بهلو ل الكظماوي
الحوار المتمدن-العدد: 1380 - 2005 / 11 / 16 - 09:24
المحور:
كتابات ساخرة
( بغداديات )
يحكى أن شاباً احبّ بنتاً من بنات محلته , و لكنه كان لا يعرف عن أخلاقها و تربيتها أي شيء يذكر , سوى انه اعجب بحسنها و جمالها فسلبته لبّه و طار بها صوابه و وقع في حبّها .
أرسل صاحبنا لطلب يدها , ولما كان ذو جاه و ثروة و حسب و نسب سهلت له عملية الخطبة ثم تمّ له الزواج .
بعد أيام من الزواج دخل على العروسين بيت عم الفتاة العروس ليباركوا لهم زواجهم الميمون , وإذا بالزوج يجد زوجته تأتي لاستقبال ضيوفها سافرة بدون أن ترتدي الحجاب و لا تكترث لوجود ابن عمها التي يجب أن تتحجّب أمامه.
و بعد خروجهم سألها زوجها عن السر في عدم ارتدائها الحجاب , فأجابته : بأنهم ( هي و ابن عمها ) كانوا قد نشئوا سوية في بيت واحد منذ الصغر و حتى كبروا و بالتالي فهي لا تفرقه عن أخيها .
وبعد أيام أتت لهم عائلة ثانية لتبارك لهم زواجهم , و كانوا هذه المرّة ( بيت خالتها ) و حصل مع ابن خالتها أنها لم ترتدي منه الحجاب أيضا , وبعد خروج الزوار تذرعت لزوجها بنفس السبب و أنها ربت و نشأت معه وهو أيضا بحكم أخيها .
و بعد ذلك بيومين أتت عائلة كانت مجاورة لبيت أهلها للمباركة , وكان أبناء هذه العائلة الشباب الذكور قد أتوا مع بقية عائلتهم , و حدث من الزوجة العروس أن تصرفت بنفس التصرف و تعذرت بنفس الأعذار لعدم لبسها الحجاب منهم .
و تمر الأيام , وإذا بيوم يأتي ليطرق الباب ( سقّه المحلة ) السقاء الذي يجلب الماء من النهر ليملئ ( الحب ) الزير بالماء الذي يجلبه لهم من النهر حيث لم تكن أنابيب إسالة الماء قد دخلت البيوت آنذاك , وكان هذا السقاء شيخاً طاعناً بالسن يخدم في تلك المنطقة منذ سنين طويلة و منذ أن كانت هذه البنت العروس صغيرة تلعب بالطرقات .
و لكنها بدلاً من أن تدخله مباشرة إلى البيت , أمرته أن يتوقف و ينتظر بالباب حتّى تذهب و ترتدي عباءتها و تتحجب .
فعندها غضب زوجها و صرخ بها قائلاً ( هيّه بقت عالسقّه ) أي هل توقف حجابك على هذا السقاء العجوز ؟
و ألان عزيزي القارئ الكريم :
الكثير منا من يستصغر صغائر الأمور و يتساهل بها , وشيئاً فشيئاً تتحول هذه الصغائر إلى اكبر الكبائرالتي يستعصي حلها !
عزيزي القارئ:
لا يزال مثلاً مرادفاً لقصتنا ( السقة ) كان يردده صديق للمرحوم والدي, لا يزال صداه يرنّ في اذني مفاده : ( الفقير كاعد بباب جهنم ) و ترجمته إن الذي لا يستدرك تقاعسه و تبطره على النعمة التي تسبب بزوالها , مثلاً حينما تفوته تجارة نتيجة تقاعسه فيقول مبرراً : فلتذهب إلى ( جهنم ) الجحيم , أو يفوته الربح نتيجة سوء تصرفه فيقول : إلى جهنم و بئس المصير ,فيبرر لكل سوء تدبير يصدر منه بقوله إلى جهنم ... إلى جهنم فيفتقر إلى الحكمة والكياسة وحسن التصرف و يطلق عليه تعييراً له ( انه قاعد في باب جهنم ) .
و نحن في موقفنا اليوم يتوجب علينا أن لا نتهاون تحت ذريعة الحرية الفكرية أو الديمقراطية أو حرية التعبير عن الرأي و الانفتاح على الآخرين ( وان كان هؤلاء الآخرين بعثييين أو إرهابيين تكفيريين تلطخت أيديهم بدماء الشعب العراقي ) فسيكون حتماً مصيرنا كمثل الفقير القاعد على باب جهنم .
وياترى هل استغلال دعوات المصالحة و الوفاق التي تطلقها الجامعة العربية و التي تلقى تجاوباً من قوات الاحتلال الانكلوامريكي و واجهته المتمثلة بالأمم المتحدة هل المراد منها المساوات بين الجلاد و الضحية ؟
و إذا كانت فعلاً لمصلحة الشعب العراقي , فأين تكمن هذه المصلحة عندما يدعى إليها من يمثل فصائل القتلة التي تسمى زوراً و بهتاناً مقاومة للاحتلال في حين إنها تغازل الاحتلال و تتفاوض معه على المشاركة بالحكم التي خسرته بالأمس القريب ؟
أي مقاومة هذه التي تفجر المؤسسات الحيوية و تهدم البنا التحتية للبلد و ترسل مفخخاتها الى المطاعم و المقاهي الشعبية و تقتل الأبرياء من النساء و الأطفال الذين لا دخل لهم لا بالسياسة و لا بدوائر الحكم و الدولة ٍ؟
انهم يستهدفون الأسواق الشعبية والمارة من الناس الآمنين , فأي مصالحة مع الفصائل السبعة لما يسمى بالمقاومة و التي يدعي وزير الكهرباء السابق بأنه يمثلها ؟
وزير الكهرباء هذا هو الذي اجهز على ما تبقى من اجهزة توليد الطاقة الكهربائية التي سلمت من تخريب حزب البعث العفن و من قصف قوات الاحتلال و سرق ميزانية اعادة اعمارها بمشاريع وهمية لا وجود لها و حرم العراقيين الذين لا يزالون يعانون من انقطاع الطاقة الكهربائية لحد ألآن !
فيا ترى هل بقيت هي ( المصالحة ) متوقفة على صدام حسين كما بقيت متوقفة على السقة صاحب حكايتنا البغدادية أعلاه ؟
الأسماء التي أوردتها الأنباء تفيد بان ممثلي قتلة شعبنا العراقي مدعوون بأسمائهم لحضور مؤتمر المصالحة, فما المانع أن يحضره صدام حسين شخصياً و هو الذي لا يزال مدللاً يقبع في أرقى إقامة و يتنعم بالرفاهية عند أسياده الانكلو امريكان و لكن تحت تسمية معتقل تماماً
مثل ما يسمى قتل الناس الأبرياء مقاومة ؟
أليس من الأجدر أن يحضر سيدهم بدل أن يمثله أذنابه ؟
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟