أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمام محمد زهير - السياحة الصوفية للملفوظات الباطنية















المزيد.....


السياحة الصوفية للملفوظات الباطنية


حمام محمد زهير

الحوار المتمدن-العدد: 5059 - 2016 / 1 / 29 - 20:08
المحور: الادب والفن
    


السياحة الصوفية للملفوظات الباطنية
عند الشاعر عبدالأحد قومي في قصيد ..قراءات للحجر...
دراسة د.حمام محمد زهير ناقد من الجزائر
كلمة لابد منها: أتقدم بالشكر إلى الصديق إسحاق قومي على معرج ما قدمه لي من تعريف شامل للشاعر عبد الأحد قومي من خلال مساهمته في إرسال أعماله إلي وكان سببا في نشر الكثير منها كدراسات ، وقد أعجبتني هذه القصيدة لدرجة أني لامستها أدبيا ثم نقديا وحسب ما أبرقه رئيس الرباطة المشرقية بأنها فازت بالتميز الأول ما فوق الجائزة ومستوى المهرجان للشعراء الشباب في سوريا ، السويداء لعام 1997م له مني ألف شكر متنعما بالبهية الموهبية في سلالة قومي ..بارك الله لك العمل..
01-سيمائية العنوان:
في أول تطرق لأي تحليل لخطاب أدبي نسقي أو شعري مهما كانت وصلته يستجدي نفعا لمتن النقد أن نلامس العنوان لأنه مركز العطب إن وجد وسترة أخاذة إن أدى ما عليه ، وغالبا ما يتغاضى الطرف على فكرة العنوان ، وبالتالي يغيب عن جادة فهم المعاني ا، إلا أن الشاعر قرأ فعلا الحجر واستنطقه بكل لغة تسمح بذلك..
يتحف "الشاعر السوري "عبد الأحد قومي" شاعر القومية والمعاني السامية للشام" " الحجر "بقراءات متأنية ، تفيض "قمعية" على "براثن التجاهل" للذات ،وترسم في مخيلته ليالي الانبعاث نحو استعادة المجد التليد،باستعمال "المحايثة " حيث انه كثير ما ظهر لي قدرته على توظيف أدوات استقرائية تساهم في توليد الدلالة ، إذ يقدم الشاعر عبد الأحد في "القراءات" متونا متنامية ومتزاهية في" كبرياء المجد" ومتناغمة في "فصول التموسق الداخلي والخارجي"باستعمال" البنى الصوتية "القوية في تشاكلها ومعانيها من خلال شبكة العلاقات "السانكرونية " ، لها "مفردات رديفة" في المعنى العربي للغة الراقية التي تسللت منها بذور "النحو" الشامي فاطربت المغنى في تجلياته الاستيطيقية الكاملة إذ ظهر "المنهج البنيوي" أخاذا من خلال" النسقية والبنية" ، وهو ما أظهرته الجمل مع مكوناتها الاسمية والفعلية أو الحرفية والظرفية ،فهي كلها على العموم ساهمت في رسم أولى معالم تحليل" الخطاب الأدبي "الجميل عند قومي عبد الأحد ، والتي سنصور مغانمها على اللسان ووقوعها على الإذن الداخلية بشيء "من الجدية" التي لا طالما حاول هذا "الشاعر الجميل "إن يبرق بها إلى "جنس العرب " لعلهم يتذكرون في مورفولوجياتهم اليومية معنى للمحنة والاغتراب والانزياحيات الغريبة.في البنية المعجمية ..
يتحدث "عبد الأحد " بلغة "الضمائر التي استعملها (لازرسفيلد" )عندما وضع أسس لكتابة" الخبر الصحفي" واسماها ما كسويل " بالشقيقات" أنها الضمائر المندسة الإخبارية الموصولية التي تفضح الذات ، كلما "هزها أزير" ..ينتجع الشاعر بالسلام( عليك واليك ) ويتغاير التشاكل في "قراءة ثانية" في شكل تساؤل (سلام لمن ) ، استعمل الشاعر في البنية الصوتية تكرار الملفوظات وحروف المد، بالاظافة إلى التجنيس الذي نعني به اتفاق الألفاظ في الحروف للوصول إلى نغم موسيقي ، هنا يحدث التناقض من باب النقيض ورده، لكي تتحرك" العقدة الغريماسية" ، سيولا وانهارا من المعاني المتنصبة "اسماه تقديم واحد،" .
وفي مجموعه يشكل التقديم الأول شرحا مختصرا لما يليه .
"فلنتمعن" في "التقديم الثاني" ككتلة من "المفردات" وبتعدد قياسات الملفوظات من باب "القراءة العمودية " ،لنعدد الملفوظات "البراقة "في التقديم الثاني وهي (الدبابة..حجر ..بلاد حديد ويابس) لو ربطنا الكلمات سنجد أن هناك "معركة عجيبة" بين حجر قد يحمله" منتفض" يعرض صدره لدبابة من حديد ، وهي ميزة قائل الحق الذي لا ترده عنه شائبة ، وتلك صفة لطالما حملها عبدالأحد ، في النص الشعري.
يعبر الشاعر عن ذاته المتكونة من روح صافية،وعقلية متنورة تكلم الناس من بنيوية "فينومنولوجية "رائدة تتوسد في مجموعها ألوانا من الأفكار ، فتكون الظفائر مدخلات لطرق صعبة كلها تؤدي إلى حلم هو البلاد، بمفاتنه الخلابة وأراضيه اليانعة التي تدر على الورى في الشام وغيره من خيرات موسمية كالتي طلبت بمصر() يتحدث بلغة النبات والفكرة نباتية عندما تحاور نفسها عند مدخل الفكرة ، تظهر فكرة أعظم بصورة اله روماني في أساطير "اليا واوبراث ،".
يحدث انسلال من" راحة العمر" كان الصوت أعمقا من حتمية أخطار نحو المغادرة ولكان "الرجل "لم يعد يدرك أن الغبار ونضج الأجاص لم يعد كما كان من محلات النعم ، ويلازم من "إخبار ثاني" في دوامات الحراك والصعود بطول النيزك في التعالي " قبل السقوط" يصنع الحلم من أجندة التفكير ، أحسه يدثر الروح بعد الصعود لتتهالك من جديد، يصف حالتها في استكانة وميوعة ينقب مداك..يصبح مجديا في علم الرصاصة الواحدة..)تلك الرصاصة يعانقه المد العاطفي والتشخيص المزاجي للقبول والرضا كأنها القبلة في جماليتها .( تحبلُ بقبلةٍ، فتؤجلُ وقوفكَ في نافذةٍ)..هو بمزيجه الشعري يريد أن يمتص بلادا بإكمالها على "مجازية الشهقة"، وكأنه يشاهد "موسم موت الكلمات"، وحق ذلك رغم ما أصاب الشام، وما أحوجه إلى الكلمات التي تعطيه الحق الرصين لكنها لم تف الحق.
-حاولنا أن نفكك البنيات العميقة لوصول إلى المولدات المصطلحية التي حاول الشاعر الوصول بها إلى المواجهة وكشف بواطن الواقع فان ذلك الأمر سوف يجعلنا نقيم فوتولوجيا ودلاليا ما للمعاني المستعملة فيها من قوة الشيفرة.
الشيفرة الفلسفية عند عبدالأحد قومي:
لو استعرضنا "معنى الشيفرة" على أساس أنها إنتاج وتفسير يجعلنا نناقض من يقول أن الشفرة مغلقة وجامدة ، وضعها البشري من اجل الاتصال الأول انطلاقا من وظيفة التعقيد اللساني فعند عبد الأحد قومي ما يوازي هذا التشاكل لنرى ذلك من فك الشفرات:
(هو اشتهاءُ مفصلٍ حادٍ لفؤادِ البحر…) تظهر مصطلحات البراقة في حد(الشهوة...فؤاد...البحر..مفصل..حاد) تبدو الوظيفة في غاية التوطين الداخلي جمعت بين ماوراء علم النفس براسيكولوجيا وبين تبرير أخاذ لمفاعل( الشهوة) التي تجعل النفس إمارة وفي الشفرة الثانية يظهر قوله (طريقٌ لا يتوبُ مِنْ خطواتِكَ، مدينةٌ تسعلُ قصيدتكَ،) لنفكك مفرداته البراقة ( السعال..التوبة..الخطوة..والطريق ) وعند مبناه ارجع الوظيفة الأدبية من استلال الكناية في قوله (تسعل قصيدة) و(طريق لا يتوب) تنمحي هنا الواقعية وتحل مكانها الرمزية الخارقة دوما في شعره فهو يبنيها بناءا غريماسيا جيدا، وهو ما تظهر الشفرة الثالثة (تُقصيها سياجَ وجهكَ،) فمن الإقصاء ..والوجه..والسياج ) مسافات خارقة في البعد يجمعها عبدالأحد قومي في لحظات فيصير للوجه سياج ولو نتمعن براسيكولوجيا هذا التنغيم نجد فعلا أن هناك "شبه وخلف الشبه ومشبه به" وراء كل وجه فلما لا نسميه "سياج الوجه، ولا يعقد مسألة التر ادف في التعقيد اللساني أبدا فهو يحاكي ما وراء علم النفس ، متمنيا أن يزيد غوره إلى الأعماق حيث لا منتبه ولا منبه، وكأني به يريد أن يخبئ ما يكتب إلى زمن سيأتي له من يفككون الشفرة وهو يدرك الآن إن قلة يسيرة من تحاول ؟
لنتمعن هذه المونيمات الجميلة..(فتنهمرُ ترابَ لغةٍ أو زنبيلاً تُعدِّه للرحلةِ التي تلي…) يخرج منها التمثيل المصطلحي نحو انهمر..تراب..اللغة..الزنبيل..الإعداد..الرحلة الموالية )، عند الذي لا يعرف الشاعر يظن أن به تفريطا فلسفيا يشبه مقولات هايدجر أو تمتيط "كانطي" ضارب في الجذور، وهو في الحقيقة يحاول أن يلامس معنى جميلا يدعو الأخر ، بقوة للفهم والإعداد الرياضي (بمفردكَ تُحصي القبرات.) ويؤكد ذلك التفوق (لا تُخطىءُ في ألوانها) إلا إذا كان الموات (،يُباغتكَ موتُكَ،) ماذا يحدث في الحالة الأخيرة سوى تجزئ للمحنة يراها عبدالأحد قومي في هذه الحالة يعني حالة الموت بغتة تتناثر الأصابع كأنها الفراشات وذلك هو عمق معنى الانتشار إن كان ما يكتب لغة لا تموت فأشعاره فعلا لا تموت أراد أن يفهمنا ذلك لان الفراشات تهوى الضوء..ولكنها قد تموت غير أن ما تحوره الأصابع لا يموت فهو قد ناقض هنا غريماسيا بين الفراشة والموت(فتنثرُ أصابعكَ فراشاتٍ تجيدُ عشقَ الضوءِ ولا تموت).وخلافا لذلك فما نستمده من حركية الشاعرة الفلسفية هو ترحيبه بالزمن وكان كائناته لا تلامس إلا الفضاء الزماني على عكس ما كان يساور عليه كل من دريدا ولوناب فالساعة عند عبدالأحد قومي هي مجال للحياة ،لأنه أدرك انه الحياة ساعة وكأنه يشاهد فصلا ، وبذا ادخل أقفال الصندوق بعد ساعة وصندوق العجب يبرره تواجد طفل يتزهره طعم السكريات فيحوره متميزا متفردا(ساعةٌ أُخرى وأقفلُ صندوق الدنيا،والطفلُ المولعُ بحلواهُ ينسى المشهد الأخير من دمكَ.) فكل ترابيات الدنيا هي مشهد واحد من فصل واحد كمثل لحظة من لحظات إحساس عند طفل مزهو بطعم السكر يلعق مصاصة والآخرون ينظرون (مَنْ يدلفُ روحهُ في صندوق الدنيا؟!.يرى المشهد الأخير)
الشفرة التعبيرية في مراسم عبدالأحد قومي:
عبر الشاعر في "مجاله "الزماني المشار إليه في السابق (كساعة ) ،عن حدوث "محاجي ومغازي" كلها تمر في زمن قياسي معنون بكثير من المظاهر السلوكية التي امن بها الشاعر ، لأنه عايشها طوعا وكراهية وهي (الضحكة..الزكام..الرحيل..الأنفاس المتوهمة، الخجل الحرقة.. المؤاخاة) مثل هاته السلوكيات هي وجه من البلاد أو ترجمة لأغصان أيكة يتوسدها نهر ،كلما تذكرها تذكر مهجة البلاد، "فالشفرة التعبيرية" قاسية ومروعة لاستدلاله بالمعاني والمفردات الباطنية للوطن كتراب وهواء، وماء فيه سر الحياة وأيكات تنمو على الدوام، لو راعينا في هذا الخطاب التعبيري ما أراد أن يصل إليه كتعبير عن حرقة حيال نوع من الاغتراب ، اتجاه هذا (الوطن الكبير) في قلبه متنوعا وظف المتغير النفسي للدلالة على محنته الموزعة بين الضحكة والزكام، باحترام المجال الزمني الناهض فيه مما يدل عليه المفرد الموجه للزمن كالوقت ..ساعة ومع ذلك يركب عبدالأحد في غرائبيته المتنورة ما يشهد له بعمق الإبداع“" هي ضحكةٌ أو زكام، ترحلُ في ساعةٍ مناسبةٍ، والوقتُ تُوهمهُ أنفاسُكَ،يخجلُ يتكورُ في لفافتكَ، تُحرقهُ ولا تنتشي ، يصحو صهيلُكَ، فتشتعلُ الساحةُ.، تقفزُ لأصابعكَ الياسميناتُ تؤاخي أصدقاءَكَ الذين سقطوا!!"
يطلب الشاعر من "ذلك القلم "أو اليد التي تحمله وتستقبل الحجر أن يفجر العصف الكائن أمامه ، بقوة "نيرود" ولا ينتحب فالشام لا فيه نحيب ، ولا معيب ومهما كانت العواصف فلا الريح سيجرف ما أمامك ، ،هو الثائر وأنت القادر ، لان تؤمن بالله ولا سقف فوق الله، تنجلي غموقاته الآمنة محرك طقوس العبادة الجهورية والاعتقاد، فان تلك اللحظات هي سبب الاعتقاد وما نسميها بالأمان الراسخ ، تفجر فيه الحقائق البنيوية حقيقة الأمكنة الشاخصة في البعد(.. افتحْ نكوصَ اللحظةِ، ـ مَنْ ذا الذي يقرأُ الفاتحة؟!!
عامٌ لرحلةٍ تاليةٍ،تركضُ القرنفلاتِ تشهقُ بالبردِ، تمتطي شبقَ الآلهة.)
في أخيلة عبد الأحد قومي روائح الفلسفة والبنوية الغامقة في المعنى يستهل منها تحرير المفردات من عوالم مختلفة منها النباتات لأنه نباتي وعاش صوب أمكنة الهواء في فيافي الشام والحسكة لا ينظر إلا إلى قمر في العلو ، أمل مترهل نحو النجاة و ( هذي نبوءاتُكَ تستبيحُ قمراً، يسقطُ في يديها يتكورُ،ينمو خارجاً، يصيرُ شجراً نقطفهُ..) وحين يفصل ولا يخفي حب الشام يركل إليه بالواد أو النهر العظيم (مولعاً بالنهرِ المصّوبِ للبحرِ...عامٌ طويلٌ للفيلةِ،)
ويستعير من عمق اللغة على طريقة جبار معاني في جمال الأسلوبية ما يجعلها ترتقي فوق الأخيلة ( نفتحُ نافذةً للغبارِ، الشمسُ مَنْ يعرفها يُصححُ اندثارَ ضوئها؟! يوِّجهُ دخاناً يملأُ وريدها دفقةً كأرضٍ يعشقها اللعاب) .
التوزيع والترافل في عجيم اللغة:
لو نقيس ما عند الشاعر من مفردات ، جمعت شتى فلول المجالات ، لنجد انه استكشف عمق المفردات من داخلها ، وربما هذا يعود إلى اكتشاف فيضان المعنى برمته عن الكلمات تصنع للشاعر "معجمية خاصة " معنوية لا تخرج عن السياق العام ، لنرى مثلا قوله (ترابٌ لهُ طعمُ نباحٍ،) (تراب..بطعم....نباح، يستحيل إسقاط المعنى عند المتبسط ولكنه يرتقي عند المتفلسف فسؤال الفلسفة يجب أن نتحرى له الإجابة.. والا عدمنا الفلسفة من جميع أطوارها بطعم النباح قد يكون الريق "املحا أو سقيما "من كثرة النباح ، لان الأشلاء التي جعلت هذا ( هي) من طعم النباح وقد رتب المعنى تشاكليا بقوله ( أشلاءٌ تحاصرها انهياراتُ شاعرٍ وساماً)، مدخلا محنته القاسية التي اسماها انهيارات مما يؤكد لنا أن عبدالأحد قومي لم يكن سعيد بهاته المواقف إلى أحالت بينه وبين حب البلاد فصارت تراتيبه تعييش انكسارا تحاصره السفن كما الحي حيث يبقى المرفئ يتألم كانسان على مدار السنة انظر تبسطه (لطعنةٍ منفردةٍ. بطيءٌ حبُّوكُ أيُّها المنكسرُ..نفتكَ المرافىءُ مقفلاً،حاصرتكَ السفنُ بارداً..قتلتكَ الموجةُ وحيداً،خلفتكَ تزهو غريباً..والعامُ طويلٌ طويلْ)
تتوزع" اطر المعنى" من جديد من خلال معجميته الخاصة التي يجمع كلاماتها فتتحول إلى ...قضبان لعرين الأسد يفكر بحياة أكثر تفاصيلا من السابق ، ويصف فراقه وبعده بتلك الحيرة التي تراود جنبات الجسم في أقصى تصاويره العاطفية، فهو يحسب لمسارات الغربة على أنثى ، وهاهو يدقق من تفاصيلها (عامٌ قصيرٌ لا يطأُ عتباتِنَا،وسادتهُ كومةُ أطفالٍ
تتهجى قتل بويضاتها…افتحْ قلبكَ للعبور المحاصر..فأنثاكَ لم تتعلمْ كيفَ تشرأب بُعادكَ، تصنعهُ..حضورا) رغم كل ذلك الاشطار والمآسي إلا أن "عبدالأحد" لازال يحاول أن يقتل فراغا يصنعه بعد عن "خطاوي مبللة" دوما بأحلام الصداقة، لدرجة أنها تجعل القصيدة تنساب بدون مقدمات ، دون سلك كهربائي أو إلياذة من زمن مضى بل كل ما في الأمر هو أن يتحقق قرب من دمك، وهو بذا يحاول أن يعمق من بوحه.(الذي يحبلُ من خطواتكََ المبّللةِ بأحلامِ صديقةٍ تطرزُ عقلكَ بالقصيدةِ.....هي خطوتُكَ التي تؤكدُ موتَكَ...مَنْ يبعثهُا مديدةً تصهرُ السلك المانعَ المصنوعَ من وردةِ دمِكَ؟!!)
تنحني" مسميات الأشياء "في كل مرة، عندما يتعدد المدى، ويمتلأ باشايص الغباء لان الذين لا يفهمون ولا يفقهون يدركون أن لعبة الموت تخيف الأقوياء خاصة وان مالكيها هم سلاطينهم المتخفيون على رذاذ البطش، هؤلاء وغيرهم لا يخيفون (القومي عبدالأحد " لأنهم اكبر من كبير ، ولان صولة الشاعر في هذا الزمن كما قال اكبر من تأشيرة ، لكنه لا يخفي التعب ، فهو "مطية المندفعون في اليوم الأخر" ، فكل المدينة ونهرها الباسم قد تعبوا من رحلة الليث الذي وسع من خطاويك لا ليصطاد غزال بل لكي ينسى أمكنة الغدر، وهو يزيد من تبريد انزياحه نحو هذا الأخطار بوجود قاتل يترصد امتعاظا، يتهاوى على قصائدك الشاهية (قاتلُكَ يتفوقُ في حرفةِ امتصاص شعركَ يجعلهُ يابساً)، ولان شعر عبد الأحد القومي لا يستساغ عفويا بل تتمدد فيه خيوط التفاسير مما جعله مختلط بطعم النباح، فكيف لشاعر فيلسوف يتشبح بابريدج الكلمات البهية، في هذا المسار لا أجد للشاعر مخرجا أمنا من محنته التي راودته في أكثر من مرة إلا ما أدركه دريدا ب قوله في ذلك أن الشاعر تسكنه النار وفي غمرته تسكن أوجاع أخرى يستعين بأدواتها كالسوط وعظة الكلب وعدم الانتشاء كلها مثلجات بانورامية تسحق كل أمل في غد أجمل ، لازال يتوسده الخوف الماكن في لحظة مواجهة المقصلة ( إلاكَ مَنْ ذا الذي يوحِّدُ فينا المقصلة؟؟!!كسيفٍ تطلعُ من جثةِ قاتليكَ، نصرخُ قتلاً كان توحُّدنا..توجسنا كنتَ ولم تجيءْ.. حنانيكَ كيفَ تعودتَ قتلي؟!)
بهارات المرأة المتخفية :
تسكن شاعرنا عبدالأحد قومي خراطيش مفوحة بأريج الأنثى،تعني له وطن يسكنه كما يتملكه إلى درجة التقصي، يفتح ذراعيه على وجه مدينة خارقة مزبرجدة بسورة انجيل، تظهر أذواقها اللونية في سيمولوجية خارقة لصورة البنات الحاملات للجرة، تلك وحدها المدينة إلى تدمع يوما تذكر للشاعر ويأتيها ممحونا على أهبة الاستعداد تزيده هياما ( لوجهها الطافحِ باشتياقك للدفءِ محمولا على نصلٍ.) هذه المدينة يستدعي الشاعر ماضيها يقيد فيه من رحلوا منها مواتا وبكثرة لدرجة أن تخيفه من تسارع منحنياتها المنخفظة نحو عد الأموات ولو كان لزوربا مقام إلى درجة أن أصابعك صارت مزورة لأنها لم تنقل حنو مدينة الشاعر،.
يخاطب ذلك المنكسر الذي هو( شخصين ) يملكها "عبدالأحد قومي " وكأنه زوربا شخص هو، هو وشخص انكسر فيه (الهو) فلم يعد هو هو ..ربما يتساءل القارئ المتفحص أن سر التغير الدامي في عمق الشاعر نجده يرتب من أفكاره ترتيبا تنازليا يقصد به التلميح الاشاري أو الأيقونة الأمر الذي يجعل منه شاعرا يفك الرمز ويستعمل الشفرة ويعترف بجواهر إنسانية هي البرد، الشهوة المباحة، العطب ، الطعن ، البكاء وفي ذلك توجيه من الشاعر للشاعر الإنسان الحساس ،الذي أصابه القهر من عمق الروائح، ومنظر الطفولة والارتجاف، المساومة، هكذا يغدو الشاعر متفطنا إلى عمق القضية سابحا في وسطها من النخاع إلى النخاع
توصيف الشاعرية إلى حد الحقيقة :
كان المنكسر في أشعار الشاعر "عبدالأحد قومي "واحد ا من أمته عانى الويلات وحاصرته جيوب الثلج القاسح ، والأرض تؤمن به "فلاحا مكافحا" ، يرفض أن يشتري أفكاره وسلة أفكاره متروكة هكذا ينقاد إليها الواثقون ويبتعدون ، ومهما كان الحب ففي الجيوب مناطيد وثقوب أعدت ليوم عصيب ، كما هو شان العصافير المغرر به في القنص والمطارات وفي الأخير يفتح الشاعر قلبه لألم الهجرة والبعد عن الوطن وما فعله الزمان الاغبش في جسده المنكسر الذي أصبح شبيها بالسعال يدك منابع الوجد فيه ، لكنه يرفض موتك هكذا ، لأنك مهاجر لم تنصفك الأشياء المحكمة في الوطن فكلها تنتظر أن يفتك السعال بالرئة اليمنى أو اليسرى أو كلاهما ، ولكنهم يرفضون موتك لأنك قلم فوق الظنون وصهيلك محفور في جدار الهيكل لك أكثر من قلب بين الدروب والحراس وبوابة الفصل الأخير تتخذ مداها إلى يوم الحشر ، وفي الأخير أوعز الشاعر بان ما قاله هو ريح تقود إلى المقصلة وبمعانيه المعجمية الرائعة صور كل ذلك على انه نفير المقصلة ( افضحْ حُراساً فكروا في حيلةٍ تُنشىءُ لكَ قاموساً ومجزرة.إذنْ هذا نفيرُ المقصلة…) .
ويظل الأمل وارفا يريد أن يحمل الشاعر عبدالأحد قومي إلى بداية إنسان لم ينته بعد ما مزق المهزلة ،ولا زالت ليوث الأرض وشتاتها يحلمون بسماع صهيلك ، لان الشاعر في الأول والأخير هو فصل من قدرات فرس فاق الريح ، وحل المسألة في يوم ذي مسغبة.
دراسة د.حمام محمد زهير ناقد من الجزائر
الجزائر في 24/3/2015م



#حمام_محمد_زهير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوعي التجريبي ومضامين -البلاغة البطولية-في قصة -الحسكة - لل ...
- استخدام منهج -الاثراء اللفظي المتزن- في قصيد خواطر ناهدة للش ...
- -جمالية الوضوح والبوح الراقي في الرجل المقدسي..عند سليمان... ...


المزيد.....




- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمام محمد زهير - السياحة الصوفية للملفوظات الباطنية