|
مسودة مشروع برنامج اقتصادي لعراقنا الجديد
عبد الزهرة العيفاري
الحوار المتمدن-العدد: 1365 - 2005 / 11 / 1 - 08:07
المحور:
الادارة و الاقتصاد
المحتويات ديباجة سياسية مقدمة ثروات العراق حضور ابناء الشعب حضور الدولة الموقف تجاه القطاع الخاص مشروع البرنامج الاقتصادي ـ الاجتماعي: من اين نبدأ في الاقتصاد الزراعي في الاقتصاد الصناعي في الاقتصاد التجاري الدولة والبرنامج الاقتصادي ـ الاجتماعي
ديباجة سياسية مقدمة
يؤلف البرنامج الاقتصادي لأي حزب وطني ولاية حكومة تطمح للانتماء الى الشعب عنصرا أساسيا في نشاطها ووثيقة تحتل المكان الأول بين وثائقها. ولعل هناك من يصف هذا القول بالبديهية التي لا تتطلب برهانا يؤكد صحتها . إلا أن الأمر مع ذلك له ضرورته القصوى هنا كافتتاحية للبحث من جهة وقد يساعد في ذات الوقت على التذكير بما نشر لمرات ومرات بخصوص البرامج الاقتصادية عندما كانت المعارضة في الخارج تحتل موقع المقاومة السياسية ضد النظام الديكتاتورى البائد من جهة اخرى. وعليه لا بأس من اعتبار ما نكتبه الان بمثابة عود على بدء وليس شيئا جديدا. وبودي ان اعرب صراحة (ولو بعد حفنة من السنين ) عن العجب بخصوص تجاهل المعارضة ( حينذاك) كافة الدعوات بشأن ضرورة صياغة برامج اقتصادية او برنامج موحد كان يمكن ان تتفق الأطراف الوطنية على ما يجب تحقيقه بعد سقوط ديكتاتورية الطاغية. ومما يلفت النظر كذلك حقا ان تلك الأحزاب والكيانات السياسية لم تعمل شيئا فيما يخص البرنامج المذكور الآن لكي تجتمع كلمة الأمة عليه في هذه الفترة الحاسمة من تاريخنا. بل والحكومة ذاتها هي الاخرى لم تبادر لتضع موادا برنامجية لاعمار المدن المهدمة وللبطالة المنتشرة وللخدمات المفقودة…وغير ذلك.. اللهم إلا أعادتها للكلمات العمومية وازجاؤها الوعود على لسان بعض المسؤولين دون اية ضمانة بخصوص تنفيذ او تحقيق شئ ما على الارض. ثم ينبغي التذكير أيضا إن أبناء شعبنا العظيم عندما شقوا طريقهم الى صناديق الاقتراع يوم الانتخابات متحدين الارهاب والتفجيرات ومتجاهلين الرصاص والسيارات المفخخة إنما اجترحوا بذلك مأثرة أذهلت العالم ورفعت راس العراق عاليا بعد ان اثقله حكم الطاغية سنين طوال. والذي نريد أن نقوله هنا ان جماهيرنا في لحظة الانتخابات لم تطالب ببرنامج ما من أي حزب. وبكلمة اخرى انها لم تنتخب برنامجا او توجها سياسيا معينا. و كما يقال لقد وقعت الجماهير للأحزاب والكيانات السياسية إبان الانتخابات على ورقة بيضاء تعبيرا عن الثقة المطلقة بحق المواطنة. ولعل كل من شارك في الانتخابات كان يقوم بذلك باسم العراق ورافدية الازليين . وباسم الحرية والامان . ومن اجل مستقبل الديمقراطية الذي يجب ان تبدأ بانتخابات وبرلمان ودستور…. واعمار وعمل منتج ... واليوم حيث الحكومة والبرلمان يعملان بصلاحياتهما وان هيئة رسمية قد شكلت لصياغة الدستور والامال بالخير أخذت تراود الناس، إلا أن السكون مع ذلك لا يزال يعم الافاق. فليس هناك اية كلمة حول برامج اعمار العراق تطرق الاسماع . فالى متى يستمر الصمت؟ اليس اعداد البرامج الاعمارية جزء من المهام السياسية ؟ اليس المفروض ان تقدم الدولة نفسها للشعب مع برنامج واضح؟ على ان هذه الاسئلة لا تعنى انتقاصا من احد . وانما هي مجرد لوم وتذكير. وبالتالي دعوة للبدء بماينتظره الجميع. الذي هوا لبرنامج. مع العلم ان الامر يتطلب تظافر الجهود الشعبية والحكومية معا. ولقد نشر كاتب هذه السطور مع اخرين ولعدة مرات مجموعة من الاراء والتوجهات بهذا الخصوص وذلك منذ بداية التسعينات وحتى عشية الانتخابات البرلمانية التي نعيش نتائجها اليوم . الا ان الامر كما يمكن تصوره في ضوء الحالة العراقية القائمة يدفعنا بقوة الى اعادة المحاولة لعرض وجهات النظر الاساسية التي يراها الباحث ضرورية لعلها تجد تعبيرا لها في البرنامج المنتظر وتحوز على اهتمام المسؤولين وقد تخدم جانبا من طموحاتنا في بناء واعمار الوطن . ثروات العراق
الثروة تجلب الثروة . النقود تجلب النقود ــ هذه مقولة تجارية معترف بها اقتصاديا. فما هي ثروة العراق؟ هل هي النفط والغاز فقط؟ هل هي الزراعة …؟ العراق في الواقع ذو ثروات هائلة ، عملاقة وفاعلة . انها كل ما ذكر انفا وزيادة : انها تتألف من النفط ،الغاز ، الزراعة ، المسطحات المائية ، المناخ ، الشمس الحادة على مدار السنة ، و…الخ….الخ . ولكن اشد اثرا من كل هذا هي الثروة العلمية لدى فئات واسعة من ابنـــاء الوطن. ونقصد بها الكفاءات العالية في كافة فروع الحياة. انها كفاءات حقيقية نادرة تجعل ايه خطة انتاجية وخدمية وثقافية حقيقة واقعة. علاوة على ذلك ان الكفاءات العمالية في كافة فروع العمل هي الاخرى عالية المستوى .اضافة الى كل ذلك ان الكفاءات العراقيـة تمتاز على الكفاءات الخارجية لكونها صادرة من ابن البلد ، من ابن هذا الشعب المعذب . فهي تمتاز بالحس الوطني والصدق الشخصي لصاحبها . ثم ان اصحاب الكفاءات العراقيين يدركون حقا وحقيقة من أين يجب ان يبداوا . ثم لا يجب ان يغيب عن البال كذلك ان لجيش العلماء والاختصاصيين والعمال عائلات كثيرة العدد واصدقاء في طول البلاد وعرضها مما يؤلف جيشا اضافيا كقوة اسناد شعبية لا يجوز الامتهان بها بل وانها في الوقت نفسه تؤلف مدخلا اضافيا للوحدة الوطنية. ومما يزيد في الثروة العراقية ان شعبنا دؤوب ومحب للعمل . وقد عرف هذه الصفة العراقية الاعداء قبل الاصدقاء . هذا فضلا عن انــــــــه شــــــعب يتوق دوما الى الحرية والانعتاق. وكما تشير مراحل تاريخنا ان اعداء وطننا دائما حاولوا اخضاع شـــــــــعبنا بالحديد والنار وقد اغرقوه بالدماء لمرات عديدة في التاريخ . واخيرا جعلوا ارضه مليئة بالمقابر الجماعية وتناقصت اعداد المدارس والمستشفيات في العهد الاســــود على يد الطاغية المخلوع . واخيرا الطاغية نفسه هو الذي مهد لجريمة فقدان السيادة الوطنية وحضور القوات المسلحة الخارجية والى العراق وهو الذي سبب حل الجيش والدولة ، وبعد ذلك قامت فلول نظامه بإثارة الفتن وانتشار أعمال الإرهاب في كافة زوايا بلادنا. تلك الاعمال التي هزت أبناء شعبنا بل وضمير العالم كله. وما تزال البلاد تواجه وتقاسي نتائج الجريمة المنظمــــة كل يوم و كل ساعة وتعيق البدء بالاعمار والبناء وبإزالة اثار القمع الديكتاتوري والطغيان الرهيب الذي دام عشرات السنين . ولقد أيقض هذا الواقع المر لدى الكثيرين من أبناء شعبنا الشعور بالمسؤولية الكبرى تجاه الوطن . وتعالت الأصوات الخيرة معلنة ضرورة التوجه للعمل السياسي الفعال الذي يجعل كافة الفئـــات السياسية الممثلة للشعب العراقي تسير يدا بيد لتأسيس حياة الرفاه والديمقراطية ودولة الحقوق والبرلمان . نعم… إن الروح الوطنية التي عرف بها العراقيون وســـــبق وان أعطـــــــــوا في سبيلها التضحيات الجـــــــسام عبر التاريخ والأزمان هي نفسها الآن تخفــق فوق ارض الرافدين وبدرجة اشد وا قوى من أي زمن مضى.
حضور ابناء الشعب
وفي لجة الحزن من جراء التفجيرات واستعمال السيارات المفخخة وحوادث اغتيال العلماء والأطباء على ايدي الارهابيين وقتل إخواننا من رجال الشرطة والجيش العراقي وحتى تلاميذ المدارس الصغار،هذا عدا القتل الجماعي العشوائي في الشوارع والأسواق واختطاف الأجانب ، مضافا لها ازير الطائرات في سماء بلادنا والدبابات الثقيلة على ترابنا التي كان الطاغية نفسه سببا في وجودها ايضا - كما قلنا - انبرت نخبة صالحة من الشخصيات المؤثرة من رجالات ومثقفي العراق الأشاوس فقاموا بتأليف المنظمات الاجتماعية والأحزاب السياسية والمراكز المتعلقة بحقوق الإنسان والمجتمع المدني لتكون بجانب الشعب هي والأحزاب التقليدية التي قاومت العهد الديكتاتوري ونظام العسف السابق. وذلك لتكريس كل الجهود والطاقات الوطنية في سبيل إنقاذ الوطن من محنته والانتقال إلى بنائه كما يشتهي أبناؤه. ومن دواعي الفخر والاعتزاز بشعبنا إن العشائر الباسلة هي الأخرى أخذت تنظم نفســــها في منظمات ديمقراطية للمساهمة في إنقاذ الوطن الجريح. علما إن اكثر العشائر كان حضورها دائما في المعارك الوطنية . فان شعبنا لا ينسى بطولات فلاحي الفرات الأوســـــط وفي مقدمتهم عشائر آل فتلة البطلة بقيادة الزعيم الوطني الكبير الحاج عبد الواحد الحاج سكر والقائد العشائري الشيخ فريق آل مزهر ثم عشائر الظوالم و بنـــي حجيم والمنتفك وال ازيرج السواعد والبوسلطان وغيرهم . ومن الأسماء المعروفة في كافة أنحاء العراق وفي تاريخ ثورة العشرين اسم الثائر الشيخ شعلان أبو الجون …وغيره الكثيرون من شخصيات وزعماء الرميثة والديوانية والفيصلية. هذا ويفتخر تاريخ العراق أيضا بدور المرجعيات الدينية في مدينة النجف الاشرف التي ساهمت مساهمة فاعلة في الثورات الشعبية وفي حل الأزمات السياسية التي حدثت في البلاد . فلا تزال ذاكـــــرة الناس تحتفظ بإجلال واحترام باسم حجة الإسلام السيد محمد سعيد الحبوبي الذي وافاه الأجــــــل وهو على رأس الجيوش الفلاحية في جنوب العراق إبان ثورة العشرين. وكذلك اســــــــــم السيد الشيرازي وآية الله الشيخ مهدي الخالصي وغيرهم. وقداقدمت اليوم المرجعية الدينية بفتوى تحرم التفجيرات والقتل بواسطة السيارات المفخخة و اختطاف الاجانب والعلماء والأطباء وتدعو الى الوحدة الوطنية مع الابتعاد عن الطائفية والعنصرية المقيتة. وامام هذه المآثر نجد ان عناصر تقدم نفسها كجهات دينية ايضا، الا انها ليست فقط لم تحتج على الإرهاب واعمال الارهابيين ، بل وتشجع ــ من الناحية العملية ــ على بعث الاضطرابات واستمرار العنف في البلاد . ثم مما يؤسف له ان هناك من يستخدم الدين ايضا للاحتفاظ بتيار انعزالي معين يحاول الاستحواذ على تأييد اكثر ما يمكن من سكان اهلنا في جنوب البلاد . وكل ذلك يجري بذرائع محبوكة وكأنها تتصل " بالسيادة الوطنية"دون الاخذ بدقة وحساسية وضع البلاد بعد سقوط الطغيان . وبما ان التنمية الاقتصادية التي نحن بصددها لا يمكنها ان تنفصل عن السياسة فعلى الجهات الدينية الموقرة ان تراعي اكثر من غيرها مبدأ الديمقراطية في التعامل مع السكان في مجال الاختيار الحر وخصوصا فيما يتعلق بامور الانتخابات والعلاقة بالكيانات السياسية المختلفة . والا سوف تأتي نتائج تتعارض مع مصالح الوطن بحيث لا يستطيع احد اصلاحها او الحفاظ على المكاسب التي ظهرت بوادرها بعد سقوط النظام. وعند ذاك لاينفع الندم.وهكذا…. وبعد استلهام الجوانب المشرقة من بطولات شعبنا الذي يسعى بالرغم من كل المعوقات إلى النهوض من الرماد يجب القول بكل ثقة : انه سيأتي اليوم الذي سيقف به العالم اجمــع أمام خارطة العراق ليقول بحق شعبنا كلمات الإكبار والتعظيم …. وربما سيكون اسم المرأة العراقية المثل الأعلى حقا لنساء العالم . حيث يراها المجتمع الدولي وهي تشترك بنشاط منقطع النظير ويفوق المعقول في قضية وطنها. والمرآة العراقية خلال كافة فترات الإرهاب وظروف الحروب التي افتعلها النظام الدكتاتوري كانت تشـــد من أزر الرجال وتدعوهم للوقوف سوية من اجل الوطن. إن شـعبا عاش تحت الإرهاب والطغيان ورهن أعمال القتل الجماعي على يد الدكتاتورية المقيتة على مدى سنين طوال ووقف صامدا تحت النيران والدخان واعمال العنف والتفجيرات التي أخذت الآلاف من شبابه وحتى أطفاله ، ثم بعد كل هذا بقى شامخا بقامته الفارعة، عصيا على الأهوال ورافضا الهوان والانكسار لهو شعب جدير بالاحترام على نطاق عالمي حقــا . كما من حقنا – نحن العراقيين- أن نقول اليوم أن هذا الشعب ، الذي اخذ يقوده رجالاته الوطنيون ومثقفوه وسيا سيوه في سبيل حياة افضل،انه شعب سينتصر حتما… نعم … إن أية بلاد من بلاد الله من حقها أن تفتخر إذا وجدت أبناءها يقفون صفا واحد من اجل إنقاذها من محنة حلت بها أو يقومون بدفعها في طريق التنمية والتطــور. فكيف بنا ونحن نتكلم بصدد عراقنا حيث يتزاحم أبناؤه لنصرته وينبذون الطائفية البغيضة وهم بهذا ـ في الواقع ـ أفشلوا احلام القوى السوداء التي ارادت اشعال الحرب الاهلية. ان ابناء الشعب جميعا يعربون عن استنكارهم جهارا لكافة أعمال الإرهاب والاستفزاز التي توجه ضد وطنهم ،ويشجبون عمليات القتل الجماعي واستخدام الصواريخ والسيارات المفخخة وذبح المختطفين من العراقيين والأجانب على أيدي مجاميع ضالة امتهنت القتل منذ زمان الطاغية ،ومعهم نفر من عصابات مرتزقة جاءت من وراء الحدود. ونود بهذه المناسبة أن نشير إلى أننا مدعوون إلى الوقوف جنبا إلى جنب مع الحكومة العراقية وهي تمارس مهماتها الصعبة سيما في جهودها لحفظ الأمن في البلاد والسلامة العامة للسكان . وان نضع أنفسنا في حالة استنفار للاشتراك في صياغة الدستور و الانتخابات المقبلة.وكذلك في تنفيذ برامج التنمية. إن الظرف السياسي الذي نمر به الان يختلف شكلا ومحتوى عن كل ما مرت به بلادنا من ظروف سياسية على مدى تاريخه . فاليوم من الحق أن نقول : على الشعب العراقي إن يسند كافة الإجراءات الحكومية التي من شأنها نشر الأمن والاستقرار وحماية المواطنين وبناء الاقتصاد الوطني واعتماد الديمقراطية نهجا وسياسة . بل ويترائا لنا أن العمل الجبهوي المشترك للأحزاب والمنظمات حسب ظروف العراق القائمة وما آلت إليهالتداعيات السياسية فيه وما استجدت من أخطار محدقة حوله ، كل ذلك يستدعي اختيار صيغة متقدمة وبناءة من العمل السياسي في البلاد. وحبذا لو يتم إشراك الحكومة كسلطة تنفيذية في صياغة البرنامج الاقتصادي الوطني وذلك مع الاحزاب والكيانات السياسية الوطنية العراقية والتزام الدولة بتنفيذه على ارض الواقع. نعم …علينا الإقلاع عن الأساليب القديمة في تكوين " الجبهات" والبرامج . حيث يقف المجتمع العراقي اليوم حكومة وشعبا ضد قوى الإرهاب والتسلط ومن اجل بناء عراق ديمقراطي ــ برلماني . وهذه هي القــوة القاهرة لعراق المستقبل التي تجب المحافظة عليها. على إن هناك برامج أخري مكملة للبرنامج الاقتصادي الذي نحن بصدده هنا. حيث تنتظرنا صياغة برنامج الاستقلال والسيادة الوطنية الذي يتطلب ـ برأيناـ النشاطات السياسية والدبلوماسية للحكومة والبرلمان (المقبل) والهيئات الحكومية ذات العلاقة . كما ينبغي وضع برامج للتعليم والصحة والبيئة وحول دور المرأة والشباب والسياسات الضريبية…. الخ.
الموقف تجاه القطاع الخاص
يعتبر الموقف من القطاع الخاص موقفا سياسيا كما هو موقف اقتصادي. ذلك لانه يتناول جمهرة غفيرة من المواطنين وبهذا الخصوص يجب ان نتذكر انه مرت علينا نحن العراقيين سنوات وسنوات كنا فيها اسرى فكر متطرف يدين بتوسيع القطاع الحكومي عشوائيا على حساب القطاع الخاص وقد جاءت الحياة وبرهنت خطل ذلك الرأي . فالعلوم الاقتصادية التي ولدت في الظروف الجديدة تؤكد مرة اخرى ان البلدان النامية ذات اقتصادات متميزة بحيث أي تصرف خاطئ بصددها يسبب لها مباشرة خسائر جسيمة قد يصعب في بعض الاحيان تعويضها او اصلاحها. فتحويل المصارف الى بنوك حكومية (مثلا) يعني حرمان الاسواق التجارية من المرونة المصرفية وخلق مصاعب امام اصحاب الرساميل على اختلاف ميادين نشاطهم وخاصة في مجال سعر الصرف او التسهيلات المصرفية او غير ذلك . هذا عدا المشاكل الاقتصادية الناجمة من القرارات المتطرفة الاخرى وبالاخص تلك تتعلق بالتسلط الحكومي على التجارة الداخلية والخارجية والاستيرادات بصورة عامة. بينما يشير علم الاقتصاد المعاصر بثقة الى ان القطاع الخاص يستطيع ان يسهم بالاستثمارات الداخلية بافضل ما يمكن . أي بالبناء والاعمار وتحريك الاسواق والبنوك وتوسع العمالة عن طريق نشر فرص العمل في المشاريع والمؤسسات الاقتصادية والخدمية وبالتالي تقليص او حتى الغاء ضاهرة البطالة بكل شرورها. على ان هذا التوجه الثابت تجاه القطاع الخاص لا ينفي اهمية القطاع الحكومي في بعض الفروع الاقتصادية. والمقصود بها الفروع ذات المغزى الستراتيجي كالنفط والغاز وسكك الحديد والمطارات والطاقة الكهربائية وما شابه ذلك. ان خزينة الدولة في الواقع يجب ان تعتمد بالاساس على المداخيل الناجمة عن هذه الميادين الستراتيجية لكي تجنبها الاعتماد فقط على الضرائب واثقال كاهل المواطنين بالاتاوات. ان الدولة مطالبة برعاية القطاع الخاص ودفعـــه بقوة للمساهمة في عملية التنمية الوطنية. اما ضمان مصلحة المستهلك والقوى العاملة في البلاد وما الى ذلك فيجب ان تكون هناك قوانيــــن عادلة لتنظيمها .
نحو صياغة برنامج عرا قي
وهكذا … لا يكفي أن يكون للأحزاب والمنظمات برامج منفردة تقتصر على نفسها . ثم أن اجتماع الكلمـــــة حول الشعارات السياسية هو أمر ضروري ولا شك. ولكن السياســـة غالبا ما تكون عرضــــــــة للأهواء والى تغير في الأهداف والتطلعـــــات الذاتية والفئوية . وان النهج أو الفكر السياسي لهذا الحزب أو ذاك قد يصيبه التبدل والتحوير بتأثير الأحداث العالمية أو الداخليـــــة . بينما يبقـــــــى البرنامج الاقتصادي مادة صلدة لأنه يهم كافة المواطنين. واذ نقول برنامج عراقي نعني بذلك برنامج ينبثق من صميم الواقع العراقي والتقاليد العراقية واخيرا يضمن وحدة العراق وازدهار مستقبله. علما انه إذا ما استجدت ظروف طارئة تستدعي بعض التعديلات في البرنامج الاقتصادي للحركة الوطنية فهناك ما يكفي من الحـــــــزم والعزم لاغنائه وتحسينه. وبعبارة أخرى من الممكن إجراء أية تعديلات عليه في الوقت المناسب مع الاحتفاظ بالهيكل الجبهوي والجهود السياسية المشتركة للأحزاب والمنظمات المؤتلفـــة عليه. فهل يستطيع أحد أن ينكر مأساة البطالة الضاربة اطنابها في البلاد مثلا . أو ضرورة مكافحـــــة غلاء الأسعار وانخفاض القوة الشرائية للعملة المحلية ، أو ضرورة إعادة الاعتبار للد ينـــــــــار العراقي واستقرار الأسواق وجعل العملة العراقية ذات مكانة عالمية…؟ واكثر من هذا ، إن اقتصادنا اليوم يشكو الخراب ابتداء من الزراعة والصناعة وانتهاء بالأسواق التجارية والقدرة الشرائية للمستهلكين . إضافة إلى دمار الخدمات والمواصلات خارج وداخــــل المدن. ناهيك عن الأضرار النفسية والصحية التي لحقت بالإنسان الذي هو اعظم ثروة للبلاد. كما يرى كل ذي عينين تبصران حالة الكسبة الصغار واصحاب المصالـــــــح في الأســــــــواق بل وحتى التجار والصناعيين . فهم جميعا عانوا في عهود الطغيان صنوفا من العسف والإهمــال ولا تزال آثار بطش واستبداد تلك العهود عالقة بهم حتى اليوم وهم تنتظرون جهودا خيرة لإزالتها نهائيا من الواقع العراقي . الحقيقة ،إن البرنامج الاقتصادي – الاجتماعي من شأنه أن يقوم مقام البوصلة التي تقــــود إلى البناء والتطور. خصوصا إذا ما تناولنا بالحسبان مطالب الجمهـــــور الآنية والمســــــــتقبلية المنظورة مع ضمان مصالح الأجيال القادمة من أبناء البلاد . واكثر من هذا ،إن البرنـــامج إذا ما جرى وضعه بصورة واقعية فسوف يستجيب لعملية ا لتخطيط العلمي ضمن خطط الـــدولة. وهذه الفكرة الأخيرة توحي بصورة صريحـــة إلى إشراك الدولة ( في شخص وزارة الــتخطيط حصــرا) عند رسم الخطوط البرنامجية الاستراتيجية العامة التي تقدمها الأحزاب وكذلك عنــــد تنفيذها. كما إن صياغة البرنامج سوف تقود إلى التكامل الاقتصادي الأفضل بين المناطق الجغرافيــــــــة المنتجة للسلع من جهة وبين الفروع الإنتاجية نفسها من جهة أخرى. وهكذا فانه حسب كل النتائج يجب أن يحقق البرنامج ارتفاعا في المستوى المعاشي للناس على اختلاف طبقاتهم وفئاتـــــــــهم الاجتماعية. و سيكون بحق قوة مادية تنجذب اليها كافة القوى السياسية وستتوفر لديها حالــــة من التآزر والتلاحم الدائم طالما إن الأهداف الاقتصادية والاجتماعية سوف تصبح مهمة الجميع . وعدا هذا القول نود أن نورد هنا التوجهات العامة التي نرى ضرورة إدخالها في صلب البرنامج عند صياغته . بمعنى أن هذا المشروع البرنامجي الذي نضعه بين أيدي القادة الســـــياسيين قد يصلح أن يكون بمثابة ورقة عمل تخدم صياغة البرنامج الوطني الذي نحن بصدده. ومشروع البرنامج هذا بدون شك يتطلب الإغناء والتطوير من قبل الجميع قبل أن يكون كاملا.
2- مشروع البرنامج الاقتصادي ـ الاجتماعي
من اين نبدأ؟
بناء على التجارب العملية التي نزعم ان حصلنا عليها خلال عملنا في هذ الميدان لدى مؤسسات متخصصة ذات اهمية عالمية في المنفى وكذلك في وزارة الزراعة والاصلاح الزراعي وزارة التخطيط العراقية في السبعينات نرى ان اقتصاد العراق يجب ان يبدأ من تحديد التوجهات العامةالحاسمة. ففي المجـال الزراعي( مثلا) يجب ان يبنى انطلاقا من الالتزام بالقطاعات التالية : 1- القطاع الفلاحي الفردي المؤلف من مالكي الاراضي والمزارعين على اختلاف اصنافهم 2- القطاع التعاوني الذي يضم مزارعين وفلاحين فرديين منتميين الى تعاونيات زراعية من النوع المعروف بالتعاون متعدد الاغراض والوظائف الذي كان معروفا في العراق وهو النوع الذي يسمح للحكومة بتقديم العون والمحفزات والتنظيم. 3- قطاع المشاريع والمزارع الحكومية الكبرى ، ونعني بها المشاريع التي يعجز القطاع الخاص القيام بها لضخامتها او المخصصة للتجارب العلمية. 4- قطاع الشركات الزراعية ( للزراعات الحقلية وتربية الحيوان والدواجن خاصة) . على ان تلتزم الدولة بالمساعدة وبذل المحفزات المادية لها وتسهيل استخدام المكائن والات الزراعية والتكنولوجيا الحديثة فيها لتشمل كافة المناطق الزراعية من السليمانية وزاخو حتى اهوار الناصرية والفاو. واذ يبدأ البرنامج بالزراعة ذلك ان العراق كغيره من البلدان النامية يعتبر الاقتصاد الزراعي فيه عبارة عن القاعدة الطبيعية ليس فقط للحياة الاجتماعية بل وكذلك لتطوير كافة الميادين الاقتصادية . ونحن ندين بالمبدأ القائل ان التنمية الزراعية وبالتالي توفير الامن الغذائي بالذات تعتبر عنصرا هاما من عناصر قوة البلاد وضمان استقلالها وسيادتها الوطنية. هذا مع التقيد بمبدأ ان برنامج التنمية يعتبر كلا موحدا ولا يصح تجزئته. وبهذه المناسبة يجب القول: ان الحكومة الجيدة هي تلك الحكومة التي تستمع الى اراء علماء الاقتصاد اولا ومن ثم تشرع برسم سياستها الاقتصادية وليس العكس كما كان وما يزال شأن حكومات البلدان النامية ومنها كان العراق ونظامه البائد. ومما يؤسف له انها تسير بهذا النهج الخاطئ الى عهدنا هذا، عهد الثورة الاعلامية والتقنية الحديثة . وعلى هذا الاعتبار فالبرنامج الاقتصادي للعراق ينبغي ان يخرج تماما من دائرة العموميات والدخول مباشرة في تحديد الاهداف البرنامجية الملموسة. وبما ان البرنامج ينبغي ان يتناول مشكلات البلاد الاقتصادية عموما فهو اذا يجب ان يرمي الى تحقيق التنمية بكل مواصفاتها ومتطلباتها . وبعبارة اخرى ينبغي تحديد التوجهات الاساسية والمبررة علميا من وجهة نظر علم الاقتصاد . على ان تكون توجهاتنا ملائمة للظروف العراقية ولطبيعة المرحلة القائمة. وقد رأينا تضمين مشروع البرنامج ما يحوز على صفة الأولوية في ظل الإمكانيات والظروف هذه . وفي هذا السياق نجد الضرورة في التأكيد على ما يلي : ـ مراعاة التكامل الاقتصادي بين المناطق الانتاجية والخدمية في البلاد مراعاة صارمة _ثم المباشرة منذ البدء بتنفيذ برنامح يرمي الى وتطوير البنى التحتية التي تساعد على انجاز المهمات الانتاجية المقررة ولترافق تطويرها في كافة تلك المناطق. ـ تأسيس المجمعات الزراعية ـ الصناعية في المحافظات والمناطق الانتاجية وذلك حسب نوعية المحاصيل الزراعية وتوفر الموارد البشرية فيها. على ان يرافق هذا تنفيذ برامج تتناول كذلك الصحة والتعليم ورعاية الامومة والطفولة والايتام وتأهيل الايادي العاملة في تلك المجمعات وتطوير كافة الخدمات في المدينة والريف. علما ان الباحث يدرك ان تعبير "المجمعات الزراعيةـ الصناعية" امر جديد على الادارات الزراعية والاقتصادية في البلدان النامية وفي العراق ايضا. باعتبارها نظام مؤسساتي حديث ثبتت فعاليته وضرورته في كثير من البلدان الصناعية المتطورة. وقد توصل علماء الادارة الاقتصادية الى ان هذا النوع من المؤسسات له مسيرة طويلة عبر الاخفاقات والكبوات والخسائر و ثم النجاحات الباهرة والنتائج الحاسمة على مدى عشرات من السنين وقد ظهر ان هذه المجمعات انما هي ادوات قديرة للادارة العلمية وهي وسيلة لنشر الانضباط العملي وتشغيل عشرات الفروع الاقتصادية (من صناعات غذائية ووسائل نقل ومراكز تجارية….) في المجمع الواحد وبكفاءة عالية. وهذا يعني تشغيل الالاف المؤلفة من السكان في الريف والمدينة واشراكهم في العملية الانتاجية واعمال التنمية الجارية في البلاد. ثم ان المجمعات تؤدي حتما الى زيادة الانتاج واستخدام الاستثمارات المباشرة بدون تلف او اهدار وبالتالي سد احتياجات المواطنين بالمواد الاستهلاكية اضافة الى رفد التجارة الخارجية بالمواد المصنعة لتجد العملات الاجنبية طريقها الى خزينة الدولة والى حسابات القطاع الخاص . ولذا نجد ان التنمية عموما في البلدان النامية تبدأ بالزراعة باعتبارها تؤمن كذلك المواد الاولية للصناعات المحلية التي تستقطب جيشا جرارا من الايدي العاملة. وفي ضوء هذا الواقع نجد ان توسيع الفروع الاقتصادية تعني مباشرة توسيع دائرة الانتاج وتؤمن في الوقت نفسه عملية اعادة الانتاج الموسع ليس في الزراعة فقط بل وكذلك في الصناعات الحديثة والقروية وفي الخدمات كافة. ومن غير الصعب ان نفهم ان مجرد تشغيل المجمعات والايدي العاملة فيها فان المداخيل النقدية التي سيتقاضاها العاملون ستذهب من الناحية العملية الى السوق الداخلية، و كتحصيل حاصل سيرتفع الطلب الفعال على كافة السلع مما يستدعي زيادة العرض لها واعطاء دفعات قوية للصناعات الوطنية وبالتالي تحسين الوضع المعاشي للسكان. كما ستشهد البلاد التنمية المنشودة وستختفي تدريجيا مظاهر الفساد الاداري والرشوة والتخريب المتعمد الذي غالبا ما يرافق البطالة والفقر وركود الاسواق. وكمساهمة منا في صياغة البرنامج الاقتصادي - الاجتماعي نقترح أدناه مشروعا نشير فيه إلى العناصر الأساسية التي نرى تضمينها في الهيكل العام للبرنامج المذكور وذلك من قبل الهيئات الشعبية أحزابا ومنظمات وشخصيات وطنية . فــي الاقتصــاد الزراعي :
1- تقوم الدولة بتوفير كافة الامكانيات التقنية والمالية والعلمية لصالح الزراعة على انواعها واعطاء اهتمام خاص لزراعة الحبوب والخضروات . وكذلك تعمير بساتين الفواكه والنخيل والغابات ابتداء من كردستان حتى العمارة والبصرة. 2ـ مساعدة الفلاحين على تشكيل التعاونيات الزراعية ذات الوظائف المتعددة. اضافة الى التعاونيات الاستهلاكية ودعمها بالقروض الميسرة وإبداء المحفزات الاقتصادية الاخرى لها. 3ـ إقامة المشاريع الزراعية والمزارع الحكومية الكبيرة المتخصصة بإنتاج الحبوب والفواكه وتربية الثروة الحيوانية. والدواجن. 4ـ السماح بتشكيل شركات زراعية إنتاجية في مجال الثروة الحيوانية والدواجن وزراعة الذرة وغيرها. 5- السعي لزيادة رؤوس الماشية مع تأمين الاعلاف الخضراء والمركزة لها. 6- حل مشاكل المغارسات في بساتين النخيل والفواكه في كل أنحاء العراق والغاء نظام اللزمة ومساعدة أصحاب البساتين والعاملين فيها على التوسع في الزراعة لزيادة الإنتاج الغذائي. 7ـ تقديم المساعدات الفنية والعلمية للمزارعين جميعا وذلك عن طريق الإرشاد ومكافحة الآفات الزراعية في مناطقهم. 8- إنشاء البحيرات الاصطناعية الفنية لتنمية الثروة السمكية في المنطقة الجنوبية بالقرب من الخليج وشط العرب وتطوير هذه الثروة أيضا في البحيرات القائمة في وسط وشمال العراق. وذلك لتكون مواقع إضافية لإنتاج الثروة السمكية بصورة دائمة. 9ـ العمل على حل مشكلة مياه الارواء واعادة النظر في الخارطة الاروائية من قبل مهندسي الري وذلك بقصد تقليل (قدر الامكان) الضائعات المائية التي تتسبب عن كثرة السواقي المتعرجة. 10ـ تقديم المحفزات للمزارعين لقاء زيادة إنتاجهم من القمح والحبوب والتمور وذلك بدفع الأسعار المجدية لهم عند الشراء منهم، وذلك حسب قواعد رسمية. 11ـ سن القوانين لمصلحة الفلاحين والأيدي العاملة الذين يعملون في أراضى المزارعين وقيام الدولة بتوزيع الأراضي الصالحة للزراعة على المواطنين الراغبين في الاشتغال في الإنتاج الزراعي. 12ـ الاهتمام بالمناطق الريفية واعمار القرى التي هدمها النظام البائدفي شمال وجنوب البلاد وكذلك بشمولها بالتطوير والرعاية الصحية ونشر المدارس والمراكز الثقافية الفلاحية ومكافحة الأمية فيها . 13ـ إصدار تشريعات لمصلحة العمال الزراعيين واقرار الضمان الاجتماعي لهم وشمولهم بالتقاعد. 14ـ شمول المناطق الفلاحية بالخدمات الصحية وتوفير الأدوية بأسعار مدعومة. 15- مساعدة العنصر النسوي في موضوع ادارة المزارع العائلية وخاصة في حالة انعدام وجود معيل للعائلة.
في الاقتصاد الصناعي:
1ـ مساعدة الصناعيين في استيراد التكنولوجيا الحديثة كوسيلة لتوطيد مواقع الصناعة الوطنية في كافة المناظق . 2ـ تشجيع أصحاب الورش الصناعية ومحلات الحدادة والنجارة ومعامل الموبيليات ومدهم بالقروض من البنوك الحكومية بفوائد رمزية وتسهيل استيراد المواد الاولية التي تخدم هذه الصناعات ، وذلك لتطوير وتنمية مؤسساتهم الصغيرة. 3ـ سن قوانين لصالح العمال وذلك في مجال زيادة أجورهم واقرار الضمان التقاعدي لهم. 4ـ إعفاء المصانع والورش الجديدة من دفع ضريبة الدخل لفترة زمنية مناسبة وذلك لتستطيع هذه المؤسسات من التراكم الرأسمالي وبالتالي إعادة الإنتاج الموسع خدمة للتنمية الاقتصادية في البلاد. 5ـ مساعدة مؤسسات الخياطة وتشجيعها على صناعة الألبسة الجاهزة للكبار والأطفال مع دعم أسعار ملابس الأطفال وتلاميذ المدارس ليتسنى لأوليائهم شراء مثل هذه الملابس لهم. 6ـ اقامة الصناعات الغذائية خاصة تلك التي تعتمد على المواد الاولية المحلية. 7ـ وضع خطة لتنمية القطاع الحكومي في المشاريع الصناعية الكبرى. وذلك بجانب مساعدة القطاع الخاص وجعله قوة اقتصادية ضاربة وعاملا من عوامل توطيد موقع الدولة اقتصاديا بين دول العالم .
في الاقتصاد التجاري:
ان الميدان التجاري هو الميدان الثالث بعد الزراعة والصناعة. وهذه الميادين الثلاثة تعتبر الاساس المادي للتطوير والتنمية الوطنية وكذا ينبغي اتخاذ كافة الاجراءات الضرورية لجعله بالمستوى اللائق لان يكون مكملا للميدانين المذكورين ونعتقد انه على الدولة تأمين الاجراءات التالية بخصوصه. 1ـ تسهيل عمليات استيراد اللوازم المنزلية والبضائع ذات الاستهلاك الواسع التي لم يتم تصنيعها محليا بعد، وذلك لسد الطلب المحلي عليها في الأسواق الداخلية. 2ـ ايجاد طريقة قانونية لاشراك التجار الصغار والكسبة في الأسواق التجارية لتثبيت حقهم في الحصول على إجازات استيراد للسلع أسوة بأعضاء غرف التجارة (وربما تأليف تعاونيات تجارية لهم) لتحقيق ذلك. 3ـ توفير الامكانيات المادية للتجار في مقدمتها الحصول على تسهيلات مصرفية وغيرها وذلك لتطوير مؤسساتهم التجارية وفقا لخطة التنمية الوطنية. 4- تأمين الرقابة الحكومية على الأسعار والأعمال التجارية لحفظ مصالح الكسبة والمستهلكين على حد سواء وحضر المضاربات أو افتعال التضخم والغلاء في السوق الداخلية. 5ـ تشديد رقابة الدولة على نوعية البضائع المستوردة وخاصة الغذائية من حيث سلامتها الصحية.
الدولة والبرنامج الاقتصادي ـ الاجتماعي :
ومن الطبيعي ان يكون للدولة دور متميز ومباشر في تنفيذ البرامج التي ذكرناها. بل ولعلها تفوق كثيرا تلك الواجبات التي تقع على عاتق الصناعيين او الزراعيين او غيرهم من المواطنين. فالدولة حسب رأينا مطالبة ان تضع امام انظارها هنا واجبات متشعبة وفي طليعتها الواجبات الاتية:
1ـ التخطيط لكافة الفروع الاقتصادية والخدمية بحيث تجعل عملية التخطيط معتمدة على التكامل بين المناطق الجغرافية مع الالتزام بالتخطيط بعيد المدى والتخطيط السنوي. 2- دعم الوحدات الزراعية والمؤسسات الصناعية ومدها بأسباب التطوير والنمو بكل الوسائل التقنية والعلمية والمساعدات المالية الضرورية. 3ـ العمل على زيادة الدخل الوطني ورفع حصة الفرد منه. 4ـ وضع خطة لتأسيس وتطوير الصناعات البتروكيماوية والغذائية وكذلك صناعة الألبسة المدنية وغير ذلك من الصناعات التي لها علاقة مباشرة بالاستخدام الواسع من قبل السكان. 5ـ العمل على مكافحة البطالة وذلك عن طريق إيجاد فرص عمل للمواطنين في كافة القطاعات الخاصة والحكومية مع الاهتمام بتأهيلهم فنيا. 6ـ مكافحة غلاء الأسعار في عموم البلاد وذلك عن طريق قيام الدولة ودوائرها الرسمية ذات العلاقة برقابة أسعار الجملة والمفرد وقطع دابر المضاربات . 7ـ العمل على وضع سياسة مصرفية قادرة على إعادة الاعتبار للدينار العراقي وبالتالي جعل العملة العراقية عملة عالمية مغطاة بالذهب ومدعومة بالإنتاج السلعي الداخلي وبوفرة الاحتياط النقدي. ثم الشروع بالإصلاح النقدي وذلك لتحقيق الاستقرار للعملة الوطنية التي اضطربت كثيرا منذ حروب الديكتاتورية. 8ـ وضع خطة لتطوير قطاع الدولة و القطاع الخاص في الزراعة والصناعة والخدمات وغيرها. على ان تقوم الدولة بتشديد نشاط القطاع الخاص ليكون عونا لتوطيد اقتصاد البلاد عموما. 9ـ دعم رأس المال الوطني بكل الوسائل والطرق وذلك في سبيل تثبيت موقعه الإنتاجي في الأسواق المحلية وعلى نطاق الاقتصاد العالمي ايضا . 10ـ تثبيت سياسة الدولة الرامية إلى تعزيز دور ومكانة قطاع الدولة في المشاريع الاقتصادية الاستراتيجية والتي ليس بمقدور القطاع الخاص النهوض بها. 11ـ وضع سياسة اقتصادية للدولة ترمي إلى تعزيز القطاع الخاص في مجال البنوك الوطنية.و بما يساعد على تعزيز موقع رأس المال الوطني ومكانة الدولة العراقية امام المؤسسات المصرفية العالمية. 12ـ وضع سياسة ثابته للدولة لتحصين الاقتصاد الوطني من مغبة الخصخصة العشوائية لممتلكاتها الاستراتيجية وكذلك ومن أخطار ليبرالية الأسعار والتجارة التي سبق لها وأن دمرت دولا بكاملها . 13ـ دعم بناء المدن التي تعرضت للخراب وتحسين أوضاع (السكن فيها). 14ـ حل مشكلة السكن عموما في البلاد بهدف جعل المواطن العراقي (مع مرور الزمن) يملك بشكل أو بآخر مسكننا في وطنه العراق . 15ـ وضع خطة حكومية شعبية لتعويض ما دمره النظام البائد من بساتين النخيل والفواكه وقيام الدولة بشراء فسائل النخيل وشتلات الفواكه من الدول الأخرى وتوزيعها على البساتين 16ـ زيادة الرواتب والاجور لاصحاب الدخل المحدود، ثم خلق الظروف لرفع مستوى المداخيل للمواطنين عموما . ففي ذلك ترفيه لهم وزيادة في الطلب على السلع وبالتالي تحريك مستمر للأسواق. 17ـ تحسين قوانين التقاعد والضرائب لصالح المواطنين لما في ذلك من مصلحة للحركة الاقتصادية في البلاد. 18ـ وضع خطة لتوجه الحكومة لقبول أبناء وبنات الفلاحين والمزارعين في معاهد الطب والهندسة الزراعية وغيرها ليكونوا الكادر المهني في الأرياف مستقبلا. 19- تعويض عوائل الشهداء عما فقدوه من ابنائهم مع رعاية خاصة لاطفالهم. 20ـ حل مشاكل المواصلات بين المدن والمساعدة في امر نشر الخدمات الضرورية كالمطاعم والنوادي الشبابية والحدائق العامة للعائلات والأطفال والمنتجعات والمصحات في المناطق الشمالية للبلاد وعلى البحيرات الجنوبية (الاهوار بعد تنظيمها). …مهمات وطنية اخرى هذا وأن البرنامج الاقتصادي الاجتماعي يجب كذلك أن يأخذ بنظر الاعتبار الإمكانيات الهائلة لدى العراق في تطوير الفروع الأخرى للاقتصاد بحيث أن الموارد البترولية لا ينبغي أن تبقى المصدر الرئيسي (أو الوحيد) لإيرادات خزينة الدولة والدخل الوطني ولا ينبغي كذلك تسخيرالموراد الطبيعية على الدوام لسد حاجات البلاد من المواد الغذائية المستوردة أو لاقتناء المواد الاستهلاكية التي يمكن تصنيعها في العراق من الأسواق الخارجية. إن الحكمة الاقتصادية تقتضي أن تبذل الدولة جهودا استثنائية في سبيل الحصول على الغذاء الوفير والمتنوع للسكان من الارض العراقية، وباستخدام الموارد المائية للرافدين بالذات. وكذا الحال بالنسبة لانتاج السلع الاستهلاكية والمنزلية محليا وذلك لكي تبقى الموارد النفطية في خدمة التطوير المتواصل لاقتصاديات البلاد وبنائه وان تكون كذلك قاعدة مالية تسمح لخزينة الدولة بزيادة الرواتب والأجور للموظفين والعمال والمستخدمين إضافة إلى بناء المساكن للمواطنين من ذوي الدخل المحدود أو الضعيف ودعم العائلات الشبابية المستمر تزايدها مع مرور الزمن وسيرورة الحياة اضافة الى تأهيل المرأة لتأخذ دورها في بناء الوطن والاخذ بالحسبان ان قسما من الثروة النفطية يعود للاجيال العراقية القادمة. أن الموارد البترولية يجب أن تسخر كذلك في أمر بناء المراكز العلمية والصحية والثقافية. وكذلك المؤسسات الصناعية والزراعية الكبرى اضافة الى الجامعات والمعاهد المجهزة بالتكنولوجيا الحديثة والمختبرات والكومبيوتر التي أصبحت جزءا لا يتجزأ من متطلبات الحياة المتحضرة. ثم إن المادة البترولية والغاز الطبيعي يؤلفان في الواقع المادة الأساسية لصناعة كثير مـن السلع الضرورية وذلك ليس فقط لسد الحاجات الاستهلاكية في داخل البـــــــلاد بل ولأغراض التصديـــــر لتكون مصدرا إضافيا لزيادة الدخل الوطني وحصة الفرد منه واخيرا انها موارد مطلوبة ان تسخر لتأسيس الاقتصاد العراقي ورفع البلاد الى مصاف الدول المتطورة حضارة ومدنية. إن وجود الإمكانيات الملموسة لتحقيق بناء العراق على أسس حديثة ونقله إلى بلد متطور عبارة عن بديهية لا تحتاج إلى برهان. إلا أن ذلك يتطلب الاهتمام المباشر من قبل الحكومات العراقيــة المقبلة والقطاع الخاص وكذلك نقابات العمال والمؤسسات العراقية كافة. ومن بين المتطلبات بدون منازع هو التخطيط الاقتصادي الناجح و توفير الظروف الاجتماعية المتمثلة في تأسيس الحياة الديمقراطية والحريات السياسية والشخصية. ثم أن ما يخدم العراق، هذا البلد ذو القوميات والطوائف الدينية المتعددة هو الإخاء والتعاون والسهر على امن وسلامة المواطنين والمؤسسات. واخيرا العودة إلى الحياة الأخوية التي كانت قائمة قبل اجتياح الديكتاتورية للبلاد. واخيرا نرى من أهم شروط البناء وفق هذا المشروع. أن تبتعد البلاد عن أية صراعات عرقية أو سياسية على المستوى العالمي أو الإقليمي ناهيك عن الصراعات الداخلية. ونرى أيضا ضرورة التذكير مرة أخرى بوجوب العمل على تحقيق الاستقلال الكامل للسيادة الوطنية سياسيا واقتصاديا. مع الاحتفاظ بالعلاقات السياسية مع الدول صاحبة القوات متعددة الجنسية وذلك عن طريق الدبلوماسية العراقية والعالمية وهيئة الأمم المتحدة والعلاقات الثنائية ووفقا لمبادئ التعاون والاحترام المتبادل.
بطاقة تعريف الدكتور عبد الزهرة العيفاري حصل على شهادة الماجستير في الاقتصاد 1965 في جامعة الصداقة - كلية الاقتصاد - في موسكو حصل على شهادة الدكتوراه PHD عام 68-1969 و حصل على شهادة دكتور علوم اقتصادية DSC عام 1987 م وعلى شهادة بروفيسور منذ عام 1995 وقد حاز على لقب (أكاديمي) وانتخب في أكاديمية العلوم الروسية للأبحاث المعمقة عام 2003 ثم انتخب في عضوية أكاديمية العلوم الروسية للأمن الوطني (الاقتصاد) عام 2004 م وقبل هذا (عام 1996) حاز على عضوية أكاديمية العلوم في نيويورك - أمريكا- وكان في العراق قد عمل مديرا للمزارع الجماعية في وزارة الزراعة والاصلاح الزراعي وعمل بدرجة رئيس أبحاث في وزارة التخطيط العراقية حتى 1978 ثم عمل استذا للاقتصاد السياسي في جامعة الصداقة عام 1981ــ1983 ثم بدرجة رئيس ابحاث في أكاديمية العلوم الزراعية السوفيتية (في معهدالاقتصاد الزراعي لعموم الاتحاد السوفيتي) 1983 - 1987 و عمل في جامعة قار يونس ( ليبيا) ثم استاذاللاقتصاد السياسي في جامعة الصداقة بين الشعوب ويعمل الان بروفيسورا في قسم اقتصاد المؤسسات في نفس الجامعة . العنوان : MOSCOW الهاتف:395.22.10 ـ البيت M.Jaleel. str 10-245 433.20.29. العمل
#عبد_الزهرة_العيفاري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
lمشروع برنامج اقنصادي
المزيد.....
-
-غازبروم- الروسية توقع اتفاقا جديدا مع هنغاريا
-
اقتصاد الحرب بمصر.. ضرورة ملحة أم مفهوم كارثي؟
-
وفقا للنسبة الذهبية للجمال.. من هم أجمل 10 رجال في العالم؟
-
مختص: شحة الكاز نتيجة توقف مصفى كربلاء والصيانة وخفض الإنتاج
...
-
رئيس -غازبروم- الروسية يقيم الوضع في سوق الغاز الأوروبية
-
الكتكوت المصري أغلى من الدولار للمرة الثانية
-
10 وظائف بقطاع المال تستحوذ على طلب كبير خلال 10 سنوات
-
أسعار النفط والذهب والدولار تنتعش وسط توترات المنطقة وإعصار
...
-
قطر تعتزم إسقاط قروض الشركات المتعثرة وتقدم تسهيلات جديدة
-
ما مستقبل عملة مجموعة -بريكس-؟
المزيد.....
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
-
التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي
/ مجدى عبد الهادى
-
نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م
...
/ مجدى عبد الهادى
-
دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في
...
/ سمية سعيد صديق جبارة
-
الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا
/ مجدى عبد الهادى
-
جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال
...
/ الهادي هبَّاني
-
الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية
/ دلير زنكنة
المزيد.....
|