أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد صبحى منصور - أخيرا : إبتلاء الموت بين النعمة والنقمة















المزيد.....

أخيرا : إبتلاء الموت بين النعمة والنقمة


أحمد صبحى منصور

الحوار المتمدن-العدد: 4786 - 2015 / 4 / 24 - 09:32
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


1 ـ كل شيء يحدث في هذه الحياة الدنيا نسبي ، الذي تحسبه فيه نعمة نجد فيه بعض الآثار الجانبية الضارة ، والذي نظنه مصيبة وشر لا يخلو من فوائد ومزايا .. المهم هو موقفك منها ، هل تصبر وتشكر أم تشكو وتكفر . وعليه يتوقف وضعك الأبدى في الآخرة ، فأحوالها مطلقة ومحددة وثابتة وأبدية ،إما نعيم في الجنة وإما عذاب في النار ، ولا مجال هناك للتوسط أو النسبية ..الموت هى نقطة المفصل بين الدنيا والآخرة . وحين تلج بوابة الموت تعرف مصيرك مقدما ، هل نجحت فى إختبار الحياة أو خسرت . وفى لحظة الاحتضار تفقد حريتك ، وتصبح اسيرا لا تملك إختيارا ، ويتعين عليك أن تواجه ما فعلته بنفسك حين كنت حرا تسعى فى الأرض بالخير أو بالشر. وبهذا يكون الموت فى حدّ ذاته إبتلاءا ، ولكن يختلف عن الابتلاءات السابقة فى أنك تعرف لحظتها النتيجة صاعقة صارمة مؤلمة إن خسرت ، ومُفرحة مُبهجة إن نجحت.
2 ـ إن أكبر ما نخشاه في حياتنا الدنيا هو الموت ، وأكثر ما نحرص عليه في هذه الدنيا أن يطول بقاؤنا فيها ، وكلما أوغل الإنسان في عمره أزداد حرصه على الحياة، حتى مع جفاف الشيخوخة وآلامها وبرودتها وأحزانها .. ونحن نعبر عن حرصنا على الحياة في مناسبات العزاء بأقوال شتى تدور كلها حول أن الفقيد الراحل قد مات وترك لنا أو لأهله بقية من عمره نستمتع بها من دونه فنقول"البقية في حياتك" "خلف لك طول العمر" . هذا ، مع أننا نؤمن في قرارة أنفسنا بما يقره دين الله تعالى من أن الأعمار محددة ، ومع أننا نقول في أمثالنا الشعبية أنه ما من أحد يترك من عمره شيئاً، مع أننا نعقل ذلك كله إلا أننا نفر من هذه الحقيقة ونتخيل أن الموت الذي يحصد أحبابنا وأعداءنا لن يقترب منا ، ونظل نتجاهل زيارة الموت ونطرد وساوسه ونتشبث بالحياة حتى في ظروف المرض والشيخوخة وعلى فراش الاحتضار، فإذا حضر الموت ورأينا ملائكة الموت تقبض النفس " صرخ الميت ـ حيث لا يسمعه أحد ـ يرجو فرصة أخرى يصلح فيها من أحواله ويعمل فيها للموت الذي تجاهله وهرب منه ، يقول تعالى " حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمْ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (100) المؤمنون ) .
3 ـ إن الموت حقيقة حتمية تجري حولنا وتجري في داخلنا.
تخيل نفسك حين كنت طفلا رضيعاً ، أين ذهب ذلك الجسد الرقيق.؟. مات في داخلك وأبدلك الله جسداً شاباً قويا . ثم إذا وصلت إلى مرحلة الشيخوخة الواهنة ، أين ذهب جسدك الشاب القوى الفتي؟ مات في داخلك ، إن خلايا الجسد تتبدل وتتغير وتتجدد ، أى تموت ، أى أن هناك عمليات حياة وموت في داخلك ، في النهاية سيأتيك موت النفس، بموت كامل للجسد ، ولن تستطيع الفرار من الموت . الموت أمامك وستلاقيه : (قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (8) الجمعة ) ، والموت خلفك يطاردك : ( أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُّمْ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ (78) ) النساء ) . ما معنى أن يكون الموت خلفك وأمامك فى نفس الوقت ؟ الجواب : المعنى أنه مخلوق فى داخلك ، إختبارا لك .أى إن الموت والحياة دورات تحملها وأنت حىّ بجسدك ، الموت مخلوق داخلك : (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (2) الملك ) .
4 ـ بالتالى فعليك أن تنظر إلى الموت على أنه حقيقة حتمية ، داخلك ـ موقتا ـ ثم آتية حتما اليك فى النهاية. وإذا ضبطت إيقاع حياتك على أنك ستموت وستقابل الله تعالى يوم القيامة ليحاسبك على ما كسبت يداك ،إذا عايشت هذه الحقائق في سلوكك وتصرفاتك أصبحت أقوى رجل في العالم . لن تخشى إلا الله تعالى ، لأنه وحده الذي حدد موعد موتك ومكان موتك ولأنه لن تستطيع قوة في العالم أن تؤجل موعد موتك أو أن تقتلك قبل الأوان. وستنجح فى إختبار الحياة .
ثم إن كل زخارف الدنيا ومباهجها وكل مصائبها وأحزانها لن تؤثر فيك. ستعمل في الدنيا وستسعى فيها وستكدح ، ولكن لن تبالي كثيراً بالنتائج ، إذا احترق مصنعك فلن تصاب بأزمة قلبية ، وإذا كسبت مليون جنيه فلن تنهار من الفرح ، ستقابل كل محنة وكل منحة بالاعتدال وبالحياد في مشاعرك ،لأن متاع الدنيا ومتاعبها إلى زوال ، وإلى موت .
إن الموت يعنى صفراً، فإذا كسبت فيها جنيهاً واحدا فالحاصل أن 1× صفر يساوى صفراً ، وإذا كسبت أيضاً مليوناً من الجنيهات فهو أيضاً صفر.. أما في الآخرة حيث الأبدية فإن النتيجة لانهائية ، لأن واحد على صفر تساوى اللا نهائية، أو الخلود..وهو إما خلود فى الجنة أو خلود فى النار . وهذا ما ينبغي أن تتحسّب له وتعمل له ، لتفوز بالنعيم الأبدي ولتنجو من العذاب الأبدي..
والموت هو بوابة الدخول للآخرة . ولابد أن تدخل هذه البوابة ، ولابد بالتالي أن تعمل لهذا الخلود فى الجنة بعمل الصالحات النافعات وبالابتعاد عن الشرور ، وأفظع الشرور أن تظلم الله تعالى فتكذب على الناس باسمه، أو أن تكذب بآياته ، وتشتري بها ثمناً قليلاً في هذه الحياة الدنيا الفانية. وإذا عايشت حقيقة الموت في حياتك ، وتصرفت على أساسها بالتقوى والايمان الخالص بالله جل وعلا وبالعمل الصالح تبتغى به وجه الله جل وعلا ــ صرت في هذه الحياة أقوى الناس وأصبحت أسعد الناس ، وتمتعت بصحة جيدة وبنفس مطمئنة مستقرة وأفلحت في الدنيا والآخرة ، وحينئذ تعرف أن الموت نعمة وستحمد الله تعالى على نعمة الموت.
5 ـ وتبقى كلمة : تأمل نعمة الموت على البشرية وهذا الكوكب :
لولا أن كتب الله تعالى الموت على أبناء آدم لأصبحت الحياة لا تطاق . تخيل أن السابقين لم يموتوا ، وأن الجميع يزدحمون على هذه الأرض وفي تزايد مستمر دون موت ، كيف ستكون الحياة عندئذ ؟ عندها سيظل الظالم الفاجر مستمراً في فجوره أبداً، ولن يستريح الناس بموته ،وسيظل المظلوم مقهوراً دائماً ولن يستريح بالموت. أى ستكون الحياة عذاباً قائماً مستمراً .. عندها سيتمنى الناس نعمة الموت..
إن الموت يتكفل بحل مشاكل كثيرة للأحياء ، خصوصا فى العالم الثالث ؛ حيث يحكم المستبد الشرقى تلتصق مؤخرته بالكرسى ، لا يفارقه إلا بالموت ، الذى يحلّ به رحمة للغلابة من شعبه . يتمنى الغلابة موته ولا يستطيعون إلا فى أحلامهم ، ثم يموت المستبد فيستريحون بعض الوقت حين يأتى حاكم جديد يُخفى أنيابه خلف إبتسامته ، الى أن يتمكن ، فيُعيد إنتاج الاستبداد . هذه الدورة الشريرة يقطعها مؤقتا موت كل مستبد ، أى يلعب الموت دورا سياسيا إيجابيا ، يضاف الى نعم الموت الكثيرة ـ لو كنتم تعلمون .



#أحمد_صبحى_منصور (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ( 7 : 7 ) الخلود فى النار وعدل الله جل وعلا ورحمته
- ج3 / ف 3: المجتمع المملوكى المنحل خلقيا بالتصوف: الحشيش والخ ...
- ( 6 : 7 ) لماذا يفشل أغلب البشر فى ابتلاء الحياة الدنيا
- ( 5 : 7 ) الفشل الجزئى للغربيين فى ابتلاء الحياة الدنيا
- ج3 / ف 3: انحلال النساء العاديات بالنقاب فى المجتمع المملوكى ...
- ( 4 / 7 ): فشل المحمديين فى ابتلاء هذه الحياة الدنيا
- وكشفنا رءوسنا .. ودعونا عليهم!!
- ( 3 : 3 ) نوعا الابتلاء وتنوع المواقف منه
- ( 2 / 3 ) عناصر الإبتلاءات للبشر
- أهمية الابتلاءات للبشر : ( 1 / 2 ) : ( إبتلاءات المؤمنين )
- ج3 / ف 3 :المجتمع المملوكى المنحل خلقيا بالتصوف: طبقة البغاي ...
- حكومة كعب الغزال وكيف صنعت المعارضة الجهنمية / الحلقة الخامس ...
- حكومة كعب الغزال بعد القضاء على ثورة الشيخ منيع / الحلقة الر ...
- ج3 / ف 3 : صورة عامة للإنحلال فى القاهرة المملوكية
- الغفران للمشرك
- ج3 / ف 3 : إنحلال المماليك بأثر التصوف
- غسيل مخ .!!
- غسيل مخ
- ج3 / ف 3 انحلال القضاة خلقيا فى العصر المملوكى بأثر التصوف
- ج3 / ف 3 :إنحلال القضاة فى العصر المملوكى بأثر التصوف:القضاة ...


المزيد.....




- الإمارات تدين اقتحام باحات المسجد الأقصى وتحذر من التصعيد
- عبارة -فلسطين حرة- على وجبات لركاب يهود على متن رحلة لشركة ط ...
- رئيسة المسيحي الديمقراطي تريد نقل سفارة السويد من تل أبيب إل ...
- هل دعا شيخ الأزهر لمسيرة إلى رفح لإغاثة غزة؟
- -في المشمش-.. هكذا رد ساويرس على إمكانية -عودة الإخوان المسل ...
- أي دور للبنوك الإسلامية بالمغرب في تمويل مشاريع مونديال 2030 ...
- قطر تدين بشدة اقتحام مستوطنين باحات المسجد الأقصى
- -العدل والإحسان- المغربية: لا يُردع العدو إلا بالقوة.. وغزة ...
- وفاة معتقل فلسطيني من الضفة الغربية داخل سجن إسرائيلي
- الخارجية الإيرانية تدين تدنيس المسجد الأقصى


المزيد.....

- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد صبحى منصور - أخيرا : إبتلاء الموت بين النعمة والنقمة