أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أفنان القاسم - بيروت تل أبيب القسم الثاني تل أبيب الفصل الخامس















المزيد.....

بيروت تل أبيب القسم الثاني تل أبيب الفصل الخامس


أفنان القاسم

الحوار المتمدن-العدد: 5323 - 2016 / 10 / 24 - 20:51
المحور: الادب والفن
    


فلاديمير عامي ودافي، ثلاثة أصدقاء لإيغور، رفضوا بدورهم القيام بالخدمة العسكرية في الأراضي المحتلة. تمترسوا في مقر حركة "السلام الآن"، وشنوا إضرابًا عن الطعام. بينهم كانت ليا. استولت الجرائد على القضية، ولأول مرة سمع الرأي العام المعادي تقليديًا لكل نوع من الأعمال التي تمس أمن إسرائيل ووجودها –لأن هؤلاء الزعران الذين يتعاونون مع "إرهابيي الأراضي" يريدون تدمير البلد- أصواتًا مؤيدة وأخرى مترددة بين المؤيدة وغير المؤيدة. كان صوت شالوم واحدًا من هذه الأخيرة. أيد التزامات ليا، لكنه وجد أن حجج ساندرا مقنعة كذلك. كان ضد القمع، مثل ليا، لكنه أقر، مثل ساندرا، أن المياه القادمة من الأراضي لا غنى عنها لحياة الإسرائيليين. إذن كيف العمل لتحاشي القمع والظفر بالحياة؟ لم يجد جوابًا. عزمت الأغلبية التي تقول ضد على سحق الأقلية التي تؤيد المنشقين وأولئك الذين لا يتخذون موقفًا حاسمًا. غدت الحرب الأهلية على وشك الوقوع، غير أن انفجار قنبلة موقوتة في مقهى الملك سليمان نُسِبت إلى إرهابيي الأراضي وضعت حدًا لهذه القضية. كانت شذى الضحية الوحيدة، فأُشعلت الشموع، غابة من الشموع، وعُزفت الهاتيكفا، هاتيكفا حزينة، لتسكن روحها بسلام. ساد التحالف الوطني أخيرًا، وانتصر التخويف.
رُمِيَ فلاديمير وعامي ودافي في المعتقل، وكذلك إيغور. أراد الجنرالات أن يحاكموه من جديد، لأنه رأس الحية بالنسبة لهم، فهو بإمكانه أن يسمم كل الجيش. لم تعد نورة، أُم إيغور، الحصول على أي شيء من عشيقها، جوردان. "القضية تتجاوزني، أنت تعرفين"، قال لها، واستُدعي للبحث فيها مع قائد الأركان، مساءً.
في شارع بروفيدنس (العناية الإلهية) الضيق، كانت البناية الضخمة لمجلس قيادة الدفاع الوطني. تَوَقع جوردان، للظروف الحساسة، أن يجد الشارع يغلي غليان طنجرة الأحداث، لكنه لم يلاحظ شيئًا غير عادي. كان القمر بدرًا، وبعض الفئران تتصارع على نصف همبرغر تحت العين المتسلية لحارس، والذي، لما رأى جوردان، ارتدى هيئةَ مَنْ يسارع إلى إنهاء خدمته. كان الموظفون قد غادروا إلى بيوتهم، ولا شيء يتحرك في ممرات الطابق السادس، وكانت على باب الجنرال دافيدسون رسالة معلقة: "أحتفل بالحدث في البركة، الحقني بسرعة. عمو دافيد."
كان جوردان يعرف ما يعني الاحتفال بحدث في البركة، ابتسم، وعاد يأخذ طريقه إلى المصعد. في الطابق الأرضي، أسرع الخطى باتجاه البركة. وصلت أذنيه صرخات وضحكات أنثوية، فاتسعت ابتسامته. فكر أن على الجنرال دافيدسون أن يكون عن حق سعيدًا جدًا من الطريقة التي عالج فيها قضية المنشقين الثلاثة. "خير طريقة للدفاع عن الأمة، يا بُنَيّ، هي أن تقوم بالهجوم"، كان رئيس أركان الحرب يتباهى. فكر جوردان أنه بالتضحية بعاهرة، وبعاهرة ليست يهودية فضلاً عن ذلك، أنقذ دافيدسون البلد من تشظٍ لا أحد يمكنه التنبؤ بنتائجه. دفع بابًا كبيرًا، ودخل في فضاء أزرق زجاجي كبير. كانت البركة المسقوفة تؤدي إلى مرجة يجعلها ضوء القمر فضية، ولا أي ضوء آخر يأتي ليزعج الأجساد العارية تمامًا. كان بعض الضباط والضابطات يلهون بجزل وسط البركة الضخمة، وعلى الدرجات الأربع المغطى نصفها بالماء، كان دافيدسون محاطًا بسكرتيرتيه الشقراوين الحسناوين. عندما رأى جوردان قادمًا، رفع يدًا مثقلة بخاتم حجره الزمردي الضخم الشديد الخضرة يلمع بغرابة على الإصبع الصغيرة.
- من هنا، يا بُنَيّ، رمى، تعرى، والحق بنا.
تخلص جوردان بسرعة من ثيابه، وغطس كضفدعة أعمتها الرغبة في الشعور مبللة بالماء. جاءته السكرتيرتان الحسناوان، وأخذتاه من ذراعه، وهما تضحكان بجزل، وتتكلمان بصوت البنت الصغيرة: "جوردي، حبيبي..." بنفس اللهجة التي تقولان فيها: "جوردي، بدي أعمل بي بي!" حال وصوله قرب رئيس الأركان، ناداه الذين كانوا وسط البركة، حيوه، وعادوا إلى التلهي باللعب.
- لا أحسن من حمام كهذا بعد كل أيام التنكيد والإزعاج هذه، قال الجنرال دافيدسون.
- خاصة عندما نكون محاطين بأيدٍ ناعمة، تابع جوردان على طول الموجة.
- أولجا وجولدا ملاكتان، ملاكتان، ردد دافيدسون، وهو يجعلهما تقهقهان. ملاكتان طيبتان!
أحضرتا الشمبانيا على صينية فضية طافية.
- والحال هذه، قال دافيدسون بلهجة احتفالية رافعًا كأسه، فلنشرب بصحة هذا الشعب الذي يعرف أن يكون متحدًا في اللحظات الصعبة.
قرعوا كؤوسهم، وعاد الجنرال إلى القول:
- عامل الخوف، كعامل الكره، شيء لا يعوض في تاريخ هذه الدولة التي لم تزل شابة جدًا، طفلتنا، نحن العسكريين. هكذا نبني أمة تولد. لكن ما أن تكبر حتى تعرف هذه الأمة نفسها الاعتماد، دون عون أحد، على غريزتها وعلى قوتها.
ثم لجوردان بصوت جسيم:
- على المنشقين الثلاثة، زائد إيغورك، جوردي، المثول أمام محكمة عسكرية، مع كل اعتذاراتي للجميلة نورة. قل لها إنها المصالح الأساسية للأمة، همهم آخذًا ثديي جولدا بفمه. وللرد على الحادث المجرم لمقهى الملك سليمان، يجب علينا ضرب الإرهابيين أينما وجدوا، في الأراضي وفي لبنان.
- هجوم عسكري محدود في لبنان فيه الكثير من المجازفة، قال جوردي مداعبًا ثديي أولجا. حاليًا، تتجاوز الأشياء الأوباش المحليين.
- فليكن إذن على نطاق واسع، هتف دافيدسون. كلما كانت الحرب الأهلية على وشك الوقوع، يحتاج شعبنا إلى القيام بعمل بطولي، وذلك بالهجوم على البلدان العربية. هكذا يرص الصفوف حول الجيش، في الوقت الذي ندمر فيه قوة هذه البلدان. هذا هو الحال الذي كان في عام 48، وفي عام 56، وفي عام 67، وفي عام 73. حان الوقت لشن الحرب، وهذه المرة في لبنان.
- لكن، عمو دافيد، موت عاهرة لا يبرر حربًا كهذه.
جولدا، وهي في غاية تهيجها، قبلت جوردان من فمه، ومن صدره، ومن عضوه، فدفعها برقة.
- حقًا، تابع جوردان، أن عملاءنا الفلسطينيين لم يعودوا قادرين على إدارة حرب العصابات كالماضي، وأن الكتائب في حاجة إلى أن نُيَسِّرَ لهم النجاح. لكن يلزم حجة أكثر قوة من مقتل هذه العاهرة، الفلسطينية فوق ذلك.
- ضع قنبلة في الكنيست، فَرْقَعَ رئيس الأركان، ربما يلائمك هذا أفضل.
- اهدأ، عمو دافيد، همهمت أولغا في أذن قائدها، ثم قبلته بوحشية.
- رويدًا، قال الجنرال، رويدًا، يا مهرتي، لسنا إلا في بداية السهرة. ثم لجوردان: قنبلة في الكنيست تفي بالغرض، يا بُنَيّ، مع بعض الجرحى، لكن بدون ضحايا.
- نحن دولة لا تُمَس، لا تُهاجَم، وقنبلة في الكنيست...
- إذن قنبلة في كنيس.
- في كنيس!
- ليس هنا، ليس هنا! كنيس في باريس أو ملحمة كاشير في لندن.
- وليس هذا. هذا النوع من الأعمال ليس ممكنًا للموساد إلا إذا احتل العدو مكان الصدارة في الأخبار على المسرح الدولي، مما يسمح بتحويل أنظار الرأي العام والتلويح بشبح المعاداة للسامية، هذا الوحش الأسود الذي يهابه أولئك المنافقون الغربيون القذرون حتى التهلكة. هؤلاء المسلمون الشبان الأغبياء وضائعو أقصى اليمين يسهلون لنا المهمة بمهاجمتهم اليهود هناك أو بحرقهم أماكن عبادتهم، بلا حساب المثقفين اليهود الفرنسيين، هؤلاء الكلاب الأوفياء الذين دون أن نطلب منهم، يجيبون دومًا بالحضور ليحرسوا! هم مستعدون ليُشَهِّروا بالابتزازات في البوسنة، في الشيشان، في الجزائر، في الخرائر، في كل مكان، لكن لما يتعلق الأمر بالابتزازات في إسرائيل، يكشرون عن أسنانهم، على استعداد للعض، تحت حجة أنه ب-ق-ا-ء د-و-ل-ة إ-س-ر-ا-ئ-ي-ل. وعلى عكس مثقفينا ومثقفي العالم أجمع لديهم جواب لكل شيء!!
- إذن ماذا تريدني أن أقول لك؟ اقتل سفيرًا أو اعقر عاهرة إسرائيلية هذه المرة. حقًا موت يهودي تضحية إرغامية، لكنها تضحية لا يمكن تفاديها، لمصلحة كل اليهود.
- عاهرة تاني! هناك من العاهرات الآلاف.
- إذن حادث انتحاري.
- كاميكاز يهودي؟ هذا أبدًا.
- كاميكاز فلسطيني، أحد عملائنا المستعدين للموت لتستلم أسرهم فيما بعد دخلاً صغيرًا جيدًا. هناك ما لا نقدر على عده. سيضطلع المتطرفون الدينيون بالمسئولية، وستتكلف المقاومة الفلسطينية بالدفع لعائلة العميل من جيبها، الذي سيصبح بطلاً وشهيدًا! لن يشك فينا أحد.
- ليس وقت هذا النوع من العمليات، أنا أفضل قنصل أو سفيرًا، للبعد الدولي للعمل، في الوقت نفسه نعطي انطباعًا بالقبض على كل زمام الأمر في البلد.
- الانطباع؟ فقط الانطباع؟
- هذه طريقة في الكلام، عمو دافيد. لا شيء يزعزع قوتنا، قلعتنا الداخلية. حتى الفئران تخرج من جحورها، تحت النظرة المتسلية لجنودنا، بحثًا عن الطعام.
- لكن حادث مقهى الملك سليمان لن يبقى إلى الأبد دون ردع، إنه صدع يجب "رأبه" في هذه القلعة الداخلية. بكوننا لا نُقهر ولا نُمس كما نحن عليه، لا يمكننا السماح بصدعٍ كهذا.
- سيتكلف الكولونيل شالوم بهذا.
- الكولونيل شالوم! آه!... الكولونيل شالوم. المصاب بالنسيان تاعك. وكيف سيتكلف بهذا؟
- بالقيام بعملية تنظيف في قطاع غزة. كان يريد إعادة بناء هذا القطاع اللعنة مع رجال أعمالنا. هل تذكر، عمو دافيد؟
- هذا قد يدغدغ له ذاكرته.
- يا حبذا، هكذا نضرب عصفورين بحجر واحد. تعرف، عمو دافيد، قائد فدائي يعلم أنه كولونيل إسرائيلي أيضًا، هذه بداية حل شامل للمسألة الفلسطينية كما نريد، وإلى الأبد.
- شخصيته المزدوجة تتلاءم تمامًا والمهمة التي كُلِّف بها، ابقِ عينك مفتوحة عليه.
- لا تقلق لهذا.
- من النادر جدًا شخصية مزدوجة حقيقية عند عربي، إنها ميزة عبقرية لا تتعلق سوى بشعبنا، بشكل عام: مغربي ويهودي، فرنسي ويهودي، هولندي ويهودي، بولندي ويهودي، ألماني ويهودي...
- ...وبفضل ازدواج الشخصية هذا نحن هنا، في صدد السباحة بسعادة.
أَفْرَغَ كوب شامبانياه، وعانق أولجا بحمى، تاركًا نفسه يعوم فوق الماء. أرادت جولدا أن تفعل الشيء نفسه مع رئيسها، إلا أنه أوقفها، وسحب جوردان من الماء قائلاً:
- لا تستعجل، يا بُنَيّ. لديك كل الليل أمامك، يا صغيري.
- ازدواج الشخصية هذا هبة من السماء، عمو دافيد، تابع جوردان.
- والله عال! تتكلم الآن كحاخام عجوز، يا صغيري جوردي!
- تعرف جيدًا أنني لست مؤمنًا بدين، لكن فلنوظف الكلام المقدس بشكل علمي لمرة.
- وستقول ماذا؟
- أقول إن ازدواج الشخصية هذا طَبَعَنا منذ القِدَم، لهذا عَدَّنا الناس، لم يزل الناس يعدوننا، بين العظماء، ولو أننا بلد صغير.
- بالنسبة لي، ما يهم أكثر، هو هذه البركة، هذه البنات الحسناوات، هذا القمر الساحر، هذا الجو الاستثنائي في عز الشتاء، كل هذا يجب أن أملكه، ويبقى حتى آخر الأزمان.
- كل هذا ستملكه، جنرال عمو، وسيبقى إلى الأبد، بفضل ازدواج الشخصية الذي يميزنا.
- ألا تخشى ألا يتعلق ازدواج الشخصية فقط بفاقد الذاكرة تاعك بل كذلك بكل "أبناء عمنا"، أفراد شعبه؟
- لا. لكن يجب ألا ننسى أبدًا أن سر ازدواج الشخصية هذا يقوم على أسطورة حكاها القدامى وأخذها عنهم الأقل قِدَمًا ليعملوا منها تاريخ كل الأمم، وخاصة تاريخنا.
- أسطورة؟
- نعم، أسطورة، وإن أردت، وهم، كذبة.
- إن كانت كذبة ملائكية، لِمَ لا؟
- ملائكية أم شيطانية، هذا يتوقف دائمًا.
- أية أسطورة؟
- أبراهام، بالعربية، هذه اللغة التي أتقنها جيدًا كما تعلم، يعني "أبو رهم" (أبو المطر)، سارة تدل على سلسلة جبال في غرب الجزيرة العربية، جبال السراة، وإسحق، أبونا الذي لنا، مياه الآبار. بسقوط الأمطار على الجبال الجرداء، تتفجر مياه الآبار، فتتجذر الحياة. هذا منطقي، هذا علمي. لكن لإرضاء ازدواج الشخصية هذا، عملنا من المطر جد البشر، ومن السراة، سارة العاقر التي تحبل على كِبَر، وتعطي ابنًا، اسحق، مياه الآبار.
- لكنها حكاية جميلة، جوردي!
- إنها حكاية ازدواج شخصيتنا، نحن أبناء المطر وأبناء آبائنا.
- هل تعرف ماذا، يا بُنَيّ؟ همهم الجنرال دافيدسون، وهو ينفخ على حجر الزمرد، وهو يفركه على صدره المشعَّر، قبل أن يتأمله بهيئة غريبة. نحن إذن من هناك. اسألني "أين هذا، من هناك؟"
- أين هذا، من هناك؟ سأل الكولونيل جوردان، وهو يرفع صوته كما لو كان ينتظر رد فعل يشجبه مسبقًا.
- من جزيرة العرب، من بلاد النفط، أجاب رئيس الأركان، وهو يرفع صوته كذلك، وهو يحدق في حجر زمرده، وهو يركض في فكره خلف القوة والخلود.
- العبريون القدامى، وليس نحن.
- نحن من هناك، جوردي، نحن كنا هناك.
- وبعد ذلك؟
- نحن من هناك، يلعن دين!
- لا أرى إلى أين تريد المجيء.
- نحن من هناك، ماخور! جزيرة العرب لنا، خراء!
- لالالالالالالا ورب الكعبة! لا تقل لي إنك... لالالالالالالا وربك، عمو!
- نععععععععععم وربي، يا بُنَيّ!
- لن يقبل الأمريكان أبدًا. النفط، هم آلهة النفط، وهم لا يريدون منافسين.
- سنتقاسم وإياهم، وأحسن من السعوديين.
- لن يقبل الأمريكان أبدًا.
- سيقبلون. لنحل أولاً مشاكلنا مع لبنان. لنعمل منه دولة أو عدة دول بطابع ديني-عرقي كدولتنا، ولندخل من الباب الكبير في جغرافيا المنطقة. الجغرافيا شيء مهم بمقدار التاريخ، يا بُنَيّ. سَيُحَل المشكل الفلسطيني، وسنكون مستعدين للبدء في عودتنا إلى مهد أجدادنا –الذين اندثروا، أعرف، قال سريعًا ليأخذ جوردان بعجلة- واقتسام النفط مع الأمريكان حسب قاعدة أكثر فائدة لهم و... لنا. وهذا قطعًا أفضل بكثير من بيع البطيخ والشمام. ثم، الصحراء، هناك، محشوة بتماثيل صغيرة باهظة الثمن.
- بهذا الشكل يكون حضورنا على أرض فلسطين لا أساس له من الصحة، أثبتت ذلك كل اكتشافاتنا الأركيولوجية: أماراتنا، آثارنا، مدننا ليست سوى نسخ مطابقة لما كان في جزيرة العرب. ازدواج على ازدواج، صورة لصورة، عمو دافيد، وسيكون وجودنا مهددًا.
- نسخة مطابقة لنسخة مطابقة، لا شيء يهددنا. الوقت متأخر لهم.
- لمن؟
- لكل الذين يحلمون بتدمير حلمنا، سيكون من المستحيل أن يلمسونا. هل تنسى أننا لا نُمَس، لا نُقْهر؟ نحن القوة نفسها. وازدواج شخصيتنا، هذه القوة الأخرى التي فينا، لهي البرهان على ذلك، وطريقتنا في فرض شروط الأقوى، وسياسة الأمر الواقع سياستنا.
- نعم، نحن قدرنا، همهم جوردان، بهيئة غائبة. هذا جزء من القوة التي أصبحناها، والتي تحدد بشكل لا رجعة فيه مجرى الأحداث.
انطلق في الأجواء افتتاح "الترافياتا"، لحن قوة القدر. أرادت أولجا أن تعانق الكولونيل جوردان من جديد، لكنه أحس فجأة بوجع هائل في رأسه، فترنح.
- عندي صداع، أولجا الحلوة، اعذريني، همهم جوردان.
دفعها بلطف، واعتذر إلى قائده:
- اعذرني أنت أيضًا، عمو دافيد، عندي صداع شديد في رأسي! عليّ الذهاب لأخذ قرص.
- ستصاحبك أولجا، سارع الجنرال دافيدسون إلى القول.
- لا، لا حاجة إلى ذلك، سأعود إلى بيتي.
- إذن، كما قلنا، يا بُنَيّ.
- كما قلنا.
خرج جوردان من البركة، ويدا الشيطان تسندانه. طلب الجنرال دافيدسون مزيدًا من الشمبانيا، وأخذ الحسناوين الشقراوين بين ذراعيه، وهو يقهقه من السعادة، كإله المجانين المغتبطين.

يتبع القسم الثاني الفصل السادس



#أفنان_القاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بيروت تل أبيب القسم الثاني تل أبيب الفصل الرابع2
- بيروت تل أبيب القسم الثاني تل أبيب الفصل الرابع1
- بيروت تل أبيب القسم الثاني تل أبيب الفصل الثالث
- بيروت تل أبيب القسم الثاني تل أبيب الفصل الثاني
- بيروت تل أبيب القسم الثاني تل أبيب الفصل الأول2
- بيروت تل أبيب القسم الثاني تل أبيب الفصل الأول1
- بيروت تل أبيب القسم الأول بيروت الفصل الحادي والعشرون
- بيروت تل أبيب القسم الأول بيروت الفصل العشرون
- بيروت تل أبيب القسم الأول بيروت الفصل التاسع عشر
- بيروت تل أبيب القسم الأول بيروت الفصل الثامن عشر
- بيروت تل أبيب القسم الأول بيروت الفصل السابع عشر
- بيروت تل أبيب القسم الأول بيروت الفصل السادس عشر
- بيروت تل أبيب القسم الأول بيروت الفصل الخامس عشر
- بيروت تل أبيب القسم الأول بيروت الفصل الرابع عشر
- بيروت تل أبيب القسم الأول بيروت الفصل الثالث عشر
- بيروت تل أبيب القسم الأول بيروت الفصل الثاني عشر
- بيروت تل أبيب القسم الأول بيروت الفصل الحادي عشر
- بيروت تل أبيب القسم الأول بيروت الفصل العاشر2
- بيروت تل أبيب القسم الأول بيروت الفصل العاشر1
- بيروت تل أبيب القسم الأول بيروت الفصل التاسع


المزيد.....




- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أفنان القاسم - بيروت تل أبيب القسم الثاني تل أبيب الفصل الخامس