محمد نعناع الحميداوي
الحوار المتمدن-العدد: 1375 - 2005 / 11 / 11 - 10:40
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
العراق الجديد و تنمية الإرهاب
في ايلول الاسود
…نساء مفخخة ( امرأة تفجر نفسها في تلعفر و اخرى يقبض عليها في سوق هرج في باب الشرقي ) , حيوانات ملغمة ( كلب , حمار ) دراجات مفخخة ( هوائية , بخارية ), التفجيرات الهائلة انتقلت من المطاعم الى الاسواق الشعبية الى المستفشيات الى تجمعات العمال و في احياناً اخرى المدارس و قاعات المؤتمرات و الندوات , ابو مصعب يُنظر , ابو عزام يُخطط , شباب متحمس ( مندفع ) يُنفذ , تحالفات مشبوهة بين قوى ظلامية تاريخية و عقلية التسلط و مافيا الاجرام , تعددت الاساليب
و تنوعت اشكال العنف كل ذلك و غيره اطلقتُ عليه ( تنمية الارهاب ) فاذا نظرت الى تطورات الاحداث الارهابية من حيث التنظير و الاعداد و التنفيذ تجد تطوراً نوعياً غير مسبوق على الاطلاق , و الارقام التالية ستؤكد هذه الحقيقة بما لا يقبل الشك اطلاقاً ففي شهر ايلول فقط كانت الارقام كالتالي :
(32) سيارة مفخخة .
( 8 ) عبوات ناسفة .
(50) هجوماً مسلحاً .
( 5 ) هجمات من نوع اخر .
راح ضحية كل هذه الاعمال (779) شهيدا (675) مدنياً (102) من قوات الامن
و الجيش و الشرطة .
و (856) جريحاً , (700) مدنياً و (156) من قوات الامن و الجيش و الشرطة .
بينما تشير احصاءات محلية في الداخلية و الصحة الى قتل (149) ارهابياً و اعتقال
(907) مشتبه به . بأستثناء العمليات الارهابية الاخيرة في بلد و الحلة و الاعظمية .
و من جهة اخرى اذا نظرنا الى توقيت الهجمات الارهابية الاجرامية نجدها بالضرورة تتزامن مع امرين , الاول : طبيعة العملية السياسية في العراق فتصاعد العمليات الارهابية بكافة انواعها تزامنت مع النجاح الكبير الذي حققته الجمعية الوطنية العراقية في مسألة الدستور مؤخراً و خصوصاً الدعوة التي اطلقها الزرقاوي ( مع التحفظ ) ضد الشيعة بما سمته وسائل الاعلام بالحرب الشاملة ضد شيعة العراق .
الثاني : التوترات الاقليمية و علاقتها بالسياسة الامريكية في المنطقة
و خصوصاً في الملفين السوري و الايراني . بما يمكن ان نسميه تصفية حسابات على حساب العراقيين الابرياء .
و اذا ضممنا الى كل ذلك فارقة مهمة هي ان اكثر عمليات العنف و الارهاب اطاحت بالابرياء العزل بما لا يمكن تبريره بانه ( جهاد ) لحصول هذه التفجيرات ضد الابرياء اكثر الاحيان و خصوصاً في مسألة الاسواق الشعبية .
اما بالنسبة لي فاعتبر ان هذا التنوع و التعدد يكشف عن عقلية جبارة لهؤلاء و لكنها عقلية الشيطنة و ليس العقلية الرحمانية التي يُعبد بها الرحمن و يُكتسب بها الجنان , و ما يقوم به هؤلاء لا يعكس الا صورتهم الحقيقية التي يحاولون اخفاءها عبر الدين و الجهاد و الدين و الجهاد منهم براء , و لا يعكس سوى انعزالهم في زاوية ظلماء مما جعلهم يفكرون كوحوش برية مجرمة .
و لطالما تساءلت و من معي لماذا لا يستخدم هؤلاء عقولهم الجبارة التي تفتقت عنها كل هذه التكتيكات الارهابية في عمل الخير و منفعة الناس و خصوصاً انهم يصفون انفسهم بالمسلمون و المؤمنون و الموحدون فلا يمكن ان يغيب عنهم قول الرسول الخاتم صلى الله عليه و اله و سلم ( خير الناس من نفع الناس ) فهل عملهم هذا ينفع الناس ؟ ولا تنبأ مواقفهم و تحركاتهم هذه الا انهم يتعاملون مع النصوص القرأنية
و الشرعية خارج سياقها التاريخي و المنطقي .
و هنا يأتي سؤال مهم لا بد من الاجابة عليه بقدر أهميته, في مقابل كل هذا التحدي و التنوع للهجمات الارهابية ( تنمية الارهاب ) ما هو الموقف من كل ذلك ؟ و السؤال هنا موجه لكل العراقيين من المرجع الى المقلد و من المسؤول الى المواطن الكل مسؤول عن هذا الوضع بقدر ما يملك من مساحة عمل او تأثير .
و لعلي لا ابالغ ان قلت لابد ان نقوم جميعاً بحملة تنمية في مقابل التنمية الارهابية على المستوى الرسمي و الشعبي , فكل فرد من موقعه و مدى تأثيره في المجتمع يتحرك نحو ايجاد ثقافة و فكر يعاكس و يغاير الفكر التكفيري الارهابي , و تتحمل الحكومة بما تتحمله من مسؤوليات و بما تمتلكه من حيوية و صلاحيات مسؤولية هذه التنمية عبر وزاراتها و مؤسساتها بجدية و موضوعية و خصوصاً وزارات معنية كوزارة الداخلية و الدفاع و وزارة حقوق الانسان و وزارة الثقافة و غيرها , و هنا لا يمكن انكار دور وزارة الثقافة الذي تقوم به من اجل نشر ثقافة السلام بين الاديان عبر مؤتمرات و ملتقيات عديدة و على رأس الوزارة السيد الوزير نوري الراوي , و على العكس من مواقف هذه الوزارة تجد وزارات اخرى كانها لا تدري باي شيء فمثلاً وزارة حقوق الانسان لم تقيد او لا تعرف اطلاقاً الانتهاكات و الهجمات الارهابية او متابعة اخبار و تفاصيل العمليات التفجيرية و الضحايا اللذين سقطوا في هذه التفجيرات و عندما سألنا شخصياً بعض المسؤولين في الوزارة المذكورة عن العملية الارهابية التي حصلت في سوق شعبي في مدينة النهروان التي راح ضحيتها (32 ) شهيد و اكثر من (55 ) جريح لم يعرفوا عنها شيئاً ابداً , و لا يعزى ذلك الا الى عدم المسؤولية و التفريط بحقوق المواطنين .
فالمطلوب تنمية امنية حقوقية ثقافية فكرية اعلامية و ربما حتى اقتصادية و اجتماعية لمواجهة التحديات الارهابية المتنوعة او ( التنمية الارهابية في العراق الجديد ) .
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟