أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - ايمانويل والرشتاين - الزاباتا: المرحلة الثانية















المزيد.....

الزاباتا: المرحلة الثانية


ايمانويل والرشتاين

الحوار المتمدن-العدد: 1330 - 2005 / 9 / 27 - 11:56
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


التعليق الرقم 165- 15 تموز 2005

تعتبر ثورة الزاباتا في تشياباس، منذ العام 1994، أهم حركة اجتماعية في العالم، بارومتر الحركات المعادية للأنظمة ومشعلتها. كيف يمكن لحركة صغيرة في مايان الهندية في إحدى أفقر المناطق في المكسيك أن تؤدي دورا بهذه الأهمية؟. للإجابة على ذلك، علينا أن نعود بقصة الحركات المناهضة للأنظمة في النظام العالمي إلى العام 1945.

منذ ذلك العام وحتى أواسط ستينيات القرن الماضي، كانت الحركات المعادية للأنظمة (أو اليسار القديم)- الأحزاب الشيوعية والاجتماعية الديموقراطية وحركات التحرر الوطني- في حالة نهوض عبر العالم ووصلت إلى السلطة في سلسلة طويلة من الدول. كانت منطلقة بسرعة قصوى. لكنها، وفيما بدت أنها على قاب قوسين من النصر العالمي، واجهت عقبتين: الثورة العالمية للعام 1968 وانبعاث اليمين العالمي.

كان ثوار العالم للعام 1968 يتظاهرون في كل مكان ضد الإمبريالية العالمية بالطبع، لكنهم كانوا يتظاهرون أيضا ضد حركات اليسار القديم. بالنسبة للطلاب والعمال المشاركين في حركات العام 1968، صحيح أن حركات اليسار القديم وصلت إلى السلطة لكنها لم تحقق وعودها في تحويل العالم باتجاه أكثر عدالة وديموقراطية. بدت ضعيفة. مضى ثوار 1968 في خلق حركات جديدة (الخضر والحركات النسائية وحركات الهوية) لكن أيا منها لم تكن قادرة على تعبئة دعم شعبي من النوع الذي اكتسبته الحركات التقليدية في مرحلة ما بعد العام 1945.

إضافة إلى ذلك، وعلى أثر انكماش كبير في الاقتصاد العالمي، التقط اليمين العالمي أنفاسه وأعاد تأكيد نفسه. كانت حكومتا السيدة تاتشر ورونالد ريغان الأكثر شهرة. لكن الأكثر أهمية ربما كانت قدرة صندوق النقد الدولي ووزارة الخزانة الأميركية على أن يفرضا على معظم هذه الحكومات، حيث لا يزال اليسار القديم في السلطة، تراجعا في سياساتها الاقتصادية ودفعها إلى الانتقال من تنموية إحلال الواردات (1) إلى نمو توجهه الصادرات (2).

عندما انهارت آخر حكومات اليسار القديم وأقواها- الأنظمة الشيوعية في الاتحاد السوفياتي وتابعاتها في أوروبا الشرقية والوسطى- بين العامين 1989 و1991، بلغ التشوش المتنامي للحركات المعادية للأنظمة (من يسار قديم وجديد) قمة الظلام وخيبة الأمل بشأن قدرتها على تحويل العالم.

لكن وفيما بدا أن مد الايدولوجيا النيو- لبرالية قد بلغ أوجه في منتصف التسعينيات، ما لبث أن بدأ الجزر. نقطة التحول كانت ثورة الزاباتا في الأول من كانون الأول العام 1994. رفع الزاباتا عاليا راية أكثر شرائح سكان العالم اضطهادا، السكان الأصليين، وطالبوا بحقهم بالاستقلال والرفاه. أكثر من ذلك، فعلوا ذلك ليس عن طريق المطالبة بالسلطة في المكسيك، وإنما بالسعي إلى تولي السلطة في مجتمعاتهم التي طالبوا الدولة المكسيكية بالاعتراف الرسمي بها.

وفيما اقترب الجانب العسكري من الثورة سريعا من الهدنة، تمكنوا سياسيا من أن يؤثروا في "المجتمع المدني" في المكسيك ومن ثم في المجتمع المدني في العالم أجمع. عقدوا مؤتمرات "بين المجرات" في غابات تشايباس، وتمكنوا من تأمين مشاركة أعداد مؤثرة من المناضلين والمثقفين من جميع أنحاء العالم. عندما جاء رئيس جديد إلى السلطة في المكسيك في العام 2000 (مخرجا الحركة "الثورية" العاجزة التي كانت في سدة الحكم منذ 60 عاما)، سار الزاباتا إلى مكسيكو سيتي للمطالبة بأن تطبق الحكومة المكسيكية، أخيرا، بنود اتفاق السلام للعام 1996 (المسماة اتفاقات سان اندريه). وعندما فشل البرلمان المكسيكي في القيام بذلك، برغم الدعم الضخم الذي كان يحظى به الزاباتا من "المجتمع المدني"، عادوا إلى قراهم في تشيباس وبدأوا تطبيق حكمهم الذاتي بصورة أحادية عبر خلق حكومات ديموقراطية، ونظامهم التعليمي الخاص، ومنشآتهم الصحية الخاصة – بحكم الواقع إن لم تكن بحكم القانون. لكن الجيش المكسيكي بقي يرفرف حولهم، مهددا على الدوام بتفكيك بنية الأمر الواقع هذه.

تعدت أهمية الزاباتا بكثير حدود تشايباس الضيقة، بل حتى المكسيك. لقد أصبحوا مثال الممكن بالنسبة للآخرين في كل مكان. وإذا كانت غالبية بلدان أميركا الجنوبية وضعت، خلال الأعوام الخمسة الماضية، حكومات يسارية أو شعبية في السلطة، فإن مثال الزاباتا كان جزءا من القوة القادحة. وإذا كان المتظاهرون في سياتل قادرين على إخراج اجتماع منظمة التجارة للعام 1999 عن مساره، وكانوا قادرين على المتابعة بتظاهرات مماثلة في جنوى وكيبيك وغيرها من الأماكن، وهذا العام أيضا في غلين ايغلز، فقد كان الزاباتا بدرجة صغيرة ملهميهم. وعندما غطى المنتدى الاجتماعي العالمي هذا التجديد في صراع معاداة الأنظمة بدءا من العام 2001، كان الزاباتا مثالا تاريخيا.

لكن الزاباتا أعلنوا فجأة الآن، في حزيران العام 2005، إنذارا أحمر، داعين جميع تجمعاتهم إلى مغادرة قراهم والتوجه إلى الغابة من أجل "تشاور" ضخم للقاعدة. أما السبب فقالوا إنهم ما عادوا ببساطة قادرين على الانتظار إلى ما لا نهاية فيما تتجاهل الدولة المكسيكية وعودها التي قطعتها قبل عقد من الزمن في اتفاقات الهدنة. أعلنوا أنفسهم مستعدين "للمخاطرة بالقليل الذي حصلوا عليه" (وهو حكم الأمر الواقع الذاتي المحدود الذي لا أساس قانوني له) بهدف محاولة شيء جديد. أعلن الزاباتا أنهم أنهوا المرحلة الأولى من صراعهم، وأن الوقت قد حان للانتقال إلى المرحلة الثانية التي يوضحون أنها ستكون سياسية وليست عسكرية.

في الجزء الثالث والأخير من الإعلان السادس لغابة لاكوندونا الذي صدر في 30 حزيران 2005، أعطانا الزاباتا مؤشرا واضحا إلى الخط السياسي الذي يؤيدونه. لا يشير إلى أي حزب سياسي، لا في المكسيك ولا في أي مكان آخر. يقولون للناس في كل مكان، لمن يناضلون من أجل حقوقهم، ولمن هم في اليسار، إن الزاباتا معهم. يتحدثون عن خلق تحالف سياسي واسع في العالم. يتحدثون بلغة هي في الوقت نفسه شاملة- تحوي جميع الطبقات وجميع الشعوب وقبل كل شيء جميع المجموعات المضطهدة- لكنها يسارية بشكل صارم، وإن كانت ليست بالضرورة مربوطة بأي حزب.

الأكثر أهمية في هذه المبادرة، بنظري، هو التوقيت. لقد مضى 11 عاما منذ أن بدأ المد يتقهقر ضد النيو لبرالية والإمبريالية. لكن بالنسبة للزاباتا، لم يتم إنجاز الكثير. لدي إحساس بأنهم ليسوا الوحيدين الذين يعتقدون بذلك. لدي إحساس بأن هناك شعورا مماثلا يسود عبر أميركا اللاتينية، وخاصة في هذه البلدان حيث أصبحت المجموعات اليسارية والشعبية في السلطة، بأن ذلك لم يكن كافيا وبأنه كان على هذه الحكومات أن تقوم بالكثير من التسويات وبأن الحماسة الشعبية تتضاءل. لدي إحساس بأن هناك، في المنتدى الاجتماعي العالمي، الشعور نفسه بأن ما أنجزوه منذ بدأوا في العام 2001 كان لافتا للنظر ولكنه ليس كافيا، وبأن المنتدى لا يمكن أن يستمر ببساطة في القيام بالأمور نفسها مرارا وتكرارا. يبدو أيضا أن هناك، في العراق والشرق الأوسط، أيضا إحساسا بأن سياسة التدخل الذكورية للولايات المتحدة كانت قوية بشكل مذهل، ولكن بصورة غير كافية.

في العام 1994، كانت ثورة الزاباتا بارومتر لرفض اليائسين الذي بدأ يتغلب على الشعور العالمي المعادي للأنظمة. أدت أيضا دور القادح لسلسلة من المبادرات الأخرى. اليوم، عندما يقول لنا الزاباتا إن المرحلة الأولى قد انتهت وبأننا لا نستطيع أن نبقى هناك، في المكان نفسه، يبدون مجددا بارومتر لتحول في الشعور في كل مكان. يريد الزاباتا الانتقال إلى مرحلة ثانية- سياسية وشاملة ولكن من دون أن يحددوا كل هدف تفصيلي. هل سيكونوا الآن ملهمي إعادة تقييم مشابهة عبر أميركا اللاتينية وفي المنتدى الاجتماعي العالمي وعبر الحركات المعادية للأنظمة في كل مكان؟ وما ستكون عليه الأهداف التفصيلية للمرحة التالية؟

(1) أي استبدال البضائع المستوردة بصناعات محلية بديلة تتم حمايتها برفع الرسوم الجمركية.
(2) اقتصاد يقوم على إنتاج بضائع محلية بهدف تصديرها إلى الخارج وليس استهلاكها في الأسواق المحلية.
"حقوق النشر لايمانويل والرشتاين. كل الحقوق محفوظة. يمنح الإذن بالانزال والتحويل الالكتروني والإرسال بالبريد الالكتروني وبالنشر على مواقع الانترنت للهيئات غير التجارية، بشرط أن تبقى الدراسة من غير تعديل وان تظهر ملحوظة حقوق الملكية. لترجمة هذا النص ونشره مطبوعا و"أو بغير ذلك من الأشكال، بما فيها على مواقع الانترنت التجارية والاقتباسات، يرجى الاتصال بالمؤلف على [email protected] فاكس: 1-203-432-6976
هذه التعليقات التي تنشر مرتين شهريا، ترمي إلى أن تكون انعكاسا لمشهد العالم المعاصر، كما يُرى من منظور بعيد المدى وليس العناوين الصحافية الآنية.



#ايمانويل_والرشتاين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كانكون: انهيار الهجوم النيو ليبرالي
- البرازيل والنظام العالمي: عصر لولا


المزيد.....




- أحذية كانت ترتديها جثث قبل اختفائها.. شاهد ما عُثر عليه في م ...
- -بينهم ناصف ساويرس وحمد بن جاسم-.. المليارديرات الأغنى في 7 ...
- صحة غزة: جميع سكان القطاع يشربون مياها غير آمنة (صور)
- تقرير استخباراتي أمريكي: بوتين لم يأمر بقتل المعارض الروسي ن ...
- مسؤول أمريكي يحذر من اجتياح رفح: إسرائيل دمرت خان يونس بحثا ...
- شاهد: احتفالات صاخبة في هولندا بعيد ميلاد الملك فيليم ألكسند ...
- مليارات الزيزان تستعد لغزو الولايات المتحدة الأمريكية
- -تحالف أسطول الحرية- يكشف عن تدخل إسرائيلي يعطل وصول سفن الم ...
- انطلاق مسيرة ضخمة تضامنا مع غزة من أمام مبنى البرلمان البريط ...
- بوغدانوف يبحث مع مبعوثي -بريكس- الوضع في غزة وقضايا المنطقة ...


المزيد.....

- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - ايمانويل والرشتاين - الزاباتا: المرحلة الثانية