دولة دينية أم دولة الحرية والعدالة الإجتماعية 1

انطلاق الرحبي

الحوار المتمدن-العدد: 1385 - 2005 / 11 / 21 - 10:39
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

في البدء أحاول أن أقف عند مسألة تعتبر من البديهيات التاريخية معرفياً. الأولى: إن الدين يؤسس دولة دينية اليهودية أسست إسرائيل (الأولى والمعاصرة) والسامرة.المسيحية بعد أن تبنتها الدولة الرومانية وحولتها إلى العالمية. الإسلام ودولته الأولى في المدينة حتى آخر دوله العاصرة( السعوديةوالسودان وطلبان .....إلخ).الثانية: إن الدولة الدينية تمثل الإستبداد والظلم الإجتماعي بامتياز. ومن هاتين البدهيتين أتى مفهوم: الدين =الإستبداد أو بعبارة أوضح الدين=العبودية
مما جعل ماركس يقول قولته المشهورة ( الدين أفيون الشعوب). معنى ذلك أن الدين يعمل على تكريس العبودية والظلم الإجتماعي في حياة الناس. أنا أعتقد أن هاتين البدهيتان غير دقيقتين في طرحهما للمسألة الدينية لإعتمادهما على الممارسة العملية والفهم التراثيين لأتباع الدين في الواقع الإجتماعي غافلين عن الممارسة العملية والفهم لصاحب الدين نفسه( النبي والرسول) من خلال حركته في الواقع الإجتماعي بالمستويين المعرفي(القرآن) بالنسبة لمحمد أي نبوته (وأم الكتاب) والذي تمثل رسالته وهوماأثبته الدكتور محمد شحرور في كتابه: الكتاب القرآن قراءة معاصرة.فالدين الذي أتى به كل من موسى وعيسى ومحمد يتكون من مفهومين متلازمين: النبوة وهي المنهج المعرفي( المقولات والمفاهيم المنتجة للقوانين الكونية والإجتماعيةمعرفياً ) والرسالة وهي تميز تلك القوانين من خلال التشريع للواقع( الدستور والقوانين الإجتماعية الحاكمة للبنية الإجتماعية).إذن هناك علاقة تلازم معرفي بين المفهومين (النبوة-الرسالة)فلكي نثبت بأن الدين ودولته=العبودية والظلم الإجتماعي علينا أن نثبت بأن حركة موسى وعيسى ومحمد في الواقع الإجتماعي كانت تؤسس لذلك.أي أن الصراع مع فرعون والطرد من الهيكل وقتال الملأ من قريش هو حركة من أجل إستبدال( السلطة المستبدة بأخرى غيرها)وهذا مالم يقل به أحد ، بل غالبية الباحثين يؤكدون على الدور التحريري والتغييري في الواقع الإجتماعي لهؤلاء الثلاثة في حركتهم الواقعية ، وهنا المفارقة بين المفهومين: الدين ودولته =الإستبداد والظلم الإجتماعي وحركة صاحب الدين=الحركة في سبيل الحرية والعدالة الإجتماعية.كيف نوفق بين المفهومين؟ وأيهما أقرب إلى الحقيقة والواقع الحي؟وماهي دولة النبي-الرسول؟ هل هي الدولة الدينية؟ أم شيئاً آخراً نقيضاً لها؟!.فأي من المفهومين يمثل الحقيقة؟ هل الفهم والممارسةالتراثية للأتباع بانزلاقهم لموقع النقيض المسيطر؟ الإنقلاب على الأعقاب! كما يقول القرآن أم حركة النبي-الرسول الواقعية؟!. والتي كانت تؤسس في صراعها ضد النقيض المسيطر( الدولة الدينية)=(فرعون وكهنة الهيكل والملأ من قريش)لدولة الحرية والعدالة الإجتماعية للإنسان المستقل في إرادته واختياره؟!.والغريب في الأمر أن من يتبنى هاتين البدهيتين يقبل بالتمييز بين المؤسس وممارسته وفهم وممارسة الأتباع من بعده!!وها هي الماركسيةكيف مورست وفهمت واقعياًمن قبل أتباعهافهل ستالين مثلاً كان يحمل مشروع ماركس التغيري من الضرورة إلى الحرية بدولة القمع والإرهاب الفكري( الإكراه) وعبادة الفرد=فرعون ؟!.أو ماو وصنميته؟ أو تيتو وأنور خوجه أو الشيوعية الأوربية أو بريسترويكا غاربوشوف أوأوأو....إلخ لاحظ تعدد الإجتهادات والممارسات وكل يدعي أصالته الماركسية إلا صاحبها الذي قال مامعناه : الذي أعرفه أنني لست ماركسياً!.وهذا ينطبق على ذاك أم على قلوب أقفالها كما يقول القرآن!!.والذي مازال يقرأ بعين التراث وفهمه بدلاً من قراءته بعيون الأحياء كما يقول غارودي من خلال معارفنا المعاصرة لنثبت أو ندحض، نقبل أو نرفض.وعندما تسأل لماذا لاتقرأ القرآن بعينيك وعلى ضوء معارفك المعاصرة؟. يقول لك إنه نص مقدس! لايمكن قراءته أي لايمكن تحليله أو تفكيكه وقراءته قراءة نقدية تكشف ماهو حي فيه تعيد الحياة إنتاجه في سيرورتها وصيرورتها الدائميتين. ومفهوم النص المقدس الذي لايمكن مناقشته أو نقده هو مايدعيه التفسير التراثي وأتباعه الأحياء ولادليل عليه في القرآن بل العكس هو الصحيح ، حيث يدعو القرآن الناس إلى الحوار المعرفي بالدليل والبرهان علىأساس المساواة بين المتحاورين اقول هذا وأرجو أن يدلني أحد على آية واحدة في القرآن تقول ذلك!!.والغريب من أمر هذا البعض إنه يرفض المقدس كمفهوم ويتبناه دون نقد كتفسير أوحد للقرآن حتى لايكلف نفسه عناء البحث والقراءة النقدية المنتجة للمعرفة. وهي هي أمانة النظر والقراءة في عملية إنتاج المعرفة. فهل ننتج قراءة معرفية حية ومعاصرة تقودنا إلى بناء دولة الحرية والعدالة الإجتماعية في العراق المستقل بإرادته واختياره؟!.

#انطلاق_الرحبي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات