أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فارس البصري - الماضي والحنين اليه....















المزيد.....

الماضي والحنين اليه....


فارس البصري

الحوار المتمدن-العدد: 1349 - 2005 / 10 / 16 - 11:08
المحور: الادب والفن
    


في زيارتي الأخيرة لدمشق ،كانت صورة البصرة هي "الايقونة المقدسة" التي وقفنا أمامها ، أنا وصاحب كتاب " البصرة جنة البستان" ، الصديق الشاعر مهدي محمد علي هو يقول: فقدت هذه الايقونة ألوانها الزاهية . وأنا أقول: لم يبق منها الا اطارها الكالح . وكان حزينا مثلي لأن ماحدث لم يعد لها شيئا من تلك الأبتسامة التي عرفناها أيام زمان.. وفي لحظة هذا الحزن سمعنا صوت الشاعركريم كاصد يصلنا من بعيد:
"ما قيل لنا أبدا
ان وراء الليل..
هذا
ليل آخر. " ( من ديوان قفا نبك للشاعر).. يا آلهة هذا الزمان أتركوا لنا شيئا من بقايا فردوس طفولتنا..من"جنةالبستان"،فالتذكر دائما يواجهنا وفي زمن الأموات والغائبين، فان الماضي يمكن أن ينعش الحاضر، وتلك هي فضيلة الذكرى. السحرة يعرفونه، والأئمة كذلك .
* * *
يروى عن السومريين أنهم عدوا أنفسهم ورثاء ماض بعيد مجيد، اذ تخيلو ذلك الماضي على هيئة عصر" ذهبي" كان السلام والوئام فيه يسودان العالم ،فلا خوف ولاحزن ولابغضاء، وكان الخيريعم الكون وكان البشر "بلسان واحد يمجدون الآله أنليل..". وقد عبرالأنسان السومري عن حنينه واشتياقه الى تلك الفترة الموغلة في
القدم ،بكلمات مؤثرة يبكي فيها فردوسه المفقود:
" في غابرالأزمان منذ أمد بعيد
كان لا يوجد ثعابين ولاعقارب
كان لايوجد ضباع ولاسباع
كان لايوجد كلب وحشي ولا ذئب
كان لايوجد خوف ولابأس
لم يكن للأنسان عدو... ".
وبكلمات مشابهة كان شعور الأنسان المصري القديم:
" لم يكن في البلاد ظلم
ولم يكن أي من التما سيح ليعتدي
ولم يكن هناك عضات أفاعي
كان ذلك في عصرالآلهة منذ الأزل...".
أن طبيعة التكوين الذهني البشري التي تجعل من الماضي عصرا ذهبيا، تعود الى رد الفعل الناتج عن الأحتجاج على الواقع المعاش. فأسطورة العصر الذهبي تزداد بريق كلما أوغل الأنسان في بؤس الواقع. والحنين الى الماضي يلازم عادة الفئات المضطهد ويحركها دوما في اتجاه ايجابي لمحاولة الوصول للمشاكل الاجتماعية. كما ان هذا الحنين يظل ينمو ويتعمق الى ان يستقر ويكمن في ضميرهذه الفئات المضطهدة كأيديولوجية لها، قوامها رفض الحاضر ورسم المستقبل في ضوء الماضي الذهبي . ولكن في هذه الحالة يكون الأنسان كمثل من يرتقي سلما، وقد ولى وجهه نحوالجهة السفلى ، فهولايرى من الدرجات سوى تلك التى مضت تحت قدميه ،أما الدرجات التالية في الجهة العليا فهولايراها ولا يهتم بها اذ هي مختفية وراء ظهره.. ولعل هذا مافعله بعض كتاب المدن الفاضلة عندما أقاموا مدنهم "المثالية" على نمط تلك المدن والأشكال البدائية التي تحدث عنها القدماء والأساطيرالمبكرة.. حيث كان الخير والسلام يعم بين البشر.. وكان كل انسان يتمتع بكامل حريته دون قيود . ويروى ان القرامطة قالوا:" بأن الأنبياء والحكام كانوا سبب أستعباد الناس وشقاؤهم ماديا.. وخروجهم من تلك الحياة الهانئة.. ".وذكر أخوان الصفا في رسائلهم بأن الخروج من حالة الفطرة.. من البدائية.. . من الماضي الذهبي بدأ مع ظهور الحكام الذين لم يتركوا للناس حرية التصرف في أمورهم، وبالنسبة لهم كانت الدولة العباسية – في القرن العاشر الميلادي- نموذج من نماذج "دول أهل الشر"وفي الواقع أن فكرة الماضي الذهبي.. . والحنين الى تلك العهود التي كان فيها البشرأسعد حظا، شاعت بين معظم الشعوب. وفي ثقافاتها وتراثها هناك الكثيرمن التصورات الذهنية عن تلك الأيام ، وكان
يرافق هذا دائما الأحلام السخية عن تلك المدن المثالية-الفاضلة- الخالية من أهل الشروالطغاة . ويحتوي الأدب الشعبي الذي فاض به وجدان المقهورين والمظلومين في كل العصور..أغنيات وحكايات لا حصر لها عن مجتمع لا يعرف الجوع والقمع، فالعبيد في العصور القديمة تلفتفوا الى عصر ذهبي خرافي تسود المساواة ، والزنوج الأمريكيون في القرن التاسع عشر وضعوا في حياة أخرى مستقبلية أحلامهم بالخلاص من الكدح المتواصل الذي لم يكن لديهم أمل في الخلاص منه في هذه الحياة. وفي الحقيقة أن معظم التراث الشعبي سواء المدون منه أو الشفاهي مفعم
بالجمال الرائع والصدق العظيم ،ولكن هذه الأغنية الطريفة التي نذكر منها
- مقاطع هنا- ينشدها أحد "الهوبو" الأمريكيين أو العمال المتنقلين في القرن العشرين، وعنوانها "جبال كاندي الصخرية العظيمة"، وليس
في هذه الأغنية شئ عن عالم آخر وراء هذا العالم .فالهوبو لايهتم بالحكومات أو النظم التشريعية . انه يعرف ما يريده من مجتمعه
المثالي الذي لا يجد حرجا في أن يرسم له صورة مادية بحتة :
" هناك في جبال كاندي الصخرية العظيمة،
بلد طيب يتألق بالجمال ، تنمو فيه الصدقات على الأشجار،
وتشبعون كل ليلة من النوم الطويل،
هناك تسير عربات الشرطة فارغة،
وتسطع الشمس المشرقة كل يوم
على أسراب الطيور والنحل وأشجار الدخان،
وتتدفق الينابيع بعصير الليمون ويشدو العصفور الأزرق بالغناء،
هناك في جبال كاندي الصخرية العظيمة.
* * *
في جبال كاندي الصخرية العظيمة،
جميع رجال الشرطة يمشون على أرجل خشبية ،
وجميع الكلاب الضخمة أسنانها من المطاط
والدجاجات يبضن بيضات مسلوقات.
وأشجار المزارعين مثقلة بالثمار،
والمخازن مكدسة بالأعلاف.
آه ! لا بد أن أذهب الى حيث لا تتساقط الثلوج،
ولا تسيل الأمطار ولا تهب الرياح
هناك في جبال كاندي الصخرية العظيمة.
* * *
في جبال كاندي الصخرية العظيمة جميع السجون مصنوعة من الصفيح، وكلما جروك اليها وفيها حبسوك
تستطيع أن تنفذ منها من جديد
هناك لا توجد جواريف بأيد قصار
ولا فؤوس أو مناجيل أو مناشير
سأقيم هناك حيث أنام طوال النهار، وحيث شنقوا الغبيّ الذي اخترع الكدح والشقاء هناك في جبال كاندي الصخرية العظيمة ".



#فارس_البصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عبدالجباروهبي(أبوسعيد) قلم اليسارالعراقي اللاذع


المزيد.....




- شاهد: فيل هارب من السيرك يعرقل حركة المرور في ولاية مونتانا ...
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- مايكل دوغلاس يطلب قتله في فيلم -الرجل النملة والدبور: كوانتم ...
- تسارع وتيرة محاكمة ترمب في قضية -الممثلة الإباحية-
- فيديو يحبس الأنفاس لفيل ضخم هارب من السيرك يتجول بشوارع إحدى ...
- بعد تكذيب الرواية الإسرائيلية.. ماذا نعرف عن الطفلة الفلسطين ...
- ترامب يثير جدلا بطلب غير عادى في قضية الممثلة الإباحية
- فنان مصري مشهور ينفعل على شخص في عزاء شيرين سيف النصر
- أفلام فلسطينية ومصرية ولبنانية تنافس في -نصف شهر المخرجين- ب ...
- -يونيسكو-ضيفة شرف المعرض  الدولي للنشر والكتاب بالرباط


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فارس البصري - الماضي والحنين اليه....