|
وجهة نظر: زرعوا الكمائن...فحصدوا النتائج
خالد انعيمة
الحوار المتمدن-العدد: 4926 - 2015 / 9 / 15 - 19:14
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يصلح العنوان أعلاه ، للتعبير عن خلاصات النتائج المحصل عليها في انتخابات 4شتنبر 2015 ، باعتبار ما أفرزته هذه العملية من نجاحات للحزب الحاكم باسم الاعتدال الإسلامي والاستثناء المغربي . وهي نتائج تم "طبخ " أسبابها مبكرا، من خلال صناعة رأي عام، قائم على سياسة الإلهاء والتضليل، مركزا على مسألة القيم( بمعناها الضيق). وهي مسألة انطلقت ببكائيات الناطق الرسمي للحكومة مع المسلسلات المكسيكية، ومحاولة الهيمنة على الخط التحريري للقناة 2، مرورا بالقفشات البهلوانية لرئيس الحكومة؛ وصناعته للفرجة ، وتضخيم الأحداث وتسويقها : كفر نعوم – فيلم عيوش- قضية التنورة – احداث فاس ، وغيرها كثير . واذا كان الحزب الحاكم قد طبق سياسة الإلهاء بامتياز - وهو أمر نبهنا له في مقالات سابقة (بعنوان: فضيحة بنكيران أمام تشومسكي بجريدة مشاهد الالكترونية) – فإنه نجح في استمالة عموم الجماهير بجرها للدفاع عن قيم (المسلمين) المغاربة ، بل ووضع" الحداثيين" في قلب هذه الاحداث . الشيء الذي جعلهم في مواجهة العوام ، حيث نجد الكثير من الناس يردد عبارة اليساريين في مواجهة الاسلاميين ، وهي مغالطة كبرى، انجرت إليها عموم الجماهير ، بل وانطلت الحيلة على بعض المنتمين إلى فصائل اليسار أنفسهم . وقد ظهر ذلك جليا في تدبير لعبة التحالفات مؤخرا ، حيث لا يجد بعض المنتمين إلى فيدرالية اليسار؛ حرجا في التحالف مع من تلطخت ايديهم بدماء الشهداء بتواطؤ مع المخزن ، بل مع من يحمل أخطر مشروع إقصائي مستقبلا، بدعوى ان تدبير ما هو محلي (الجماعات) لا تستقيم فيه لعبة التجاذبات الايديولوجية . حيث نجد البعض يحاج متهكما : لا يمكن ان نختلف حول حديقة او ملعب او غيرهما ، هل هي يسارية ام اسلامية ؟ ، وهو أمر يدعو للاستغراب ما دام اليساري يسقط في لعبة العوام ، بل يقر بنظرية" نهاية الايديولوجيا" . غير أن المعرفة النظرية والممارسة السياسية ، توضح أن التحالفات السياسية الحزبية تكون وفقا للمواقع الطبقية من الناحية الأيدولوجية والسياسية ، بالإضافة إلى التقارب في البرامج السياسية. وهوما يجعل من التحالفات سياسة تكتيكية تخدم استراتيجيات كل الاطراف المتقاربة ايديولوجيا (يمين-يمين /يسار –يسار/...) . فلا غرابة اذن – في اعتقادي – ان نجد الحزب الحاكم متصدرا للنتائج من زاوية المؤشرات السابقة. نجاحات الحزب الحاكم مؤشر" خطير" على مد الاسلام السياسي في المغرب واتساع دائرة المنتمين لهذا التيار( العدل والاحسان "تصوت" دائما لصالح الحزب الحاكم رغم بياناتها المقاطعة بمبرر " انصر اخاك ظالما او مظلوما") . فتيار الإسلام السياسي يتقن لعبة " التقية" في اطار الزحف البطيء، الهادف إلى السيطرة على المؤسسات ، وبشكل خاص المؤسسات ذات الطابع التدبيري "الخدماتي"، و المرتبطة مباشرة بالمواطنين ، بالإضافة إلى المؤسسات المرتبطة بصناعة الرأي العام (الجرائد الورقية والإلكترونية- التلفزة –الاذاعات- الفيسبوك ..) ، وما دفتر التحملات الذي فرضت فيه بعض الطقوس الدينية (نقل الاذان وصلاة الجمعة في جميع قنوات القطب العمومي)، أو فرض رجال" الدين" في البرامج الحوارية ؛ ما ذلك، إلا دليل على رغبة جامحة في الهيمنة على المجتمع وفرض وصاية أخرى عليه. كيف لا ، وهؤلاء من سلالة سيد قطب و القرضاوي و الخطيب ...ثلاثية بعنوان " التقية - الطائفية- الاحادية " . في مقابل هاته النجاحات، نجد انتكاسات" الحداثيين" ، وتراجع مقلق لما يسمى بالأحزاب الوطنية، وبذلك يكون الحكم قد استطاع إرساء دعائم الاستبداد سياسيا و اقتصاديا و ثقافيا، وصادر حق الشعب في ديمقراطية حقيقية تكون منه وإليه، واتخذ من القمع والتضليل أسلوبا لمنع قيام سلطة الشعب التي مازالت قواه الديمقراطية التقدمية تناضل من أجل تحقيقها. وإذا كانت سلطة الشعب هي نقيض الاستبداد وبديلا عنه، فإن قيامها على أنقاضه يفرض نضالا مريرا، تتحدد أشكاله انطلاقا من موازين القوى، وموقع الطبقة العاملة و حلفائها في الصراع الطبقي في المجتمع ، وقدرة القوى الديمقراطية التقدمية على تغييره لصالحها ولصالح عموم ال الشعب الكادح . ولعل الأمل في ظل هذه الشروط ، هو ما شكلته فيدرالية اليسار الديمقراطي المشكلة من ثلاثة احزاب( المؤتمر الوطني الاتحادي- الاشتراكي الموحد –والطليعة الديمقراطي الاشتراكي) ، والتي اختارت النضال الديمقراطي الجماهيري السلمي للمساهمة في الانتقال من نظام “مخزني” إلى نظام ديمقراطي، يتلخص في ملكية برلمانية يسود فيها الملك ولا يحكم، ونظام يقوم على الفصل الحقيقي للسلطات واستقلال القضاء وربط القرار السياسي بصناديق الاقتراع. اختيار دفع الفيدرالية للمشاركة في انتخابات 4 شتنبر2015، حيث اعتبرت أنها تخوض معركة نضالية ضد الفساد والاستبداد والريع السياسي...وهو ما جسدته ميدانيا ، من خلال حملتها الانتخابية ، النظيفة من شبهة المال السياسي ، واعتمادها على مناضليها في تدبير الحملة الانتخابية ، دون اللجوء إلى" كراء" المواطنين، أو شراء أصواتهم، ودون استغلال للأطفال ، أو عوز الناس . وهي حملة حصلت على احسن معدل أداء انتخابي ، من طرف عموم الناس والخصوم ، قبل صدور نتائج المركز المغربي لحقوق الانسان ،والتي اكدت ما ذهبنا اليه سابقا. غير أن النتائج التي حصلت عليها فيدرالية اليسار الديمقراطي، ومعها باقي الاحزاب التي تعتبر وطنية وديمقراطية ، وإن كانت قراءاتها تختلف من طرف لأخر، تساءلنا جميعا . إذ لا بد من دق ناقوس الخطر المحدق بالشعب المغربي ، ومعه المشروع الحداثي التقدمي الذي نقتسمه جميعا ، وهو امر يستدعي في اعتقادي ، إعادة إحياء دعوة قديمة لم تفقد راهنيتها بعد. إنها الدعوة الى "تشكيل جبهة وطنية للنضال من اجل الديمقراطية" ، وقد سبق لحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي أن دعا منذ أبريل سنة 1989 إلى تشكيلها ، وتهدف حسب الحزب إلى خلق تحالف سياسي يضم جميع القوى الديمقراطية المناضلة واليسار الحقيقي والمنظمات والهيئات النقابية والمهنية والحقوقية والشبابية والنسائية والفنية والثقافية، وجميع الحركات الاحتجاجية المناضلة ، وشخصيات وطنية مناضلة ومناصرة لقضايا الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، وقادر على قلب موازين القوى لصالح الطبقات الشعبية في مواجهتها للتحالف الطبقي المسيطر، وهي دعوة جددها الحزب في شتنبر2013. لقد كانت مساهمة فقيد حزب الطليعة والشعب المغربي عبد الغني بوستة السرايري ، من خلال كتابه قيمة جدا ، اذ ركزت على أربع ثوابت، لا بد منها ، لتشكيل الجبهة الوطنية للنضال من أجل الديمقراطية ، علما ان هذه النقط تحتاج إلى تدقيق وتنقيح لاختلاف السياقات والظروف. - 1-المحتوى الطبقي و مبدأ الخط الفاصل بين أنصار الديمقراطية وخدامها، و بين أعدائها والمتواطئ مع الحكم في تزوير الارادة الشعبية (الارادة الحرة). - 2-التحالف المبدئي، ويعني الالتقاء الموضوعي الواعي والصريح حول أهداف المرحلة بشكل استراتيجي مع احتفاظ كل مكون من مكونات الجبهة الوطنية بقناعته و اختياراته الأيديولوجية و أهدافه البعيدة المدى الخاصة به ، والتحالف من أجل إنجاز المهام المرحلية المستعجلة بعيدا عن التحالف التحالف المصلحي الظرفي المبني على اسس انتهازية. - 3- البرنامج الديمقراطي ، حيث أن الجبهة الوطنية الديمقراطية المبنية على أسس مبدئية، لا بد أن تحدد لنفسها برنامجا واضحا تتفق عليه جميع مكونات الجبهة عن قناعة والتزام، يعتمد على نقط الالتقاء و الاتفاق التي تشكل القاسم المشترك في البرامج الخاصة لكل مكون من مكونات الجبهة ، مع العمل على توظيف جميع طاقاتها النضالية من أجل إنجازه. -4- الديمقراطية الداخلية، وتهم السير الداخلي للجبهة على أسس ديمقراطية، تتجاوز السلطوية والهيمنة والاحتواء والهيمنة والانفراد بالقرارات الأساسية والزعامات المبنية على الأوهام والشعارات. إن التذكير بهذه الدعوة " تأسيس جبهة وطنية واسعة للنضال من اجل الديمقراطية" على اساس برنامج حد ادنى ، مع تفعيل مبدأ الخط الفاصل الذي يحدد الحلفاء الحقيقين وطبيعة التناقض المجتمعي لحشد القوة الكامنة في مجتمعنا (سياسيا، اجتماعيا ، اقتصاديا وثقافيا)، تنبع من قناعاتنا بأن ترصيص الصفوف ، هو المخرج الوحيد في الظروف الراهنة لمواجهة التراجعات الخطيرة ، في الحقوق والحريات ، و تعبئة كافة الديمقراطيين و المجتمع ككل في افق بناء الدولة الوطنية الديمقراطية ، وهو افق ممكن مع فيدرالية اليسار الديمقراطي باعتبارها حاملة لحلم المغاربة في غد افضل. فهل وصلت الرسالة؟
#خالد_انعيمة (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في الحاجة الى كوبرنيك...في الحاجة الى الأنوار
-
القيادة السياسية ولعبة الشطرنج
-
فضيحة بنكيران امام تشومسكي
-
جدتي ...موازين و اشياء اخرى
المزيد.....
-
انفجار مستودع ألعاب نارية يشعل حرائق ويؤدي إلى إجلاءات في كا
...
-
روسيا: السجن 13 عامًا لنائب وزير الدفاع السابق في واحدة من أ
...
-
موديز تخفض تصنيف البنك الأفريقي للتصدير بسبب ضعف الأصول
-
إسرائيل وبندقية الدعم السريع المستأجرة
-
-أخطر التهم-.. خلاصة الحكم في اتهام شون -ديدي- كومز بالاتجار
...
-
مصدر سوري رسمي: التصريحات حول توقيع اتفاقية سلام مع إسرائيل
...
-
تنديد دولي بقرار إيران تعليق تعاونها مع الوكالة الدولية للطا
...
-
موقع روسي: أذربيجان تهاجم روسيا في لعبة تتجاوز حجمها
-
كاتب إسرائيلي: عدنا إلى نقطة الصفر في غزة
-
وزراء إسرائيليون يدعون لضم الضفة الغربية والسلطة والعرب يدين
...
المزيد.....
-
الوعي والإرادة والثورة الثقافية عند غرامشي وماو
/ زهير الخويلدي
-
كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف
/ اكرم طربوش
-
كذبة الناسخ والمنسوخ
/ اكرم طربوش
-
الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر
...
/ عبدو اللهبي
-
في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك
/ عبد الرحمان النوضة
-
الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول
/ رسلان جادالله عامر
-
أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب
...
/ بشير الحامدي
-
الحرب الأهليةحرب على الدولة
/ محمد علي مقلد
-
خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية
/ احمد صالح سلوم
-
دونالد ترامب - النص الكامل
/ جيلاني الهمامي
المزيد.....
|