أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - محمد حسن المنلا - ارفع رأسك انت ارهابي















المزيد.....

ارفع رأسك انت ارهابي


محمد حسن المنلا

الحوار المتمدن-العدد: 1401 - 2005 / 12 / 16 - 07:29
المحور: الصحافة والاعلام
    


المقالة المثقفة __________
قد يظن البعض في لحظة إلهام بأن سرّ نجاح المقالة هو العنوان فيبحث جاهداً عن عنوانٍ طنان دون أن ينسى المصطلحات المستوردة التي تدعم عصرنة مقالته وثقافتها كما يظن ، حتى يُخيّل إليك بأنه يهيم في وادي عبقر بحثاً عن عنوانٍ يحقق به أو من خلاله نجاح المقالة ومن ثم يدخل مكتبه وينثر كل ما لديه من صحفٍ ومجلات ليأخذ ما يلزمهُ أيضاً من المصطلحات التي تواكب عنوان المقالة المتربع عرش الإلهام وتدعم عصرنتها دون أن يعي ما يكتب حتى أننا نلاحظ في بعض المقالات بأن من المصطلحات التي زجها في مقالتهِ لا تخدم المقالة بل تناقض ما يراد منها وإنْ واكبت المقالة تكون أقرب إلى الترجمة التي يستحسن أنْ تُنسب لمترجميها لا لصا ئديها ، فلو دُعي مثلاً كاتب المقالة لأن يقوم بتحليل النص الذي أنجزه فماذا تراه فاعلاً ؟ أشك فيما إذا يعرف أن يواكب مقالته بل سيقع في متاهاتٍ يصعُب الخروج منها ، حيث أنه كتب مقالته وهو ينظر إلى الصحف والمجلات التي جاء بها لهذا الغرض دون أن يكلف نفسه عناء القراءة ، فهو بذلك أكثر ما يشبه ذلك التلميذ الذي كان ينظر إلى ورقة زميله وهو ينسخ حل المسألة أو كما خيل إليه لكنه رسم أرنباً دون أن يدري وعندما سأله المعلم بعد أن تسلم ورقته ما هذا الذي رسمت أجابه لم أرسم شيئاً فقال له وهذا الأرنب ثم جره من أذنه متجهاً نحو السبورة وطلب منه أن يرسم الأرنب ذاته لكنه لم يستطيع لا أن يرسم الأرنب ولا أن يحل المسألة . فالمقالةُ المثقفة هي نتاج كاتب مثقف يعرف ما يريد وما يراد منه ، وليست نتاج اسمٍ يسبقه حرف الدال ذلك الحرف السحري الذي يختصر مصطلحين في آن . دال الأكاديمية ودال الدعم . المثقف الذي يرهقه ما يكتب ويحزنه ما يقرأ المثقف الذي ينصهر مع نصه إلى حدِ أنَّا نصافحه بين السطور ، فقوة المقالة تتأتى من ثقافة كاتبها ومن قبل إيمانه بما يكتب فإن لم يكن هنالك تكافؤ أيضاً بين الثقافة والإيمان برسالتها فلن تؤتي أكلها إلا على نحوٍ ينافي ما يراد منها ، فثقافة المقالة تتأتى من معرفتنا بالمادة التي نتناولها والإحاطة بكل معطياتها لا تتأتى من مصطلحٍ أو عنوان أو حرف دال وصورة شخصية مرفقة مع النص المرسل فليس بوسع كل ما ذُكر لأن يصنع مقالاً بل في أكثر الأحيان يكون أقرب إلى ثوب طويل يتعثر به من يرتديه ومع الخطوة الأولى ، أنا لا أدعو أحداً لأن يتبوأ مكان أحد بل أسأل أهنا لك أزمة مقالة ؟ مع هذا الكم الهائل من المقالات الثقافية والأدبية والسياسية والاجتماعية ، ولقد كُتبَ ومن عقود عن الحداثة والحداثين والسياسة والسياسيين إلى ما نهاية ، وهل تسائلنا في لحظة تعقّل : ما الوظيفة الأساس للمقالة التي نكتب ؟ أهي إبراز كتابها عبر مصطلحاتهم البغبغائية وعناوينهم الطنانة التي تصادر الصفحات الأولى فإن كان الأمر كذلك إذاً هنالك مصطلح آخر يجب أن يضاف لقائمة المصطلحات فلا أحد خير من أحد فكما هنالك مقالة ثقافية ، ومقالة أدبيه ، ومقالة سياسية ، ومقالة اجتماعية هنالك أيضاً مقالة الذات أو مقالة الأنا وهذا إنجاز بل مكسبٌ آخر لعالم المصطلحات والعناوين ، لكن لا بُدّ وأن ننثر الحروف ، حروف المصطلحات والعناوين ونجمعها من جديد علّنا نتحّصل على جملةٍ مفادها أننا بحاجةٍ للحظة تقييم يليها لحظة تصميم ، فنحن في مطلعِ قرنٍ وعلى أعتاب هاوية .

ارفع رأسك أنت إرهابي ___________________________
لقد انشغل العم سام ومنذ نهاية القرن التاسع عشر بصناعة المصطلحات عبر علماء لغة التحشيش السياسي ، فأخذ يُجيش المصطلحات الحماية ، نشر المعرفة ، المساعدة ، العطف ، وأخيراً الديمقراطية ويتم ذلك وفق جغرافية المكان ، فلكلِ مصطلح المكان الذي يناسبه : لكنه عندما ما أراد أن يشعل غليونه في نهاية القرن المنصرم ويجلس ليراجع إنجازات مصطلحاته ، ومن ثم يمنح الأوسمة لهن وكلٌ حسب إنجازاته ، كان الوهن واضحاً على وجوه المصطلحات ، حيث كُنَّ أكثر ما يُشبهنَّ القادة العائدين لتوهم من معركةٍ داميةٍ انها مسيرة مائة عام ، فأشعل غليونه بقلق وراح يدفع سحب الدخان إلى الأغلى تارةٍ ويُمسد على رؤوس المصطلحات بعطفٍ تارة أخرى ، ثم ملأ كأسه بالفودكا ، لكنه لم يستطع الجلوس أشغله تعب المصطلحات ، هنالك قرن قادم وعليه أن يجد مصطلح يواكب عصرنة هذا القرن ؟ بعد أن تمثلت جميع المصطلحات . دلق كأسهُ بعد ذلك ونهض يردد : اليوم يوم رؤوس وليس يوم كؤوس ، سحب نفساً عميقاً من غليونه ثم نادى على مريديه للتدارس . وحالما دخلوا عليه بدأ التداول حول القرن القادم والمصطلحات التي يجب أن تواكبه ، كان النقاش حادٌ لكن لم يتأتى لأحدٍ لأن يجيء بمصطلح يقنع فيه العم سام على الرغم من كثرة المقترحات : الأبوة ، الأخوة ، الصداقة ، الحرص ، الخ..
هكذا فض الاجتماع دونما نتيجة تذكر على الرغم من الجوائز المغرية التي وضعها العم سام لمن يستطيع أن يأتي بمصطلحٍ عصري . ملأ كأساً جديدةٍ بعد خروج المجتمعين وراح يمسّد على ظهر الكرة الأرضية التي صنع لها مجسماً على شاكلة كرة القدم تارةً ، وأخرى يبحث في معاجم اللغة عن مخرجٍ لهذه المعضلة لكنه رشف الرشفة الأخيرة من كأسهِ وبدون جدوى ، نهض بعدها وهو يحمل الكرة بين يديه لا يعلم ماذا يفعل وحال وصوله إلى حديقة المبنى طرح الكرة أرضاً ثم ركلها بقدمه نحو كلبه الذي كان على مقربةٍ منه ولربما للسبب نفسه ، هرَّ كلبه وهو يرجعها إليه . ففجر هذا الهرير موهبة العم سام اللغوية فتناول الكرة ودخل مكتبه مسرعاً بعد أن قبل كلبه بين عينيه ثم جلس على كرسيه بعد أن وضع الكرة تحت قدمهِ وراح يركب الحروف . حيث أضاف ألفاً قبل الهاء ثم أرجع الراء لتسبق الهاء وأخذ ينقطها بطريقة هجائية : ا .. ر .. هـ / رددها أكثر من مرةٍ لكنه لم يستطع أن يتممها . فملأ غليونه الذي تناثر ما بداخله أثناء هرولته وخرج للحديقةِ مرة أخرى عله يجد مخرجاً لكنه لم يتابع إلى الحديقة فحالما رأى كلبه قفز إلى الأعلى على الرغم من نحول ساقيه وهو يصرخ وجدتها .. وجدتها فجلس على كرسيه من جديد ليأخذ من كلبه حرف الباء فأصبحت إرهاب ردد أكثر من مرة غير مصدقاً ارهاب ارهاب.. ثم نهض بعد أن أخذ الكرة ليضربها على الأرض ومن ثم ترتطم بها وترجع إليه.
وضع الكرة تحت قدمه مرة أخرى وهو يردد : أعمت مساءً يا ارهاب ، أعمت مساءً أيها المستقبل غداً سأجعل لك مجسماً من ذهب أيها المستقبل . هكذا تم اكتشاف هذا العجيب (( ارهاب )) في لحظة كلبنةٍ ، المصطلح الذي خول العم سام لأن يكون إلهاً ! ثم نفخ فيه من روحه وأطلقه عصفور نار ، أطلق من هناك ، وهرولنا هنا فكنا كمن يهرب من ظلهِ ، فأينما كنا ، وحيثما حِللنّا ، وكيفما اختبئنا نجده يسبقنا إلى المكان الذي نريد .
منذ أن أطلقَهُ العم سام ونحنُ نفرُّ منهُ دونما أن نحاول أن نمسكهُ ونضعهُ في قفصٍ لنتعرف عليه عن كثبٍ من خلال دراسة دقيقة مكثفة عبر أبحاثٍ علميةٍ حادة ، هكذا أُطلقَ بعلمٍ ونفرنا بجهالةٍ وكلٍّ من يفاخر الآخر بالطريقة التي ابتكرها علماءه لينجوا بنفسه مفاخرين بما قاله عنا كسرى ما أظرفكم أيها العرب إنكم تزينون كل شيءٍّ حتى هزائمكم ، هكذا أُطلقَ هذا المصطلح عصفور نارٍ ، دون أن نحاول ولو بلحظةِ جنونٍ أن نرميه بحجارة عفواً ماذا قلت : نسيت أننا أمةٌ مسلمةٌ لا يسمح لها دينها الحنيف لأن تتحمل وزر عصفور حتى وإن كان عصفور نارٍ غذاءهُ بيادرنا ، وثقافتنا ومناهجنا الدراسية ، حتى ألبسة طلاب عِلمنِا.
قهقهة العم سام لنجاحه وهو يقلد الأوسمة للنحاتين الذين أنجزوا مجسماً لكلبهِ المُلهِم وكان ذلك بمناسبة عيد ميلاد هذا المصطلح . بينما كنا لحظتئذٍٍ نعزي بعضنا البعض بالخفاءِ أيضاً ونتدارس فيما بيننا نوعية الهدية التي سنقدمها بالعلن لهذا الإله بهذه المناسبة الجليلة ، وبالهام علمائنا الأفذاذ وصلنا إلى رأيٍ مفاده بأن يجوز لأن نقدم هديةً عينيةً إنه إلهٌ والإله لا يقبل إلا القرابين وبدأنا بالمقترحات من الدجاجة حتى الناقة لكن لم نصل إلى ما يرفع رؤوسنا ويضمن لنا الجنة . وإن كل ما تقدمنا به من مقترحات لن يفدنا في شيء هكذا قال علمائنا وتم الاتفاق فيما بعد وبلحظة إلهام أن نقدم (( وطناً )) وهو يختار ما يشاء صفقنا لهذا النجاح المنقطع النظير . وبدأنا نجهزه كما نجهز العروس في ليلةِ عُرسها ومن رأسه حتى أخمص قدميه وكل من يمني النفس بالجواري الحسان ، والولدان ، والسواقي بمختلف مشاربها من سواقي العسل حتى سواقي الخمر وبأنواعها هكذا كنا ساعتئذٍ في لحظة تجلي لا ينقصها إلا أجراس الكنائس . أما علمائنا الملهمين وبما لديهم من ملكات تخيُّل كان منهم من بدأ يظهر عليه السكر دونما أن يبرح مكانه متخيلاً سواقي الخمور ومنهم من تحرك عضوه متخيلاً الجواري الحسان.
هكذا ظننا في لحظةِ حمرنةٍِ أنَّ بعملنا هذا قيدنا هذا المصطلح لكن قبل أن ينقضي العام ويجيئُ عيدٌ آخر بدأت تلوح في الأفق أسماءٌ جديدة متهمةٌ بالإرهاب كنا نظن في البدءِ لا يُتهم بالإرهاب سوى الأشخاص لكن أن تُتَهمَ فيهِ الأمكنةِ هذا إبداعٌ آخر للعم سام في عالمِ الابتكارات .
حيث أتهم النفط بالإرهاب وصدّقنا هذا بل ذهبنا إلى ما هو أبعد ، حيث أخذنا نرددُ ما يقال ونثبت إرهابية النفط بالبرهان فالنفط وحده قابل للاشتعال . لكن أن يكون النهر إرهابياً أيضاً هذا شيء أقرب إلى الخيال منه إلى الواقع ليس هذا وحسب بل كان الأكثر إدهاشاً إرهابية المتاحف ممثلة بشيخ الإرهاب الأكبر (( الناي السومري )) وإرهابية اللغة ممثلة بإرهابية المناهج الدراسية .
إذاً هنالك أيضاً :إرهابيةُ نفط ، إرهابيةُ نهر ، إرهابيةُ شجر ، إرهابيةُ متاحف ، إرهابيةُ لغة. ولكي لاينظر إلينا بعين الجهل اندفع أباطرة إعلامنا الأفذاذ يقدمون اطروحاتهم المميزة وبشكل بالغ الدقةِ والاجتهاد.



اطروحةٌ في إرهابية النفط
اطروحةٌ في إرهابية النهر
اطروحةٌ في إرهابية المتاحف
اطروحةٌ في إرهابية الشجر
أطروحةٌ في إرهابية اللغة
والكل نال درجة الدكتوراه بإمتياز مع وسام الشرف
إننا نصعد قمة الشجرة ونحز جذعها دون أن ندري

أيها المجهول
أيها الطائر الخرافي
أيها الإله
عفواً ومغفرة .
إن كنت قد سمحت لنفسي في لحظةِ طيش
لأن أكتب عن هذا المصطلح
فلن أسمح لهذا المجنون الذي صفعني فجأة
بعد أن أخذ قلمي وكسره أمام ناظري عنوة
وهو يقهقه ارفع رأسك أنت إرهابي
لا لن أسمح له أبداً
لا لن أسمح له أبداً



#محمد_حسن_المنلا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- فيديو غريب يظهر جنوح 160 حوتا على شواطىء أستراليا.. شاهد رد ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1000 عسكري أوكراني خلال 24 سا ...
- أطعمة تجعلك أكثر ذكاء!
- مصر.. ذعر كبير وغموض بعد عثور المارّة على جثة
- المصريون يوجهون ضربة قوية للتجار بعد حملة مقاطعة
- زاخاروفا: اتهام روسيا بـ-اختطاف أطفال أوكرانيين- هدفه تشويه ...
- تحذيرات من أمراض -مهددة للحياة- قد تطال نصف سكان العالم بحلو ...
- -نيويورك تايمز-: واشنطن سلمت كييف سرّا أكثر من 100 صاروخ ATA ...
- مواد في متناول اليد تهدد حياتنا بسموم قاتلة!
- الجيش الأمريكي لا يستطيع مواجهة الطائرات دون طيار


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - محمد حسن المنلا - ارفع رأسك انت ارهابي