أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - اليوم التالي - مقدمة تقرير المسح الإجتماعي الذي أجرته منظمة اليوم التالي عن الطائفية في سوريا















المزيد.....

مقدمة تقرير المسح الإجتماعي الذي أجرته منظمة اليوم التالي عن الطائفية في سوريا


اليوم التالي

الحوار المتمدن-العدد: 5085 - 2016 / 2 / 25 - 17:36
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


منذ نَشأتها، أثارت الدّراسات المُتعلّقة بالتوجّهات attitude نِقاشات أكاديميّة كثيرة، الخلافات لا تقتصِر عَلى تَعريفها وإنَّما عَلى الطريقة الأمثل لقياسها أيضَاً . عرّفها عالم النفس الأمريكي دانييل كاتث على أنّها استعداد مُسبق عندَ الفَرد لتقييم رُموز أو أشياء أو جَوانِب مِن عالمه على أساس "مُلائم" أو "غير مُلائم" أمّا الرّأي فَهو تعبير بالكلمات عن التوجّهات، إلّا أنّ هذه الأخيرة قد يتم التعبير عنها من خلال سلوك غير كلامي أيضاً . دراسات لاحقة اهتمّت بالجانب السُّلوكي مِنَ التّوجُّهات لِتُصبِح كَما لو أنّها استجابة أمام مَوضوع ما. هذا الأمر استدعى السّؤال فيما لو كانَ السُّلوك نَتيجة للتّوجُّهات، أو بِطريقة أخرى: هَل التّوجُّهات مُحدّدات للسُّلوك؟ إذا كانَت الإجابة بِنعَم، فَهذا يَعني أنّ مَعرِفَتها يُمكن أن تُساعد في التنبؤ بسُلوك الأفراد أو حَتّى التّحكّم بِه. لكن كيفَ يُمكِن مَعرِفَتَها بِطريقة عِلميّة؟ كيفَ يُمكن قِياسها؟ هَل ما يُصرّح به الأشخاص يَكفي لذلك؟ يُمكن بسهولة تبيان كيفَ أنّ ما يُصرّح به الأفراد خِلال الإجابة على استبيان عَن مَوضوع حَسّاس حَول مَوقِف مُفترَض، قد لا يَتوافق مَع سُلوكهم عِندما يَتعرّضون لذلك المّوقف في الواقع. الأمر الذي يَعني أنّه في حالات كثيرة يَكون السُّلوك مُختلفاً عَمَّا يُصرِّح بِه الأفراد شفَهيّاً أو كِتابيّاً. عَلى الرّغم مِن ذلك، لا يزال الاستبيان هوَ التّقنيّة الأكثر استخداماً لدراسَة التوجّهات في العُلوم الاجتماعية. فقد تكون فعّاليته مَحدودة في دراسة المسكوت عنه، فلهذا أدوات أُخرى أكثر كَفاءة تأتي مِن جِهة ما يُعرف بالدّراسات الكيفية كالمُلاحظة بالمُشاركة أو المُقابلات الفرديّة أو الجماعيّة بأنواعها. لكن في مَوضوعنا هَذا، أليسَ التصريح والمُجاهرة بالطائفية أمر له دلالته؟ هل هُناك اختلاف بينَ مَنطِقَة وأُخرى أو بينَ الفئات العُمريّة أو المُستويات التعليميّة مثلاً؟ ما هيَ الخلفيّة الاجتماعيّة والإيديولوجيّة لأولئك الذينَ يُعبّرون بِشكل صَريح عَن رَفضِهِم لأولئكَ المُنحدرين مِن طائفة/أو طوائف أخرى؟ وأسئلة أخرى غَيرَها يُمكن للاستبيان أن يكونَ مُفيداً في مُقارَبَتها.

في كلّ الأحوال لا يُمكن الاستغناء عَن مَنهج على حِساب آخر، فالمَناهِج تُكمّل بَعضها البَعض، وما يُقرّر الحاجة إلى مَنهج ما عِوضاً عَن غيرِه هي طَبيعة مَوضوع الدّراسة. بِخصوص دِراسة توجّهات السوريين في الطّائفية مثلاً، إنّ تكوين صُورَة عَامّة عنها يقتضي استخدام الاستبيان، بَينَما يتطلّب الوُصُول إلى مَعرِفة عَميقة للمسألة الطائفية اللجوء إلى المَنهج الكيفي .

إنّ مُساءَلة المناهج، حُدودها وقدراتها، نُقاط ضعفها وقوّتها، هو ما يُتيح استخدام أكثر كفاءَة لأدواتها وبالتالي التوصّل إلى معرفة أفضل لأحوالنا. بالتأكيد هُناك مناهج أخرى مُمكن أن تكون مُفيدة لمُقاربة المسألة الطائفية في سوريا، لكن ما نقصِد الإشارة إليه هُنا هو الغياب التامّ للمنهجَين الكمّي والكيفي، فلا دراسات ميدانيّة سابقة نستند إليها في بحثنا هذا، لا كميّة ولا نوعيّة، ولكن هَل مِنَ المُمكن فَهم الحالة الطائفية في سوريا من دونها؟!

في العديد مِن الدّول يَتم إجراء استبيانات دَوريّة لرَصد ظواهِر مِثل الخَوف مِن الأجانب أو المَواقف مِن المُهاجرين، أو لإدارة التنوّع الثقافي في المناطق ذات التباينات الإثنية أو العرقية الكبيرَة، أو تلكَ التي تبرز فيها مَظاهر التمييز العُنصري. وعَادةً ما يتم مُقارنة نتائج آخر دِراسة بنتائج الدّراسات السّابقة لمتابعة تطوّر المُشكلة وكذلك لتقييم السّياسات السّابقة وتحديد ما يُمكن عمله في السّنوات القادِمة. في الحالة السّورية، تبدو الصّورة قاتمة جداً. لا جامعات أو مَراكِز بَحثية تهتم بإجراء هكذا دِراسات، ولم تكن المُؤسّسات الحُكومية السّورية السّابقة مَعنيّة أصلاً بآراء السّوريين وتوجهاتهم. أمّا بِخصوص المَسألة الطّائفية تحديداً فلطالما كانت مَنطِقة مُحرّمة، ويَكفي النُّطق باسمها لإثارة كلّ أنواع الاتهامات، ولا تزال أيّ مُحاولة لطرحِها عَلى طاولة البَحث مُغامرة غير مَحمودةِ العواقب.

إنّنا إذ نَتَصَدّى لهذهِ المُهمّة فإننا عَلى وَعيّ تامّ بِكلّ مَصاعِبها، سيّما أننا نَعمَل في ظُروف حَرب تدَور مُنذ سَنَوَات ويَميل كثيرون إلى وَصفها بالحرِب الطّائفية. لكنّنا عَلى ثِقة مِن ضَرورة هذهِ الدّراسة والحاجة إليها، وبِكونها سَتُساهم في تحسينِ مَعرِفتنا بالمسألة الطّائفية في سوريا، وسَتضَع مَادّة غنيّة بين يديّ الباحثين المَعنيين بإنجاز دِراسات لاحقة تُساهم بِرَصد هَذه المُشكلة ومُتابعتها، وبالتالي تُساعد صانعي القرار في سوريا مستقبلاً على رسم سياسات جديدة لتجاوز المُشكلة الطائفية وبناء دولة المُواطنة التي دفع السّوريون الغالي والرّخيص في سَبيلها. كمَا أننا إذ نَضَع بَين يَديّ القارئ هذا المَسح لِما يُقارب الـ 2500 سوري مُوزّعين في مُختلف الأراضي السّورية ومُخيمات اللاجئين في تركيا فإنّنا نَدعو البَاحثين السّوريين لإشباعِه نَقداً حَتى الوصول إلى تصميم استبيان أكثر كفاءَة ومَوثوقية وبِعيّنات تمثيلية حِين يَكون ذلكَ مُمكناً.

المنهج والعينة

قامت اليوم التالي خلال الفترة الواقعة بين 23 حزيران و 7 أيلول (2015) بإجراء مسح ميداني بهدف التعرف على توجُّهات السوريين في الطائفية. شمل المَسح 2498 شخصاً: 1424 رجل و 1074 امرأة. حيث قام أربعون باحثاً مدرباً ومجهزاً بإجراء المقابلات وجهاً لوجه. لقد كان عملاً شاقاً ومتعباً وتخللته العديد من المشاكل والصعوبات والتحديات التي استطعنا تجاوزها في النهاية. وكان الاستبيان طويلا إلى حد ما بالرغم من أننا حاولنا اختصارَه لكن بنفس الوَقت أردناه أن يَشمُل جَوانب تُتيح مَعرِفة جيّدة قدرَ الإمكان بِمَوضوع الدّراسة.

إن ظروف الحرب السورية تجعَل مِن المُستحيل سحب عيّنة مُمَثلة للسوريين، فهناك الكثير مِن المناطق التي يتعذّر الوصول إليها سَواءً بسَبب الحَرب أو بِسبَب سَيطرة قِوى مُسلّحة لا تقبل بأي هامش لأبحاث مِن هذا النّوع. هذا عدا عَن عَدَم توفّر إحصائيّات عَن التوزّع السّكاني والتغير المُستمر بِسبَبَ النّزوح مِن مَناطِق إلى أخرى مَع تقدّم المعارِك. لقد اضطررنا للتّوقف في بَعضِ المَناطق بَعدَ أن كُنّا قد أجرينا العَديد مِن المُقابلات، فلَقَد كانَ العمل مَحفوفاً بالمَخاطر.

في هكذا ظُروف يَجد الباحث السّوري نفسه أمام خيارين: الامتناع عَن إجراء أي بُحوث مَيدانية كميّة بذريعة عَدَم إمكانية الوصول إلى عيّنة مُمَثلة للسوريين، أو أن نتحرك في الحُدود التي تُتيحُها لنا الظّروف الحّالية بأن نَقوم بِإنشاء عَيّنات إرشاديّة (غير احتماليّة) تقدّم لنا مُعطيات ميدانيّة تُساعدنا على فَهم أفضَل لمُجتمعنا، وذلك مُمكن بأخذ العوامل الديموغرافيّة والاجتماعيّة المُختلفة في سوريا بعينِ الاعتبار ومُقارنة النّتائج فيما بينها. وهذا ما تمّ فِعله في هَذه الدّراسة.

هدَفنا إذاً ليسَ إجراء استطلاع يَعكس نِسباً دقيقة لآراء وتوجّهات السوريين، وإنّما إجراء مَسح على عيّنة ذات تركيبة مُتنوعة وكافية، تُتيح لنا التّعرف عَلَى أهمّ هذه الآراء والتوجّهات، وقد تُمكنّا من الوصولِ إليها. لذلك يَجب أن يَكونَ واضِحاً منذ البداية ضَرورَة عَدَم تَعميم نَتائج هَذه الدّراسة على المُجتمَع السّوري كَكُل، وهذا الأمر يَنطبق عَلى كافّة الأسئلة الوارِدة في هَذا البَحث.

إنّ دراسَة التوجّهات تعني التركيز عَلى ثلاثة عَناصِر رَئيسية:

1. الإدراكي أو الفِكري: إدِراك الحالة الطّائفية في سوريا، انتشارها وخُصوصيّتها.
2. الانفعالي: مُتعلّق بالرّضى والاستياء مِنَ الطّائفية ومَظاهرِها في سوريا وشدّته: أؤيد بشدّة - أعارض بشدّة.
3. السُّلوكي: السُّلوك وعَلاقتهُ بالعُنصرين السّابقين الانفعالي والإدراكي.

بالإضافة إلى ذلك تتضمّن هذه الدراسة ثلاث جَوانِب رَئيسيّة:

1. التعرّض للتمييز الطائفي: في مَكان العَمَل، في الحَياة اليوميّة، المُؤسَّسَات العامّة، أمامَ القانون وغَير ذَلك.
2. المَسافة الاجتماعية المَقبولة: المَقصود هو دَرَجة التباعُد أو التقارب المَقبول في العَلاقات الاجتماعية بَين أفراد مِن طوائف مُختلفة.
3. إجراءات وسياسات: دَرَجة قُبول أو مُعارَضة المُستجيبين لسياسات مُحدّدة مِن قِبَل السُّلطات السورية المقبلة بِهَدَف تَجاوز المُشكلة الطائفية.

لًن نًقوم بعَرض النتائج تبعاً لتسلسل الأسئلة الذي تمَّ اعتمادُه في الاستبيان، وإنَّما سَنقوم بإعادة ترتيبها بِشكل يَجعَل قِراءَتها أكثر سَلاسة، كما أنَّنا سَنُقدِّم شَرح مَع كُل سُؤال يُوضِّح الغاية مِنه وفائدَتَه.
لقراءة التقرير كامل : http://tda-sy.org/english-sectarianism-in-syria-survey-study/








#اليوم_التالي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- صديق المهدي في بلا قيود: لا توجد حكومة ذات مرجعية في السودان ...
- ما هي تكاليف أول حج من سوريا منذ 12 عاما؟
- مسؤول أوروبي يحذر من موجة هجرة جديدة نحو أوروبا ويصف لبنان - ...
- روسيا تعتقل صحفيًا يعمل في مجلة فوربس بتهمة نشر معلومات كاذب ...
- في عين العاصفة ـ فضيحة تجسس تزرع الشك بين الحلفاء الأوروبيين ...
- عملية طرد منسقة لعشرات الدبلوماسيين الروس من دول أوروبية بشب ...
- هل اخترق -بيغاسوس- هواتف مسؤولين بالمفوضية الأوروبية؟
- بعد سلسلة فضائح .. الاتحاد الأوروبي أمام مهمة محاربة التجسس ...
- نقل الوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير للمستشفى بعد تع ...
- لابيد مطالبا نتنياهو بالاستقالة: الجيش الإسرائيلي لم يعد لدي ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - اليوم التالي - مقدمة تقرير المسح الإجتماعي الذي أجرته منظمة اليوم التالي عن الطائفية في سوريا