أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - ثريا حمدون - قراءة نقدية في قصة - فارس بلا جواد- للكاتب محمد فري














المزيد.....

قراءة نقدية في قصة - فارس بلا جواد- للكاتب محمد فري


ثريا حمدون

الحوار المتمدن-العدد: 1333 - 2005 / 9 / 30 - 11:11
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


تنهض القصة على فكرة أساسية، وهي الواقع الأليم الذي يعيشه المواطن القروي المهمش الفقير،
والذي يعتمد على منتجات الأرض،و ينتظر المطر بفارغ الصبر.
يمتزج الأمل بالألم ليشيدا خيمة حلم يعيش صالح بن المعطي أو" دون كيشوت" تحت ظلها، إنه بطل القصة التي جعل محمد فري كلماتها مسدسات عامرة بقذائفها كما يقول بريس بارين Brice barain..
ينتقل بنا محمد فري في قطار من الأفكار، ينقش البداية والنهاية، فتشكل المعاناة دائرة مغلقة
لا يخرج منها البطل.
يشرق السؤال في سماء القصة، أنتقي منه خيطا لعلني أهتدي إلى مداخل ومخارج هذا النص:
فارس بلا جواد.
أمسك بشعاع المحور الاجتماعي فأرى صالح بن المعطي يعيش الفقر، باع جزءا من أراضيه هاجر أولاده إلى إيطاليا للبحث عن عمل بعد أن لفظتهم القرية، بقي وحيدا تطارده الديون من كل حدب وصوب،يأكل قطعة خبز ويشرب إناء لبن في الغداء.
لماذا تردت حاله وأصبح يعاني ككل الفقراء؟ وما أصعب معاناة بطلنا عندما يستيقظ فلا يجد
صحة ولا مالا ولا ولدا.
تأملت شعاعا كان منطفئا، لكنني أشعلت فتيلته بالسؤال، فأضاءت نفسية صالح بن المعطي :شخص فقد الأمل وراح يتأمل الحلم ويتمسك به، حلم يذكره بالماضي البهي الجميل:
-كان الخير كثير والزرع وفير
- كان قويا شرب إناء السمن المذاب
-كان فارسا يملك فرسا يجري عليه كالريشة ويلاعب بندقيته بمهارة.
-كان يتوفر على الفرس البركي، وهو من الخيول الأصيلة، يقود فرقة الفرسان الذين سيقاتلون في معركة وهمية
-كان يوفر لفرسه أحسن رعاية: عبرة من الشعير خالية من الحصي والحجارة الصغيرة، ودلو ماء صاف عذب، وحمام يومي للمحافظة على نشاط الفرس وحيويته.

فجأة يتغير الزمن، يصبح راعيا لنعجات يبحث لها عن طعام مستحيل، كالدم لا يمكن أن نصنعه.كان فارسا أصبح راعيا
تحولت البندقية بفعل الزمن إلى عصا، وأيام العز تضيف حرفا للكلمة) العز( فتصير الأيام عجزا.
تحضرني نظرية أوفيد في التحولات حيث يقول :" إن السماء وكل ما تحتها يتغير وكذلك الأرض وما تضمه، ونحن كذلك جزء من الكون، لأننا لسنا أجسادا فحسب، بل نحن كذلك أرواح مجنحة تستطيع أن تجد لها مأوى في أجساد الحيوانات المفترسة أو الأليفة".

وعندما يغيب السؤال، نتساءل مع محمد فري: هل غياب المطر هو المسؤول عن تدهور وضعية صالح بن المعطي؟
وهل المطر غاب لأن الأخلاق غابت؟ هل هو عقاب الله ؟ حسب خواطر البطل؟

ربما هناك سؤال آخر لا أريد طرحه كما لم يطرحه الكاتب ينقش أسئلة كثيرة مسكوت عنها ......

إن اللغة التي استعملها محمد فري في هذا النص هي من السهل الممتنع، تمتح مباشرة من معين اللغة الحية.
ونشير إلى أن اعتماد التسلسل الفكري للغة بهذا الشكل يساعد القارئ على نسج ذلك الخيال وحتى
إن كان مستعصيا على البعض .
فاللغة المغربية تأتي على لسان صالح بن المعطي ولسان أعيان الخيمة الكبرى، تبتدئ بالدعاء وتختتم به وبين البداية والنهاية
تشيد اللغة إشارات رمزية.
دعيو معانا يا الشرفا
سيروا الله يبيض سعدكم
ويقويكم على من عاداكم
الإشارات اللغوية السيميائية
الحافظ الله : الانطلاقة
آروا الخيل : سرعة الخيل وغبار يتصاعد بإطلاق الأعنة لها
شدوا الخيل : الاقتراب من خيط الوصول وشد الأعنة
استعدادا للطلقة الجماعية الواحدة
المكاحل المكاحل : رفع البنادق والإمساك بالأعنة وانتظار إشارة القائد
هوبــــ : لحظة انطلاقة أصوات انفجار البارود

وبعد هذه النهاية المتقنة للفرسان، واطلاق البارود بنجاح،نجد القايد من داخل الخيمة الكبرى يختم كلامه بالدعاء
فيقول :
الله يرضي عليكم
الله يكون منكم الزرع والزريعة
معاكم دعوات السادات الصالحين
هناك إشارات سيميائية شكلية : حيث نجد ثنائية بين البندقية والعصا، فصالح بن المعطي أو" دون كيشوت يرى العصا بندقية
ألم يكن مهووسا بالفروسية ؟
يقول السارد أيضا " إيه يالحظات الماضي..كان " مقدم الدوار " يأتي بنفسه باحثا عن " صالح بن المعطي " ليخبره عن رغبة " القايد " في إقامة " التبوريدة "..وأن حضوره مع فرسان الدوار ضروري.. "

ويختم "..فتصطدم يده بورقة رثة.. ويتذكر إنذار القرض الفلاحي الذي عجز عن تسديد ديونه القديمة والمتأخرة."
نلاحظ جليا أن استدعاء القائد يختلف عن استدعاء القرض الفلاحي....

أود أن أختم هذه القراءة بما يلي :
نص فارس بلا جواد له أكثر من بعد ....
لم يعتمد محمد فري على العقدة والحل نظرا لأن القصة الحديثة لا يشترط فيها ذلك
يستعمل محمد فري أسلوب السخرية متمثلا في قول السارد "الغيث صدر إلى الخارج"
هناك ثنائية التضاد في نص مغلق مثل الدائرة لا يمكن للبطل أن يخرج من أجوائها فهناك الحلم
أي استرجاع الماضي وهو خط مستقيم داخل الدائرة يمثل بلغة الرياضيات (-1) أما الصفر(0) فيمثل لحظة تواجده مع نعاجه وهو الواقع المِؤلم، ويبقى (+1) منعدما لعدة اعتبارات، هل سيمنحه القرض الفلاحي قرضا آخر ؟
هل هو الحلم بعودة الأولاد من ايطاليا؟ حتى وان سلمنا بذلك وقلنا يمكن أن نبدأ من( +1) فالواقع يرمز إلى السلبي
والسلبي مع الايجابي يشكلان وحدة سلبية.
ومهما يكن من أمر فإن صالح بن المعطي يستمد قوته من خياله ويهرب من الواقع إنه فارس وجواده هو الحلم: حلم عاش ماضيا وانعدم حاضرا.



#ثريا_حمدون (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اعترافات آذار الأخير
- قراءة نقدية في ديوان- باب الفتوح- للشاعر أحمد العمراوي
- قصيدة:هوية امرأة عربية


المزيد.....




- فيديو مخيف يظهر لحظة هبوب إعصار مدمر في الصين.. شاهد ما حدث ...
- السيسي يلوم المصريين: بتدخلوا أولادكم آداب وتجارة وحقوق طب ه ...
- ألمانيا تواجه موجة من تهديدات التجسس من روسيا والصين
- أكسيوس: لأول مرة منذ بدء الحرب.. إسرائيل منفتحة على مناقشة - ...
- عباس: واشنطن هي الوحيدة القادرة على إيقاف اجتياح رفح
- نائبة مصرية تتهم شركة ألبان عالمية بازدواجية المعايير
- -سرايا القدس- تعرض تجهيزها الصواريخ وقصف مستوطنات غلاف غزة ( ...
- القوات الأمريكية تلقي مساعدات منتهية الصلاحية للفلسطينيين في ...
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لضحايا القصف الإسرائيلي
- وسائل إعلام تشيد بقدرات القوات الروسية ووتيرة تطورها


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - ثريا حمدون - قراءة نقدية في قصة - فارس بلا جواد- للكاتب محمد فري