخا لأستيقظ من نومي متصببا عرقا.





ا



#فاروق_عطية (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نا واخويا وابن عمي ع الغريب
- يوم من عمري لا ينسي
- داعّوشي رايح دأعّوشي جاي
- تراعيني قيراط أراعيك قيراطين
- أعيادنا يا حلوين من 6 اكتوبر حتي الهلوين
- السعودية وديل الكلب
- عصير العلم نصف كوب من الفنكوش
- أنتم السابقون ونحن اللاحقون
- الشُرطة بين الأمس واليوم
- جيوبك أكثر نظافة مع ضريبة القيمة المضافة
- يا خوفي يا بدران ثاني مرة
- محارب سلاحه الفكر والإيمان
- الشروط العُمَرية مرورا بالعِزبي حتي مجلس العار
- الوقح والأمنجي والمجني عليها
- الإيهام والإحباط والجريمة
- الساذج والمكّار والوزير
- ماذا لو فشل انقلاب ضباط 23 يوليو ؟
- أفتكرناه أحموسي طلع هكسوس
- التقاعد وخيل الحكومة
- آل سعود وتخريب الإسلام


المزيد.....




- اللجنة الوزارية المكلفة من القمة العربية الإسلامية تصدر بيان ...
- حدثها اليوم وشاهدوا أغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- السعودية.. فيديو تساقط أمطار غزيرة على المسجد النبوي وهكذا ع ...
- فرنسا تعزز الإجراءات الأمنية أمام أماكن العبادة المسيحية
- المجلس اليهودي الأسترالي يتضامن مع مظاهرات طلاب الجامعات الد ...
- طالبة أمريكية يهودية ترفع دعوى قضائية ضد جامعتها المتهاونة م ...
- -نيتسح يهودا- - هل تعاقب واشنطن وحدة عسكرية إسرائيلية لأول م ...
- السلطات الفرنسية تحذر من خطر إرهابي كبير خلال فترة الأعياد ا ...
- فرنسا تشدد الإجراءات الأمنية قرب الكنائس بسبب المستوى العالي ...
- نزلها عندك.. نزل تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على الأقما ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاروق عطية - المنافقون ألوان وأشكال