أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مولاي محمد اسماعيلي - الثقافة وسيارة الأجرة














المزيد.....

الثقافة وسيارة الأجرة


مولاي محمد اسماعيلي

الحوار المتمدن-العدد: 1393 - 2005 / 12 / 8 - 07:28
المحور: الادب والفن
    


ماهي الحكاية ؟ كل ما في الأمر أن الثقافة أصبحت سخافة، تبدأ الحكاية المريرة بتحرك داخل المدينة، والوجهة نحو مركب ثقافي لحضور نشاط لإحدى الجمعيات العاملة في الثقافة، جاءت سيارة الأجرة وهي تأكل الثرى تحت عجلاتها أكلا، رفعت يدي لها لتتوقف، تكلمت الفرامل فوقفت "التاكسي"، ركبت بعزم وإصرار، وأقفلت البوابة بلا انتظار،
- سيدي أريد الذهاب إلى مركب كدا وكدا .
رد علي السائق مستغربا
- في أي وجهة وأي مكان يوجد فيه هذا الشيء ؟ أهو قرب مؤسسة مالية ؟ أم أن نوافذه تطل على فندق النجوم الخمسة ؟ أم أن بابه مقابل للملهى الليلي المشهور في المدينة ؟
- لا يا سيدي إنه ليس في هذه الأماكن، إنه بعيد جدا عن هذه المعالم التي ذكرتها
- من فضلك قل لي شيئا عن المكان يميزه
- إنه مكان بسيط للغاية ،
- إذن كيف لي أن أعرف مكان هذا الشيء اللعين الذي لم أسمع به من قبل رغم أنني سائق سيارة أجرة منذ أمد طويل.
قررت أن أتحدث عن بعض مميزات المكان عله يكتشفه : يا سيدي إنه مركب ثقافي ، يجتمع فيه من يسمون بالباحثين والدارسين ليقولوا كلاما ويرددوا أفكارا وليتبادلوا فيه أطراف الحديث عن الثقافة، إن المكان هو ملاذ الحيارى ومستعملي الحبر وأصدقاء القلم، سيدي إن بعضهم يتكلم لغة قد لا تفهمها ، لكن في حديثهم كلام عنك وعني وعن الآخرين، بدأت وجنتاه تنتفخان ووجهه يعلوه لون الدم، فلم يلبث أن صرخ في وجهي قائلا:
- أنت السائق وأنا الراكب دلني عن المكان؟ ولن أتكلم بعد هذه اللحظة، حينها تيقنت أنني لابد أن أتحول إلى سائق حتى أصل إلى الثقافة .
وصلت إلى المركب الثقافي، وتخلصت من السيارة التي لا تعرف الطريق إلى الثقافة، دخلت إلى مكان الثقافة، لكن هل وصلت إلى الثقافة ؟ رجال في منصة ، ورجال في كراسي أمام المنصة ، المنصة عالية والكراسي متدنية، أهل المنصة أنيقون جدا وأهل الكراسي من كل صنف ثلة، فرحت وقلت في نفسي سأنضم إلى أهل الكراسي لألقن الثقافة، استجمعت قواي وأدركت أن حسن الإنصات يكسب الثقافة ، تكلم الأول، وتكلم الثاني حتى أصيب مكبر الصوت بالتخمة ، ولا أحد تكلم عن الثقافة!!، فأين هي الثقافة ؟ بعد كل تلك الخطب الرنانة عرفت أن تلك المنصة قد أصدرت أحكامها على الكراسي، قلت وما ذنب الكراسي ؟ قيل لي إنها السياسة، هل نحن في محكمة ؟ طبعا لا، نحن في مجلس الثقافة؟ عفوا في مجلس السخافة، وبقي السؤال عالقا لماذا مسخت ثقافتنا سخافة ؟ الجواب عند من أيها السادة ؟ سائق السيارة لا يعرف الثقافة وسكان مكان الثقافة لا يعرفون الثقافة، أين هي الثقافة؟ قيل لي استقل السيارة واذهب إلى مكان الثقافة، قلت وهل في الأرض مكان آخر للثقافة ؟ نعم إذا ركبت سيارة الأجرة تصل إلى مكان الثقافة، لا أبحث الآن عن الثقافة بل أبحث عن سيارة الأجرة، رفعت يدي من جديد فتوقفت السيارة ولكن لم تتوقف الأجرة.
- سيدي أريد الذهاب إلى جامعة الثقافة، رد علي السائق : بكل سرور سعادة، استغربت لما سمعت!!!، السائق هذه المرة يعرف مكان جامعة الثقافة وقلت في نفسي لعل السائق الأول حالة شاذة. وصلت إلى جامعة الثقافة، الكثير من الناس يدخلون ويخرجون من كلية الثقافة، سررت لما رأته عيني في زوار الثقافة، دخلت مع الداخلين، لكن! يبدو أن في الأمر دسيسة!، فبنات جامعة الثقافة أصبحن صابغات الوجوه الفتية، أما أبناء جامعة الثقافة فعقولهم وعيونهم نحو النهود المفتولة والملابس الضيقة والشفاه المصبوغة بشكل لافت ومنمق، حينها أدركت أن الثقافة مازالت سخافة، رجعت بي الذاكرة إلى سيارة الأجرة الثانية فتيقنت أنها هي أيضا لا تعريف الطريق إلى الثقافة، إذن أين هي الثقافة؟.
قررت مع نفسي أن أركب من جديد سيارة الأجرة علها توصلني إلى مكان الثقافة؟
- نعم يا سيدي أريد الذهاب إلى معرض لكتب الثقافة، زادت سرعة السيارة وزادت معها سرعة الأجرة حتى ظننت أنهما في مضمار للسباقات السريعة، وصلت إلى معرض كتب الثقافة وتفتحت أسارير وجهي لما نظرت إلى تلك الكتب الكثيرة المعروضة، نعم بالتأكيد هنا توجد الثقافة! بدأت أتصفح بعيني تلك العناوين الكثيرة، فما رأيت (ويا ليتني ما رأيت) غير كتب البطنة التي قال فيها الأولون أنها تذهب الفطنة، هذا كتاب أطباق مغربية، وذاك كتاب أطباق شرقية، وأما الآخر فهو للأطباق الصينية والأسيوية، فلما أصبحت الأمور" بطنية" بهذا الشكل الفظيع قررت أن أبحث عن طبق الثقافة.
في تلك الزاوية البعيدة تلتئم تلك الكتب المسكينة، عناوين محدودة ومساحة صغيرة، ذاك هو حال الثقافة، نعم وجدنا كتب الثقافة، لكن هل وجدنا الثقافة؟ ليتني لم أبحث عن الثقافة، لأنه ليست هناك أصلا ثقافة، ففي تلك الزاوية المنسية، الحاضرة الغائبة، لا تتحرك الثقافة، لأنها غير جذابة، لأنها ليست للأكل، ليست ككل الأطباق، إذن فالثقافة في عقول الناس سخافة.
أقسمت ألا أركب سيارة الأجرة، فقد أدركت أنني أنا وسائق سيارة الأجرة، وسيارة الأجرة لم نجد بعد الثقافة....؟!!!



#مولاي_محمد_اسماعيلي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحوار من أجل حرية الدين والمعتقد
- المشكلة في الاسلام أم في المسلمين


المزيد.....




- إيرادات فيلم سيكو سيكو اليومية تتخطى حاجز 2 مليون جنية مصري! ...
- ملامح من حركة سوق الكتاب في دمشق.. تجمعات أدبية ووفرة في الع ...
- كيف ألهمت ثقافة السكن الفريدة في كوريا الجنوبية معرضًا فنيا ...
- شاهد: نظارة تعرض ترجمة فورية أبهرت ضيوف دوليين في حدث هانغتش ...
- -الملفوظات-.. وثيقة دعوية وتاريخية تستكشف منهجية جماعة التبل ...
- -أقوى من أي هجوم أو كفاح مسلح-.. ساويرس يعلق على فيلم -لا أر ...
- -مندوب الليل-... فيلم سعودي يكشف الوجه الخفي للرياض
- الموت يفجع الفنانة اللبنانية كارول سماحة بوفاة زوجها
- وفاة المنتج المصري وليد مصطفى زوج الفنانة اللبنانية كارول سم ...
- الشاعرة ومغنية السوبرانوالرائعة :دسهيرادريس ضيفة صالون النجو ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مولاي محمد اسماعيلي - الثقافة وسيارة الأجرة