فرنسا تشتعل بلهيب العرقية والجريمة و البطالة

معتز محمد

الحوار المتمدن-العدد: 1373 - 2005 / 11 / 9 - 12:56
المحور: الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
    

لم يتصور احد أن تعانى باريس عاصمة الفن و النور و الجمال فى يوم من الأيام من اضطرابات شعبية كاملة ينتج عنها إحراق 918 سيارة فيما اعتقل 193 شخصا فى مجتمع يعتبر من اكبر المجتمعات الأوربية استقبالا للهجرة من الخارج و خاصة من إفريقيا

الاضطرابات التى تشهدها فرنسا امتدت إلى عدد من المدن و لم تعد تتركز فى الضواحي الفقيرة فى باريس و نيس و استراسبورغ و روان لم ل امتدت الى قلب باريس حيث تم إحراق نحو عشر سيارات في وسط العاصمة

و لم تستطيع فرنسا إحكام السيطرة علي هذه الاضطرابات على الرغم من استدعاء دومينيك دوفيلبان رئيس الوزراء الفرنسي الذي اشتهر بالحزم ل 8 مسئولين وزراء مسئولين عن أطراف الأزمة وعد بعدها بإحكام السيطرة و إنهاء الشغب

من المؤكد ان بداية الأحداث لم تكن بهذا العنف ففي البداية تسبب قتل شابين فرنسيين ينتمون الى احد ضواحي باريس فى ظروف غامضة أكدت الرواية الرسمية أنهما قاما بالاختباء في إحدى صناديق الكهرباء مما ادى الى وفاتهما صعقا فى حين اتهمت مصادر عديدة الشرطة الفرنسية بملاحقة الشابين مما دفعهما إلى الاختباء في صندوق الكهرباء و وفاتهما

و على الفور بدأت سلسلة من أعمال الشغب التى تركزت فى إلقاء الحجارة و الزجاجات الفارغة على رجال الشرطة و تدمير بعض السيارات و امتدت الى القاء قنابل حارقة على السيارات و رجال الشرطة الفرنسية و قوات مكافحة الشغب و تدمير السيارات و الحافلات العامة و انتهت إلى تدمير المباني العامة و إحراق المدارس


تصريحات ساركوزى

جاءت تصريحات وزير الداخلية نيكولا ساركوزى أكثر اشتعالا من لهيب الاضطرابات فقد قال ساركوزى انه سيقوم بتنظيف الشوارع التى اشتعلت فيها الاضطرابات بخراطيم المياه من الرعاع و اللصوص مما أثار انتقادا حادا من جانب المقيمين بهذه المناطق مؤكدين ان هذه المناطق تشمل السيئ و الجيد وطالبوا ساركوزى بالاعتذار عن هذه التصريحات

و قال احد سكان حي مورو الحساس بالقرب من باري ان ساركو (ساركوزي) هو الذي أشعل النار بتصريحاته غير المقبولة

و لم تحاول الحكومة الفرنسية التخفيف من حده تصريحات ساركوزى و انما أكدت ان هذه الاضطرابات منظمة و ليست عفوية و انها بصدد البحث عن مثيري هذه الأعمال دون ان تلصقها بفئة أو جالية معينة

ولا احد يستطيع حتى الآن أن يحدد من المسئول الأول عن أعمال الشغب و لكن التحليلات الأكثر منطقية تقول إنها مزيج من سطوة تجار المخدرات الذين يجدون مأوى هام فى هذه المناطق الفقيرة المهشمة و البعض الآخر يؤكد انهم متشددون إسلاميون قاموا بتغذية الشباب الذي يعانى من العنصرية و البطالة و الفقر بمشاعر الكراهية مما أدى الى اشتعال القضية أكثر و خاصة مع اعتقال العديد من مثيري الشغب فى هذه المناطق و الذين رفضوا سياسية الحوار

الجدير بالذكر ان المناطق التى اشتعلت فيها الاضطرابات ظلت قنبلة موقوته تنتظر إشعال الفتيل فهذه المناطق الفقيرة على حسب قول السكان تم نسيانها من المجتمع و المسئولين الفرنسيين و خاصة مع معاناة الشباب فى هذه المناطق من الشعور بالظلم و القهر نتيجة كونهم مهاجرين من أصول عربية و افريقية و ارتفاع نسبة البطالة بينهم و تعرضهم من جانب الشرطة لتصرفات عنصرية و تمييزية لا تتفق مع الظاهر الفرنسي الداعي لاندماج المجتمع من الداخل



جهود الحل


و قد بدأت جهود عديدة لحل المشكلة على رأسها إعلان رئيس الوزراء الفرنسي وضع خطة عمل للضواحي التي يبلغ عددها حوالي 750 منطقة في الضواحي بحلول نهاية الشهر الحالي بالإضافة إلى لقاءه ب 20 شابا ينتمون إلى هذه المناطق للاستماع إلى شكواهم و أوضاعهم الاجتماعية و الاقتصادية

و المحاولة الثانية جاءت عبر لقاء رئيس الوزراء الفرنسي مع دليل ابو بكر رئيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية ورئيس مسجد باريس الكبير بحجة بحث التحقيق حول إلقاء الشرطة قنبلة مسيلة للدموع على مسجد فى باريس انتهى الى قيام ابو بكر بإطلاق نداء إلى الجالية الإسلامية لوقف العنف

وقال أبوبكر فى نداءه إلى المسلمين فى فرنسا إننا نمر بساعات صعبة ومقلقة.. ورئيس الوزراء يعبر لكم عن قلقه. ويقول لكم انه أجرى تحقيقا فى القاء قنبلة مسيلة للدموع على مسجد كليشى سو بوا.

وأضاف أنه تبين أن الشرطة لم يكن لديها النية لاستهداف المسجد وهو يعبر لكم باسم فرنسا عن احترامه للجالية.

وأشار إلى أن هذا التدمير لا يفيد الجالية (الإسلامية) فى شيء .. وأقول للشباب كفى .. لقد سمعنا الصرخات والألم .. واليوم تدعو السلطات الجمهورية إلى الهدوء .. وانا, أخوكم الأكبر واحد مسئولي الجالية أناديكم لكى تتوقفوا عن هذه الأعمال التي لا تفيد في شيء وادعوكم للتوقف وللهدوء.

إلا ان هذه الحلول على الرغم من أهيمتها اتهمت بالرمزية و عدم الجدوى فماذا ستؤدى اليه هذه التغييرات و خاصة مع الحكومة الفرنسية التى أصرت على الحزم و الصرامة فى مواجهة الشغب و الاضطراب

#معتز_محمد (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات