أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد فري - حلم فوق بساط الريح














المزيد.....

حلم فوق بساط الريح


محمد فري

الحوار المتمدن-العدد: 1331 - 2005 / 9 / 28 - 07:59
المحور: الادب والفن
    


وأخيرا حصل على شهادة الباكلوريا، أحس بسعادة عارمة، وشعر بارتياح كبير، وكأن ثقلا قد انزاح عن كاهله..
عانى الكثير في السابق، وذاق مرارة الرسوب مرارا، وواجه اليأس وواجهه لحظات عديدة، لكن الكلمة الأخيرة كانت لإرادته وعزيمته.
لم يكن كسولا أو بليدا، فقد استوعب المقرر بطوله وعرضه، وكرر استيعابه مرات ومرات بسبب تكرار السنوات، فأصبح مرجعا للتلاميذ الجدد، يستفتونه في معلومات مختلفة، فيجيبهم بإسهاب، ويحل مااستعصى عليهم.. مشكلته فقط أن الحظ لم يحالفه.. ولم يرد أن يلجأ إلى طرق الغش وفنونه التي برع فيها بعض أصحابه..وهنا يتذكر لجوء الكثير منهم إلى العنف.. ويبتسم عندما يستحضر ما قام به أحد زملاء عندما وضع سكينا على طاولة الامتحان، وعندما استفسرته المراقبة عن ذلك أجابها بأن الأمر لا يتعلق بسكين بل بمسطرة فقط، يستعين بها في وضع الخطوط، فلم تملك المسكينة إلا الانسحاب والإفلات بجلدها.. يطرد من ذاكرته صورا أخرى مشابهة .. هو يريد أن يفوز في الامتحان باجتهاده وعرق جبينه.. ربما لأنه لم يجرب الغش يوما .. وربما لأنه يريد أن يشعر بقيمة النجاح ولذة تحقيقه.
صبر كثيرا.. ولم ييأس.. وانتظر حظه.. فزاره حظه في الأخير.. ونجح في امتحان الباكلوريا.
أحس أن أبواب السماء قد فتحت.. وفتحت معها أبواب الدراسات العليا بالمعاهد والكليات، وما عليه إلا أن يختار.. الطب مهنة راقية.. ومستقبلها زاهر.. فبضاعتها رائجة، والأمراض منتشرة والحمد لله، وكل الأطباء مياسير. حقيقة سيبذل جهدا خلال الدراسة، لكن مستقبل المهنة مضمون. ثم إن الاختيارات عديدة.. فالهندسة أيضا مهنة يحترمها الجميع، ودور المهندس في المجتمع مهم، ولقب " مهندس " له سحره وبريقه..وكذلك لقب أستاذ، لكن هو لا يفضل التعليم، فمردوديته المادية غير مريحة، وجميع المدرسين يشتكون، إذن فليختر القانون، لأن مجاله واسع وفسيح، قد يكون قاضيا يحسب له ألف حساب، وينعم بحياة ميسرة، جميع القضاة الذين يعرفهم يقطنون أحياء راقية، فليتوكل على الله، ويقتحم سلك القانون.. ثم هناك المحاماة، فالمحامي رجل مهم أيضا، يجلجل صوته في ساحات المحاكم، والمشاكل متوفرة لا تنتهي.. إذن فبضاعة المهنة غير كاسدة.
ابتسم مستسلما لأحلامه.. واحتارفي الميدان الذي سيختار.. المجالات متسعة إذن.. والمستقبل زاهر والحمد لله.. وشهادة الباكلوريا بجيبه جواز سفر.. يرحل به حيثما يريد، وما عليه إلا أن يوجه الدفة.. وباسم الله مجراها ومرساها.
وابتدأ الجري.. أو بالأحرى التحليق.. تسلح بنسخ عديدة من شهادة الباكلوريا.. ولم ينس أن يصادق عليها من طرف ولاة الأمر " بمقاطعة " الحي.. وهيأ رزما من عقود الازدياد وشهادات السكنى والحياة وأوراقا مختلفة منها المتنبرة والمدموغة وما وقعها " المقدم " و" الشيخ " والقايد.....
ملف ثقيل مكتمل يشفع له بولوج الكلية التي ارتضاها حلمه.
امتطى شهادته كبساط الريح.. وطار بها محلقا ينشد الهبوط في المكان المناسب..
حط به التجوال بمدرج الكلية الأولى.. وتخيل المسؤولين يستقبلونه بحفاوة.. ولاحظ طوابير مصفوفة متراصة.. اعتقد أنها جمهور المستقبلين.. فإذا به يكتشف وجوها كالحة أضناها طول الانتظار.. يحمل أصحابها ما يشبه ملفه الثقيل.. بها شهادة تشبه شهادته.. وأيقن أنهم " ناجحون " مثله، ينتظرون فتح الأبواب.. لم يصدق الأمر.. وبعد تردد حاول الانحشار معهم.. لكن الزحام كان شديدا، ومع ذلك صبر وانتظر دوره، فقد ألف رفقة الصبر منذ زمن.. وبعد مدة أتى دوره.. أطلوا عليه من الشباك.. وتأملوا أوراقه.. ثم قالوا له" متأسفون، ملفك تنقصه أوراق مهمة نسي أن يوفرها..
أوْ لم يكن بمقدوره أن يتوفر عليها.. وعليه أن يبحث عن كلية تتناسب مع إمكانيات ملفه.."
وارتأى أن يحلق من جديد ليحط بمعهد آخر.. فلقي نفس الرد.. ولم ييأس.. وحلق مرة ثالثة ورابعة و.. و.. ونفذ وقوده.. ولم ينتبه لمقدار الزمن الذي استغرقه التحليق والطيران..
ثم قام بآخر محاولة.. دق بعد جهد باب المطار/الكلية..ولم يطلوا عليه من الشباك هذه المرة.. بل أدخلوه من الباب.. وأجلسوه على الكرسي.. وتفحصوا أوراقه مليا.. ثم أعادوا له الملف والأسف على وجوههم
- غير مقبولة
- لماذا؟
- انتهت مدة صلاحية الشهادة.......
- ؟؟؟ !!!!
- عليك اجتياز امتحان آخر للباكلوريا من جديد !!







الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فارس بلا جواد


المزيد.....




- للجمهور المتعطش للخوف.. أفضل أفلام الرعب في النصف الأول من 2 ...
- ملتقى إعلامى بالجامعة العربية يبحث دور الاعلام في ترسيخ ثقاف ...
- تردد قناة زي ألوان على الأقمار الصناعية 2025 وكيفية ضبط لمتا ...
- مصر.. أسرة أم كلثوم تحذر بعد انتشار فيديو بالذكاء الاصطناعي ...
- تراث متجذر وهوية لا تغيب.. معرض الدوحة للكتاب يحتفي بفلسطين ...
- -سيارتك غرزت-..كاريكاتير سفارة أميركا في اليمن يثير التكهنات ...
- -السياسة والحكم في النُّظم التسلطية- لسفوليك.. مقاربة لفهم آ ...
- كيف تحوّلت الممثلة المصرية ياسمين صبري إلى أيقونة موضة في أق ...
- تفكيك مشهد السلطة في الجزيرة السورية
- تفاصيل حوار بوتين ولوكاشينكو باللغة الإنجليزية في الكرملين ( ...


المزيد.....

- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد فري - حلم فوق بساط الريح