أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صاحب نعمة - إشكالية اللغة في الدراما العراقية














المزيد.....

إشكالية اللغة في الدراما العراقية


صاحب نعمة

الحوار المتمدن-العدد: 5178 - 2016 / 5 / 30 - 01:24
المحور: الادب والفن
    



اعتمد (العرب) منذ (الجاهلية) في التعبير عن فصاحتهم وبلاغتهم اللغوية، وصياغة الصور الشعرية التي تمتلئ بها قصائدهم، على فن (الإلقاء)، ولعل سبب ذلك يعود إلى أنهم لم يعتمدوا (التدوين) في بادئ امرهم قدر اعتمادهم على (حافظتهم) التي تلازمت مع المطلوب حسب مقتضيات الحال، حتى نزول الوحي وظهور (القرآن الكريم) بوصفه جماعاً لعبقريتهم في اللفظة والمعنى.
وبفضله - أي القرآن الكريم - استطاعت اللغة العربية أن تحافظ على قوانين (النطق) سليمة - فصيحة، وهو ما حصن اللغة وانقذها من إنحراف الألسن، والعجمة والاندثار. لقد أوصى القرآن الكريم إلى قرائه ودارسه بقواعد النطق الجيد السليم، فتمت بها الصورة اللغوية العربية شكلاً ونطقاً، ذلك من خلال تأكيد النبي محمد (ص) على جماليات الإلقاء في دعوته (زينوا القرآن بأصواتكم، فإن الصوت الحسن يزيد القرآن حسنا)، لذلك نجد أن العرب لم يقصروا من الإلقاء على توضيح الكلمات حسب، إنما على منحها بعداً جمالياً يتناغم وجمالية الحرف العربي وموسيقاه. فقد سأل محمد بن بشر أعرابياً: ما الجمال؟ قال: (طول القامة، عظم الهامة، وسعة الشدق وبعد الصوت). وهذا ما يعطي انطباعاً بأن يكون (الإلقاء) بمثابة (المعادل الموضوعي) لمعطيات اللغة العربية المتجلية في القيم الفكرية والعاطفية والجمالية، عندما يتفرد الملقي بدرايته بالمفردات ودواخلها واصولها لإدراك الظاهر والمستتر منها، وكما اصطلح عليه العرب - بـ (الحقيقة والمجال) وكما يصفها الجاحظ: (لا يكون الكلام يستحق اسم البلاغة حتى يسابق معناه لفظه، ولفظه معناه، فلا يكون لفظه إلى سمعك أسبق من معناه إلى قلبك). تاسيساً على ما تقدم، ومن أجل أن يرتقي الممثل بمهنته لمستوى (الأدب) الذي يمثله، لا يحتاج إلى موهبة إبداعية حسب، إنما يحتاج إلى وجود لغة أدبية مطواعة زاخرة بالألفاظ السهلة النطق والبليغة الوقع، والمحددة المعنى، والمحتفظة بالجدة. والذي يحسب أن اللغة ما هي إلا وظيفة لنقل المعنى من دون أن تكون لها أهمية في (ذاتها) يقع في خطا كبير، فالمعنى الحي العميق الصادق يموت، إذا لم يبرزه تعبير حي وجميل، ويخطئ أيضاً من يظن أن لغة الكتابة (للدراما) ولغة الكلام الاعتيادي الحياتي المتداول سواء. لأن اللغة التي تكتب بها الأعمال الدرامية مشذبة من الألفاظ (المبتذلة والمبذولة) وحريصة على انتقاء الألفاظ للشخصية وللمعنى المراد إيصالها للمتلقي. وما يلاحظ في (درامتنا المحلية) شيوع اللهجة المحلية في أسوأ أحوالها لكثرة مفردات الحديث الساذج فيها والحشود والتكرار خصوصاً في مناداة الشخصيات باسماء بعضها لبعضها الآخر، لذا، تظل تلف وتدور في حلقة مفرغة لا تنمو بتسلسل منطقي باتجاه فكرة ما، إنما تتداخل في متاهات الكلام المجرد. إن متطلبات الكتابة بلغة درامية تقتضي إلى جانب امتيازها بالحيوية إن تكون قابلة للتمثيل، بمعنى ان الكلمات هنا تكتب لتمثل: ترى وتسمع، وبعكسه ستكون محدودة الأثر، بمعنى أنها (محدودة القيمة الدرامية). عليه لابد من ان تحتوي لغة الحوار مجموعة من القوانين في مقدمتها (نمط الأصوات - درجتها - ارتفاعاتها) لتمنح الممثل إمكانية سماع النغمة الصوتية. ومن قوانينها الأخرى: أحتواء الحوار الارتفاعات الحركية التي تصاحب العواطف والتي تفرض أن يقرا الحوار ويسمع وكأنه (نوتة) درامية. والتي تفرض بدورها على الكاتب ان يجنح دائماً إلى (الانتظام والانسجام والتجانس) في الكلمات كي ينتج تنغيماً خاصاً يساعد على تحديد المعنى. وفي هذا الاتجاه، يصف الناقد (ارك بنتلي) عفوية العلاقة بين الفعل والكلمات عند الكاتب النرويجي (ابسن) بقوله: (الفعل الابسني هو من الشمول والطغيان بحيث لا يكاد الأشخاص يجدون متسعاً لكلمة يقولونها. لا تقال الكلمات إلا عندما ينتزعها الموقف انتزاعاً). ويحرص (برنارد شو) على أن تتزامن الموسيقى الصوتية مع البناء المنطقي للجملة. إن الدراما الجيدة هي التي تكون فيها للغة (وظيفة دلالية) تنبع من التعبير الحركي وتتصل به اتصالاً عضوياً، بمعنى أن يكون هناك توازن ما بين (اللغة والفعل) من أجل أن تأتي دلالة المفردات بمستوى عمق الفعل ودقته، عندها تكون اللغة (راقية) وخالية من السرد، والإفاضة، والتطويل، وتكون مطابقة لما قالته العرب: (إن خير الكلام ما قل ودل) وكما اصطلح عليه (بيرانديللو) بـ(الفعل المحكي) وبهذا يتحتم على (الدرامي) أن يجد الكلمة التي تتحرك، التعبير الفذ الذي لا يمكن أن يكون إلا ما هو، كلمات وتعابير لم تخترع، إنما تولد بفعل تقمص المؤلف الشخصية التي يخلقها ويحسها كما لو كان راغباً بها كما ترغب هي بنفسها. وترتبط إشكالية اللغة في الدراما العراقية بـ(الممثل) أيضاً، إذ نجد الغالبية منهم محدودي الثقافة، وهذا جانب مهم إذ ترفد الثقافة الممثل القدرة على النطق السليم بلا معوقات في (التشكيل اللغوي) أو (الصرفي) للكلمة. إضافة إلى اختيار النبر الصوتي الملائم للكلمة والذي يكاد يكون هو وليس غيره. إن على الممثل - وهذا ما ينقصنا - أن يعي أهمية الكلمة في تحريك انفعال المتلقي، ولكن البعض - للأسف - لم يتعود على الإلقاء السليم للغة العربية، فهو ينطقها وكأنه غريب عنها، فهو (يلحن) اللغة العربية ويمسخها بلكنة محلية فيجردها من حيويتها الموسيقية، لأنه ينشغل بالجانب الصوتي والشعوري على حساب المعنى. مجمل القول: إن الجملة أو بيت الشعر في الدراما هو أولاً وقبل كل شيء حالة يتحتم أن يصل إليها كل من (المؤلف) و(الممثل) بحساسية جمالية، معرفية تتطلب من المؤلف رسمها بدرجة (الكمال) نفسها الذي يفترض أن يكون عليه الممثل.



#صاحب_نعمة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- فيلم وندوة عن القضية الفلسطينية
- شجرة زيتون المهراس المعمر.. سفير جديد للأردن بانتظار الانضما ...
- -نبض الريشة-.. -رواق عالية للفنون- بسلطنة عمان يستضيف معرضا ...
- فيديو.. الممثل ستيفن سيغال في استقبال ضيوف حفل تنصيب بوتين
- من هي ستورمي دانيلز ممثلة الأفلام الإباحية التي ستدلي بشهادت ...
- تابِع مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 23 مترجمة على قناة الف ...
- قيامة عثمان 159 .. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 159 مترجمة تابع ...
- -روائع الموسيقى الروسية-.. حفل موسيقي روسي في مالي
- تكريم مكتب قناة RT العربية في الجزائر
- الحضارة المفقودة.. هل حقا بنيت الأهرامات والمعابد القديمة بت ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صاحب نعمة - إشكالية اللغة في الدراما العراقية