أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حمدي غزال - نقاش مع إسلامي وسطي معتدل .















المزيد.....

نقاش مع إسلامي وسطي معتدل .


حمدي غزال

الحوار المتمدن-العدد: 4868 - 2015 / 7 / 16 - 12:46
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



جلستُ في مقهى الحيّ ،وحيداً كعادتي في ساعة متأخرة من الليل ،أترشّف قهوتي السادة و أتلذّذ بالإستماع إلى الصوت العجائبي لأم كلثوم الذي دأب صاحب المقهى ونادله ،خرّيج الجامعة، على وضع شريطها الموسيقي أخر الليل و توديع حرفائهما في تمتمةٍ و سلطنةٍ تامّة مع كلماتها و أنغامها.داخل المقهى و على غير العادة جلس أمامي شابان في عمر العشرين أو أكثر بسنة أو سنتين على أقصى تقدير . وجهيهما غير مألوفين، و هيئتيهما باللّحية المعفاة و القميص الأفغاني جعلتهما في ذهني أقرب لصورة توابع الدرويش رضا بلحاج الذي يقطن في مقربةً منّي و يتردّد مريدوه واتباعه زرافاتٍ و أفراداً على المقهى بعد إنتهاء صلاة التراويح ليتجمّعوا حلقاتٍ حلقاتْ لتلقين بعض الظّالين من شباب الحي دروساً حول عذابات القبر و النار و إبتلاأت الدّنيا و طريقة هدي شباب المسلمين إلى الدّين و منهج الخلافة.


كنت منغمساً و مسافراً في رحلة فنيةـ موسيقية مع نغم الأطلال . أدقّ بيدي على الطاولة محاولاً إقتفاء اللّحن و الوتر وأدندنُ كلمات القصيد في إنتشاء و شجون . فجأةً، تحول سمعي من مقطع أَعْطِنِي حُرِّيَّتِي أَطْلِقْ يَدَيَّا .. إِنَّنِي أَعْطَيْتُ مَا ٱ-;-سْتَبْقَيْتُ شيّا إلى حديث الطاولة الذي كان يدور أمامي بين الشابين حول بعض المشاكل الإجتماعية الراهنة التي تعانيها البلاد كالبطالة التي يكمن حلّها حسب ماجادت به عصارة تفكيرهما في وصفةٍ هلاميّة تتمثل في الكف عن إنتداب النّساء في الوظائف المهنية و الإدارية و تشغيل الرجال فقط ،فالاسلام وفق فهمهما للنص المقدس وقولهما قد كرّم المرأة بأن كفاها مشقّة العمل وكسب الرزق و ألزم الرجل بالانفاق عليها ، ثم أن الله قد أمر النساء في كتابه بالمكوث فى المنازل وعدم الخروج من البيت.
على قدر عدم استغرابي من نظرة التمييز و الدونية للمرأة في خطابهما فإنّ شرعنة إذلالها إستدلالاً بالقرآن استفزّتني حقاً . هجت ومجت إنفعالاً في داخلي ، هدّأت من روعي . أردتُ الدخول معهم في نقاش عسى أنّ إفهامهم سيقوّم ويصحّح ويصوّب بعضًا من الرؤى والأحكام المقلوبة لديهم الناتجة عن جهل .
عدلتُ عن التدخل و بي رغبةٌ أن أسمعهم أقذع النّعوت التي تليق بمقامهم السّافل .
قلبتُ الكرسي .غيّرتُ اتجاهه نحو التلفاز . طلبتُ قهوةً ثانية . ترشّفت القليل منها ،خالجتني عدّة اسئلة واستفهامات في ذهني حول سرعة سريان هذا الفكر الدينيّ المتعصّب و سهولة تسربّه في عقول الشباب المهمش و حتى الجامعي و عن قصور المدرسة والمنظومة التربوية في تحصين المجتمع و في حماية الشخصية التونسية من دعوات التزمت والانغلاق .إلتفتُّ ورائي مرة أخرى .لمحتُهما في نقاش متواصل لكن لم يعد صدى صوتيهما يصِلُني . أعدتُ كرسيّ إلى مكانه الأول من جديد علّي استرق القليل من حديث جهابذة التعصّب .أيقنتُ أن حديثهما حول المرأة قد إنتهى و انّهما قد فتحا صفحة جديدة من النقاش حول فقه الحدود فى الإسلام كالزنى و شرب الخمر والسرقة و مشروعيّة احكامهم.
لم أستطع أن أتحكّم في حقدي الفكري على الكهنوت الديني وعلى الجهلة الناطقين بإسمه .أدرتُ كرسيّ تجاه طاولتهما . قاطعتهما قائلاً : سمعتكما تتحدثّان عن بعض الأحكام الشرعيّة في الإسلام أردت منكما إستفساراً بسيطاً و سؤالاً لا غير ٬-;-علّكما تُريحا قلبي و تُطَمئنا عقلي في الإجابة عليه .

_أنا_ : هل تؤيّدان ما تقوم به داعش من إرهاب وحشي وإجرام في حقّ الشعوب و الإنسانية من قتل و سبي و تدمير ؟

_هما_ : طبعاً لا. داعش لا تمثّل الإسلام . أسائت كثيرا للمسلمين وشوهّت صورتهم في العالم وربطتهم بالعنف و القتل .داعش متشدّدة جدّا

_أنا _ : جّيد جدّا .أفهم إذن أنّكما دعاة وسطيّة و إعتدال ٬-;- لكن هل أنتما مع حدّ السرقة اليوم؟

_هما_ : طبعاً .حدّ السرقة حكمٌ ثابت في الشريعة الإسلامية فإستئصال اليد السرقة منعٌ لانتشار الفساد والفوضى

رعشةٌ إنتابتني حينها لم أعرف سببها .كلّ ما أعرفه أنّها ليست رعشة خوف ، ربّما استعسر عليّا فكرياً هضم تلك الإجابة ٬-;- أو أنّي لم أستسغ كيف لعقل تونسيٍ صرف ،نشأ و ترعرع على هذه الأرض أن يفكّر بهاته البلاهة. أردفت سؤال أخر لهما .
وهل أنتما مع رجم الزّانية ؟

_هما _ : حدّ الزنا حكم ثابت في الشّريعة و إن الله تعالى حرّم الزنا وغلّظ عقوبته
_أنا _ : لكن هل أنتما مع قتل المرتد و الكفّار ؟

_هما _: طبعاً . المرتّد يُستتاب قبل قتله ويُطلب منه الرّجوع إلى الإسلام قبل إعدامه، فإن أصرّ على كُفره قُتل حدّاً،فمن اعتنق الإسلام ثم كَفر به فقد ارتَكب جريمةً عظمى يستحقّ بموجبها القتل إن لم يرجع عن جريمته. لأنّه ترك الدّين الذي أوجبه على نفسه بعقده وفارق جماعة المسلمين، وهذا عبثٌ في دين الله وإفساد للمجتمع المُسلم، وأصبح المرتدُ عضواً فاسداً في جسم المجتمع المُسلم يجب بترُه حتى لا يسري فسادُه إلى بقية أعضاء المجتمع .

لا أدري هل أبكي قهرا و غيظا لحال تونس و للطّاعون الفكري الذي نخر جسدها٬-;- أم أندب واقع شبابها الموطوء تحت مطرقة التّهميش و سندان عصابات التكفير و تعليب الوعي.
_أنا_ : إذا وجب قتل الكفار وجب معه حكم أخذ الجزية .يعني أنّكما تساندان أحكام الغير مسلمين ؟

_هما _ : الجزية تجب على كل من يجب قتله مقابل الكفّ عنه وتسقط عن الكافر بإسلامه.
_أنا _ : بحيرةٍ وإستهجان شديدان . هل أنتما مع إقامة الدولة الإسلامية ؟

_هما _ : نعم ٬-;- فإقامة الخلافة واجب شرعي على المسلمين

_أنا _ : سأعيد عليكما سؤالي الأوّل : هل تؤيّدان داعش ؟

_هما _ شاخصين : كلاّ و لا. نحن دعاة إعتدال.

_أنا ـ_ : هل سمعتعما يوما بدكتور نفسيّ يُسمّى حاتم العشّاش مكتبه وسط المدينة .

_هما _ : لا .وما دخل هذا في حديثنا .و لماذا هذا الإسقاط المتداخل في النقاش؟

_ أنا _ : أنصحكما به ٬-;- مشهود له بنجاحه في معالجة المرضى بإنفصام في الشخصية أيّها المعتدلان.

_هما _ : إحترم نفسك و صن لسانك .

_أنا _: طيّب. أيري فيكما وفي القدسيّة الإلاهية التّي ألبستموها لشريعة بشريّة ايّها الحمقى السذّج . تدبرّوا القرآن و محصّوا التاريخ قبل فتح أفواهكم التي تنطق شررا.


سكتت أمّ كلثوم وإنطفأ نور المقهى و إلتحق النّادل و بعض من المارّة المستعجلين للسّحور لفضّ التلاسن الذي تطوّر لتشابك بالأيدي.



#حمدي_غزال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليكُن 17 أفريل يوماً عالميّا لنُصرة الأسرى
- بيان العودة الجامعية
- - نهاية الإخوان من مصر -


المزيد.....




- قائد الثورة الاسلامية سيلقي خطابا بذكرى رحيل الامام الخميني ...
- عالم مصري: الحضارة المصرية عقدة اليهود التاريخية ومستهدفة من ...
- رحلة العائلة المقدسة: المسيح في مصر بين المصادر الدينية القب ...
- فرحهم وسليهم.. مع أحدث تردد لقناة طيور الجنة 2024
- “اغاني اطفال طوال اليوم “ اضبطي الآن تردد قناة طيور الجنة عل ...
- حاخام يهودي يدعو لإبادة الفلسطينيين ويتفاءل بأحداث السابع من ...
- “استقبل الآن” ترددات القنوات الدينية الإسلامية 2024 بأعلى جو ...
- أكبر 10 دول منتجة ومصدرة للقطن في العالم.. بينها إسلامية
- لكل صلاة مؤذن وملازم ومؤذن احتياط.. تعرف على غرفة المكبرية ب ...
- “أغاني البيبي شغاله ليل ونهار” تردد قناة طيور الجنة بيبي على ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حمدي غزال - نقاش مع إسلامي وسطي معتدل .