أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جاويدان كمال حسن - رسالة إلى صديقٍ لابد إنّه عائِد














المزيد.....

رسالة إلى صديقٍ لابد إنّه عائِد


جاويدان كمال حسن

الحوار المتمدن-العدد: 4981 - 2015 / 11 / 10 - 17:31
المحور: الادب والفن
    


رسالة إلى صديقٍ لابد إنّه عائِد
أُدرِكُ تمامًا أنك تبحثُ عن مستقبلٍ أجمل أو على الأقل عن واقع أفضل و ظروفٍ محايدة تُبعِدُ عنك كل ما يثير اليأس في كيانك المُثقَلِ بهموم التاريخ وغموض المستقبل، لا ألومك يا صديقي فقد إعتدنا رحيل الأصدقاء منذ زمن بعيد حتى بات الرحيل جزءا لا يتجزء من طبائعنا، كيف لا والكردي مهاجر بالفطرة...
لم يعد الأمر متعلقًا بتراجيديا الرحيل وما يليها من اجترار الذكريات فقط، المأساة أكبر من ذاك بكثير.
" لا يهجر الطير عشه فقط... هناك فراخ تموت"
رحل كاوا و دارا وحميد، و دلبرين راحل أيضا وآشتي وجوان، لكن الأسوء من كل ذاك هو مرض (خبات) وكذلك والدته وعمته ولا أكذبك القول لو قلت لك بأن عائلته بأكملها مريضة!!.
أما جانو.. واأسفاه على جانو فهو مفقود منذ ثلاثة أشهر، هو وزوجته وأخوه الأصغر وصديقاه الأخوان عبدو وسينو وهكذا دواليك يا صديقي محال أن تذكر اسمًا الآن وإلا كانت هناك مأساة لابد أن تُذكر عنه كلاحقة، حتى إذا لقيت أحدهم وبدأتم الكلام تَجنَبتَ الأتيان باسماء الآخرين على عكس الماضي حيث كانت الذكريات زبدة الكلام وجماله فقد أصبحت الآن أسوء الكلام وأوجعه.
كل شيء قد تغير يا صديقي
كل شيء تغير
جارك حسن الذي كان يصغرك بخمس سنين لن تعرفه إن رأيته الآن ليس لأنه بات يمتلك شاربًا ولحيةً يطلقهما وإنّما لإنتشار الشَيبِ فيهما.. نعم يا صديقي لقد هَرِمَ الشباب بسرعةٍ تتجاوزُ حدود العقل والمنطق، لقد تغيرت الملامح وغَطّتِ التجاعيد والندب والبقع الداكنة الأيادي والأوجه وحتى الضمائر كنتيجة ملازمة لظروف الحرب كما يقال، الشيخوخة تغطي المكان وتنتشر بسرعة لا تصدق وأمراض الضغط والفشل الكلوي والزهايمر وتآكل العظام باتت جزءًا لا يتجزء من الاسم والمكان ..
جدتك وجدتي لا بل عمك وعمي وجارك وجاري لم تعد رُكَبهم تسعفهم حتى على النهوض وخدمة الذات.
أما الطفولة فلم يعد لها وجود، فالكردي مقاتل بالفطرة أيضا وغيور مدافع عن أرضه والحرب تأكل كل شيء تجده في طريقها وقلوب الأطفال هي أحب أليها من البيوت والحجارة والأشجار والطين.
وعلى ذكر الأشجار.. أتتذكر أشجار التوت والكينا على طول الطريق أمام منزلكم ومنزلنا.. لم يعد منها ولا حتى شجرة واحدة، أما تلك التي سَقَطتَ عنها عندما كنت تلاحق عصافير الدوري فكانت هي الأولى من بين صديقاتها اللاتي قطعن في وضح النهار طبعا.
فلنبكي بُرهةً يا صديقي وإن كنت سترحل فبالله عليك لا تخبرني... صدقني لن أُعاتبكَ فذلك أرحم من وداعك، إرحل في صمت ولا تثر ضجةً من حولك ولا تحاول اقناعنا بأسباب رحيلك فقلوبنا ما عادت تتحمل فقدان أجزاء أُخَر من ذواتنا..
"حتى الجدار يتهاوى إذا ما انتزعت منه آلاف القطع".
إرحل فلن أمنعك ولن أناقشك فأنت تعرف دوافعك أكثر منّي، وكلّي ثقة أنّك سهرت الكثير من الليالي تفكر في خطوتك هذه وأنّك مُجهدٌ ومترددٌ إذ ليس من السهل التنصل من الواقع والتاريخ لذا لن أُثقِلَ كاهِلَكَ بالمزيد ولكن لدي رجاء وحيد لا أكثر أتمنى أن تنفذه من أجلنا: حَقِّق ما تصبو إليه على الأقل يا صديقي ففي ذاك عزاء لنا صَدِّقني، هكذا سنواسي قلوبنا أنا والقلّة الباقية من الأصدقاء؛ جوان سيصبح مهندسًا و آزاد سيصبح طبيبًا و دلشاد سيصبح فنانًا.. وسيعودون إلينا ذات يوم وإن كانوا زائرين قي البداية لا يهم فهم لن ينسو رائحة حقول القمح وسيشتاقون إلى أحاديثنا وسيرغبون في أن يتكلم أولادهم لغتنا.
ستعود يومًا كي تملأ رئتيك وروحك بما كنت ترنو إليه: "عبق الحرية" كلّي ثقة بذلك، وإن رحلت فقلبك سيبقى معنا ونحن سنبقى في انتظارك، ولن أقول لك وداعا وإّنما إلى اللقاء. 10-11-2015
جاويدان حسن
[email protected]






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملوك بلا عروش
- طائر الحرية
- عذرا قامشلو
- طفولة ضائعة .. اتفاقية المجلسين بين الواجب والحاجة


المزيد.....




- وزير الثقافة الباكستاني يشيد بالحضارة الإيرانية
- تحقيق يكشف: مليارديرات يسعون لتشكيل الرواية الأمريكية لصالح ...
- زيارة الألف مؤثر.. بين تسويق الرواية والهروب من الحقيقة
- إبادة بلا ضجيج.. اغتيال الأدباء والمفكرين في غزة
- -سماء بلا أرض- للتونسية اريج السحيري يتوج بالنجمة الذهبية لم ...
- جدة تشهد افتتاح الدورة الخامسة لمهرجان البحر الاحمر السينمائ ...
- الأونروا تطالب بترجمة التأييد الدولي والسياسي لها إلى دعم حق ...
- أفراد من عائلة أم كلثوم يشيدون بفيلم -الست- بعد عرض خاص بمصر ...
- شاهد.. ماذا يعني استحواذ نتفليكس على وارنر بروذرز أحد أشهر ا ...
- حين كانت طرابلس الفيحاء هواءَ القاهرة


المزيد.....

- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جاويدان كمال حسن - رسالة إلى صديقٍ لابد إنّه عائِد