أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بدر الدين شنن - ما بعد المعارضة















المزيد.....

ما بعد المعارضة


بدر الدين شنن

الحوار المتمدن-العدد: 5224 - 2016 / 7 / 15 - 14:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


منذ البداية ، في أواسط آذار 2011 ، كان الذين سموا تحركات الشارع السوري الاحتجاجية " ثورة " يرمون إلى إضفاء صفة ، على هذه التحركات تسوغ عملية انتقالها لاحقاً ، إلى مرحلة العسكرة وتداعياتها ، التي كانت الإرهاب ، ولاكتساب مبررات الهجوم على مؤسسات الدولة ، ومتابعة " الحرب " حتى تحقيق طموحاتهم ، في حرب ليسوا هم قادتها ، وليست هي محصورة بالحدود والشؤون السورية ، وإنما هي حرب إقليمية .. ودولية .. نوعية بامتياز .

بدلالة ، أن هذه الحرب ، لطبيعتها ، ونوعيتها ، قد كشفت خلال فترة قصيرة ، عن المرجعيات الدينية الرجعية ، والمراكز ا‘لإعلامية العربية والأجنبية المأجورة ، والقيادات السياسية الرجعية ، والقومية ، واليسارية المنحرفة المغامرة ، والدول الاستعمارية العريقة ، الداعمة لهذه " الثورة " .
بمعنى أن التوصيف المغرض والمتزامن ، مع حركة الشارع الأولى ، لم يكن مصادفة أو خطأ ، وإنما هو في منتهى القصد والتعمد . إذ أن الذين تبوؤا الزعامة هنا وهناك ، ميدانياً ، وسياسياً ، وإعلامياً ، هم مثقفون حائزون على شهادات جامعية عليا ، وسياسيون عريقون ، ولا يمكن أن يختلط الأمر عيهم إلى درجة أن يصدقوا ، أو يقبلوا ، مثلاً ، أن آل سعود ، والحمدين في قطر ، وأرد وغان ، وأوباما ، وساركوزي ، وكاميرون ، هم ثوار وأهل لرعاية ، وقيادة ما سموه بعجالة لافتة " الثورة السورية " فيما هم معروفون حق المعرفة ، أنهم ألد أعداء حرية الشعوب ، وأنهم مجرمون يعملون مع شركائهم الإقليميين ، وفق مخطط شرق أوسطي ( أميركي ـ إسرائيلي ) يقضي بتخريب ، وتمزيق بلدان المنطقة ، وفي مقدمتها ، سوريا ، والعراق . وليبيا ، واليمن ، ولبنان .

وقد تمثل البعد الخارجي " للثورة " ، ليس بإحكام ارتهانها لمصادر الدعم الخارجي ، المادي " مال وسلاح ورجال ، والمعنوي " كذب وفبركات وسياسة وإعلام " وحسب ، وإنما احتضانها بطريقة ، أقل ما يقال فيها أنها ، سرقت الثورة ، وصادرت دور المعارضة حتى المتواطئة منها ، عسكريا ، وسياسياً . حيث بات يصح القول ، أن عنوان ما صار يجري في سوريا هو " ما بعد الثورة " .
وقد كشفت عمليات " الما بعد " هذه أن مسار التغيير الخاطئ المغامر ، منذ 2011 ، كان مساراً حربياً ، بدلالة أن الإعداد له ، مثل تجهيز الأنفاق ، وتهريب وتخزين الأسلحة ، عبر الأردن وتركيا ولبنان ، قد تم مسبقاً ، وهو مسار دولي يستغل الصراع ( السوري ـ السوري ) لحساب الصراعات الدولية .

بعد مصادرة ما سمي " ثورة " وتماهي المعارضة المتواطئة بفعاليات الخارج السياسية ، توالت عمليات سياسية وعسكرية ، فرضت حالة الحرب ، التي يتصارع فيها الأقطاب الدوليون الكبار على سوريا ، من خلال غطاء معادلة ( الشراكة ضد الإرهاب .. والتنافس على سوريا ) . ما أدى إلى سيطرة القوى الدولية على قرار السلم والحرب بعامة ، وفي سوريا خاصة . وأدخلت سوريا في مرحلة " ما بعد المعارضة المتواطئة مع الخارج ، وغير المتواطئة . فمن أسف أن تأثير ما سمي بمعارضة الخارج المدعومة بلا حدود ، هو عامل فعال ، في وحدة وفرقة حراك ، المعارضات إجمالاً . ونتيجة لذلك ، فإن مصير الطرف المعارض السوري ، وإن لم يكن موحداً ، فإن مصيره واحد .

وللدقة التاريخية لهذه النتيجة المأساوية ، ينبغي أن يؤخذ بالاعتبار ، مسار المعارضة في العقود الأخيرة . فهي ـ أي المعارضة ـ لم تستطع كسر حصارها ، ولم تجد بدائل لأساليب النضال السياسي المعارض . إنها على سبيل المثال ، لم تشترك طوال نحو أربعين عاماً بأي انتخابات في البلاد ، محلية أو برلمانية . وكانت تنأى بنفسها عن هذه " الكرنفالات " كما كانت تسميها ، فنأت بنفسها عن الشارع ، وعن الطبقات الشعبية ، وتشرنقت ، واكتفت بإثبات وجودها عبر صحفها ونشراتها ، بانتظار التغيير بواسطة المجهول .. الدولي .

ولذلك كان تجاهلها في ( آذار 2011 ) ، أن سوريا ’تستجر إلى الحرب ، وأن مهام المعارضة وأهدافها في الحرب يجب أن تتبدل . وانطلقت بالشكل العنيف ، الذي آثرته في متابعة حراكها ، فوقعت بخطأ هو أكبر من أخطائها السابقة ، فهي غضت الطرف عن التآمر الخارجي ، لتأزيم الأوضاع السورية وتفجيرها ، ولم تأخذ العبرة بما قام به التدخل العسكري الخارج في ليبيا ، بل طالبت بتكراره في سوريا ، ولم تقدم برنامجاً سياسياً متكاملاً ، بديلاً أفضل لبرنامج النظام القائم المعترضة عليه . وحددت هدفها الأوحد ، بإسقاط النظام بدعم خارجي . ولم ترسم أفقاً مقنعاً لسيرورة ونهاية ما يحدث في سوريا لصالح الشعب السوري .

وبات حتى إثبات حضورها الرمزي ن لا يتم إلاّ بواسطة الخارج .. وبآلياته .. وإعلامه .. ورموزه . فإن ’سمح لها بعقد اجتماع في الرياض أو الدوحة أو استانبول ، وغيرها ، فهذا برهان على أنها ما زالت موجودة ، وإن صرح أحد رموزها بمناسبة ما فهذه هي المعارضة . أما اجتماعات جنيف وفيينا وموسكو الدولية حول سوريا ، فإنها لا تحدث إلاّ بدعوة وتنظيم أحد القطبيين الدوليين ، بالتعاون مع الأمم المتحدة أو بدونها . وممثلو القوى والتكتلات المعارضة السورية فيها ، هم مدعوون لا أكثر ، إن تمت دعوتهم ، ولا قدرة لهم على الامتناع عن الحضور ، ولا على عدم التصويت على ما يملى عليها من مواقف وقرارات . حتى " دي ميستورا " صار مهزلة . وانكشف أنه دمية وضعته الأمم المتحدة ، بناء على الطلب ، في خدمة الدول العظمى . فهو لا يتحرك إلاّ بأمرها .. ويدخل في السبات الدبلوماسي حسب رغبتها .
وهذا الوضع يحرم قوى معارضة أخرى من المبادرة . ويضعها برسم التبعية القسرية لحراك التكتلات الخاضعة لإملاءات الخارج .

ولذا فإن خطوات مرحلة " ما بعد المعارضة " بمعنى غياب أية فعالية معارضة مؤثرة في مجريات الأحداث ، سياسية أوقتالية ، تتسارع سلباً ، مع تزايد مؤشرات إفلاسها الجماهير ، ومع تزايد تقدم الجيش السوري في ميادين القتال . وربما وصلنا إلى مسافة من هذه المرحلة ، لم يعد هناك كثير من المواطنين يسألون ، ماذا فعلت وتفعل المعارضة ، وإنما ماذا حقق الجيش ، وإلى أية مواقع جديدة يتقدم .
ولما يتمحور السؤال حول الجيش ، وهو المؤسسة الأولى والأهم في بنية الدولة " النظام " فهذا يعني ، أن الرياح في سوريا ، العسكرية ، والسياسية ، والشعبية ، لا تجري كما يشتهي من بقي متمسكاً بموقع المعارضة ، وبحركة المعارضة .
ولذلك صار السؤال : أين هي المعارضة ، في موسكو ، أم في القاهرة ، أم في استانبول ، أم في دمشق ؟ .. وهل حقاً أن سوريا في ظروف الحرب التي تهدد الجميع بالذل والتدمير ، والتهجير ، والقتل ، بحاجة لهكذا معارضة ؟ .. أم أن ما سمي ، تقليدياً ، وفي ظروف عادية ( ما قبل الحرب ) معارضة قد انتهت ؟ ..

ما يستدعي السؤال الموالي الآخر : هل باتت سوريا في الوقت المتأزم ، قبيل الحرب ، وبعد نشوب الحرب وتداعياتها ، بحاجة لما هو أرقى فكرياً ، وسياسياً ، وعملياً ، في مجال ممارسات الرأي الآخر في المجتمع ، مما صنعه الجيل السابق في ظروف مغايرة ، بشكل يؤدي في ظروف مثل ظروفنا الراهنة ، إلى التكامل الوطني بدلاً من التنافر ، وإقامة الوحدة الوطنية " كتلة وطنية " كما حدث في زمن الاحتلال الفرنسي .. وجبهة وطنية .. " التجمع القومي البرلماني " إبان الدفاع عن الوطن ضد الأحلاف والمؤامرات الاستعمارية والرجعية ، بدلاً من التخاصم والانقسام الذي يخدم أعداء البلاد ؟ ..

ليس لأي سياسي وطني سوري في ظروف الحرب العدوانية الكارثية ، أن يعلن ويمارس عداءه وحربه ، على قوى الدولة التي تمارس مسؤولياتها ضد عدوان الإرهاب الدولي .. وبالتالي يعلن ويمارس عداءه ضد الجيش الوطني .. الذي يقدم التضحيات الأسطورية المشرفة ، والشهداء بسخاء دفاعاً عن الوطن .. وعنا جميعاً . العداء الآن بالضبط هو ، ضد الجبن ، والتقاعس ، والخيانة ، والعزف على أوتار الخارج المعادي .

ومثلما يقال بحق ، أن سوريا لجميع السوريين .. ينبغي أن يقال بحق أيضاً .. وأيضاً ، أن إنقاذ سوريا وانتصارها في الحرب على الإرهاب الدولي ، وإعادة بنائها ديمقراطية ، قوية ، مزدهرة ، هي مسؤولية كل السوريين

إن ذكاء اللحظة السياسية التاريخية السورية ، ينبغي أن يتجلى الآن ، بأن نعرف بناء مفاهيم .. وأطر معارضة ، هي أرقى وأفضل وقادرة ، على أن تلبي استحقاقات اللحظة وما بعدها ، وبأن نعرف متى يكون بعضنا معارضاً للبعض الآخر لترشيد السياسات وتصحيح المسارات ، ومتى وكيف نتوحد ضد أعداء الوطن ، وأن نعرف دائماً .. كيف نحطم العوائق بيننا .. من أجل سوريا الوطن .. وسوريا الديمقراطية .. وسوريا العربية الحضارية .



#بدر_الدين_شنن (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من أجل عالم بلا إرهاب
- العيد في الحرب .. تحد وكرامة
- الرفيق ..
- حتى لا تبقى الخيانة وجهة نظر
- الحملة الداعشية الأميركية الجديدة على سوريا
- الخطة - ب - الأميركية والمعارك الكبرى القادمة
- جرائم سياسية وحربية .. في الحرب السورية
- ما بين حزيران 67 .. وحزيران 2016
- حين يستعيد الشعب دوره
- المعارضات الزاحفة إلى الرياض .. ماذا بعد ؟
- المحاصرون
- الحل السياسي سؤال ملتبس بين الداخل والخارج
- أول أيار السوري الأحمر وفوضى العولمة
- تراتيل سورية : الجولان . فلسطين . اسكندرون
- تراتيل سورية : .. عظماء الاستقلال والجلاء والحرية ..
- تراتيل سورية : .. وطني ..
- حي الشيخ مقصود .. جبل النار والمقاومة
- لتحديد نهاية النفق والحرب
- حول الحرب والمفاوضات والحل السياسي
- لماذا الفيدرالية الكردية الآن في سوريا ؟


المزيد.....




- هيفا وهبي بإطلالة -الشورت- والجوارب الشبكيّة
- المكسيك.. أغاني مدح وتمجيد عصابات المخدرات تثير الجدل
- -النووي الإيراني سيصل أوروبا-.. وزير دفاع إسرائيل الأسبق يعل ...
- غالانت لـCNN: أعدنا برنامج إيران النووي سنوات للوراء.. وأمام ...
- السبب الحقيقي لاندلاع الحرب بين إسرائيل وإيران
- دونيتسك.. ارتفاع ضحايا القصف الأوكراني إلى 14 بينهم نساء وأط ...
- الجيش الإسرائيلي: حيدنا قيادة الطوارئ العسكرية الرئيسية لإير ...
- مسقط.. القبض على شبكة لممارسة أعمال منافية للآداب
- قطر: الأمن الإقليمي لا يتحمل مزيدا من الأزمات والتصعيد
- -نوستراداموس الحي- يتنبأ بمصير -مثير للجدل- لزواج هاري وميغا ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بدر الدين شنن - ما بعد المعارضة