أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - متعب أنزو - رهاب بزوايا مختلفة














المزيد.....

رهاب بزوايا مختلفة


متعب أنزو

الحوار المتمدن-العدد: 1403 - 2005 / 12 / 18 - 10:09
المحور: الادب والفن
    


يبدو الانشغال بإعلان الذواكر الفردية، كحالة ارتياد متاحة لضفاف الحدس وإخراجها على هيئة تنشط في بلورة الإدراك المعرفي الخاص.. يبدو ذلك متأتياً من خوف مُسوّغ. ‏
إنما هذه المرة بشكل مختلف ومتعد لمسألة «الموت الجسدي» ليطول موت الذاكرة الجماعية؛ موت الماضي وليس انقضاءه فحسب.. وثمة خوف حقيقي من تلاشي الأحلام وصولاً إلى انعدام إمكانية الحلم، الذي عادة ما يُسرّح شعر الأحاسيس والأمل؛ فكل عارف وقارئ اليوم، في العالم العربي، يشعر بالاغتراب، يشعر بأن النسيان المتعمد يتم فرضه بالقوة والحيلة من أجل القبول بانتفاء الوصفة السحرية للسياسة وبالتالي انهيار وتحلل الدولة.. القبول باستحالة الحلم، أياً كان سواء كان سياسياً أو ثقافياً أو فنياً.. وفي ضوء هذا الإطباق من النسيان والاغتراب الجماعيين نشعر باستحالة الحكاية، والجماعة واللغة، والأهم استحالة الإرادة.. والموت هنا قد يعني بقاء السلطة مع تواري الشرعية.. والنسيان كعملية منظمة واسعة هو القبول بهذا الموت؛ أي القبول بغياب الحقيقة. ‏
في مواجهة ذلك يبدو التخيل الأدبي والفانتازية الإبداعية غير كافيين.. وهو خطر الفقدان «بمعنى من المعاني» الذي يتهدد وجود الحقائق الأصلية التي هي منبع كل فرادة وهوية وخصوصية وملمح وتواصل.. إنه أيضاً شعور بخطر الانقطاع وقيام صفر كبير بعد ما انهار كل شيء أمام الموجات المتتالية من القمع والرقابة والتحريف والتزوير المبرمج. ‏
لم يعد خافياً على أحد أن الكل بدأ يلهج بريبته تجاه التاريخ المكتوب تجاه «القصة» الواحدة التي قبلناها دون تمحيص والسائدة منذ زمن طويل. ‏
هل كان ذلك مجرد دوغما ضخمة، خدعة من الطراز الرفيع؟.. المفزع حقاً أن هذا التساؤل لا يطول العناوين فقط، بل إنه يزعزع أركان حياتنا برمتها. ‏
¬ كان هذا منطق الثقافة العربية في وعيها ولا وعيها، وفي ممارستها السياسية وتشكيلاتها المجتمعية، تجنح إلى هذه الكليانية التي تحيل الكل و واحدا نموذجياً معمماً. وكان من إرهاصات تداول السلطة والحكم والقمع المتعاقب عَبَر سلسلة حاكمة جعلت من سلوك الرقابة واحداً من أضخم النشاطات التي تزاولها مزاولة شرسة لاتهدأ ولا تتهاون ولا تهادن. ‏
ومن وظائف الرقابة الأهم هي نشر وعي واحد، وعقل واحد، ومبادئ واحدة، وتاريخ واحد موحد، وفن واحد، وذاكرة أزلية واحدة، لا شك فيها. ‏
وكانت الرقابة «ومازالت» تحرس قيماً واحدة للجميع، يلتزمون بها في شتى ميادين الأخلاق والسياسة والعمل والعائلة.. الخ، وهذا ما نتج منه قمع مسرف تجاه كل جنوح نحو الخصوصية.. «بمعنى ما» تمت إبادة كل نزوع إلى أبسط أشكال الديمقراطية والحرية. ‏
في هذا المناخ تصبح سيرة الزمان والمكان في معناها الحقيقي عبارة عن «فضيحة» لا يمكن التسليم بها، فالذي تعود على آلية الأسرار ترعبه العلانية. ‏
ودفع الجميع ثمن ذلك الكثير من التنازلات التي سميناها «التفافاً» مرحلية وتقتضيها الظروف.. حتى أصبحنا لا نعلم ماهي الحرية الفردية وما هي ملامحها. سوَّغنا العنف والاستبداد والإخفاقات، وتعوّدنا امتثالاً مشينا للمحرمات والممنوعات ولأخلاق فنية لا ندري مصدرها، وكذلك جملة شروط مكتوبة ومكتومة بالشمع الأحمر. ولم تسعفنا السلطة والجموع والحاكم والجماهير، والغرب والشرق والدين والأيديولوجيا.. وإذا بنا بلا ذاكرة وبلا حقائق نهائية، ليس كأشخاص فحسب، وإنما كفكرة بلاد ودولة، ومجتمعات حديثة، ومدنية. ‏
مثقفون مشردون منفيون، مروضون، بلا مدنهم ومقاهيهم، بلا صحافتهم، بلا معنى بامتياز. في هذا السياق يشعر المثقف باغترابه عن الجموع وعن فكرة الوطن وعن إعادة التشكيل الجارية على قدم وساق في ترتيب المجتمع على أسس فئات جديدة لا ندرك ماهيتها «طفيليون، مستثمرون، عاطلون، مضاربون، أثرياء التجارة المشبوهة، المقاولون والمستشارون».. ما يذهب به إلى مرارة الفقدان، وخسارة دوره التاريخي كمثقف «عضوي» حسب تعبير «غرا مشي».. ‏
قد يجد البعض أن العودة الى الذات نوع من الانكفاء أو ميل انفعالي، نابع من موقع رمزي أو عصابي. لكنه «بمعنى ما» رفض لمبدأ الشمولية التي أنتجت ذلك النوع من الأدب الذي مهد وسوّغ «الجحيم».. جحيم الثورات والتعصب ورطانة تمجيد الجماعة والوطن والأمة والرموز البائدة. ‏
والمتأمل في الأعمال الروائية ذات المنبع السيروي والأعمال السياسية أو الشعرية أو السينمائية من الطراز نفسه، يراها تحفل بسمات عدة أهمها: الأسئلة الوجودية، اللذة المُعلنة، البوهيمية، الفضائح السياسية، الارتياب والفزع، والسخرية، التحرر الديني، النرجسية.. وهذه كلها لا تغيظ الرقابة فحسب بل تهدد ذهنية كل سلطة أمنية كانت أم روحية... حزبية كانت أم طائفية.. هو صراع على الهوية بمعنى من المعاني وربما فقط بوساطة استعادة الذاكرة، في استحضار بهيّ، نستعد للدخول مجدداً في المعاصرة، حيث الفرد في مرتبة متقدمة على قدره المُغلّف بوصفات مسبقة. ‏



#متعب_أنزو (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- - رهاب الموصوفات ......عازفة البيانو -رواية ألفريدة يلينيك
- رؤية محرفة......عن علاقة الحدس باللوحة
- فن الأفكار ..ثلاث مشاهد منصبة في دمشق
- حوار مع التشكيليي العراقي هاني مظهر
- حوار فني مع الشاعرة اللاتينية أستري دي لوس ريوس
- يوسف عبدلكي


المزيد.....




- الشاغور في دمشق.. استرخاء التاريخ وسحر الأزقّة
- توبا بيوكوستن تتألق بالأسود من جورج حبيقة في إطلاق فيلم -الس ...
- رنا رئيس في مهرجان -الجونة السينمائي- بعد تجاوز أزمتها الصحي ...
- افتتاح معرض -قصائد عبر الحدود- في كتارا لتعزيز التفاهم الثقا ...
- مشاركة 1255 دار نشر من 49 دولة في الصالون الدولي للكتاب بالج ...
- بقي 3 أشهر على الإعلان عن القائمة النهائية.. من هم المرشحون ...
- فيديو.. مريضة تعزف الموسيقى أثناء خضوعها لجراحة في الدماغ
- بيت المدى يستذكر الشاعر القتيل محمود البريكان
- -سرقتُ منهم كل أسرارهم-.. كتاب يكشف خفايا 20 مخرجاً عالمياً ...
- الرئيس يستقبل رئيس مكتب الممثلية الكندية لدى فلسطين


المزيد.....

- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور
- الذين لا يحتفلون كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - متعب أنزو - رهاب بزوايا مختلفة