أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - مريوان الجاف - خطوات البحث عن الوطن














المزيد.....

خطوات البحث عن الوطن


مريوان الجاف

الحوار المتمدن-العدد: 1338 - 2005 / 10 / 5 - 11:48
المحور: حقوق الانسان
    


في 16 / 11 / 1967 كانت الغريبة فاطمة عبدالرحمن تئن في حالة مخاض عسير لتلد غريبا آخرا في أرض بعيدة عن وطنها كوردستان ، في أرض الكويت ، وكان الغريب الرضيع هو الآخر يسعى ويتلولب ويزحف برأسه الصغير نحو الخلاص من العش المظلم الصغير في رحم فاطمة الذي آواه لتسعة أشهر ، شاءت الاقدار ان تكون مساعدة ام محمد الجارة الكوردية لفاطمة ان يخرج الوليد معافيا غير ان بكائه المتواصل كان عنوانا لصيحة استفهام بدأت في 16 / 11 / 1967 ولا زالت تبحث عن صداها دون هوادة .
كبر الرضيع البكّاء وكبرت معه تساؤلاته وتأملاته التي لا تحدها حدود , كان بوده ترجمة آلاف الاسئلة الغاضبة كلفافة زوبعة صيفية الى أجوبة مقنعة تروي بها ظمأ التأملات وفاطمة لا تكد ولا تمل من الجواب وكأنها مدرسة تعد جيلا بمختلف العلوم ، ولكن اجوبة الام المسكينة تتفاعل في مخيلة الصبي وتتمخض لتتولد منها المزيد من الاسئلة الجديدة ، تركز اسئلة الصبي ( مريوان ) في احد الايام عن أصول وفصول الوالد المتوفى في عام 1970 وهو في الربيع الثالث من عمره ، كان يسأل عن اسمه ومولده ونشأته وقوة عضلاته ووضعه المعيشي وكان يتمنى ان تكون الاجوبة وفق ما كان يرسم هو صورة الاب الراحل في مخيلته كما كان أفلاطون يرسم جمهوريته الفاضلة التي تصلح ان تكون موطنا للانسان حسب معتقده الفلسفي قبل قرون خلت ، وفاطمة كانت تجلس ورأس الصبي مثبت على فخذها الدافئ وعينناه مسمرتان في الافق تتابع حركة الشفتان الى ان يستسلم الى نومة ملئها الاحلام الوردية والملونة ، عرف مريوان مبكرا انه أبن المتوفي علي سعيد المنتمي الى عشيرة الجاف الكبيرة التي تبدأ موطنه من قصبة السعدية التابعة الى قضاء خانقين المشهورة بالنفط و بساتين التمر وجسر الوند القديم وينتهي في مدينة بانه مرورا بمدينة مريوان التي حمل أسمها في كوردستان إيران حيث كانت هذه العشيرة حتى العقود القريبة رحالة في تلك المساحة التي تعد أكبر من مساحة كافة الدول الخليجية الداخلة في تركيبة هيئة الامم المتحدة ومنها الكويت العزيزة المحروسة التي فتح مريوان في أرضها المعطاء عيونه العسلية , وعرف مريوان ان الوالد الذي عاش أكثر من تسعة عقود كان ضمن الوفد الذي استقبل الملك الكوردي الشيخ محمود الحفيد عندما فك الانكليز أسره في جزيرة هنجام مارا بالكويت عائدا الى السليمانية في كوردستان العراق .، تركزت وتعلقت هذه النقطة في مخيلة الصبي وولد في حشاشته وهج شوق بدأ يكبر مع الايام ، شوق الى العودة الى بوابة زاكروس موطن الاباء والاجداد كما قالت الوالدة التي لا تملك من إرث الزوج والوطن والاهل الا مريوان الصبي وشقيقتها نزيرة محمد سعيد ولهذا عاشت لاجلهما .
اختزلت أسئلة الصبي في سؤال واحد أخيرا :
- متى العودة الى الوطن ؟
كان وقع السؤال الاخير ثقيلا ، لم تفلح فاطمة التي عاشت عمرا في الكويت وتتحدث بالعربية ولكن بلكنة كوردية واضحة أن ترد على هذا السؤال ، غير إنها خطت خطوات عملية كبيرة لتثبيت موطئ قدم لها ولأسرتها الصغيرة في أي جزء من أجزاء كوردستان لكن محاولاتها باءت بالفشل الذريع , وكيف تفلح مشروع عودة الى وطن أشبه بحقل من الالغام ، الكلمة فيها للغازي المحتل ، والقرار لقادة العسكر الذين اعدوا آلاف المشاريع الاستيطانية الداعمة لطرد اهل الارض والاتيان بالمرتزقة ممن تسول لهم الانفس والغرائز المريضة ان يسكنوا عرش الآخرين دون الاكتراث بما يؤول لهذا الاخر من غرائب الامور , ولست ادري كيف مرت السنين وكيف حط بنا مركبنا المُسيّر في حي الاكراد بالشام ويبدوا اننا في كل مدينة في العالم لنا حي ولا حي يلمنا في الوطن ، معادلة تثير الكثير من الملل والاستغراب ، الشام .. أو دمشق العاصمة السياسية لسوريا ، البلد الذي يعيش فيها ثلاثة ملايين كوردي يحمل اسم الجمهورية العربية السورية , تواصل دهر التشرد في تلك الدولة التي تحجب حق المواطنة عن اهل البلد الكوردي فكيف لمشرد تائه تسري في عروقه الدم الكوردي الممنوع من الصرف في معظم دول الشرق المتوسط ، سار المركب بجسمي النحيل الذي لا يزن اكثر من 57 كيلوغراما دون ارادة مني الى الغرب .. الى الاسكندناف الذي يحتضن الحرية وجمال البيئة وترعاهما والذي يعد نعيما مؤقتا وبلسما مؤقتا وتخديرا مؤقتا لمشاعر لا تتوقف عن الهيجان ولا تهدأ الا بهدوء العاصفة التي تهز مضجع الحرية .
مالمو هي المحطة التي مسحت دموع المئات ترى هل تمنح سريرا إضطراريا لمسافر كلّ الرحال بحثا عن لقمة من الحرية ورشفة من الحنين وغطاءا من الامان ، ترى هل ينام مريوان على سعيد برهة حالما بالوطن الذي لم يزره حتى في أحلامه ؟



#مريوان_الجاف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- فعلها بحادثة مشابهة.. اعتقال مشتبه به دهس طفلة وهرب من مكان ...
- المياه ارتفعت لأسطح المنازل.. قتلى ومفقودون وآلاف النازحين ج ...
- طلاب نيويورك يواصلون تحدي السلطات ويتظاهرون رفضا لحرب غزة
- خبير عسكري: المواصي لن تستوعب النازحين من رفح والاحتلال فشل ...
- آلاف الإسرائيليين يتظاهرون للمطالبة بصفقة تبادل للأسرى
- الآلاف يتظاهرون في تل أبيب مطالبين بالإفراج عن الأسرى ورحيل ...
- فيديو: أطلقوا العنان لصرخات متواصلة.. طلاب يتظاهرون ليلاً أم ...
- حملة سياسية وإعلامية.. ميقاتي يرد على مزاعم وجود -رشوة أوروب ...
- آلاف الإسرائيليين يتظاهرون للمطالبة بصفقة تبادل فورية وإسقاط ...
- -لا أستطيع التنفس!-.. فيديو يظهر لحظة اعتقال رجل من ذوي البش ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - مريوان الجاف - خطوات البحث عن الوطن