أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - شهاب أحمد الفضلي - جدل الحرية















المزيد.....

جدل الحرية


شهاب أحمد الفضلي

الحوار المتمدن-العدد: 1345 - 2005 / 10 / 12 - 10:33
المحور: حقوق الانسان
    


ان التاريخ الانساني عبارة عن صراع بين سادة وعبيد وأن جوهر الصراع يتمثل بالحصول على شيء من الحرية. تخوضه دائماً أكثر الطبقات تضرراً في نضالها من أجل التخلص من العبودية والاضطهاد في ظل أنظمة ومؤسسات وايديولوجيات قمعية قوضت الانسان كسلب للحرية بحجة الأمن والنظام والمصلحة العليا. وأن أي تحطيم لهذه القيود يدفع الانسان خطوة باتجاه الحرية الانسانية الحقة. ففي مجتمع حر يتعاظم الثقافي والفني ويتناغم الابداع بصور شتى لانتاج وعي جمعي يتجه نحو الكمال لاغياً في النهاية الدولة والصراعات الانانية. فالانسان في هكذا مجتمع “يجري التقاطه في العمل” ليكون جزءً من الصراع العام.. وكلما تم تفريز وتكريس الحرية “كأفهوم” تنثال عليه “المسرعات” كتحريض للارتقاء موصلة الانسان إلى الاستقلال عند ذاك “يجد الفنانون في عملهم الفني وفي عمل غيرهم من الفنانين، ومن الحق ان الناس الأحرار لن يحتاجوا هكذا إلى أية قوانين مفروضة عليهم من الاعلى” (الاسس الاخلاقية للماركسية ـ ص6). ان التوق إلى الحرية يدفع المضطهدين للثورة كمعالجة حتمية فالتناقضات الموضوعية تعمل على تأجيج الصراع وكلما تفاقم ازدادت حدته بعدها لن يكون أمام هكذا تناقض إلى نفي أحد اشكال الصراع وفي عموم الاحوال يكون الجديد ممثلاً للتطور الايجابي حتماً في سبيل الانعتاق والحرية فتاريخ الانسان عبارة عن حلقات يجري تكسيرها لصالح الانسان المستغل “انها رؤية للحرية والتعاون التلقائي والجبر الذاتي الواعي للانسان” “ان الحرية عند ماركس في الصراع، ولكن في الصراع الواعي التعاوني” (الاسس الاخلاقية للماركسية ـ ص6). تخلص من ذلك ان كل الكائنات الحية تقريباً تعمل على تحرير نفسها من القيود المفروضة عليها قطعاً وتحطيمها لتحقق بذلك ومن ناتج الصراع فرض نوع جديد من الحرية نسبياً يتلاءم وسلوكها، كانعكاس طبيعي للخلاص والهروب من البغيض، وهذا واضح في سلوك الانسان ومجتمعه والقائم على قيمة البقاء كخاصة بشرية طبيعية، تعمل وبشكل تلقائي في العام للكائن الحي بالاضافة إلى مشتركات اخرى عامة.. ادراكها يدفع الآخر إلى التماهي “كجبر ذاتي” كون الكشف عنها يحقق نوعاً من الاستجابة لسلوك الانسان في المجتمع وانتاج معرفة تسهم في وضع قوانين بموجبها تتحدد حركة المجتمع تلقائياً يكون هدفها تحرير الانسان في أي رابط يشده إلى الخلف ويجعله وعياً زائفاً أو عطالة ليس لها القدرة على الفعل والمساهمة في حركة التاريخ. “فلكي يصير أي تحرر صادق، يجب ان ينمو امتداداً وعمقاً. فالتحرر لا يظهر كمعطى من معطيات وجدان يأبى ان يتدخل في انبثاق الـ “أنا”. ان التحرر هو الحد النهائي لا تخلقه الفعاليات البشرية، انه انتصار نحققه على الطبيعة التي تصر بعناد في موقفها اتجاهنا” (من الحريات الى التحر الحبابي ص202)
ان التحرر هنا عملية صراع لاسقاط خارجي يتعارض و الـ “أنا” وليس معطى من معطيات الوجدان وتحقيق الشمولية في فهم الحرية كموضوع يتوقف عليه الوجود يحتاج حتماً إلى ميكانيزمات عملية الصراع ورفض أي جبرية في توكيد العدل الالهي، وتجنيد “الاخرين” في معركة يكون الانتصار فيها نفي الاخر.. من يعطيها الديمومة كونها تشكل مصيراً لابد من تعديله، وكما جهلت الانظمة القديمة من “الاقطاعية الوسيطية” يتجاهله اليوم الاستعمار الجديد “الامبريالية” (من الحريات إلى التحرر ـ الحبابي ـ ص202).
وهذا يعني ان ابي ذر مازال يعيش اليوم فنقول بعد التحوير “ويل للاحرار من المحرومين، مجتمعياً واقتصادياً”. (من الحريات إلى التحرر ـ الحبابي ـ ص202)
وعلى الرغم مما يعترض الانسان في الوصول إلى الحرية من عقبات تعمل على تثبيط عزيمته وأشعاره باليأس الا ان الحرية شكل متحرك لا يتصف بالسكون وهي دينامية في ذاتها. فما تريد القيام به فعل خالص للارادة التي تملك وان أي نظرية اخلاقية ليس بمقدورها تحديد ذلك فالخيار هنا امكان وجودي خالص وحتى بوجود قوى أخرى فإن هذا لا ينفي أننا فقط من يعطي للفعل معنى ولتلك القوى مفهوما.
وكحكم “فان الانسان مضطر ان يكون حراً وقد حكم علينا بالحرية. فالانسان محكوم لأنه لم يخلق نفسه وهو من جهة أخرى حر لأنه منذ الساعة التي القي فيها في هذا الكون وجد نفسه مسؤولاً عن كل ما يفعله” (الوجودية مذهب انساني ـ سارتر ـ ص54). الاضطرار هنا حكم نفي وتوكيد للعبودية ومن خلال الصراع مع القوى الطبيعية والاجتماعية وللتروع الكامن في ذواتنا وما تفعله جملة التناقضات الوجدانية يكون الحدث في كل محاولة توكيداً يدفع باتجاه جدل الحرية كونها مشروعاً للخلاص.
“يغضي الى الحقيقة ـ بوصفها مطابقة الواقع للمفهوم ـ الهوية البسيطة المباشرة التي تجد نفسها مستبعدة بواسطة الطابع المطلق للاختلاف، وبواسطة الحرية كتعيين ما هوي للوجود الحق” (نظرية الوجود عند هيجل ـ ماركوز ـ ص23)
لا يتحقق الوصول إلى الحقيقة الا بالحرية كوجود متعين ناتج عن توازن الوجود في عملية صراع واستقرار لـ “صيرورة”باختصار وجود سالب متعدد الشرائح كل شريحة منه “شيء ما” وهو بذلك وجود له بعض التعين دون تحديد. اما ماهيته فتوكيد لوجود عميق ماهوي بقشرة خارجية غير حقيقية فالوجود للأشياء يحمل صفة الديمومة. فالحرية كمبدأ تعني السيادة المطلقة للشخص على الأشياء محققة بذلك الاختيار نافية عنه التشيوء وما وصل إليه هيجل وكذلك ماركس فيما بعد “إلى المطالبة بتقصير يوم العمل بوصفه شرطاً لانتقال الانسان إلى عالم الحرية” (أصول فلسفة الحق ـ أمام عبد الفتاح أمام ـ ص28).
أما “أريك فروم” في كتابه الانسان بين المظهر والجوهر يرى ان تحقيق الاستقلال الذاتي وحده الذي يفضي إلى الحرية وينهي الحاجة إلى التمرد العقيم متناسياً ان الحرية قادرة على الامتداد لـ “تصير” في ذاتها وان السعي باتجاهها يرتبط أفقياً في أذهاننا انها حرية الآخر ويؤكدها كـ “ماهية للوجود الحق” وما الاستقلال الذاتي الا شكل من تجليات كثر لحقيقة الحرية كونها نزوع ضد أي جبرية خارجية تهدد الـ “أنا” كذلك “ان اسلوب العيش التملكي أي السلوك الذي يتمركز حول الملكية والربح لابد ان يخلق الرغبة، بل الحاجة إلى القوة، فمن أجل السيطرة على كائنات بشرية أخرى، نحن بحاجة إلى استخدام القوة لتحطيم مقاومتها”. (الانسان بين المظهر والجوهر ـ أريك فروم ص83) فالتملك هنا ميزة المجتمع الرأسمالي المبني على أساس الربح واسلوب الانتاج المتمثل بعلاقات الانتاج ووسائله. ونزوح هكذا مجتمع إلى تركيز الثروة بأيدي قلة. وهذه القلة لا تخلو من أوجه الصراع فيما بينها فكل منها يعمل على اقصاء الاخر للاستحواذ على كل رأس المال، هذا الصراع لا يحقق الحرية والمنافسة المعلن انها شريفة قائمة على اسلوب تحطيم الاخر وسحقه وهذا اسلوب غير شريف. خال من الانساني.. والحرية انسانية الطابع مما يتعارض وفهم حقيقة الحرية. التي هي شوق للانعتاق مزروع في وجدان المضطهدين يتمظهر بأشكال عديدة، فالفرد والطبقات وحروب التحرير.. كلها معارك للحرية وعلى أساسها ينخرط الناس اعتقاداً منهم بأن الموت في سبيل الحرية يعني العدل، أفضل من الحياة بدونها. وهي بذلك فطرية وطبع انساني وكرد فعل ايجابي تنشئه جملة من العوامل الاجتماعية والاقتصادية والنفسية والايديولوجية في السيرورة الاجتماعية فإن الجانب التسلطي الشمولي واستخدامه القوة يدفع بالناس إلى الثورة اجتماعياً ونفسياً. واستخدام الناس في العمل واستغلالهم بشكل بشع يدفعهم إلى الثورة وتحطيم وسائل الانتاج. لذا فإن الضرورة تقتضي بأن يؤخذ الانسان في جملة علاقاته تلك “الانسان والمجتمع” وكذلك “الانسان والطبيعة” وان العلاقة بينهما ليست جامدة، وان أي انحراف أو سوء في العلاقة تلك يؤدي إلى الاحباط مما يعزز دينامياً ويعرض الحياة النفسية إلى مخاطر ويدفعها للبحث عن طرق في الخلاص، انها حاجات تشبه الجوع والعطش والجنس.
وبما ان التاريخ لا يصنع الانسان بل ان الانسان هو الذي يصنع التاريخ فالمهمة هنا في كيفية واشكال التطور لرغبات وأهواء وفهم الانسان نتيجة للعملية الاجتماعية والطاقات الانسانية وعملية تكييفها لتصبح بعد ذلك قوى منتجة تعدل من العملية الانتاجية كنفي ايجابي للارتقاء.
ما نعتقده ان الحرية ستظل طريقاً مثمراً وايجابياً كونها تحقق عملياً جدل العلاقة التلقائية بين الانسان والطبيعة وان أي صراع لا يحل بانتصار أحدهما وان الوجود الانساني والحرية منذ البداية غير منفصلين. فالحرية امتداد للعدل.. والعدل هو الحق. وكما يقول سارتر فـ “الانسان ليس انساناً الا بحريته، فالحرية يصح اعتبارها تعريفاً للانسان”.



#شهاب_أحمد_الفضلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نظرية المعرفة


المزيد.....




- کنعاني: لا يتمتع المسؤولون الأميركان بكفاءة أخلاقية للتعليق ...
- المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة: روسيا في طليعة الدول الساع ...
- مقر حقوق الإنسان في ايران يدين سلوك أمريكا المنافق
- -غير قابلة للحياة-.. الأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد ت ...
- الأمم المتحدة تحذر من عواقب وخيمة على المدنيين في الفاشر الس ...
- مكتب المفوض الأممي لحقوق الإنسان: مقتل ما لا يقل عن 43 في ال ...
- مسئول بالأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد تستغرق 14 عاما ...
- فيديو.. طفلة غزّية تعيل أسرتها بغسل ملابس النازحين
- لوموند: العداء يتفاقم ضد اللاجئين السوريين في لبنان
- اعتقال نازيين مرتبطين بكييف خططا لأعمال إرهابية غربي روسيا


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - شهاب أحمد الفضلي - جدل الحرية