أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ساره رشاد ومحمد سيد حسن - رصيف واسع للموت














المزيد.....

رصيف واسع للموت


ساره رشاد ومحمد سيد حسن

الحوار المتمدن-العدد: 1324 - 2005 / 9 / 21 - 08:00
المحور: الادب والفن
    


نص مشترك
الموت أصدق ما حولي وحولك

- فليكتبنا إذن !!




الساعة السابعة والنصف صباحاً بعْد 12 ضوء / تفاصيل صغيرة


فوضى ما بينَه وبينه :
ضجّة الحارة / سندويش الفول / رداؤه ُ الأبيض من عند المكوى /
الكتب على الصدر الخجول لفتاة المدرسة المارة أمام المقهى /
(تلعب الحجلة بين العيون التي تشربُها الشيشة وتعج بالكلام )
مقعد المترو المشخبط بحكايا فريق الأسد المرعب ، و القلوب المثقوبة بأسهم الطباشير
الناس المصبوبون فى العربات / المعطرات الملوثة بروائح العرق
وهو..
ما يزال يحاول ترميم الفوضى عند البوابة :
تدخين السيجارة اللازمة لشراء علبة أخرى /
التأكد من أناقة موت قلبه ُ استعدادا لاستقبال موت الآخرين /
تثبيت منظار الشمس بقوة عند عبور الجسر /

" لا تخاطر ...
أحياناً تمسُّ الشياطين الفراشات فيحترق باقترابها ضوء الحياة "
وبالتخلص من كلّ شيء يبدأ المضي ...فحتّى اللا شيء يدخل هناك
و يختبئ الموت كتعويذة في جيب الروح الأوّل
أو ِ كميدالية فى سلسلة المفاتيح


وهناك ...لـِلبنى تحطُّ العصافير على الكتفين ليزداد الألم

الساعة الثامنة والنصف صباحا قبل حلمين :

( و نلتقى من جديد )..
لبنى العاشقة القديمة
تتسرب فى عمق الغرفة كجثة تشربها الخراطيم المطاطية
معاطف بيضاء تتجمع حولها
- هناك نبض .. لم تزل حية ؟ ..
- طيب !!
وتتفرق
ممرضة سمينة تضحك على نكتة بذيئة سمعتها وهى تقيس الحرارة
( تلوك اللبان وانا هكذا ..تلك العاهرة!! )
و لبنى تغمض عينيها احتجاجا على كل هذا البياض الملوث
ثم تحيا أكثر :


فاصل..........................

النيل عندما كان يجمعها معه فى مركب قديم
وتمتد أمواجه تحتضن ضحكاتهما
كان يعلم ما سيحدث
الشمس عندما كانت تلتمع فوق شفتيها حين يضحكان سويا
أو تشتعل بهما فى قبلة مختلسة على طريق الكورنيش
كانت تعلم ما سيحدث
نجاة الصغيرة حين كانت تغنى لهما عن النائمة فى ضوء القمر
وعن الـ ( دوارين فىالشوراع .. دوارين فى الحارات )
فى مذياع الميكروباص المجنون
أطفال العائلة حين كانوا يرشونهما بالملح وأوراق الورد الذابلة
( هؤلاء الشياطين الصغار .. كم أحبهم !! )
الكل كان يعلم ما سيحدث
حتى هى كانت حين تغضب عندما يكلم فتاة أخرى ، ثم تصالحه
حتى هو حين كان يكتب لها الأشعار السيئة فوق ورق البردى
الكل كان يعلم
لكن أحدا لم يجرؤ أن يصدق ..
أن الحزن يستطيع أن يكون حقيقيا وممكنا هكذا
كالنيل والشمس وصوت نجاة الصغيرة و الميكروباص و الأطفال
وكالسرطان أيضا


الساعة الثامنة والنصف مساءا منتصف حلم وحيد :

(و نلتقي مرة أخرى )..
عندما يأتى الألم بدون استئذان
و يطرق رأسها فى الوسادة بحماس زائد
كقط عصبى مسجون فى جمجمتها
- آاااااااااااااه
معاطف بيضاء تتجمع
- لبنى تتألم ؟ .. إذن هى حية ..
- طيب ..
وتتفرق
لبنى تنطفئ أكثر بين دهاليز الغرفة
كجثة تعبئها الأنابيب المطاطية بالمسكنات وحقن المورفين
هكذا فقط ..
ينام القط تماما ، ويتكوم ككتلة من الفرو و الضباب
عندها تنظر للسقف الكالح بوجه خشبى مثقب بعينين تلمعان
تود لو تقول :
- اللعنة على الصمت والمسكنات
تود لو تقول :
- إمنحونى قليلا من الألم
كى لا أموت وحيدة


فاصل .............................

هكذا يصبح الألم مخاضا للروح
و الموت فعلا مضارعا يأتي بلا تشكيل
مفتوحاً كمدى بلا نهاية
أو مضموماً كقلب أم حزينة
أو مكسورا كحلم عاشق مهزوم
لا يهم
إذ أن تَحَسس الحُلم يكون بغضب قلب العاشقة القديمة
و أشياء كثيرة تستحق أن تُرمى ..
حتى الملائكة .. يشيخون وتتساقط أجنحتهم كأسنان العجائز
والبحر يتخلص من أمواجه المتشابهة دفعا للملل
والأرض تضيق أحيانا بمن على ظهرها وتأكلهم
الموت آخر ما يستحق الوقوف عليهِ أمام الرصيف
وانزلاق الروح أمرٌ طبيعي جدا وغير مؤلم
أشياء كثيرة تستحق أن ترمى
إلا الموت
فهو أفضل هدية تُعطى لطفل
حتّى يتمتع بالحياة

لكن لبنى العاشقة المفارقة
تمد يديها لعاشق مفارق ،
(لماذا لا يجمعنا إلا الفراق يا حبيبي)
يأتيها بعد ثلاث حيوات من الموت مسربلا بغيابه الفضي
يمد لها يديه بالنجوم والمسافة
وينقش أبجديته في عينيها ..
- أنا خائفة !!
وتبكى ..
- إبتسمي يا صغيرتى فغدا .. نغادر هذه الدنيا الكلبة


الساعة السابعة صباحا آخر مسافة للتذكر:

ونلتقى للمرة الأخيرة
المعاطف والممرضة وخراطيم المطاط تتجمع
- توقف القلب .. إنعاش عاجل
- أين الممرضة الملعونة .. نريد عدة السكتة !!
وتفيض المصطلحات اللاتينية ..
أغباهم كان يحدق مباشرة فى عيني الموت
وهو يميل بجزعه ضاغظا بقبضتيه على صدرها
ويكاد يبكى محاولا أن يمارس شيئا لم يدرسه فى المراجع الطبية
- لن تأخدها منا ..لقد تعبنا فيها!!
- لم تعد.. انتهينا
- طيب
وتتفرق
وهكذا بلا تمييز .. تذهب لبنى



الساعة.........عند رصيف واسع:

يخلع معطفه الأبيض وهو خارج من الباب الرخامي الضخم
الأمن مستيقظون دائما وتمثال حورس البرونزى لا ينام أيضا
لكن الشارع هذه الساعة يبدو كوجه عجوز متغضن بالرعب والشهوة
وثمة قلب معلق فوق عمود الإضاءة
يجثو على ركبتيه و ينبش بأظفاره في الإسفلت
يصطدم بكل أشياء المدينة المطمورة تحته
(أعقاب سجائر- تذاكر ترام- تذكارات عشاق – مواسير صرف قديمة - خوذة جندي هارب – فوارغ رصاص – مدن مهجورة- مكاحل فرعونية – جعارين ومفاتيح حياة ذهبية ......)
يصطدم بكل شئ لكنه لم يجد بعد شيئا يصلح ما أفسده
سوى أثر لنبي قديم
مر من هنا ذات حزن
ثم انتحر



#ساره_رشاد_ومحمد_سيد_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ساره رشاد ومحمد سيد حسن - رصيف واسع للموت