أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - محمد حاج صالح - نعم يجب تشريح ونقد إعلان دمشق















المزيد.....

نعم يجب تشريح ونقد إعلان دمشق


محمد حاج صالح

الحوار المتمدن-العدد: 1353 - 2005 / 10 / 20 - 14:40
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


كثيراً ما انتقد بعض الناشطين والمثقفين المعارضة السورية بأنها ضعيفة وغير جديرة، بل وذهب البعض إلى حد الاستهانة والاهانة. قد يكون الجزء الاعظم من النقد صحيح. لكن الصحيح أيضاً هو أن جزءاً من هذا الانتقاد ما هو إلا تهرب لأسباب عدة، منها ما يتعلق بسلامة الرأس والمشي الحيط الحيط، ومنها اعتيادات آيدلوجية أحطّها على الاطلاق النوع الطائفي، ومنها ماهو نفعي ذو مصلحة مباشرة.
على كلٍ ها قد خطت المعارضة خطوة كبيرة بالمقياس السوري، وأصدرت إعلان دمشق. هذا الإعلان، من واجب الجميع قبل أن يكون من حقّهم، نقده. من واجبهم لأن الحال في سورية خطرة والمستقبل غامض. لا أريد في هذا المقام أن أعيد مطولة الشكوى من نظام بدد وخرب كل شيء، طالما أن الأمر جدّ وأن التوافق حصل بين القوى الاساسية في المعارضة. وبالتالي فإن الراهن والآني هو العمل الميداني، وقد حدد البيان استراتيجيات العمل.
لا يشكو البيان من تطرف ولا تعصب، وهو بيان توافقي سياسي، معتدل، عاقل، صحيح التشخيص للمرض الذي تعاني منه سورية. إذن ما الذي يجعل من بعض النشطاء وبعض الكتاب يحسون بالمرارة وهم ينتقدون البيان؟
بعيداً عن التعالم على منجز سياسي لا شكّ أنه استغرق وقتاً وجهداً، واستلزم من البعض صبر أيوب وحكمة سليمان كي يظهر إلى العلن، فإن لغة البيان الجيدة ارتبكت، وتلخبطت في الجزء الذي اتخذ منه الزملاء الناقدون والشاتمون حجة للأوّلين، وذريعة للتالين. دعونا نثبّت هذا المقطع هنا

" الإسلام الذي هو دين الأكثرية وعقيدتها بمقاصده السامية وقيمه العليا وشريعته السمحاء يعتبر المكون الثقافي الأبرز في حياة الأمة والشعب . تشكلت حضارتنا العربية في إطار أفكاره وقيمه وأخلاقه ، وبالتفاعل مع الثقافات التاريخية الوطنية الأخرى في مجتمعنا، ومن خلال الاعتدال والتسامح والتفاعل المشترك ، بعيداً عن التعصب والعنف والإقصاء . مع الحرص الشديد على احترام عقائد الآخرين وثقافتهم وخصوصيتهم أياً كانت انتماءاتهم الدينية والمذهبية والفكرية، والانفتاح على الثقافات الجديدة والمعاصرة. "
لا اعتراض لدي على الفكرة بحد ذاتها، لكن ولأن الإعلان وصل هنا إلى عقدة النجّار، فإنه كان من الأفضل إيلاء هذا الفقرة اهتماما ورعاية أكيدين. كان من الأفضل دراسة المقطع حرفاً حرفاً، واستبعاد حتى الخطأ في حرف الجر. لو أنني كنت من صائغي الاعلان لتوقعت أن هناك من يتلع برقبته ليتلصص وليس لفضول طبيعي.
فإيراد المقطع أعلاه للجملة المثيرة للجدل " مع الحرص الشديد على احترام عقائد الآخرين وثقافتهم وخصوصيتهم " ورغم الحرص الشديد! فإن الصياغة وقعت في المحظور وانكسر المنشار عندما أضاف البيان( إضافة لغوية ) كلمة آخرين للإسم المضاف إليه عقائد. إذا كان المقصود بالآخرين سوريين من نوع آخر، فإن التوفيق جانب البيان، خصّيصاً وأن كلمة الآخر في جزء من أدبيات الثقافة والسياسة أخذت معان لم تكن لها من قبل، وعلى الأخص معنى المغاير. كان من المفترض الانتباه أن المقطع في إطار التجميع والتحالف وليس بمعرض التغاير والمخالفة. أما الجملة الأخيرة " والانفتاح على الثقافات الجديدة والمعاصرة " فتدفع إلى الحيرة وتوحي بأن الجملة السابقة ما كانت إلا عن الآخرين في الثقافات والأمم الأخرى. والحال أن المعنى لا يستقيم.
على أي حال اتخذ بعض من الناشطين من هذه الفقرة مدخلاً لنقدٍ وهذا حق جدير بالإكبار، وبعضٌ آخر استغلّها لغايةٍ في نفسه. والغاية لا يخفيها أولاء الزملاء، فمن التوصيفات الصريحة المفارقة لعالم الكناية والاستعارة، يمكن إداراك الرسالة التي يريدون التبليغ بها. نسمع من هذه التوصيفات " إعلان طالبان. إعلان قندهار.... " وأحدهم زاد في الكيْلة ذكرَ أسماء نساء أخوات وزوجات إمعاناً في الإهانة. والبعض شرع منذ الآن بتكرار المسميات الطائفية، على الرغم أنه كان يحمرّ ويزبد ويرعد عندما كانت ترد تسمية لطائفة في حديث سياسي، مستنكراً ومحتقراً، وعلى الرغم أنه كثيراً ما أعلن إيمانه بالعلمانية، ويضعها شرطاً أولا وأخيراً. فأين ذهب هذا كله؟ ولم شرع البعض يهذر بمنولوج طائفي؟ وأكرر: على الرغم من علمانية مفترضة!
لعلنا نهتدي بتجربة الثمانينيات سيئة الصيت والمآل بالنسبة للجميع. أنذاك فُرض على الجميع استقطاب حاد، طحن أحزاباً ومبادىء وأيدلوجيات. أنذاك نكص البعض ومن كل الأطراف تقريباً، من العلمانية والدعوة للديمقراطية واليسار النقي المصفى إلى النقيض الطائفي والعائلي. وكان المستفيد الوحيد رأس السلطة والحلقة الضيقة حوله. ثبتوا حكمهم، وبنوا نظاماً شمولياً روحه الخوف والتخويف، وجسده مبني من أجهزة أمن لا رحمة لديها. ولأنهم يحتاجون للناس رغم ذلك فتحوا الأبواب على مصراعيها للنهب، والسلب، والرشوة، والاستثناء، ووضع الرجل غير المناسب في المكان غير المناسب. حطوا من قيمة العلم، لصالح الضحالة والجهل. بخّسوا التحضر والتمدن، وأعلوا الرعوية والصلبطة. قلبوا المعاني بالسلوك و" بالقانون " وبالممارسة، فالشهادة تحولت من موقعها القدسي إلى حادث سير على درب المطار، والشرف صار عاراً والعار شرفاً، وكتّاب التقارير وطنيون وضحياهم خونة، ومرتكب المجازر أب حنون... كل هذا ما كان ليحدث، أو على الأقل لكان أقل قسوة، لو لم يجر ذاك الاستقطاب المدمر.
حينها لعب النظام على أن العلويين مستهدفون وخلاصهم فقط بالعمل مع النظام، وشهادات من دخلوا السجون من أبناء الطائفة العلوية ( لاأقول علويون ) شيء من الاثبات. فقد كانوا يعذبون عذاباً مضاعفاً على أساس من أنهم الأبناء الخونة! وكثيراً ما قيل لهم أنهم يلحقون بالسنة الذين يريدون ذبح أهلهم!
الجميع يتذكر أن النقابات المهنية حلّت، والأحزاب المعارضة ضربت لهدف أوضح من عين الشمس، وهو دفع المجتمع إلى استقطاب حاد معروف النهاية، ومنعه من التعبير عن نفسه بطريقة سياسية وحضارية. إما أن تكون معنا أو مع ميليشيا غير مفهومة وغامضة ( القسم الأكبر منها أجرى مصالحة مع النظام عندما جرت مباحاثات عجيبة غريبة في قبرص والسعودية ). لا تبرئة للإخوان هنا فهذا شأنهم، لهم أن يعلنوا اعتذاراً، كما طالب سياسيون كثر، أو أن يبقوا على نصف الاعتذار الذي أعلنه البيانوني مبررين ذلك بأن السلطة لا تعبر ولا تعطي الجراب. ما يهمنا أن لا تعود عملية اللملمة الطائفية والتخندق في أفكار الاستهداف في وقت يقف الجميع على كف عفريت. وبالتالي من المهم الآن قطع الطريق على أي لاعب يريد إعادة حركات ثبت أنها تؤدي إلى الخسارة، سواء أكان هذا اللاعب علوياً "علمانياً " أو إخوانياً " ديمقراطياً ". ما عدا ذلك فتح البيان أبواباً واسعة يمكن أن يتدفق منها أناس طيبون محبون لوطنهم ولبعضهم البعض.
وللابتعاد عن العموميات التي تعود عليها الكاتب السياسي السوري. أقول رأي واضحاً:
لا مصلحة أولا للطائفة العلوية في أن تكون ملحقاً بالنظام، وهي ليست كذلك، ولم تكن ذلك، وإنما حاول النظام ذلك. فالطائفة العلوية ليست طائفة النظام. وإنما للنظام وجه طائفي. وللتذكير فإن نسبة المعتقلين من أبناء الطائفة العلوية تفوق نسب أبناء الطوائف الأخرى.
لا مصلحة للمعارضة في تجاهل النشطاء والتكتلات من أبناء الطائفة العلوية، إذا ما أرادوا حسبان أنفسهم تحت هذا العنوان. وإذا ما كان قد حدث شيء من هذا، فهو خطأ يجب تداركه. وعلى التجمع وحزب الشعب تحديداً يقع جزء أعظم من المسؤولية لبناء مناخ وطني لاطائفي.
لا مصلحة لحزب العمل أن يحسب كذراع طائفية، ولا هو كذلك، و لم يكن كذلك، وبالتالي عليه أن لا يسمح بأحد أن يكتب عنه بطريقة تفوح منها رائحة لا يرتضيها. عليه أن لا يبدد سمعة معتقليه وأفراده الذين دفعوا أثماناً غالية.
لا مصلحة لبعض ناشطي حقوق الانسان وبعض الكتاب من أبناء الطائفة العلوية في أن يبدأوا خطاباً طائفياً جديداً، ولن يكون مآل أي خطاب مستعر في زمن لم يعد يُخفى فيه شيءٌ، سوى الخسران.
لا مصلحة لبعض الاحزاب الكردية في أن تدفع إلى توتر مع تفاهم المعارضة. ولها كل الحق في النقد والعمل مستقلة إن هي أرادت. لكن كل الأمل أن لا تنجر إلى مواقع لا تستفيد منها إلا السلطة.
من مصلحة الطائفة العلوية أن تدفع بأبنائها الوطنيين، ليكونوا في مقدمة العاملين لصالح هدف البيان وهو التغيير، وبناء نظام وطني ديمقراطي لا يستبعد أحداً. وسيستعاد الحظ السعيد لسورية إذا ما اندفع الأبناء الوطنيون لهذه الطائفة ليكونوا رموزاً. شيء من هذا القبيل يلزمه الوضوح والصراحة والتعقل والحماس، ولا أقول الشجاعة لأن في أبناء الطائفة من الشجعان ما يكفي ويفيض لقرضة حسنة.
أخيراً هناك أناس بعينهم ومن جميع الطوائف، عليهم كما يقول المثل السوري أن " يطلعوا من هالابواب! " فلْيكتبوا ما شاؤوا وعما رغبوا وأرادوا. لكن عليهم أن لا يختبئوا خلف العلمانية وهم طائفيون حتى العظم. وأن لا يختبئوا خلف مفردات الديمقراطية وفي نفوسهم روح الأخ وابن العم والجار العنصر في المخابرات ذو المسدس الظاهر عند الخصر. لهم ما يريدون أن يكونوا، ولنا أن نشير إلى الواحد منهم ونقول:
إيييي اطلعْ من هالابواب
19/ 10/2005



#محمد_حاج_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصيدة لشاعر ومربي نرويجي تتحدث عن ( أحمدين ) عربيين
- القاعدة والبعث العراقي طلاق لزواج لم يتم
- بلاهة أم ضلوع للناطق الرسمي للتجمع الوطني المعارض في سوريا
- كنا في العراق. رحلة إلى بغداد 2002


المزيد.....




- -الطلاب على استعداد لوضع حياتهم المهنية على المحكّ من أجل ف ...
- امتداد الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جدي ...
- توجيه الاتهام إلى خمسة مراهقين في أستراليا إثر عمليات لمكافح ...
- علييف: لن نزود كييف بالسلاح رغم مناشداتها
- بعد 48 ساعة من الحر الشديد.. الأرصاد المصرية تكشف تطورات مهم ...
- مشكلة فنية تؤدي إلى إغلاق المجال الجوي لجنوب النرويج وتأخير ...
- رئيس الأركان البريطاني: الضربات الروسية للأهداف البعيدة في أ ...
- تركيا.. أحكام بالسجن المطوّل على المدانين بالتسبب بحادث قطار ...
- عواصف رملية تضرب عدة مناطق في روسيا (فيديو)
- لوكاشينكو يحذر أوكرانيا من زوالها كدولة إن لم تقدم على التفا ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - محمد حاج صالح - نعم يجب تشريح ونقد إعلان دمشق