أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - صادق حسين فتال - الصحافة الحرة














المزيد.....

الصحافة الحرة


صادق حسين فتال

الحوار المتمدن-العدد: 1339 - 2005 / 10 / 6 - 11:40
المحور: الصحافة والاعلام
    


في احدى جامعات بلاد الواق الواق وفي المراحل الدراسية الاولى، حيث كان الوعي السياسي في مراحله التاسيسية، كان هناك استاذ عائد لتوه من فرنسا ومتأثر بثقافتها وبعلومها وبتقاليدها. وبدأ محاضرته المتعلقة بالتنمية الاقتصادية بالحديث عن الفساد، وما ادراك ما الفساد في بعض من هذه البلاد. وقد تطرق خلال العرض والاستعراض الى حادث انتحار وزير العمل الفرنسي روبير بولان عام 1979 بعد ان اشارت الصحافة الى انه شريك في مؤسسة اشترتها جهة رسمية وظُنّ ان له دوراً ما في هذه العملية، وبالتالي، فقد حقق مكاسب شخصية لم يتعد رقمها حينذاك ما يتقاضاه شهرياً شرطي المرور في بلاد الواق الواق من جعالته غير الرسمية من رقاب العباد او غيرهم.
واعتبر الاستاذ، لا الوزير، كون الاخير قد انتحر، بأننا لو طبقنا هذا المبدأ في بلاد الواق الواق حيث تعيش الشعوب التي تنعم بالاعلام الحجري، لأضحى مجلس الوزراء من دون وزراء ولعقدنا مجلس العزاء في كل اطراف البلاد. وقد دفعت هذه الرواية، التي على ذمة صاحبها، احد الطلبة الوطنيين لأن يرسل بحقه وصفة طبية للجهات المعنية أدت به بعد بعض المساءلات الى ان يختار الرحيل وتعليم الآخرين، وأبعدته عن الطلبة الوطنيين غير نادم.
وفي 1993، انتحر رئيس وزراء فرنسا في عهد فرنسوا ميتران وكانت قد اتهمته الصحافة بأنه قد حقق فوائد عينية من خلال حصوله على قرض مع تسهيلات تسمح له باستئجار منزل لوالده من دون المرور بالمراحل المطلوبة والانتظار ربما طويلاً. حزنت فرنسا حينها وغضب ميتران بشدة ناعتاً الصحافة بشتى الاوصاف. وبالرغم من ذلك، استمرت الصحافة بأداء دورها غير آبهة بغضبة الرئيس، لأنها الديموقراطية.
ولكم ان تتصوروا كم يضحك مسؤولو بلاد الواق الواق، وينقلبون عن موائدهم العامرة، وهم يتابعون تلك الاحداث. خصوصاً، حينما يتعرفون اكثر على التفاصيل من خلال معرفة الاسباب والارقام والمبالغ. انهم حتى ليتصدقون على ارواح "الفاسدين" من الاوروبيين التي رحلت الى السماء ملطخة ببضعة آلاف من الدولارات في حين ان صفقة يعقدها ابن سائقهم تتجاوز الملايين، وهم لا ينتظرون ان تم التشهير بفسادهم العلني والمقصود وسابق التصميم، سوى الترقية مدفوعة الثمن او العقوبة القاسية التي تصل لحد ارسالهم سفراء الى بلاد ينعمون ليلاً بنسائها ويعملون نهاراً على ان تكون تجارة العملات الصعبة والمشروبات الروحية خير دعاية لأوطانهم.
كثيرة هي الروايات حول فساد مزعوم او حقيقي او مفبرك لهذا الوزير الاوروبي او ذاك، وغالبيتها تأتي من الصحافة، وكثيرة كانت ايضاً الاخطاء التي ظُلم من خلالها البعض. وليس بآخرها ما حصل مع وزير الاقتصاد والمال الفرنسي هيرفيه غيمار، الذي استقال في 25 شباط الماضي بعد ان كشفت احدى الصحف استئجاره سكناً مهنياً وباموال دافعي الضرائب، وهذا بالأساس حقه الكامل والمنصوص عليه في القوانين، ولكنه اخطأ باختيار المنزل ومساحته واجرته، مما دفع الصحافة لكي تتربص به وبتبريراته غير المقنعة.
لقد قدرت الصحافة ان المبلغ المدفوع كبير جداً وكذلك المساحة، رغم ان الوزير الشاب والنشيط لديه من الاولاد ثمانية. اضافة الى ذلك كان غيمار من الشبان الواعدين في فريق شيراك وذا خلفية علمية متبحرة في شؤون الادارة والاقتصاد حيث تولى مهمات حساسة عديدة في هذا المجال قبل ان يصبح وزيراً، وهو صديق للثقافة المشرقية من خلال تعرفه عن كثب على الحضارتين المصرية والسورية اثناء توليه منصباً اقليمياً في القاهرة.
لم يدم الجدل الصحافي عشرة ايام، غادر خلالها الشقة "الفضيحة" واستقال وحاول ان يشرح اسباب هذه "الجريمة" متعللاً، وهو في الغالب صادق، ان ما جرى هو من عمل مساعديه الذين بحثوا له عن شقة مناسبة وانه اخطأ بعدم التنبه الى تفاصيل العقد بسبب ضغط العمل وثقته بهم. وانهى غيمار الجدال بالقول: "اعترف بارتكاب بعض الهفوات وانني اخطأت في تقدير جدية قضية سكني المهني. لقد وضعت حداً فورياً لهذه القضية والتزمت بكل تبعاتها المادية". وقد دعت جريدة "الموند" بعد استقالته من الحكومة الى وضع معايير وحدود يجب عدم تجاوزها في ما يتعلق بالسكن الوظيفي.
لن ينتهي العمر السياسي لهذا الرجل مع انه سيغيب لفترة عن ساحة القرار، فالمجتمعات الديموقراطية التي تحاسب الفاسد والمخطئ، لا تلبث ان تسترجع المخطئ الذي اعترف، مقدرة له عمله وخبرته التي اجمع عليها أهل اليمين واليسار. وانسحابه من المشهد السياسي سيعزز مكانته في الذاكرة الشعبية العريضة وسيدعو زملاءه للتفكير ملياً عند اتخاذ خطوات تأتي في الغالب على استعجال.
اضافة الى الدور المهم التي تلعبه السلطة التشريعية والرقابية في البلاد الديموقراطية، وكذلك، الجمعيات الاهلية التي تساهم في مراقبة عمل الحكومة، فإن الصحافة في تلكم البلاد، رغم كل عيوبها وخضوعها احياناً لتأثيرات اقتصادية معينة وسياسية ما، تتميز بالاصرار على المتابعة والمساءلة من خلال ترقبها للمسؤولين بدءاً من اخطائهم وهفواتهم، وانتهاء بفساد ارتكبوه او سوء في الادارة او سوء استخدام لسلطاتهم.
وكان رئيس وزراء فرنسا الاسبق وعمدة مدينة ليون الاسبق ريمون بار، وهو أحد المخضرمين ومشايخ المهنة، يتندر برواية ما حصل معه ذات يوم، حيث استدعاه على عجل رئيس الجمهورية يوم عطلة، وكان خارج باريس، فطلب من دراجة نارية للشرطة ان تساعده في شق طريقه الى "الايليزيه". وبعد انتهاء موعده، استدعاه هذه المرة التلفزيون ليسأله المذيع بأي حق يستخدم دراجة الشرطة لشق طريقه وفي يوم عطلة؟ فكان جواب بار انه كان مضطراً وعلى عجلة من أمره وان الرئيس كان في انتظاره، فما كان من المذيع الا ان نظر الى ساعته، وقال، سيدي، ان المواطن اضاع ما يكفي من الوقت لسماع تبريراتك غير المقنعة، فأشكرك واختم اللقاء. أخال بأحدنا يقول: آهٍ ما اسخفهم!
صادق حسين فتال
[email protected]



#صادق_حسين_فتال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أحزاب سورية 1946 -2005


المزيد.....




- السعودية.. أحدث صور -الأمير النائم- بعد غيبوبة 20 عاما
- الإمارات.. فيديو أسلوب استماع محمد بن زايد لفتاة تونسية خلال ...
- السعودية.. فيديو لشخصين يعتديان على سائق سيارة.. والداخلية ت ...
- سليل عائلة نابليون يحذر من خطر الانزلاق إلى نزاع مع روسيا
- عملية احتيال أوروبية
- الولايات المتحدة تنفي شن ضربات على قاعدة عسكرية في العراق
- -بلومبرغ-: إسرائيل طلبت من الولايات المتحدة المزيد من القذائ ...
- مسؤولون أمريكيون: الولايات المتحدة وافقت على سحب قواتها من ا ...
- عدد من الضحايا بقصف على قاعدة عسكرية في العراق
- إسرائيل- إيران.. المواجهة المباشرة علقت، فهل تستعر حرب الوكا ...


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - صادق حسين فتال - الصحافة الحرة