أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - شهربان معدي - قصة قصيرة لملف يوم المرأه العالمي















المزيد.....

قصة قصيرة لملف يوم المرأه العالمي


شهربان معدي

الحوار المتمدن-العدد: 5094 - 2016 / 3 / 5 - 09:39
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


شيء أسمه الشرف!

في ذلك المساء وعندما عاد من عمله، انقض عليها دون سابق إنذار، كوحشٍ جائع لا يُميز كيف يبدأ بالتهام فريسته...كانت ترتعش بين يديه كفراشة ترفرف اجنحتها بالخلاص...

انهال بكفه العريضة على كل موضع في جسدها! سحق ذراعها بلكمة...تبعتها اخرى على رأسها، سقط غطاء رأسها! شدّها بشعرها المسترسل الناعم، وجرّها حتى الباب متجاهلا عويل وصراخ اولادها الصغار...

أيتها الكلبة، كيف تجاسرت ان تتحدثي مع رجل غيري! يا حقيرة، يا خائنة! كل النساء خائنات، هذا الشيء الوحيد الذي تأكدت منه الآن!

تشبثت برجله، توسلت اليه: ارجوك، دعني اشرح لك!! الامر ليس كما تظنه؟

ولكنه اقفل نوافذ اذنيه كما اقفل نوافذ الرحمة في قلبه! ووقف على عتبة الباب، مؤملا نفسه ان يسمعه كل سكان الحي، وصرخ بأعلى صوته: انت طالق، طالق، طالق، انا برئ منك ليوم القيامة!
الآن سوف اتصل بأخوتك، ليضبوك عن الشارع! وسوف اصفي حساباتي معك ومعهم في المحكمة!!
ورماها خارج البيت ككيس زبالة نتن، يريد ان يستريح منه صاحبه بأسرع وقت!

تحسست غطاء رأسها، عندما اقبل اخاها الكبير الذي التقطها عن الرصيف، وامرها ان تركب في السيارة بسرعة البرق، قبل ان يتشفّى احدهم بعاره الذي انسكب على الملأ...

تكورت كطفلة صغيرة في المقعد الخلفي، دون ان تجرؤ ان تلفظ ببنت شفة! وكانت ترتجف كعصفور صغير فاجئه المطر...

نظر اليها اخاها في المرآة وقلب شفتيه، كطفل صغير يُريد ان يبكي وقال لها وهو يتوعد: يا كلبة! سترين ما ينتظرك عندما نصل!

سحقا...ماذا ينتظرها اسوأ من ذلك!؟

الا يكفيها زوجها القاسي، الذي استغل ضعفها الجسدي، لينهال عليها بهذه الوحشية! هذا السيناريو الذي تكرر عشرات المرات امام اولادها الصغار، الذين تعقدت نفسيتهم، لم يسأل عنه اهلها؟ والآن وعندما اتهمها بالخيانة هرولوا ليمسحوا الارض بها! ...

عند وصولها لبيت اهلها، دفعها اخاها للبيت برفسة من رجله المُتمرسة، واغلق الباب خلفهما بسرعة البرق، خوفا ان يرصدها أحد الجيران بهيئتها المُزرية!...

كان والدها جالسا ينتظرها وهو يقضم اظافره بعصبية ويبصقها في الهواء...
يا عيب الشوم عليك يا مها! قالها بصوتٍ أجش اقرب للبُكاء، انت الفتاة المثقفة المتعلمةُ، بنت الأصل والاصول! تُوطين راسي وراس اخوتك وراس العيلة كلها... في التراب!

بنت صغيرة ؟ تنجرفين ورا قلبك، ويضحك عليكي رجل وضيع؟ يا فاسدة! متضايقة من جوزك احكيلنا، احكي لاخوتك وهني يعرفو حسابهم معاه، اما انك تحكي من ورا ظهره مع رجل غريب! فهذا مش مقبول علينا؟ فهمتي! انا لم اعد اباك، انا بريء منك ليوم القيامة يا مها! وهجم عليها ليوسعها ضربا ورفساً!

ازاحه اخاها الكبير عنها وزمجر، والله لأن أشرب من دمك! لو تموتي اهوّن علينا، ، البلد كلها عم تحكي علينا، اللي بيّسوا وما بيّسوا، وانقض عليها بلطمة قاسية، جعلت شفتها العليا تتضخم لضعفين...

اسرع اخاه الاصغر وازاحه عنها، وقال له متوسلا:
انا الذي سأُصفي حساباتي مع هذه الكلبة! انت رجل حكومة وسيطردونك من وظيفتك اذا اشتكت لهم عنك!

انخرطت مها في بُكاءٍ مرير، يسحق القلب ويفتت الكبد! اهي تشتكيّ للبوليس، عن اخوتها؟ نعم! انهم اخوتها! تاج راسها حتى ولو نسفوا راسها لن تشتكيهم لأحد! والعين لا ترتفع عن الحاجب!
لطالما اطلّت عليهم كسانت كلوز مُحملة بالهدايا والمُفاجئات، لطالما حملت همومهم وفرّجت ضائقتهم، والآن ينهالون عليها كشاة ذبيحة، تناوب على تقطيعها، عدة جزّارون مُحترفون!

مسكينة انت يا مها! حتى امك في هذه المحنة القاسية خانتك!
وبدأت تردد اسطوانتها المألوفة التي حفظتها مها عن ظهر قلب:
نامي ندمانة ولا تنامي زعلانة! كم مرة قلتلك اياها يا مها!
لم تفكري في ولادك؟ لم تفكري في سمعة عيلتنا الطيبة!
نسيتي انه سوق النساء، بخس! والمرأة تطير على كلمة من بيتها...
وإنو ارجعي عَ ظهرك ولا ترجعي عند اهلك!
ومطلقة على شو؟ على سُمعة! مين هذا اللي يستاهل انك تخسري اولادك عشانو؟
قوليلنا من ابن هالحرام، اللي لِعب في عقلك يا مُغفلة؟

ولكنني ... تمتمت مها...

اسكتي لا تدافعي عن نفسك! الناس لن يصدقوا شيئا، ونحن لن نصدقك، لا دخان بدون نار! كيف سنواجه العالم!؟ ماذا سنقول للناس!؟

مها الامرأة الاستثنائية، ثمة احد لن يصدقها، حتى ولو اقسمت مليون يمين! صحيح انها لم تُخلق من تُراب القمر! ولكنها امرأة من ذهب اربعة وعشرين قراط، مُلتفة، بيضاء، تحمل عذوبة النسيم، وحلاوة السكر...

وهي ليست مُغفّلة كما يقولون عنها! بل هي امرأة مُتعلمة، مثقفة، مُتفانية في عملها، اغدقت عاطفتها الجياشة على كل من حولها، دون ان تدرك، ان هذا المجتمع الفقير من العواطف والمشاعر الانسانية، سيبصقها كمضغة عسيرة فقدت كل خواصها، لأنها فضفضت عن بعض همومها، لأحد زملائها في العمل، الذي أزاح عن صدرها الكثير من جبال الهمّ، بعد ان لاحظ آثار صفعة زوجها، على رُخام خدّها الغض، ولكنها... وضعت له حداً عندما بدأ يطلب المزيد...

تبا لمعشر الرجال، لا يجيدون الاصطياد إلا بالمياه العكرة!
وهي امرأة شريفة عصامية، صدّته بكل قوتها...

وثمة احد لم ينكر انها عانت الكثير من زوجها! وانه كان يضربها حتى امام اولادها، وانه ارادها ان تكون ماكينة لطبع المصاري، وانها عانت من الحرمان المادي والعاطفي، وانه كان يغار عليها كثيرا...وانها أرادت الطلاق اكثر من مرة، ولكن أهلها هددوها بانهم سيستقبلونها، لوحدها، بدون الأولاد! في حالة حدوث الطلاق...

مها صبرت على كل شيء من اجل اولادها. الذين كسروا ظهرها!
صحيح انهما عاشا تحت سقف واحد، ولكنهما عاشا كالأغراب، وهي كانت تحترمه كثيرا، غطت رأسها وكل سنمتر على جسدها الجميل، من اجله، تنازلت عن عطرها وزينتها...من اجلهُ...
واصبحت كما ارادها، امرأة مشمعّة ومغلّفة بالنايلون!

وهو سامحه الله، نسي ان كل ما تحتاجه مشاعر المرأة العظيمة هو الاحساس بالتقدير!
ولطالما ردد امام اصدقائه: انصحكم بان لا تتزوجوا امرأة تفوقكم ثقافة! لكي لا تتفلسف عليكم!!!وهي قطعا لم تشعره بهذا!... ولكن اقترانه بامرأة تفوقه علم وثقافة، جعله يُعاني من عقدة النقص في مجتمع ذكوري محض! ....

تبا لزوجها ولهذا المجتمع، المادي والرجعي، اذ ذهبت المرأة للتعليم، اتهموها بالتفتح! واذ لم تتعلم يقولون عنها مُتخلفة! واذ خرجت للعمل، اتهموها بأقبح الأعمال! وان لم تعمل، قالوا عنها عديمة المسؤولية، وعالة على زوجها واهلها...

مر الكثير من الوقت، ومها حبيسة غُرفتها تبكي...
كان دمعها ينساب، كأنهار قهر على صفحات ذاكرتها، عندما تذكرت كلمات زميلها المعسولة، التي كانت تمشط اهداب روحها، وهي التي لم تتعود على سماع كل هذا الكلام!
عندما تغيبت احد الايام عن العمل، همس لها: قلبي لم يعد يخفق بغيابك! وهي حتما تجاهلته واستمرت بعملها، ولكنه فتح قاموس حبه حقولا مد البصر، كلمات... لم تسمعها قط من زوجها اللئيم! كلمات... احيت فيها المرأة التي ماتت!

وهي لم تنزع خمار الحياء، ولم تلعب على سبعين حبلاً كما اتهموها! ولكن هذا الرجل الوضيع، استغل وضعها العائلي وخلافاتها مع زوجها، ليدخِلَها في دوامة ثانية، دوامة قررت انها ستخرج منها بأي ثمن!

وتذكرت نصيحة احدى صديقاتها: اطلبي من زوجك الطلاق، واخرجي من بيتك بكرامة، افضل ما تحكي مع رجل آخر من ورا ظهره!

ولكنها لم تجرؤ ان تخبر احدا، عن هذا الرجل الحقير... الذي بدأ يلاحقها كخيالها...
وهي قط لم تستسلم اليه وقط لم تنس، إنها امرأة متزوجة وانها أم وعليها تقع مسؤولية اولادها، وقط لم تنس انها ابنة عائلة عريقة ومعروفة! وان اية غلطة منها، ستجعل سمعتها كمئزر المطبخ، يتمسّح فيه القاصي والداني...

وفي اليوم الذي قررت فيه، ان تأخذ إجازة مفتوحة، لأنها تنوي التنازل عن وظيفتها الحساسة، ذات المرتب المحترم، خوفا من وقوعها بالخطيئة والحرام... وخوفا ان تتحول سمعتها لعلكة يلوكها اناس لا يعرفون الرحمة،فوجئت بزوجها ينهال عليها، بالضرب المبرح، ويرمي عليها يمين الطلاق دون ان يفكّر مرتين...

لم يُغضب مها قرار المحكمة السريع الذي ارسلها له زوجها بالتوقيع على الطلاق، فهي توقعت هذا منذ امد طويل! ولم يغضبها إنها خسرت حضانة اولادها، ففي كلتا الحالتين كانت ستخسرهم، بسبب زواجها الفاشل! ولا انها ستخرج من بيتها بزيق ثوبها، فهي تدرك جيدا انها لم تفكر قط بخيانته! ولم تُقصّر قط في حقّهُ، ولم تشتر شيئا ارهق جيبه او تتفوه بكلمة استفزّت طبعه!

ولكن كل ما اغضبها وخيّب آمالها ان فاعل الخير الذي وشى لزوجها، كان زميلها الوضيع ، الذي وان نجح في سلبها حياتها العائلية التي كانت تُقدسها، وثقة اهلها واخوتها، واحترام المجتمع، ولكنه لم ينجح في سلبها شيءً تستحيل الحياة بدونه! شيء اسمه الشرف...



#شهربان_معدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة شجرة لوز


المزيد.....




- ريموند دو لاروش امرأة حطمت الحواجز في عالم الطيران
- انضموا لمريم في رحلتها لاكتشاف المتعة، شوفوا الفيديو كامل عل ...
- حوار مع الرفيق أنور ياسين مسؤول ملف الأسرى باللجنة المركزية ...
- ملكة جمال الذكاء الاصطناعي…أول مسابقة للجمال من صنع الكمبيوت ...
- شرطة الأخلاق الإيرانية تشن حملة على انتهاكات الحجاب عبر البل ...
- رحلة مريم مع المتعة
- تسع عشرة امرأة.. مراجعة لرواية سمر يزبك
- قتل امرأة عتيبية دهسا بسيارة.. السعودية تنفذ الإعدام -قصاصا- ...
- تحقيق: بلينكن أخفى بلاغا بانتهاكات إسرائيلية في الضفة قبل 7 ...
- تحقيق: بلينكن أخفى بلاغا بانتهاكات إسرائيلية في الضفة قبل 7 ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - شهربان معدي - قصة قصيرة لملف يوم المرأه العالمي