أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - اندريه جروباتشيك - الأمريكان قادمون! الديموقراطية كنوع من التعاون بين الأجهزة الأمنية















المزيد.....

الأمريكان قادمون! الديموقراطية كنوع من التعاون بين الأجهزة الأمنية


اندريه جروباتشيك

الحوار المتمدن-العدد: 1412 - 2005 / 12 / 27 - 15:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عشية زيارة كوندوليسا رايس لرومانيا، كانت الحالة النفسية لوزير خارجية تلك البلاد مضطربة للغاية، تكاد تسيل الدموع من عينيه تأثرا، بينما أخذ يشدد على المغزى الكوكبي والتاريخي لتلك الزيارة بكلمات تماثل الأشعار: "هذا الذي كان أجدادنا وآباءنا ينتظرونه منذ 60 عام، وما كان مئات من المساجين يأملونه في زمن الشيوعية، يحدث الآن: الأمريكيون قادمون!"

ولقد وصلوا فعلا.

تبدو كما لو كانت محاكاة لجوانتانامو، هذا ما يتذكره جيل روبلز، مفوض حقوق الانسان للمجلس الأوروبي. في أكبر قاعدة عسكرية في البلقان وفي أوروبا، كامب بوندستيل بكسوفو، رأى روبلز ما بين 15 الى 20 سجين. كلهم يرتدون بذلات برتقالية. جندي أمريكي بالقاعدة العسكرية أخبره أن المساجين أرسلوا من جونتانامو الى كوسوفو.

زيارة مفوض حقوق الانسان روبلز الى بوندستيل، تلك "الجوانتانامو الصغيرة"، كما أسماها هو في تقريره، حدثت منذ ثلاث سنوات. ومع ذلك، فالتقرير ظل تقريبا لا يثير انتباه أحد حتى الأسابيع القليلة الماضية، عندما أصبحت السجون السرية للاستخبارات المركزية الأمريكية في أوروبا الشرقية حديث الأنباء العالمية. منذ ذلك الحين ثار في وسائل الإعلام السائدة في أوروبا حديثا ليس فقط عن بوندستيل ولكن أيضا عن توزلا وأماكن أخرى في البوسنة والهرسك. المتحدث الرسمي باسم القوات الامريكية في كوسوفو استنكر مثل هذه الاتهامات، بقوله، أن السجن كان – علنيا. في مقابلة مع جريدة دير شبيجل، قال، "لم تكن هناك اي محاولة لإخفاء اي شيء أو التستر على أي شيء. كل شخص عرف ماذا يجري في معسكر بوندستيل". حسن.

ذلك ما أكده الصليب الأحمر. هذا العام قام الصليب الأحمر بجولة تفتيشية وحيدة لسجن بوندستيل. طوال عام 2002، مع ذلك، منظمة الصليب الأحمر قامت بأربعة عشر زيارة لبوندستيل. لم ينشر الصليب الأحمر نتائج زياراته التفتيشية للسجن. ولكن، كما قال المتحدث باسم الصليب الأحمر، "نستطيع أن نبدأ بحقيقة أن فريقنا رأى ما رآه روبلز في بوندستيل".

ماذا رأى روبلز بالضبط؟ في مقابلة أوردناها بأعلاه يقول روبلز أنه رأى مساجين فعلا هناك كانوا في حالة "تدركها تماما من الصور التي تراها عن جوانتنامو.. مساجين يقبعون في أكواخ خشبية، بعضهم انفراديا والبعض الآخر مثنى وثلاث. كل كوخ كان محاطا بأسلاك شائكة. الحرس كانوا يقومون بنوباتهم متجولين فيما بينها. وحول كل ذلك كان هناك سور عال به أبراج الحراسة.. في وقت زيارتي كان هناك 15 سجينا. معظمهم كانوا من ألبان كوسوفو أو الصرب، وكان هناك أربع أو خمس من شمال أفريقيا. بعضهم كان بلحية ويقرأ في القرآن... لأن هؤلاء الناس كان مقبوض عليهم بمعرفة الجيش لم يكن لهم اي حق في الالتجاء للنظام القضائي. لم يكن لديهم محامون... كتبت في تقريري: لم يعد هذا مقبولا. يجب ان ندخل معايير ديموقراطية، تقوم على حكم القانون". شجاع. ولكن اين تكون بوندستيل هذه؟

يقع معسكر بوندستيل في البلقان، التي هي "الركن الأكثر وحشية والأقل استقرارا في أوروبا" (الايكونوميست)، بالقرب من بلدة يروسيفتش في كوسوفو. دعنا نتذكر أن كوسوفو تم تحريرها بواسطة قوات الناتو في العملية الإنسانية التي "اجبرت الصربيين على نبذ نظام حكم التطهير العرقي والهيمنة" (فاينانشال تايمز) والتي سببت خسارة 1800 مدني أثناء العمليات. الهبة الإنسانية الأولى للمحررين للسكان المحليين كانت بناء قاعدة اعتبرت أكبر قاعدة أمريكية تم تشييدها على أرض أجنبية منذ حرب فيتنام. القاعدة مشيدة على مساحة أكبر من 320 هكتار من الأرض. يعيش فيها حوالي 4000 جندي أمريكي؛ ويتمتعون باستعمال مكتبة، وأكشاك جرائد، وصالون تجميل، ومطعم برجر كينج وعدة كنائس قليلة. في التاسع والعشرون من نوفمبر أقيمت هناك مباراة لرمي الرمح.

تلك القاعدة العسكرية هي رمز للمصالح الانسانية الأمريكية في البلقان، "آخر الأفنية الخلفية القذرة في أوروبا" (الايكونوميست). بوندستيل تقع مباشرة فوق خطوط الغاز والنفط المستقبلية التي، طبقا للخطة، سوف تمتد الى الميناء البلغاري بيرجاس – الذي هو الآن قاعدة أمريكية يثار فيها الشكوك بأن "تحقيقات إرهابية" من النوع الذي لا يستقيم على هذه الدرجة مع القانون قد تمت فيها أيضا – من خلال مقدونيا وكوسوفو، على طول الطريق الى فالونا علىالساحل الألباني الأدرياتيكي. قامت بدراسة هذه الخطة شركة هاليبرتون التي كان يديرها سابقا نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني، التي – مفاجأة مفاجأة – قامت أيضا ببناء معسكر بوندستيل.

لذا إنه هنا في كوسوفو المحررة – التي أصرت الولايات المتحدة على استقلالها لأسباب غير معروفة – أنه، طبقا لروبلز وشهود آخرون، واحد من السجون "الغير قانونية" التي يمكن اكتشافها – كأمر واقعي سجون الاستخبارات المركزية الأمريكية هي سجون من "اجل التحقيقات الإنسانية". هذا السجن، مع الفرضيات القائلة أو الدلائل على طلعات جوية نظمتها أجهزة الاستخبارات السرية الأمريكية، يصنعون معا عناوين الأخبار في وسائل الإعلام السائدة في أوروبا الآن.

من المرجح جدا أن سجن بوندستيل ليس هو الموقع الوحيد الذي يمارس فيه التعذيب (التحقيقات الإنسانية) في يوغوسلافيا السابقة. طبقا لمجلة نيوز دويتشلاند، فورا بعدما حررت قوات الناتو الإنسانية البوسنة والهرسك من مواطنيها أنفسهم، بدأت الشائعات تدور عن أن الجنود الأمريكيين يقومون باستجواب مساجين من "الدول العربية" – أولئك الذين بمساعدة الامريكيين قد جاءوا الى البوسنة ليحاربوا في صفوف أهل البوسنة المسلمين – ويعتقلونهم، ولو كان هناك داع، يسمحون باختفائهم. مصادر الصحيفة الألمانية حذرت من مغزى المعسكر الأمريكي الكائن بالقرب من توزلا الذي قدم نموذجا لبناء معسكر بوندستيل في كوسوفو. معسكر توزلا موصول على نحو افضل بسبل الإمداد والتموين من ذلك المعسكر في كوسوفو. لأن الطيران الأمريكي من طراز بوينج 737 الذي تستخدمه الاستخبارات المركزية الأمريكية لنقل المساجين يستطيع النزول والإقلاع. ليس من المؤكد هل بعض أنواع الطائرات الأمريكية الناقلة من طراز هيركيوليز أو سي- 17 التي تطير الى ومن البوسنة على اساس يومي تحمل أيضا داخلها مساجين الديموقراطية الكوكبية الجديدة.

من الجدير أن نتذكر أنه أثناء التسعينات كان هناك قرار قد اتخذ داخل دوائر الاستخبارات الامريكية بتشكيل فريق استخبارات وطني خاص - NIST. بالإضافة الى أعضاء الاستخبارات المركزية الامريكية، يتضمن هذا الفريق خبراء من اجهزة البنتاجون السرية DIA، وNSA، وNIMA. هذا الفريق الاستخباراتي الوطني الخاص موجود في السعودية والصومال وكينيا واسرائيل وزائير بالإضافة الى مناطق مختلفة في البلقان التي هي تحت السيطرة الأمريكية. في توزلا هناك أيضا ممر جوي أكثر طولا يمنع كل التسهيلات المناسبة للطائرات الكبيرة؛ فهو يسمح لأعضاء الأجهزة السرية أن تتصرف داخل إطار قانوني، بطريقة انسانية، وفي مصلحة المواطنة البوسنية عند "تفريخ شحنة الاشخاص المختفين"، ودون اختراق القانون الأمريكي، ويصدرون تعليماتهم الى البوسنيين بالطرق الجديدة للديموقراطية العولمية الجديدة.

كجزء من "التعاون بين الأصدقاء" اجهزة الاستخبارات الأمريكية شيدت مراكز خاصة لمحاربة الإرهاب في أكثر من 20 دولة. النموذج لتلك المراكز، المعروفة باسمها المختصر CTICs، كان هو القواعد التي تشكلت خلال العقود القليلة الماضية في الدول-المحميات في جنوب أمريكا كجزء من حرب الولايات المتحدة ضد المخدرات. وبشكل كوزموبوليتاني حقيقي، تم استخدام الخبرة الفرنسية في فرق التعذيب التي أمدتهم بدروس الديموقراطية في الجزائر. وتقوم شكوك في ان اكثر من 3000 شخص قدم "تسليمهم" لهذه المراكز، كما أومأ بذلك مؤخرا نائب مدير الاستخبارات المركزية الأمريكية "للعمليات في الخارج". المساجين، الذين اعلنوا انهم إرهابيين، تم جلبهم الى هناك بواسطة وسائل فوق القانون.

ومع ذلك، كل ذلك لم يطح بالحمى الديموقراطية التي انتابت الوزير الروماني فأطلق تعليقاته التي بدأنا بها المقال. عند وصول كوندوليسا رايس الى ذلك البلد، وكعضو في "تحالف الإرادة"، وزير الخارجية المرموق وقع معاهدة، بالطبع ثنائية، تتعلق بتنظيم "وجودا عسكريا أمريكيا دائما" على الأراض الرومانية. المعارضين والحركات الاجتماعية الرومانية كانوا أيضا "مستثارين"، رغم أن ثورتهم كانت لاسباب مختلفة: هذه المعاهدة تسمح للولايات المتحدة أن تبني وتحافظ على معاقل عسكرية على شواطئ البحر الأسود. العلاقات بين دولتي رومانيا وأمريكا تم توصيفهم "كشركاء استراتيجيين". حتى الآن "لا توجد دولة أخرى من حلف وارسو السابق قد أبرمت مثل هذه الاتفاقية مع الولايات المتحدة". فعلا انجاز تاريخي.

انسحاب التشكيلات العسكرية الرومانية من العراق وأفغانستان، التي يبلغ عددها حوالي الألف، لم تكن موضوعا للنقاش في بوخارست. يظل الأمر غير واضح هل سأل أم لا المضيف الروماني الكريم كوندوليسا رايس لتعطيه توضيحا يخص "الاعتقالات في السجون دون إذن السلطات لهؤلاء المشتبه بأنهم أعضاء في تنظيم القاعدة" في قاعدة ميخائيل كوجانيكانو القريبة من كونستانيشيا.منذ عشرة أيام طالب المجلس الأوروبي من رومانيا إجراء تحقيق بخصوص هذه الاتهامات، وهدد "بعواقب وخيمة في حالة أن هذه الادعاءات تبرهن على صحتها" (زيورخر زايتونج).

لم يبد الرئيس الروماني ولا كوندوليسا رايس انزعاجا شديدا لذلك. بعد توقيع الاتفاقية، منح كلاهما ما لا يقل عن إعادة تعريف لمفهوم الديموقراطية: جوهر عملية الديموقراطية، في زمن "حربنا" ضد الإرهاب الخفي والمتنكر، ينعكس في تعاون بين أجهزة الخدمة السرية. حتى رغم ذلك، انكر الرئيس الروماني وجود سجون سرية. ربما لأن هذه السجون، كما في حالة كوسوفو، سجونا واقعيا علنية. في نفس الوقت، اكد الرئيس بشكل غير مباشر أن هبوط الطائرات الامريكية قد حدث فعلا، الطائرات التي، ربما، كانت تستخدم في نقل المساجين. مثل حالات الهبوط هذه سوف تستمر في المستقبل، كما شدد الرئيس الروماني وهو يتوهج فخرا.

يخرج المرء بانطباع أن الحكومة البلغارية – العضو الآخر في نادي "الديموقراطيات الشابة" (رايس) – تأكلها الغيرة من النجاح الديموقراطي للجار الروماني. ولا نذكر بولندا التي أطلق الرئيس الأمريكي عليها "أكبر أصدقاءنا في أوروبا". التعاون العسكري الأمريكي مع "الديموقراطية البلغارية الشابة" ليست سرا. أثناء عمل العسكرية الأمريكية في العراق وافغانستان قد استخدمت قواعد سراييفو وضواحي بيرجاس، أكبر ثان ميناء على البحر الأسود. عندما يصل الأمر الى ايجاد محطات لإنزال الجنود الأمريكيين في هذه الديموقراطية الشابة يرد ذكر مكانين على الأغلب: القاعدة العسكرية نوفو سيلو في شرق البلاد ومطار البيسمار. ودائما ما يذكر بشكل أكثر ميناء بيرجاس ذو الاهمية الاستراتيجية العليا.

الدعم المالي الأمريكي "للصداقة" البلغارية الأمريكية أمر مربح جدا، لكلا من القطاعين العسكري والمدني. بعد فيضان هذا الصيف تسلمت الحكومة البلغارية معونة أمريكية بقدر مليون دولار. ورفم أن الحكومة البلغارية قد أعلنت انسحابا مخططا من العراق في بداية العام القادم، في نفس الوقت أعلنت كذلك توسيع مخطط لقواتها في أفغانستان. الروايات عن السجون المزعومة للاستخبارات المركزية الأمريكية في بلغاريا قد أدت الى اعتراف الرئيس البلغاري، طبقا لتقرير داي برس النمساوية، أن تحقيقا يتم تجهيزه فعلا بسبب هذه الانشطة، مثل التحقيق الذي يتم بخصوص "حالات الطيران المحتملة العابرة للأجواء البلغارية" التي قامت بها طائرات الاستخبارات المركزية الأمريكية.

استطاعت كوندوليسا رايس تدبير مواعيدها لزيارة ألمانيا. هناك تعرفت رايس على المستشارة انجيلا ميريكل، تلك "المرأة عالية الذكاء.. التي تنتمي بشدة لأوروبا مجتمعة وحرة وسلمية". (ARD) رغم أننا نستطيع الاتفاق مع رايس أن اوروبا ليست حرة، فإن هذا التصريح مع ذلك يأتي كنوع من المفاجأة. من الواضح ان رايس تتحدث عن مفهوم سياسي جديد عن "الديموقراطية" الجديدة: الشكل الكوكبي للسلطة الذي يتخذ فيه التعاون بين أجهزة الخدمات السرية للدول الوضع الأهم.

في تصريحاتها لمحطتي تلفزيون ARD ودويتش فيلا حافظت رايس كلامها بأن التكهنات الخاصة بسجون لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية في بولندا وبلغاريا ورومانيا (لم تذكر البوسنة والهرسك) هي فقط "ناتجة عن سوء فهم". تقول رايس، "الولايات المتحدة فقط توفي بأول التزام لاي دولة وأكثرها أساسية – حماية مواطنيها". من أنفسهم.

لأنها عندما سؤلت عن من هم الخصوم أجابت رايس: "إنني آمل أن أذكر كل شخص أننا شركاء معا في هذه الحرب على الإرهاب شديدة الصعوبة، حرب يعيش فيها الإرهابيون بيننا [التشديد من عندي] وهم بوضوح عاقدين العزم على قتل المدنيين الأبرياء. الآن، ذلك كان حفل زواج في عمان. لقد كان محطة قطار، وإشارة مرور في لندن ومدريد. إنهم يذهبون الى الفنادق ويفجرون الأبرياء. لذا نحن نتعامل مع نوع مختلف من الحرب..." لذلك، بوضوح، نحتاج الى نوع مختلف من الديموقراطية أيضا.

ثم قدمت رايس تقديرا في علم الحشرات للإرهاب كان بالإضافة الى مواهبها القانونية والفلسفية، كاشفا عن لمسة من الشعر داخلها: "الإرهابيون لا يبالون بالحياة البريئة. الإرهابيون يعيشون في مجتمع خال من القانون وغير قانوني. إنهم يعيشون في عالم يعبر تلك الحدود بطرق سرية. إنهم بلا دولة في الجوهر". حقا، هل هناك اي شيء أكثر حزنا من "شخص دون دولة"، لا يدرك "التحديات العديدة التي نواجهها في تلك الأزمنة التاريخية تماما"؟

وتقول رايس: "نحن لا نتعاطف مع التعذيب. نحن مصممون على أن نفعل نستطيع القيام به لحماية مواطنينا ولكن في إطار العمل الذي يكفله القانون". هذا، أيضا، هو جوهر الديموقراطية: "وهكذا عندما تظهر للسطح تلك القضايا الصعبة، فكلي أمل أننا سوف نعود الى واقع أننا نشترك معا في قيم مشتركة لكفاحنا. نحن على استعداد دائما للانخراط في المناقشات والجدل داخل المجتمعات الديموقراطية. إنه لأمر صحي أن نقوم بذلك". طبعا.

وهكذا، الحرب ضد الإرهاب تفتح لنا بانورما جديدة كوكبية/تاريخية فيها تصطدم "المجتمعات الديموقراطية" في نزاع مع "المجتمعات الغير ديموقراطية" ("الدول الفاشلة"). الالتزامات القانونية التي تسود في المجتمعات الديموقراطية لا تسود في الدول الفاشلة. في مكان ما بالمنتصف، في البلقان ودول أوروبا الشرقية، هناك تقوم "ديموقراطيات شابة" و"دول في مرحلة بناء". في تلك المناطق يطبق القانون الدولي فقط في حدود معينة. إلا أنه حتى في الدول الديموقراطية، مع الاعتراف بأن "طبيعة الحرب قد تغيرت" و"الإرهابيون يعيشون الآن بيننا" (في أوروبا الشرقية العجوز اعتادوا أن يسموا ذلك "بلغ الدولة عن جارك")، هناك توتر يتطلب انكماش على فترات، عندما يتطلب "أمن الدولة" ذلك، للاطار القانوني، حتى تستطيع الدولة حماية "مواطنيها أنفسهم" – حتى لو احتاج الأمر ان يكون ضد إرادتهم نفسها – من أنفسهم.

تقول رايس بتنهيدة صليبية (جهادية): "نحن نحارب عدوا غاشما، حتى لو أننا لم نستخدم الاستخبارات قبل العمليات، لو أننا لم نحصل على معلومات استخباراتية.. فالحقيقة المحزنة هي أنه سوف يكون للإرهابيين اليد العليا.. حتى نوقفهم، نحتاج الى استخبارات جيدة، نريد تعاونا جيدا في مجال الاستخبارات..."

إذا، هذا هو التعريف للديموقراطية الكوكبية الجديدة. التعاون الأمني. تعذيب السجناء المقبوض عليهم في "البقع السوداء" بأوروبا الشرقية. التعذيب باسم الديموقراطية. الاحتلال باسم الحرية. القصف بالقنابل باسم التدخل الانساني. فرض قيام محميات باسم بناء الدولة. حروب إرهاب باسم الحرب على الإرهاب. هل هذا هو حقا ما كان أولئك "المئات من السجناء يأملون فيه سابقا في زمن الشيوعية"؟

اندريه جروباتشيك مؤرخ وناقد اجتماعي من مكان ما في البلقان. يمكن مراسلته على [email protected]

16 ديسمبر 2005.



#اندريه_جروباتشيك (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - اندريه جروباتشيك - الأمريكان قادمون! الديموقراطية كنوع من التعاون بين الأجهزة الأمنية