|
تنظيم الدولة الإسلامية وحقيقتنا المرعبة
ريهام زين
الحوار المتمدن-العدد: 5054 - 2016 / 1 / 24 - 20:09
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
بعد تفكير وتأمل ودموع، أدركت أن تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، نتيجة منطقية لكل مقدمات الإرث العربي الإسلامي والثقافة الإسلامية العربية، فكل مجتمعاتنا مصابة بالجمود، الشيء الجديد الذي يحدث فيها ولادة كائنات بشرية جديدة تنضم للكائنات البشرية القديمة، أما على الأصعدة الأخرى لا جديد في طرق التفكير، ولا نظم التعليم والتأهيل، ولا في بناء وتأسيس العلاقات الإنسانية، كلها متحجرة ثابتة لسبب وحيد أصيل أننا جهلاء بإرثنا، وكسالى في تناوله بطريقة علمية نقدية تُبقي على الجوهر وتتخلص من العَرَضي والمُنافي للعقل والتطور فيه، بعيدا عن العصبيات القبلية والمذهبية والطبقية، ولأننا دأبنا على كراهية العلم ولا ندرك أنه سبب التحضر وأساسه القويم، تباهينا بجهلنا وبامتلاك الحقيقة واليقين واسترحنا لذلك، ففي النص المقدس ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا، وفي النص المقدس أجوبة لكل تساؤلاتنا وهواجسنا، وفي النص المقدس كيف نأكل، وكيف نمارس الجنس، ونُقسِم الإرث، ونقاتل ونعادي الآخرين المختلفين عنا. ولكننا تناسينا أمرا هاما أن النص المقدس يصبح خارج التاريخ بدون إعمال العقل فيه بتأويلٍ يُحفِز التطور ولا يُعاديه، فأصبحنا نعيش ماضيا سحيقا نرفض به حاضرا ومستقبلا. فمجتمعاتنا على اختلاف أطيافها تقبل وتستسيغ قيما سلبية تجاوزتها المجتمعات التي تدعي التحضر، فنحن مع احتقار النساء اللاتي هن سبب خروجنا من الجنة ومصدر الفتنة وموطن العار، فقَبِلنا بجهل أمهاتنا وقهر أخواتنا، وخِتان صغيراتنا. ونحن أيضا مع إهدار الوقت وتعطيل المصالح، ومع التكاثر بدون تفكير في مصائر هؤلاء الجدد، ومع احتقار العلم والتفكير النقدي، ونكره الفلسفة ونسترزق من الفنون، ونلعن الغرب الكافر ولا نستغني عن منجزاته الحضارية. بالتأكيد سيحقق تنظيم الدولة الإسلامية نجاحا في كل مجتمعاتنا العربية الإسلامية التي تحلم بتطبيق الشريعة وتحلم بالخليفة المستبد العادل، وتحلم بسيادة الإسلام على الأديان والعقائد كافة، وهاهو تنظيم الدولة الإسلامية يطبق حرفيا متن النص المقدس، ولكنه حرّك النصف المُعَطّل فيه الذي نعمي عيوننا عنه لأننا نخشى التفكير فيه وننكر أنه موجود وندفن رؤوسنا في الرمال، ونقول إن ديننا وتراثنا ليس كذلك، وهم متطرفون!! لا ! يا أعزائي هم حقيقيون يقرأون ويقتلون! ونحن مزيفون نكره القتل الحقيقي! ونقبل ونستسيغ القتل المجازي نقبل بسلب الإرادة وتشويه الحياة، نقبل بالجمود ونقبل بالإهانة ونقبل بالحياة الخاوية من الكرامة والسعادة، ونقبل باحتقار الحب والمشاعر، نقبل أن يكون في البيت الواحد والأسرة الواحدة سيد ومسود، نقبل بأن يتحكم أحدنا في الآخر باسم العلاقات الأسرية، وباسم السلطة، وباسم العُرف والتقاليد. أنا غير متفاجئة بتنظيم الدولة الإسلامية ولا بممارساته، هو تنظيم راديكالي جريء تمرد على السكون حرّك المعطّل متصالح مع إرثه ومع نصّه بدون تزوير وبدون تناقض وبدون سخافات أطلق اللحى وحمل السلاح واستبعد النساء من الحياة وقتل المخالِف والمختلِف. ومع ذلك لديه إيجابيات حقيقية منها كسر الحدود التي لطالما أرهقتنا وأذلتنا. وقال بجرأة إن هوية هذه الجغرافيا الإسلام ليس إلا وهي حقيقة فالإسلام هو حائطنا الوحيد بعدما انهارت جدران القومية وشوفينية الحضارات القديمة التي لطالما تباهينا بها نكرانا لتخلفنا فهذا فرعوني وذاك آشوري وآخر فينيقي. وهذا هو الإسلام فماذا أنتم فاعلون أيها المنافقون المضللون المزدوجون في التفكير والقيم والسلوك؟!
#ريهام_زين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-أزالوا العصابة عن عيني فرأيت مدى الإذلال والإهانة-.. شهادات
...
-
مقيدون باستمرار ويرتدون حفاضات.. تحقيق لـCNN يكشف ما يجري لف
...
-
هامبورغ تفرض -شروطا صارمة- على مظاهرة مرتقبة ينظمها إسلاميون
...
-
-تكوين- بمواجهة اتهامات -الإلحاد والفوضى- في مصر
-
هجوم حاد على بايدن من منظمات يهودية أميركية
-
“ضحك أطفالك” نزل تردد قناة طيور الجنة بيبي الجديد 2024 على ج
...
-
قائد الثورة الإسلامية يدلى بصوته في الجولة الثانية للانتخابا
...
-
المقاومة الإسلامية في العراق تقصف 6 أهداف حيوية إسرائيلية بص
...
-
-أهداف حيوية وموقع عسكري-..-المقاومة الإسلامية بالعراق- تنفذ
...
-
“بابا تليفون.. قوله ما هو هون” مع قناة طيور الجنة الجديد 202
...
المزيد.....
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
-
جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب
/ جدو جبريل
-
سورة الكهف كلب أم ملاك
/ جدو دبريل
-
تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل
...
/ عبد المجيد حمدان
-
جيوسياسة الانقسامات الدينية
/ مرزوق الحلالي
-
خطة الله
/ ضو ابو السعود
المزيد.....
|